إن التطور العلمي والمعرفي والإستكشافي والصناعي المستمر في كافة مناحي الحياة.. قد نتج عنه تنوير العقول وتحفيز قدراتها على التمعن والبحث والدراسة والتركيز والادراك والتفكير العلمي والاستنتاج العلمي و العملي الدقيق الذي أوصلها إلى الدقة والتميز والابداع العقلي و الفكري الشامل الذي كان طريق الولوج إلى بوابة الابتكار والتصنيع والإنتاج والإختراعات بانواعها … والتي بدورها عملت على راحة البشرية من اعمال ومهام مضنية إستطاعت الالة أن تحل محل الانسان في معظم تلك الاعمال والمهام المتعبة والشاقة …وبإمتياز توفير الوقت والجهد وقللت الكلفة المادية المنفقة عليها قبل إختراع وتصنيع هذه الالات الاتوماتيكية الحديثة … مثل السيارات والغسالات وغيرها …ونقلت البشرية نقلة نوعية وكانت ثورة علمبة عملية صناعية عملاقة بكل مناحيها ومعانيها ….. ولاشك أن تلك النقلة والثورة قد أوجدت لتلك الدول الرائدة في هذا المجال مجال البحث العلمي والتقدم الابتكاري والتصنيعي…. سوق عمل جديدة حول العالم بأكمله ودخل ومردود إقتصادي هائل جداً يُعد الان الركائز الاولى والاساسية في إقتصاد تلك الدول الرائدة وشركاتها القابضة والعملاقة …الامر الذي جل تلك الدول تصب جُل إهتماهما وتركيزها على هذا الجانب الاقتصادي المهول المبني والمرتكز تماماً على إستثمار العقول المبحرة في امواج وعمق العلم والمعرفة والبحث العلمي والتصنيع … فإهتمت بهذه العقول أيما إهتمام وهيأت لها كل أسباب البحث والتفكير.والابداع بالتفرغ التام للعلم والبحث والاختراع والتصنيع وكل الاجواء الملائمة والظروف المناسبة والبيئة الخصبة لمزيد من التطور والتقدم والابتكار …من معامل وراحة وإهتمام وإمتيازات خاصة ورواتب مغرية وميزانيات ضخمة وتبني تلك الدول الرائدة وشركاتها التجارية العملاقة والتي خلقتها واوجدتها إبتداءً ….. تلك الشخصيات والعقول العلمية تبنيها المادي لهذه الكوكبة من العقول وابحاثها ودراستها العلمية وإستثمار تلك العقول …. وقد خصصت من أجل هذا الإستثمار الحديث ومن أجل هذا المجال العلمي الاسطوري الناجح مبالغ وميزانيات ضخمة كفيلة بخدمة تلك العقول وتحفيزها على البحث والابتكار والابداع الرائد … فزاد إبداع تلك العقول وزادة الإبتكارات والبحوث وتطورت الصناعات والالات في تقنيتها ونظامها ودقتها وسرعتها وسهولة إستخدامها من مرحلة الى الى افضل منها وهكذا …..وهذا طبعاً قد جعل تلك الدول الغربية تكتشف أن هذا المنجم الماسي الخالد والذي نقصد فيه إستثمار العقول هو منجم المستقل الذي لا ينضب أبداً والاغلى والاهم من البترول والذهب وكل ثروة معدنية أو حيوانية …. وأن نتيجة الإهتمام بهذا المولود الجديد هو. ضمان سوق الثراء والرخاء الاقتصادي المضمون أرباحه وعائداته المالية المهولة والخيالية …..لذا فقد كان الهدف الاول في التوجه الغربي والعالمي الجديد .. …. وحددوا مؤشر بوصِلتهم الإقتصادي…نحو هذا الاستثمار المالي النوعي الجديد …. هذا التوجه الذي وبدون مبالغة كان السبب الرئيس في نقل تلك الدول الغربية والدولية بشكل عام المستثمرة فيه من الحضيض الى القمة.. ومن اللاشيء إلى كل شيء…نقلهم إلى عالم أخر لم يكونوا ليحلموا فيه مطلقاً …رفاهية … رخاء … إرتفاع نسبة دخل الفرد في تلك الدول ومجتمعاتها إلى عدة الاف من الدولارات في الشهر الواحد …ولذلك. سمت نفسها بدول العلم الاول ….. وكمثال فان شركة واحدة كشركة ميكروسوفت أو شركة أبّل … دخل مالكها السنوي يقدر بمليارات عديدة جدا يساوي أو يفوق إقتصاد عدة دول عربية مجتمعة لسنة كاملة ….ولو نظرنا إلى محمول أو جوال سامسونج أو أيفون …نجد انه عبارة عن قطعة معدنية + قطعة زجاجية ذكية + فلاتة داخلية….وهذه القطعتين تحوي داخلها ابداع وذكاء العقل البشري جوال فيه عجائب الدنيا.وخدمات الكترونية والية ورقمية مذهلة … وهذه القطع بعد تصنيعها لا تكلف الشركة المصنعة اكثر من بضع دولارات وتقوم الشركة ببيع هذا المحمول أو ذاك لاكثر دول العالم بمئات وبعضها بالوف الدولارات…
مئات الملايين. من شعوب العالم تقتني هذه الهواتف والجوالات بل وتنتظر إصدار الحديث منها بفارغ الصبر …لتجني الشركة ارباحاً ارقامها كالخيال.لكثرة مبيعاتها … هذه العائدات المالية التي لا تحصل عليها في بعض الاحيان حتى الدول الغنية والمصدرة للنفط ومشتقاته … واعتقد أننا الان عرفنا حجم الإستثمار بالعقول والعلم …الذي يتجوز الزمان والمكان …. إن دول مثل هذه والتي تمتلك تلك العقول وهذه الشركات التي انتجتها تلك العقول لم تعد بتلك الحاجة الماسة لآستخراج ثروات أراضيها.رغم إهتامهم طبعا بهذا الجانب الاقتصادي كونه احد ركائز إقتصاد أي بلد مهما كان … ولكني اعني بأن تلك العادات المالية من تلك الشركات المصنعة في تلك الدول كافي ويفيض لرخائها وغناها وإستقرارها الاقتصادي والامني والسياسي بل وفرض هيمنتها كما هو حاصل وللأسف على بعض الدول الفقيرة .
فدولة مثلاً مثل.فرنسا أو امريكا أو الصين…. لديها شركات مصنعة للسيارات.. الطائرات .. السفن .. الاغذية .. الاجهزة الالكترونية … الادوات المنزلية ..الهواتف.. المعدات الثقلية والخفيفة..والصناعات المدنية والعكسرية والحربية الالكترونية والتقنية .. الخفيفة والمتوسطة والثقيلة….. وكذلك قطع الغيار ..الاقمشة ..الملابس.. التقنية الحديثة… البرامج والبرمجة … الهندسة …تصنيع الادوية والاجهزة الطبية .. و …و ..و. و أشياء كثيرة لا مجال لحصرها ….وكلها تشهد عبقرية وإبداع وعلم وإعجاز العقول العلمية المفكرة والمبتكرة…… تصوروا ان مصنع واحد أو شركة واحدة من شركات هذه المصنوعات الحديثة لها دخل سنوي يعادل أو يقارب اقتصاد بعض دولنا العربية المنشغلة بالنزاعات والخلافات فيما بينها … والغارقة بااوحال الفقر والجهل والمرض والمعتمدة على إستيراد كل مقومات حياتها وكل حاجتها واحتياجاتها من تلك الدول الغربية المصنعة والرائدة … الامر الذي ادى إلى نوع خطير من الإستعمار الإقتصادي والفكري لهذه الدول العربية من تلك الدول الغربية المصنعة والثرية بفعل العجز والفقر والحاجة … وهذه كارثة من اكبر الكوارث على بلداننا ومجتمعاتنا العربية …. الامر الذي ادى إلى إحباط وفشل إانزواء ومحدودية لعطاء العقلية العربية والاسلامية دخل بلدانها …. رغم أنها خارج حدود بلدانها وجغرافيتها … نجد أنها عقول باحثة مفكرة ومبتكرة وعلمية ناجحة ورائدة ولا تتميز عليها العقلية الغربية بشيء عدا جهل أنظمتها الحاكمة بكيفية تشغيها وإستغلالها الحميد وكذلك صدامها واصطدامها مع الإهمال والتهميش داخل دولها وأنظمتها الحاكمة لنجد في المقابل نفس تلك العقول إذا تمكنت من الهجرة إلى بلدان غربية نجدها أنهار من العام والبحث والعطاء وخدمة الانسانية وتستثمرها تلك البدان الغربية لصالحها هيء وتأخذ خلاصة علمها ومعارفها لتضمه لحضاراتها ومنجزاتها وإبتكارتها الغربية وسبقها العلمي وبرأة اختراعاتها وآبتكارتها ونهوضها .. إن المعركة الإقتصادية اليوم …وما لها من تبعات سياسية ووامنية وإستقرارية وهيمنة عالمية. لم تعد معركة ثروات نفطية ومعدنية ومناجم و وكنوز بل تعدت ذلك بكثير وإنتقلت ونقلت تلك الدول الرائدة إلى ميدان اخر وسلاح جديد قوي وثابت ومضمون لا يعرف النفاذ او النضوب أو الكساد والافلاس .. سلاح إسمه إستثمار وإقتصاد العقول …سلاح ذكي ومتطور تحكمه وتبرزه وتفرضه التكنلوجيا والتقنية الحديثة والمتطورة باستمرار والتي لا غنى لاي مجتمع أو فرد عنها في وقتنا الراهن بالاضافة طبعاً الى الموارد الاساسية الاخرى التي تعتبر حالياً مقوم ثان لإقتصاد تلك الدول فهل نعي نحن العرب والمسلمين ذلك وهل ندرك حقيقة ومرارة وذل وإمتهان وإهانة وصفنا بدول العالم الثالث إننا في عصر العولمة والهيمنة لقطبي ونظامي الرأسمالية والإشتراكية وما بينهما من صراع إستحواذ وهيمنة ونفوذ والذين هما خلاصة عصارة تجارب بشرية تحاول الارتقاء بحكمها وأنظمتها وسير الحياة فيها بشكل افضل فوصلوا بعد كل هذا العناء والتجارب لمئات السنين إلى هذين النظامين العالميين الوضعيين … والذين عند مقارنتهما بالنظام الإسلامي ودقة تفاصيله وتميزه وعدالته وتفرده المطلق بالصدارة والجدارة والإمتياز بلا جدال اوادنى شك لانه نظام الله الفربد و المعجز في كل شيء ولكل البشر …والذي لايُساويه أو يقاربه أي نظام بشري اخر مهما تطور أو وصل … أننا ورغم إمتيازنا بنظامنا الإلهي الفريد عن تلك الانظمة الوضعية …. إلا أنهم أخذوا باسباب العلم والعمل فإرتقوا إلى أعلى مصاف …. ونحن ذهبنا بنوم عميق ورضينا بان نكون اليد السفلى المحتاجة والعاجزة …. فكانت المعادلة الواقعية المنصفة والمخزية والمؤسفة لحق كل عربي ومسلم . نحن بنومنا جنينا فقرنا وجهلنا وحاجتنا وتدخل القوم بدولنا وارضنا وأنظمتنا وكل شيء فينا . وهم ببحثهم عن العلم واخذهم باسبابه بجد وصلوا إلى الثراء والمجد والاستقرار السياسي والمادي وإلى التخمة الاقتصادية والمالية ونموها المستمر… وأعطى هذا لهم.فرصة إستعمارنا في كل شيء حتى في افكارنا وإقتصادنا والاعتراض على نهج حكمنا ودستورنا وأنظمتنا دستونا الاسلامي المحدد لكل امونا الدينية والدنيوية وحتى في قوتنا الضروري ولا حول ولا قوة إلا بالله …. إلى ذى الحد وصلنا ….. فهل من صحوة من هذا السبات والنهوض واللحاق بركاب القوم ومنافستهم….. فقد طال نومنا وعظم السبات حتى ظن أؤلئك القوم مستبشرين وفرحين ….. بأنه الممات وهل حان الوقت لاعطاء. العقلية المسلمة والعربية ماتستحق من إهتمام وتوفير كل ماتحتاجه لتُبدع وتبحث وتبتكر وتصنع لتصل بنا على أقل تقدير إلى مرحلة الإكتفاء الذاتي وتغنينا عن العجز والحاجة.. ارجو ان تكون رسالتي قد وصلت لكل مسلم عربي حر لا يُؤمن بقيد العقول وإكذوبة عجز وشلل وفشل العقلية العربية وعدم قدرتها على البحث العلمي والإبتكار والتصنيع….وهل يعي ذلك حكامنا العرب ويعرفون حقيقية دورهم السلبي والهدام والذي أدّى إلى تقزم هذه العقول وإحباطُها وهجرتها وتدميرها ومدى خطورة هذا الدور على المجتمعات العربية والآسلامية وحصرها في زاوية الحاجة والذل والعجز.
مقالات ذات الصلة
14/10/2024