يهتم الصينيون كثيرا بنبتة طبيعية تنمو في الكثير من المناطق هناك يسمونها (زهرة الكوجي) .. ويطلقون عليها (زهرة الحياة) .. ويقدم مشروب الكوجي في المناسبات المهمة للضيوف من ذوي الدرجات الرفيعة وهو عبارة عن ازهار ذات لون احمر او برتقالي تتميز بطعم حلو تنقع في الماء الحار لعدة دقائق ثم بعد ذلك يرتشفونها كما نرتشف نحن الشاي ..
وقد وصل اهتمام الصينيين بالكوجي الى انهم انشأوا متحفا خاصا بهذه الزهرة يضم انواعها والوانها وتاريخ اكتشافها وطرق جنيها وفوائدها واماكن انتشارها .. ويبدي القائمون على المتحف اهتماما بالضيوف من خلال تقديم مشروب الكوجي والحديث عنها بطريقة لافتة ومؤثرة تتخللها بعض العروض السينمائية لدرجة انك تخرج من المتحف باحثا عن متجر لكي تشتري الكوجي !! وعلى هذا الاساس فقد انشأوا بجانب المتحف متجرا كبيرا وانيقا متخصصا ببيع منتجات الكوجي يرتبط بالمتحف مباشرة وليس بامكانك الا ان تزوره وهو يستحق الزيارة .. لانه منظم بنحو لافت وقد توزعت البائعات الجميلات وهن يقفن بحالة من الاستعداد في جميع الزوايا والممرات يرقبن الزبون ويتابعن نظراته فما ان تستقر عيناه على عبوة من عبوات الكوجي حتى تسارع البائعة الى جلبها باسلوب جميل لتضعها امامك كي تتاملها ومن ثم تشتريها لتجد نفسك في نهاية المطاف وقد اشتريت عدة انواع من عبوات الكوجي .. فقد برع الصينيون كثيرا في اختيار العبوات وانواعها واحجامها والوانها وهم يخبرونك عن فوائد واستعمالات كل عبوة من هذه العبوات الانيقة والجميلة .. فهذه لمعالجة مرض السكر والثانية للقولون والثالثة لمعالجة الضعف الجنسي والرابعة لتببيض البشرة وترطيبها والخامسة لعلاج المفاصل والسادسة للتنحيف .. الخ ..الخ ..
وفيما كنت اتجول في ارجاء متجر الكوجي بين البائعات والعبوات الانيقة قفز الى خاطري سؤال غير مزاجي مفاده .. ماذا سيفعل الصينبون لو كان عندهم ما عندنا من النخيل وانواع التمور التي لايصمد الكوجي امامها بل لايعني شيئا ازاء تمر الخستاوي او البرحي او البريم .. الخ حتى يصل العدد الى اكثر من (900) نوع ؟؟ .. من دون ادنى شك انهم – اي الصينيون – سيقلبون الدنيا رأسا على عقب وسيقومون بغزو العالم من اقصاه الى اقصاه وهم يصدرون مختلف انواع التمور .. ولقاموا بانشاء المتاحف العملاقة لعرض النخلة وما تحمله من فوائد. كثيرا. بدءا من جذورها مرورا بجذعها وسعفها وكربها وعذوقها وجمارها وكل شيء فيها .. وسيزدادون تعلقا واعتزازهم بها اذا ما علموا انها كانت سببا في بقاء عيسى المسيح على قيد الحياة يوم لجأت امه مريم الى النخلة تستظل بظلها وتأكل من رطبها الجني الذي يحمل من الفوائد الغذائية ما يعجز العادون عن احصائها !! ..
خرجت من متجر الكوجي الصيني من دون ان اشتري شيئا من منتجاته فقد وجدت نفسي متأثرا بنحو كبير بالاوضاع المزرية التي تمر بها النخلة العراقية .. متسائلا .. ترى لماذا لانهتم بما لدينا من موارد مهمة ومنها بساتين النخيل ؟ .. الم يكن العراق هو البلد الاول في العالم بعدد النخيل وانواع التمور يوم كان يسمى بلد الثلاثين مليون نخلة .. اما اليوم فلا اعلم ان كنا مازلنا بهذا المركز ام لا بعد ان انحسر عدد النخيل من 30 مليون الى نحو 14 مليون نخله !! ..وفقدنا الكثير من انواع التمور النادرة التي تمثل ثروة كبيرة كان بامكاننا ان نتفوق بها على الكوجي الصيني .. وياليت الامر اقتصر على الانواع النادرة انما اصبحنا اليوم نتحسر على اي نوع من انواع التمور لدرجة اننا وحين حل شهر رمضان لم نجد اثرا للتمر العراقي في الاسواق مما اضطرنا الى شراء التمور المستوردة من دولة الامارات وكلنا يعرف ان الاماراتيين اشتروا الكثير من الفسائل العراقيية وقاموا بزراعتها وتكثيرها في ارضهم ليصبحوا اليوم مصدرين للتمور .. والطامة الكبرى هي اننا ونحن من يستورد التمر الاماراتي وغيره من التمور !! .. فتصوروا المفارقة المحزنة ..فهم كمن يبيع الماء في حارة السقائين الذين تركوا السقاية وانشغلوا بقتال بعضهم !!
—
مقالات ذات الصلة
14/10/2024