الغرب يضطهد المسلمين.. الغرب يعادي الإسلام: هذه هي الصرخات التي تملأ الإعلام العربي والإسلامي ومنابر الدين، منذ عقود من السنين، وهذه الصرخات تعلو مجددا مع قضية بناء المركز الإسلامي ومسجده بجوار بقعة تفجيرات 11 سبتمبر الإجرامية، التي نفذها إرهابيون مسلمون وهم يهتفون ” الله أكبر”، وهو نفس الهتاف الذي سيصدر من المسجد العتيد لو بنوه.
ما الذي يجعل المسلمين في الغرب يشعرون بحساسية مفرطة من عداء هو موهوم، ومن عنصرية لا يعاني منها غير أقلية في الغرب- فضلا عن أنها مدانة رسميا ومعاقب عليها قانونا؟
هذه الصرخات هي، كما أرى، ممارسة لتكتيك ” الهجوم خير وسيلة للدفاع”، قاصدا أن ما اقترفه، وما يقترفه يوميا، متطرفون وإرهابيون مسلمون في الغرب وفي العالم الإسلامي نفسه من جرائم كبرى هو الذي تفسر انتشار نوع من الهواجس داخل المجتمعات الغربية برغم أنها هواجس لم تمنع ولا تمنع ممارسة المسلمين لشعائرهم بحرية قد لا توجد في دول إسلامية عديدة. وهذه الجرائم، المتواصلة، والتي لا تجد لها إدانة علنية وجماعية من مسلمي الغرب، ومن بقية المسلمين، هي وحدها المسئولة عن تغذية بعض نزعات الخوف من المسلمين، لا في الغرب وحسب، وفي بلدان أخرى غير مسلمة. وقد تساءل الكاتب عادل درويش:” أين فقهاء الإسلام وصحافته من عمليات تفجير المئات من العراقيين يوميا، ومن تهديدات طالبان باكستان لعمال الإغاثة في باكستان وخطف وقتل الأطباء وأعضاء البعثات الإنسانية على أيدي طالبان أفغانستان؟ ونعرف كم من مبررين لجرائم الإرهابيين تحت شعارات سياسية مفبركة، من فلسطين فأفغانستان فالعراق، وغير ذلك.
إن اختيار بناء ما يدعي ب”ببيت قرطبة” ومسجده في جوار موقع جرائم 11 سبتمبر بضحاياها ال3000 ، والإصرار على المشروع، رغم ان الاستبيانات تشير إلى أن أكثر من 60 بالمائة من الأميركيين هم ضد اختيار هذا المكان بالذات وليس ضد بناء مسجد ما في أي مكان آخر، يدل على نوايا التحدي والمجابهة الدينية، فضلا عن إرادة الممولين العرب في الربح السريع باستغلال المشاعر الدينية للمسلمين. أما جلب بعض عائلات الضحايا، وكسبهم للمشروع بطرق سوف تكتشف حقيقتها، فلن يغطي حقيقة أن عائلات غالبية الضحايا، والأميركيين عامة ترفض اختيار هذا الموقع بالذات.
يقول خليل حيدر في جريدة الوطن الكويتية:
” إن العمل الإسلامي في أميركا وأوروبا بيد قيادات حزبية إسلامية مهاجرة، من الإخوان المسلمين وغيرهم، من أصول مصرية وسورية وفلسطينية وآسيوية، وبشكل عام من أتباع الإسلام الأيديولوجي الحزبي الذي يبطن غير ما يعلن، ويتحدث مع المسلمين بلغة ومع الغربيين بلغة أخرى، ولهذا تجد أن المسلم الغربي معاد لمجتمعه وللانفتاح والكثير من قيمه لا تزال بعيدة عن الاعتدال والنضج. ومن النادر أن تجد مسلما أميركيا أو أوروبيا يثير أية انتقادات ذاتية، أو يدافع عن الحرية الدينية والفكرية في العالم العربي والإسلامي، أو يتبنى كاتبا أو أديبا مظلوما محكوما عليه في البلدان الإسلامية، أو يدافع عن رؤية جديدة عصرية للإسلام. حتى الدعاة والكتاب والمثقفون الذين يكتبون أو يزورون تلك البلاد يزيدون مسلمي الغرب وأميركا تشددا، ولا يتحدثون معهم إلا عن “اللوبي الصهيوني” و”المشكلة الفلسطينية” و”المسيحيين الجدد” و” الفشل الأميركي في أفغانستان والعراق.” [ الوطن في 21 آب 2010].
السجال حول المسجد ليس حول الحرية الدينية، كما أراد أوباما تصوير القضية، وإنما هو حول اختيار بقعة بعينها تمثل لحظة تراجيدية في التاريخ الأميركي، ومن واجب المسلمين احترام المشاعر التي تثيرها تلك اللحظة- علما بان البقعة إياها منطقة تجارية ولا يوجد هناك مسلمون متقطعون بحاجة لمسجد في ذلك المكان بالذات. ودعم أوباما للمشروع هو، وعمدة نيويورك، لا يعطي المشروع شرعية إنسانية أوصكا عن احترام الآخر غير المسلمين، فقد عودنا أوباما على مغازلة المتطرفين وأنظمة التطرف، ومنهم طالبان أفغانستان وحماس وحزب الله والنظام السوداني، فضلا عن نظام الفقيه الذي لا يزال الرئيس الأميركي يسعى لعقد صفقة كبرى معه، ربما قد تشمل الوضع في العراق أيضا.
نعم، ليست هي قضية حرية بناء المساجد في أميركا فمساجدها كثيرة، ولكنها قضية احتقار القائمين بالمشروع ودعاته والمروجين له لمشاعر الغالبية من الشعب الأميركي، حتى وإن كان لهم حق مجرد في بناء المسجد هناك.
إن العالم كله يعاني من ممارسات وجرائم التطرف والإرهاب الإسلاميين، وثمة وقائع كثيرة عن استغلال المتشددين للمساجد في غسل عقول الشباب المسلم في الغرب وتجنيده للعنف. وها هو مسجد هامبورغ يغلق بعد كشف علاقته بالإرهابيين، ومن قبل، تم اكتشاف علاقة مساجد عديدة في فرنسا بخلايا الإرهاب وبتجنيد إرهابيين لأفغانستان والعراق أو اقترف جرائم في العواصم الغربية. وها هي نواقيس الإنذار تدق في فرنسا وبريطانيا وكندا، ناهيكم عن هجمات الإرهابيين داخل الدول الإسلامية نفسها، وخصوصا في العراق واليمن والصومال وأفغانستان وباكستان..
إن الجاليات المسلمة في الغرب ليست في حاجة لتوترات جديدة مع المجتمعات والدول التي تأويها وتعينها وتمنحها الحريات، وإن الإعلام العربي والإسلامي يتحمل مسئولية خاصة في التأجيج والتحريض وقلب الحقائق.
أما مسجد قرطبة، [ترى لماذا اختاروا اسما أندلسيا؟ هل تمنيا لو تحولت نيويورك لأندلس جديدة؟!!!]، فليست قضيته قضية مسلمي العالم، وعلى عقلاء المسلمين من حكام ودعاة ومثقفين أن يعملوا على إطفاء شرارة معركة جديدة تنذر بالمزيد من نشر الحساسية والخوف من المسلمين في أميركا والغرب. والحل هو بالقبول باقتراح حاكم نيويورك بنقل البناء لمحل آخر في نيويورك نفسها.
27 آب 2010
ما الذي يجعل المسلمين في الغرب يشعرون بحساسية مفرطة من عداء هو موهوم، ومن عنصرية لا يعاني منها غير أقلية في الغرب- فضلا عن أنها مدانة رسميا ومعاقب عليها قانونا؟
هذه الصرخات هي، كما أرى، ممارسة لتكتيك ” الهجوم خير وسيلة للدفاع”، قاصدا أن ما اقترفه، وما يقترفه يوميا، متطرفون وإرهابيون مسلمون في الغرب وفي العالم الإسلامي نفسه من جرائم كبرى هو الذي تفسر انتشار نوع من الهواجس داخل المجتمعات الغربية برغم أنها هواجس لم تمنع ولا تمنع ممارسة المسلمين لشعائرهم بحرية قد لا توجد في دول إسلامية عديدة. وهذه الجرائم، المتواصلة، والتي لا تجد لها إدانة علنية وجماعية من مسلمي الغرب، ومن بقية المسلمين، هي وحدها المسئولة عن تغذية بعض نزعات الخوف من المسلمين، لا في الغرب وحسب، وفي بلدان أخرى غير مسلمة. وقد تساءل الكاتب عادل درويش:” أين فقهاء الإسلام وصحافته من عمليات تفجير المئات من العراقيين يوميا، ومن تهديدات طالبان باكستان لعمال الإغاثة في باكستان وخطف وقتل الأطباء وأعضاء البعثات الإنسانية على أيدي طالبان أفغانستان؟ ونعرف كم من مبررين لجرائم الإرهابيين تحت شعارات سياسية مفبركة، من فلسطين فأفغانستان فالعراق، وغير ذلك.
إن اختيار بناء ما يدعي ب”ببيت قرطبة” ومسجده في جوار موقع جرائم 11 سبتمبر بضحاياها ال3000 ، والإصرار على المشروع، رغم ان الاستبيانات تشير إلى أن أكثر من 60 بالمائة من الأميركيين هم ضد اختيار هذا المكان بالذات وليس ضد بناء مسجد ما في أي مكان آخر، يدل على نوايا التحدي والمجابهة الدينية، فضلا عن إرادة الممولين العرب في الربح السريع باستغلال المشاعر الدينية للمسلمين. أما جلب بعض عائلات الضحايا، وكسبهم للمشروع بطرق سوف تكتشف حقيقتها، فلن يغطي حقيقة أن عائلات غالبية الضحايا، والأميركيين عامة ترفض اختيار هذا الموقع بالذات.
يقول خليل حيدر في جريدة الوطن الكويتية:
” إن العمل الإسلامي في أميركا وأوروبا بيد قيادات حزبية إسلامية مهاجرة، من الإخوان المسلمين وغيرهم، من أصول مصرية وسورية وفلسطينية وآسيوية، وبشكل عام من أتباع الإسلام الأيديولوجي الحزبي الذي يبطن غير ما يعلن، ويتحدث مع المسلمين بلغة ومع الغربيين بلغة أخرى، ولهذا تجد أن المسلم الغربي معاد لمجتمعه وللانفتاح والكثير من قيمه لا تزال بعيدة عن الاعتدال والنضج. ومن النادر أن تجد مسلما أميركيا أو أوروبيا يثير أية انتقادات ذاتية، أو يدافع عن الحرية الدينية والفكرية في العالم العربي والإسلامي، أو يتبنى كاتبا أو أديبا مظلوما محكوما عليه في البلدان الإسلامية، أو يدافع عن رؤية جديدة عصرية للإسلام. حتى الدعاة والكتاب والمثقفون الذين يكتبون أو يزورون تلك البلاد يزيدون مسلمي الغرب وأميركا تشددا، ولا يتحدثون معهم إلا عن “اللوبي الصهيوني” و”المشكلة الفلسطينية” و”المسيحيين الجدد” و” الفشل الأميركي في أفغانستان والعراق.” [ الوطن في 21 آب 2010].
السجال حول المسجد ليس حول الحرية الدينية، كما أراد أوباما تصوير القضية، وإنما هو حول اختيار بقعة بعينها تمثل لحظة تراجيدية في التاريخ الأميركي، ومن واجب المسلمين احترام المشاعر التي تثيرها تلك اللحظة- علما بان البقعة إياها منطقة تجارية ولا يوجد هناك مسلمون متقطعون بحاجة لمسجد في ذلك المكان بالذات. ودعم أوباما للمشروع هو، وعمدة نيويورك، لا يعطي المشروع شرعية إنسانية أوصكا عن احترام الآخر غير المسلمين، فقد عودنا أوباما على مغازلة المتطرفين وأنظمة التطرف، ومنهم طالبان أفغانستان وحماس وحزب الله والنظام السوداني، فضلا عن نظام الفقيه الذي لا يزال الرئيس الأميركي يسعى لعقد صفقة كبرى معه، ربما قد تشمل الوضع في العراق أيضا.
نعم، ليست هي قضية حرية بناء المساجد في أميركا فمساجدها كثيرة، ولكنها قضية احتقار القائمين بالمشروع ودعاته والمروجين له لمشاعر الغالبية من الشعب الأميركي، حتى وإن كان لهم حق مجرد في بناء المسجد هناك.
إن العالم كله يعاني من ممارسات وجرائم التطرف والإرهاب الإسلاميين، وثمة وقائع كثيرة عن استغلال المتشددين للمساجد في غسل عقول الشباب المسلم في الغرب وتجنيده للعنف. وها هو مسجد هامبورغ يغلق بعد كشف علاقته بالإرهابيين، ومن قبل، تم اكتشاف علاقة مساجد عديدة في فرنسا بخلايا الإرهاب وبتجنيد إرهابيين لأفغانستان والعراق أو اقترف جرائم في العواصم الغربية. وها هي نواقيس الإنذار تدق في فرنسا وبريطانيا وكندا، ناهيكم عن هجمات الإرهابيين داخل الدول الإسلامية نفسها، وخصوصا في العراق واليمن والصومال وأفغانستان وباكستان..
إن الجاليات المسلمة في الغرب ليست في حاجة لتوترات جديدة مع المجتمعات والدول التي تأويها وتعينها وتمنحها الحريات، وإن الإعلام العربي والإسلامي يتحمل مسئولية خاصة في التأجيج والتحريض وقلب الحقائق.
أما مسجد قرطبة، [ترى لماذا اختاروا اسما أندلسيا؟ هل تمنيا لو تحولت نيويورك لأندلس جديدة؟!!!]، فليست قضيته قضية مسلمي العالم، وعلى عقلاء المسلمين من حكام ودعاة ومثقفين أن يعملوا على إطفاء شرارة معركة جديدة تنذر بالمزيد من نشر الحساسية والخوف من المسلمين في أميركا والغرب. والحل هو بالقبول باقتراح حاكم نيويورك بنقل البناء لمحل آخر في نيويورك نفسها.
27 آب 2010