تسعى الدول الى احداث تنمية شاملة وفي جميع القطاعات ضمن خطط استراتيجية تنفذ على مديات زمنية متفاوتة ، وحسب البرامج الموضوعة ، ويعتبر القطاع الزراعي من أهم القطاعات التي تحقق موارد للميزانية العامة ، اضافة إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي ، وصولاً إلى الأمن الغذائي وتوفير المحاصيل الزراعية التي تدخل في الصناعة .. وقد تسعى الدول أحياناً إلى إحداث طفرات تنموية نوعية في قطاع ما وخلال فترة قصيرة تبعاً للظروف الموضوعية والحاجة المحلية ومتطلبات التوازن بين العرض والطلب من السلع الزراعية وغيرها. ولكي تحدث التنمية هناك حاجة ماسة الى التخطيط وقواعد البيانات التي يتم على اساسها تسخير الموارد البشرية والمادية وصولاً إلى تحقيق الأهداف ، ويُعد الاحصاء الزراعي العمود الاساس في اعداد الخطة الزراعية السنوية والموسمية ، لذلك عمدت وزارة التخطيط العراقية ومن خلال الجهاز المركزي للإحصاء إلى احداث تطوير فاعل في مجال الاحصاء الزراعي ، وادخال التقنيات الحديثة والبرمجة الالكترونية للوصول إلى النتائج المطلوبة . لذلك نجد ان مديرية الاحصاء الزراعي في الوزارة نظمت ندوة ثقافية بشأن تطوير وحوسبة العمل الميداني والمكتبي للإحصاءات الزراعية ، الذي يعتبر من المشاريع المبتكرة لدعم التنمية الاستراتيجية في مجال الزراعة والأمن الغذائي ، وتنمية القدرات واستخدام تكنولوجيا المعلومات ، والاستخدامات السلمية للفضاء الخارجي وتقنياته في جمع البيانات وتحليلها للمخططين ومتخذي القرار .. يأتي ذلك ضمن جهود الجهاز المركزي للإحصاء لتطوير النظام الإحصائي في العراق ، ضمن برنامج تحديث القطاع العام في العراق ، ومنه تحسين أساليب تنفيذ المسح الاحصائي للقطاع الزراعي بتحقيق الأمن الغذائي والأهداف الاستراتيجية العالمية لدعم الاحصاءات الزراعية والتنمية الريفية . وهذا ما يعزز دور المنفذين ومتخذي القرارات في رسم السياسات التي تحقق الأمن الغذائي والتنمية الريفية للبلاد .. وهذا المشروع التطويري يهدف إلى الاستغناء عن الاستمارات الورقية بإستخدام الاستمارة الألكترونية ، وتخزين البيانات وارشفتها بوسيلة خزن متطورة ، وتقليل الأخطاء الناتجة عن تنفيذ سلسلة الاجراءات المكتبية التي تنفذ يدوياً ، وحوسبتها وتقليل الوقت والكلف الدورية ، وتقليل الجهود إضافة إلى تحديد إجراءات جديدة ، واصدار التقارير الدورية والوسيطة والنهائية ، التي تعكس النشاط الزراعي في وقت مناسب لمتخذي القرار .. فضلا عن خزن واتاحة البيانات الخام لأغراض التحليل وانتاج المؤثرات الجديدة التي تنفع المستخدمين ، من خلال استخدام تجارب القياس والحصاد وتعزيز متطلبات إدارة العمل الميداني ، وتطوير القدرات البشرية ودقة الرقم الإحصائي .. ففي الانتاج الزراعي هناك عوامل مؤثرة سلباً وإيجاباً تعتبر جزءاً من العملية الانتاجية ، فالقرية الزراعية كانت قد نزفت كل قدراتها الزراعية واتجه أهلها إلى المدينة ، إضافة إلى العوامل المناخية ووفرة المياه والحصول على البذور المهجنة .. لذلك لابد من اعتماد المحطات التطويرية في المناطق الزراعية والتركيز على التنمية الريفية ، وذلك من خلال تعيين القادرين على العمل في الريف من المرشدين الزراعيين ، والمهندسين الزراعيين والأطباء البيطريين ، والمعلمين كجزء من الخدمات التي تقدمها الوزارات والدوائر المعنية والمؤسسات الصحية والاجتماعية والتربوية ، ومراعاة اقتصاد الأسرة الريفية والصناعات الريفية المختلفة مثل السجاد اليدوي والبسط والسلال والأسرة التي تنتج من سعف النخيل ، وكذلك الصناعات الغذائية كمنتجات الألبان وبيض المائدة والزيوت الحيوانية . إن المبادرة الزراعية التي أطلقها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي ، لإنقاذ القطاع الزراعي من سباته واسهامه في تحقيق الاكتفاء من المنتجات الزراعية ، بدأت تؤتي أُوكلُها من خلال ارقام واحصاءات ومؤشرات التقارير الاحصائية التي اصدرتها وزارة التخطيط . فقد كشفت مديرية الاحصاء الزراعي التي أشرنا إليها آنفاً في تقريرها السنوي ارتفاع انتاج بعض المحاصيل الاستراتيجية والخضروات واتساع رقعة الأراضي الخضراء ، حيث حقق انتاج القطن ما قدره (27,7) ألف طن للموسم الصيفي لسنة 2013 ، بينما تم انتاج (831,3) ألف طن من محصول الذرة الصفراء ، وانتاج (647,3) ألف طن من البطاطا . هذا وسجلت معظم المحاصيل الثانوية والخضروات زيادة ملموسة في الانتاج عن سنة 2012 ، ويمكن تلمس هذه الظاهرة بشكل واضح من خلال الوفرة النسبية في المعروض السلعي خلال سنة 2013 واعتدال اسعارها . فقد حقق انتاج محصول الباقلاء زيادة قدرت نسبتها بـ(4,6%) من خلال انتاج (119,9) ألف طن ، وانتج بما يساوي (416) ألف طن من الرقي , و ( 146,5) آلاف طن من محصول البطيخ .. و ( 142,4) ألف طن من الباميا ، الأكلة العراقية اللذيذة التي لا يمكن الاستغناء عنها ، في حين انتج من شقيقها الباذنجان ما مقداره (510,9) ألف طن ، وانتج من الخيار ما مقداره (405,6) ألف طن وهكذا الأمر بالنسبة لبقية المحاصيل .. وكانت الجهات المعنية قد أعلنت أن انتاج الحنطة في العراق قارب من الوصول إلى الاكتفاء الذاتي .. هذه حصيلة بسيطة لنتائج كبرى لم يتسن لنا الأطلاع عليها ، وهي مؤشرات تبعث التفاؤل بأن الانتاج الزراعي المحلي سيصبح وفيراً ، بما يساعد على الاكتفاء الذاتي وعدم الاعتماد على الأسواق الخارجية .. وهي خطوة تستحق الثناء .
عبد الزهرة الطالقاني
القاهرة
مقالات ذات الصلة
14/10/2024