كان للجمهور التواق للفرجة المسرحية مع العرض ما قبل الأول لمسرحية ” حدائق الأسرار” دراماتورجيا و إخراج قاضي المسرح المغربي محمد الحر, تشخيص كل من هاجر الحميدي, جليلة التلمسي و ياسين أحجام, سينوغرافيا مصطفى العلوي.
مسرحية حدائق الأسرار ذلك العمل الممتلئ بالثغرات و الحفريات الممتزجة بالمفاجأة, لعل افتتاح الموسم المسرحي في هذا الظرف الراهن الغني بالتغيرات المناخية و السياسية و الاجتماعية بل و حتى النفسية و هذا ما ظهر في الشخصية التي أدتها هاجر الحميدي فهي التي لها حرية الارادة و حق الاختيار الذي حاول الأب الذي أدى شخصيته ياسين أحجام أن يفرض رأيه عليها باسم السلطة الذكورية مع استحضار أن الأب واحد من الناس الذين وجب احترام رأيه و لو كلف الأمر العيش في مأزق واحد.
كما أن المسرحية أعطت لتيمة الحب أبعادا أخرى فالحب ليس هو تلك الكلمة المنبعثة من طرف و هذا ما ظهر في مشهد جليلة التلمسي و هاجر الحميدي “الأم و البنت” لما كانت تحاول إقناعها بتغيير رأيها حتى كان السؤال الأبرز, هل أنت مرتاحة مع أبي لترد ” لا حيث قالوا ليا هاد الاحساس غادي يجي من بعد تسنيتو باش يجي و لكن ما جاش”
أحداث المسرحية المتشابكة خيوطها فهي التي ترجمة لعنوان “حدائق الأسرار” فنحن هائمون في أسرارنا حتى أصبحت لنا غابات و شتائل و أمازون من الأسرار, هذا ما تتولد عنه عقدة إلكترا أو أوديب أو عدم انسجام الذات مع ذاتها.
“هناك شيء نتن في المملكة” هذه العبارة التي أضحى المجتمع المسرحي ينشرها على أسطحه الفايسبوكية و صالونه الآنستغرامي, لامست جانب خطير في ما يسمى بالدولة, فهي دعوة للساسة عبر الفن المهاجم, من أجل النظر إليه بعين الرحمة, فالمملكة تحتاج لمعطر جو, و الأسرار تحتاج لمحراث عصري كفى للحمير أن تستغل في حرث الحديقة و كفانا مضيعة للمياه, إننا على حافة انهيار النظام من قاعدته إن لم نقوم بتنقية المملكة من النتانة.
الجو معكر, المملكة أضحت كتطبيق مهكر, المملكة تكراكات بلغة المعلوميات, لم يعد المجتمع أن يستحمل ما يقع, يا ترى, إلى أين يسير هذا العالم؟
تعد مسرحية حدائق الأسرار تحفة موسم 2022/2023 التي لا يمكن أن يمر الموسم إلا و تكون استجابة للعبارة الأخيرة, فالمغاربة يحلمون بتطهير المملكة من الوسخ و النتانة و العفن.
يعتبر قاضي المسرح المغربي كما يحلوا لنا أن نناديه نقطة ضوء منيرة في هذا المجتمع الكسول أو المستكسل أو المكسل, فعبارة المكسل و التكسيلة هي خاصة بالحمام المغربي و أصبحت تسمى المصاج فالمملكة يجب أن تطهر و تكسل.. هيا بنا إلى الحمام.