تمتد علاقتي مع الفنان التشكيلي العراقي صالح كريم منذ ثمانينيات القرن الماضي، فقد وجدت فيه مبدعا، حرفيا، وانسانا رائعا، هو خلاصة البصرة المعروفة بطيبتها وابداعها الثقافي والفني.
صالح كريم مواليد البصرة بمنطقة المعقل عام 1947 درس في مدارسها، وتتلمذ على ايدي معلميها، منذ سن مبكر برزت موهبته بالرسم، سانده شقيقه الاكبر، فقد كان يطلعه على الفن والرسم الواقعي والاشتراكي من خلال نشريات اشتراكية كانت متوفرة بداية ثورة تموز 1958وكان يستلهم منها روح الحافز والقدرة في ان يتعلم كل ما هو جديد ويربطه بالواقع رغم صغره وصغر تجربته، الا انه كان يفكر في الدخول في معهد الفنون الجميلة.
في عام 1968 التحق بكلية الفنون الجميلة / جامعة بغداد وتتلمذ على أيدي كبار الفنانين امثال، حافظ الدروبي وفائق حسن ومحمد غني حكمت واسماعيل فتاح الترك واسماعيل الشيخلي وماهود احمد حتى تخرجه عام 1973 حيث تخرج معه الفنانون صلاح جياد وفيصل لعيبي وقاسم الساعدي وغسان الفيضي واعتقال الطائي واحسان الخطيب وعادل كامل. وآخرون.
التحق كريم في مديرية تربية البصرة/ مركز الوسائل التعليمية وعمل في تلفزيون البصرة يوم كان يبث من المدينة وعمل رساما ومصمما في جريدة المرفأ التي كان يرأس تحريرها الاستاذ احسان وفيق السامرائي.
ترأس قسم الفنون التشكيلية في معهد الفنون الجميلة حتى عام 1999. ما زال يرسم بنشاط، وغلبت على رسومه في الفترة الأخيرة مناصرة للمرأة حيث تجد وجوها لنساء مندهشات مستخدما ألوانا وكتلا متباينة.
يقول صالح كريم عن بدايات دخوله لاختبار كلية الفنون الجميلة ولقائه الفنان الكبير فائق حسن: ( ماكنت افكر بالامتحان يوم دخلت لقاعة الاختبار في اول دخولي اكاديمية الفنون الجميلة بل هالني منظر الفنان فايق حسن هذا هو امامي يرشدني ان اقف هنا في هذا المكان واضع ورقتي على هذا البورد وهذا الاستاند الخشبي وفايق حسن بدمه ولحمه هو هو وغليونه وسيگارة، كان العدد كبيرا بسبب الغاء المعدل والتقديم كان حرا لكل من يجد في نفسه القدرة حيث فتحت اكثر من قاعة، والبداية كانت التخطيط بقلم الرصاص لتمثال فينوس من الجبس حيث وضع في زاوية بعيدة لكنني، حينها، كنت مشدودا لفائق حسن ولم انتبه لشيء آخر، حتى سألني: هل انت خريج معهد الفنون؟ قلت له لا. فسألت من كان يجلس بقربي لماذا سألني هذا السؤال فقال لي: وجدك تجيد الرسم وحسبك دارسا للرسم. تلك هي بداية التحدي ومتابعة الاستاذ الفنان فائق حسن، فقد كنت ادخل المرحلة التي يشرف عليها لانه لايدخل المرحلة الاولى لكني بقيت في ذاكرته هو عندما اخذت الدروس عنده ووجدته يمزق كل رسم لايعجبه وانه من الصعب اقناعه بما ترسم فهو يخرج لك عيوبا واخطاء في رسم ما كنت تتصور انك تجيد رسمه.
عن علاقته بالفنان فائق حسن يقول: (هو معلمي الذي كنت لصيقا به، اتعلم منه، وتعلمت منه الكثير فقد قص علي قصته وحكايات الرسم والالوان معه فكنت اتلذذ وانا استمع لتجربته).
وعن طريقة رسمه للوحاته يقول الفنان صالح كريم: (اعيش مع اللوحة التي ارسمها، فهي ليست العمل الاخير بل التجربة المستمرة)
اما عن البصرة التي أحبّها فهو يشير الى انه في كل سفرياته كان يُسأل: أكيد أنت من البصرة! مبينا أن (تلك بديهية يعرفها الكثير من اهل البصرة عندما يكون في مكان غير البصرة، ولذا فإن ابن البصرة معروف بكثير من الصفات التي تدل عليه فقد سألني الفنان الكبير فائق حسن اول ما رآني هذا السؤال وبعدها استمر السؤال يتكرر كثيرا بعد سفري إلى عدد من المدن العربية ولن أنسى اي حوار تم بيني وبين اي عربي من انه يقرأ وجه البصري وهو مختلف عن الخليجي ولذا فانه طيب جدا وبسيط جدا راقي جدا مميز وحنون جدا قلبه ابيض ويتحمل كل ما موجود من هم وغم فلا يكترث ولا تهمه الصعاب ورغم ذلك فهو في أعماقه وطني محب للحياة ومحب للجميع.
وعن رسوماته ولوحاته التي تحمل صفة الانتظار يقول: (يسالني الكثير لماذا ترسم الانتظار والحزن والترقب كما لو كانت مأساة ولماذا اكرر هذه اللوحه دوما، جوابي هو ان الانسانية وخاصة الانسان البسيط والمغلوب على امره علي ان اقف معه وانقل مشاعره التي اشعر بها، اترقب معهم الامل وبزوغ فجر جديد).
هو ذا الفنان الانساني الكبير، المعبّر عن مشاعره تجاه الانسان اينما وجد فهو يقول: (الانسانية ووعي الإنسان في العالم كله وادراك تفكير هذا الانسان في خضم التداعيات والكم الهائل من الافكار وبساطة الوعي لدى البشر فهل يقف الفنان والمثقف الواعي موقف المتفرج ام يشترك في وضع حل تلك هي العلة التي يعاني منها الكثير من صناع القرار).
تحية للفنان التشكيلي الكبير صالح كريم.
اخي وابن امي صالح كريم الفنان الذي جعلني اعشق الفن واستسيغه كان ولايزال الانسان الهادئ الرفيق الرقيق ربي يحفظك يااخي الغالي
اعرفه جيدا انسانا رائعا وفنانا متميزا..