إنتهى شهر رمضان، وإنتهى الكم الهائل من البرامج التلفزيونية الصاخبة على الفضائيات العراقية، ولم تشمل إلا على فقدان الوضوح في الرؤية والهدف الثقافي العام. وبقيت هذه البرامج هذه رازحة تحت أثقال الترهل العام في الإعداد البعيد عن الطموح للإرتقاء بذائقة المشاهد العراقي، الذي باتت الحاجة واضحة لإعادة تكويناته السلوكية وأساسيات الممارسة اليومية، التي رسختها ثقافة الحروب والحصارات ومنتديات التوجيه السياسي لمهرجانات التعبئة والمسخ والتطبيل. وقد كانت سنيناً عجاف في الحياة العراقية التي توقف فيها كل شئ، وخلفت لنا سلوكيات غير واعية من التطبع بمبتغيات سلطة لها آلياتها الثقافية والقمعية معاً.
من هناك بدأت تختفي مدنية المدينة العراقية وخاصة الحاضرة بغداد، لتكون منقادة بخنوع واضح نحو قوانين ريفية،كانت على حافة الإندثار في وادي النسيان، ونحن على علم كيف أحياها نظام العفالقة بقوة السلطة والممارسة، في ظل سياق متخلف وجائر لغرض تغير حركة تطور سلوكيات المجتمع العراقي، ووضعه في غياهب قطفت أحزاب الإسلام السياسي ثمارها.
إن هذه البرامج أوضحت نيتها في التغاضي أوعدم الدراية في البعد الثقافي لإجل إنتشال المتلقي من دائرة واقعه المرير، والأخذ بيده نحو أفق متحرك يعطيه خطوات أولى في البحث والتساؤل.
أما أن يكون إعداد البرامج فقط هدفه ملأ شريط الساعة التلفزيونية بالكثير من الحشو والإتصالات الفارغة وحوارات في لغو داخل الإستوديو لأسماء تتكرر على المحطات بأسئلة مجة ومتكررة وكذلك الإجابات المملة المتشابهه والمنطوية على كذب مزوق لوجوه تراها في كل المحطات التلفزيونية العراقية، لذا ترى الفنان الفلاني أو الشاعر نفسه في ثلاث أو خمس قنوات في ذات الليلة أحياناً.
ومن المشاهد التي تصيبنا بالقرف والإشمئزاز، هو كثرة ما يسمى بالمسلسلات الكوميدية التي لا ترتبط مع الكوميديا بشئ سوى إن دعاتها يصرون على تسميتها بذلك، وهم كثر الى حد أنك تراهم في كل قناة عراقية فضائية، أما كممثلين في هكذا مسلسلات أو يكونوا من مقدمي البرامج التي نوهنا لها أعلاه، ضمن سياق خال من مفاهيم الكوميديا كفعل درامي فني يوازي فعالية التراجيديا كفعل إبداعي ثقافي.
إن الكوميديا كفعل فني لم تكن يوماً فقط سرداً للنكات السخيفة أو التنابز والإستهزاء على شعوب أخرى بالغناء والرقص وإرتداء الملابس الرثة في حركات صبيانية سمجة خالية من الدلالة في أدائها وصورها، إنها لن تكون إلا لإستمالة المشاهد في التهريج والإنتقاص والضحك على أصحاب العاهات المستديمة أو ذوي الإحتياجات الخاصة في حركات ثقيلة لا يقترب منها حتى بهلواني سيرك الأطفال.
ما شاهدناه في رمضان ليس بكوميديا عراقية ذات نص درامي له مقوماته الفنية الممتلئ بالمتعة والممتلأ بالحياة في معالجة مواضيع عراقية نحن في أمس الحاجة لها جميعاً، وإن تعددت وجهات النظر. ما شاهدناه ليس الا امتداد لعملية تسطيح وعي المشاهد ويدخل في باب الاستهزاء والاستخفاف بالمواطن العراقي ، ان لم يكن في باب الاهانة له، واستمراره لن يعط اي نتيجة سوى المزيد من التخلف والتهميش للوعي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*عن ملحق جريدة المدى(موقع ورق)العدد 1625 الأحد 11تشرين الأول 2009
من هناك بدأت تختفي مدنية المدينة العراقية وخاصة الحاضرة بغداد، لتكون منقادة بخنوع واضح نحو قوانين ريفية،كانت على حافة الإندثار في وادي النسيان، ونحن على علم كيف أحياها نظام العفالقة بقوة السلطة والممارسة، في ظل سياق متخلف وجائر لغرض تغير حركة تطور سلوكيات المجتمع العراقي، ووضعه في غياهب قطفت أحزاب الإسلام السياسي ثمارها.
إن هذه البرامج أوضحت نيتها في التغاضي أوعدم الدراية في البعد الثقافي لإجل إنتشال المتلقي من دائرة واقعه المرير، والأخذ بيده نحو أفق متحرك يعطيه خطوات أولى في البحث والتساؤل.
أما أن يكون إعداد البرامج فقط هدفه ملأ شريط الساعة التلفزيونية بالكثير من الحشو والإتصالات الفارغة وحوارات في لغو داخل الإستوديو لأسماء تتكرر على المحطات بأسئلة مجة ومتكررة وكذلك الإجابات المملة المتشابهه والمنطوية على كذب مزوق لوجوه تراها في كل المحطات التلفزيونية العراقية، لذا ترى الفنان الفلاني أو الشاعر نفسه في ثلاث أو خمس قنوات في ذات الليلة أحياناً.
ومن المشاهد التي تصيبنا بالقرف والإشمئزاز، هو كثرة ما يسمى بالمسلسلات الكوميدية التي لا ترتبط مع الكوميديا بشئ سوى إن دعاتها يصرون على تسميتها بذلك، وهم كثر الى حد أنك تراهم في كل قناة عراقية فضائية، أما كممثلين في هكذا مسلسلات أو يكونوا من مقدمي البرامج التي نوهنا لها أعلاه، ضمن سياق خال من مفاهيم الكوميديا كفعل درامي فني يوازي فعالية التراجيديا كفعل إبداعي ثقافي.
إن الكوميديا كفعل فني لم تكن يوماً فقط سرداً للنكات السخيفة أو التنابز والإستهزاء على شعوب أخرى بالغناء والرقص وإرتداء الملابس الرثة في حركات صبيانية سمجة خالية من الدلالة في أدائها وصورها، إنها لن تكون إلا لإستمالة المشاهد في التهريج والإنتقاص والضحك على أصحاب العاهات المستديمة أو ذوي الإحتياجات الخاصة في حركات ثقيلة لا يقترب منها حتى بهلواني سيرك الأطفال.
ما شاهدناه في رمضان ليس بكوميديا عراقية ذات نص درامي له مقوماته الفنية الممتلئ بالمتعة والممتلأ بالحياة في معالجة مواضيع عراقية نحن في أمس الحاجة لها جميعاً، وإن تعددت وجهات النظر. ما شاهدناه ليس الا امتداد لعملية تسطيح وعي المشاهد ويدخل في باب الاستهزاء والاستخفاف بالمواطن العراقي ، ان لم يكن في باب الاهانة له، واستمراره لن يعط اي نتيجة سوى المزيد من التخلف والتهميش للوعي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*عن ملحق جريدة المدى(موقع ورق)العدد 1625 الأحد 11تشرين الأول 2009