منذ عام 1991 والكويت تشهد استقرارا امنيا واضحا ولم تتأثر بالاحداث الساخنة التي يشهدها جارها الشمالي العراق .. حتى بعد عام 2003 وما شهدته المنطقة من احداث دراماتيكية تمثلت باسقاط نظام صدام ودخول القوات الامريكية العراق ظلت الكويت مستقرة وتراقب المشهد من كثب .. الا انها لم تتمكن من تحصين نفسها ضد المد السلفي المتطرف الذي انتشر بسرعة فائقة في دول المنطقة مستغلا الهيمنة الامريكية وما سببته هذه الهيمنة من ردود فعل انتهت بما عرف بالربيع العربي عصف بعدد من الانظمة العربية التي لم يكن العقل العربي يتوقع زوالها بهذه السرعة والسهولة وهنا نتحدث عن نظام العقيد معمر القذافي في ليبيا ونظام زين الدين بن علي في تونس ونظام حسني مبارك في مصر .. سقوط هذه الانظمة مع وجود فرصة لسقوط انظمة اخرى مع استمرار تدهور الاوضاع في العراق ولجوء القوات الامريكية الى تطبيق مبدأ (الفوضى الخلاقة ) فتح الباب واسعا امام تيارات التطرف التكفيري المتمثلة بتنظيم القاعدة واخواتها التي نشأت وترعرعت في جبال افغانستان وباكستان وكهوفهما برعاية ومباركة امريكية معروفة تعود بداياتها لمرحة حرب توازن القوى بين المعسكرين الليبرالي والاشتراكي بقيادة واشنطن وموسكو ، الى طرح نفسها كمعادل رعب ظاهري للوجود الامريكي في المنطقة !! مع معرفتنا ان خفايا الامور ليست كذلك.. والغريب في الامر ان الكثير من دول المنطقة كانت تمثل مصدر دعم مستمر لهذه التنظيمات الوحشية التي تتخذ من الاسلام ثوبا لها ، وان لم يكن هذا الدعم رسميا في ظاهره على الاقل ، بل كانت هناك منظمات وشخصيات تتبنى توفير مصادر التمويل والتجنيد وقد نتج عن هذا الدعم ولادة تنظيم داعش الارهابي واعلان ماسمي (بالخلافة) المزعومة بقيادة الارهابي ابو بكر البغدادي الذي تشير بعض المعلومات الى انه تلقى تدريباته في تل ابيب !! .. وعلى الرغم من شيوع حالة الاستقرار في الكويت كما قلنا الا اننا بدأنا نسمع اصواتا عالية تتبنى داعش وتدعو الى نصرتها بالمال والرجال ولم نكن نعلم الاسباب الحقيقية التي كانت تحول دون قيام الجهات المختصة في الكويت باتخاذ مايلزم بحق هؤلاء ومن بينهم اعضاء في مجلس الامة الكويتي .. ربما كان التصور السائد هناك هو ان الامر لن يخرج عن كونه مجرد كلام ! .. ومع تسارع الاحداث وتمدد والارهاب الداعشي بين سوريا والعراق وسقوط الموصل العراقية وعدد من المدن الاخرى وما يمثله هذا من خطر على دول الجوار العراقي ومنها السعودية والكويت على وجه التحديد ازدادت تلك الاصوات قوة لاسيما في السعودية وحتى في مصر ودول المغرب العربي وهذه الاصوات هي التي شجعت ودعت داعش الى القيام بتوجيه ضربات مؤثرة بدأها في السعودية ولاسبوعين متتاليين من دون ان يثير ذلك حفظية الحكومة هناك انما تعاملت مع الحادثين بنحو عابر .. ثم وصل الدور الى الكويت وبذات الصورة قام الارهاب الداعشي بتفجير احد الجوامع الذي اودى بحياة اكثر من 27 مواطنا كويتيا وجرح اكثر من 200 اخرين .. ويبدو ان الحكومة الكويتية كانت تنتظر هذه اللحظة الحاسمة لتنقض بقوة على خلايا داعش هناك .. فقد كان في هذا الفعل الاجرامي مبررا كافيا لما يجب ان تقوم به الحكومة من اجراءات بداتها برسائل مهمة من بينها زيارة الامير الى موقع الحادث من دون عقال وهذه رسالة مهمة جدا ..تلا ذلك اعلان الحداد لمدة ثلاثة ايام وارسال جثامين الضحايا لدفنهم في النجف الاشرف رافق ذلك وفي يوم الحداث توحيد البث الاعلامي لجميع الفضائيات الكويتية مع التلفزيون الرسمي للدولة .. والاهم من هذا كله ضبط كل ما يتعلق بالجريمة من خيوط وفي مقدمتها اعتقال عضو مجلس الامة وليد الطبطبائي بطريقة مهينة .. هذا الطبطبائي كان يملأ الدينا صراخا داعيا لنصرة داعش اذ تبين ان له علاقة بحادث التفجير .. وفي الجمعة التالية كانت هناك صلاة موحدة في ذات الموقع حضرها الامير وولي عهده ومعنى هذا ان الكويتيين لن يسمحوا بتكرار ما حدث وهم غير مستعدين للتفريط بامنهم ..
خلاصة القول ان الكويتيين استوعبوا الدرس بسرعة فائقة .. اما نحن وبعد مضي اثني عشر عاما ما زلنا نلثغ في تهجي حروف مشكلتنا مثل طفل صغير يحاول ان ينطق الحروف بنحو مقلوب يثير الضحك احيانا او ربما السخرية في احيان اخرى .. حري بنا ان نتعلم الدرس من جارتنا الصغيرة !!
مقالات ذات الصلة
14/10/2024