حياة ميّ زيادة والتّعريف بها:
هي الأديبة الفلسطينيّة اللّبنانيّة مي زيادة، إحدى الشّخصيّات التي ظهرت في مرحلة عمرية مبكرة من مباني عصر القصيدة الكلاسيكية، وهي مرحلة جديدة دينامية تمتهن التصوف الانفعالي بين عصرين، وهما عصر القصيدة العمودية عند الرصافي والزهاوي، وعصر قصيدة التفعيل عند بدر شاكر السياب ونازك الملائكة، وصلاح عبدالصبور، ويشمل هذا البعد الانتقالي تقريب الذكاء التنبئي للمقاييس المكملة لعصر التنوير الأوروبي “Lumen ingenii، وللتفسير الذي يحمله معنى التنوير هو ما يشير به إلى “ضوء الشمس” على جهة الاشتراك المعنوي، فيكونان مرادين احدهما استعارة التنوير، والثاني يتمثل بالمجاز العقلي، فكانت الشاعرة زيادة واحدة ممن برزن في تاريخ الأدب العربيّ النَّسَويّ حينذاك، فكانت عَلَماً مشهوراً في النِّصف الأول من القرن العشرين، يشجيها إحساس أنها بدت متأثرة بالأدب الفرنسي وقواعده الصارمة، كما قال رينيه ديكارت، الأديب الذي أطلق عبارته الشهيرة: ” أنا أفكر إذن أنا موجود” والعبارة هنا تعني الفسيولوجي المعرفي، وكذلك فأنها تأثرت بجون لوك الإنكليزي، كذلك ديفيد هيوم، بالإضافة إلى أنّها تطرّقت إلى الفلسفة فأحسنت تدويرها، بتأثير الألماني جوتفريد لايبنيتزا وهو أول من مهد الطريق إلى الفلسفة أمام حركة التنوير الأوروبية، فقد أكدت نظريته أن تؤرخ مراحل الوجود بدءاً بالخلية الصغيرة حتى النسبية في الحياة، والمطلق في الموت، ومن خلال هذا المُعاين الأدبي نجد مي زيادة تبحث في ماهية التنوير من أوسعه من حيث وازع التصرف الذكي، وهنا يقول موسى مندلسون: “إن كلا من المعرفة والثقافة والتنوير هو تعديل للحياة الاجتماعية، ويندرج تحت مفهوم المعرفة كل من الثقافة والتنوير1” والمعنى هنا أن مندلسون يريد أن يُعرف أن الثقافة تهتم بالجانب المعرفي، بينما التنوير يهتم بالجانب العملي المُحدث في الجوانب النظرية على اختلاف جناسها.
لم يك اسم “ميّ” هو الاسم الحقيقي لها، إنّما هو الاسم الذي اختارته لنفسها، كما هو الحال عند الكثير من الأدباء العرب، أمّا اسمها الأصليّ فهو “ماري”، واختيارها لتغيير اسمها إلى مي يعود اشتقاقه من اسمها الحقيقي، بحذف ” الألف.. والراء”، فأصبح اسمها المُعرف بمي هو صاحب الشهرة لدى الوسط الأدبي عامة، الذي سارت عليه الشاعرة حتى مماتها، فكانت نّشأة ميّ اتخذت من المواقف الشجاعة ما يزعج الساسة في الدول العربية المُستَعمَرة، بعد التقسيم الذي حدث للمنطقة العربية والإسلامية من قبل الدول المُستَعمِرة لها، فقد دافعت مي من خلال علاقاتها المهمة عن حرية الشعوب العربية، وبأدبها متعدد الجناس الأدبي بين الشعر والرواية والصحافة، وبحاصل هذا التنوع أخذ اهتمامها يركز على المعرفة العقلانية والموضوعية، وقدرات الذات على التفكير المتمدن في ثقافتها، المتضمن السعة على كل القواعد الفنية بوازع الجوهر الأساسي في البنية الشعرية التي تستمد جوهرها من محاكاة الطبائع الظاهرة في سلوكها، وخاصة الإفادة من بعض المفاهيم عند أرسطو: ” المنفعة والمتعة” باعتبار أن رؤية هذا المفهوم تستند إلى أنظمة تحكمها المبادئ
1- مندلسون، موسى: موقع ويكيبيديا.
العقلانية، وأن مي زيادة لها لغة متفردة تتسم بالرموز والأساطير والواقعية العاطفية المعاصرة التي اُعتبرت ثقافتها تمثل القطر الآخر للتحصيل المعرفي النوعي، لأنه يضمن لها مصداقية جذب انتباه الناقد والقارئ، بتأثير حبكة تمثلت في ذكاء الشاعرة بوحدة تنوعت في تقنيتها الخاصة في قصيدتها، التي اشتهرت بوحدة الحدث، ووحدة استجابة العواطف الوجدانية خاصة وأن الأدباء الذين عاصروها وقعوا في هواها مثل جبران خليل جبران، والعقاد.
تعتبر الأديبة الفلسطينية اللبنانية زيادة واحدة من رواد وأعلام الأدب النسوي العربي المعاصر، بخاصة في إطار تحديث الكلاسيك الأدبي بشكله الذي أسست له مجموعة من الشاعرات: نازك الملائكة، وآمال الزهاوي، وناهضة ستار بعد تاريخ مي بقليل من الزمن، وللشاعرة توجه خاص زادت به مضامين جديدة جعلت أدبها مقروءً من غالبية الشعوب العربية، ناهيك عن شعرها المترجم إلى لغات عديدة، ومن أجل وارد التطورات التي مارستها في حياتها أنها كان لها إسهامات واسعة في الدفاع عن حقوق المرأة، بكونها تعد جزءا أساسيا من عناصر المجتمع، فقد قدمت النسوة اشعارات تميزت بالتفوق بأحلى الأشعار، والقصص، والرواية، والنقد، تلك الإبداعات التي بقيت خالدة في وجدان القارئ العربي، وهنا لابد من المرور على أهم مؤلفات مي التي قد تَمَيّزت بجمال لغتها ودقَّة تعابيرها وصدق مشاعرها، ومن منظور سعة الأفق والأسلوب الرصين، نجدها وقد شاركت في الكثير من المواقف الوطنية ضد الغزو الاقتصادي الأوروبي للدول العربية، بالإضافة إلى كونها أديبة لبنانية فلسطينية ناشطة برزت في تاريخ الأدب العربي النسوي، بعد أن اشتهرت بصالونها الأدبي الذي كانت تقيمه في منزلها الكائن في “شارع عدلي”، وموعده كل يوم ثلاثاء، فكان هذا الصالون أسس لها علاقات واسعة على مستوى المنطقة العربية عامة.
فلأن الشاعرة مي يعود تاريخ ميلادها في مدينة الناصرة / فلسطين، من أب لبناني وأم سورية، ونشأة فلسطينية، على وفق المصطلح الإنكليزي “Multi” لهذا تميز جمالها فأصبح محط إعجاب الأدباء العرب، وعلى ضوء ما تقدم فقد أكملت دراستها الابتدائية في الناصرة مكان ولادتها، قبل أن تنتقل مع أسرتها إلى لبنان لتواصل دراستها في المرحلتين المتوسطة والثانوية، وبعد ذلك انتقلت مع عائلتها أيضاً إلى القاهرة، وهناك دخلت كلية الآداب واستطاعت أن تتفوق في دراستها الجامعية، وممارستها المختلفة للآداب بدءاً بالشعر فالرواية، حتى أصبح اسمها معروفاً على الساحة الأدبية العربية والفرنسية خاصة بعد ترجمة أعمالها إلى اللغة الفرنسية والإنكليزية، فكان شعرها هو المهوى الذي لم تفارقه من الرؤية التي تداعت في شهرتها بالامتياز عن بقية الشاعرات العربيات، لأنها اهتمت في مناقشة الأثار الأدبية المعلن اختلافها في صالونها الأدبي، وعشقها الواضح للأديب جبران خليل جبران، وهو ما جعلها تتوسع في أعمالها الأدبية المحكمة، بعد أن كتبت له الكثير من قصائد الوله والغرام، ولأنها اعتمدت على آرائها المتحررة في جوانب حياتية مختلفة، فقد تبنت رفضها الشديد للضغط على حرية المرأة وفيهن الأديبات على اختلاف اتجاه إبداعات النسوة بين الشعر والرواية والمسرح والسينما، وهنا فالمرأة مارست اللغة غير المعتادة في الأدب المصنف أو الأقرب إلى اتجاه الأيروبيكس، وبهذا فقد احتمت بكتابتها الواضحة بواسطة موسوعة رؤية التنوير العلني، وفي هذا يدلنا كانط ليقول تفسيره الشهير حول ما نحن فيه: ” التنوير هو تغلب الإنسان على قصوره الذي اقترفه في حق نفسه، وهذا القصور هو عدم القدرة على استخدام العقل من دون معرفة. 2″.
اتصفت الشاعرة اللبنانية مي زيادة بالحكمة المتقنة في أسلوبها مما جعل من شعرها قريباً من المحاكاة العرفانية الروحية القريبة من التنوير الصوفي، عند الجاحظ، وابن دريد، وقدامة الكاتب، الذي بلغت من خلاله إيصال صورتها الشعرية بتقنية توحي الدقة في تأويل الظواهر على ما تكون عليه متصلة بالتلقي، ومتوافقة مع المعاصرة عند أهل المعرفة، وأصحاب علماء الكلام الذين سددوا علم البيان نحو حقيقة المستوى المقبول عند هذه الشاعرة أو تلك، وهو ما أتضح تصوره الحقيقي على أنه ذو صورةٍ تنطق في العقل والمستوى التقني الذي سارت عليه الشاعرة زيادة في صورتها الناطقة بالصوت الإيقاعي، المحمول حلمه المتخيّل في بيانه المحكم بفصاحة طراز تعريفاته الجسمية، كما عبر عن هذا المطرزي في رأيه البليغ قوله: “هو أن تذكر ألفاظاً لكل واحد منها معنيان، أحدهما قريبٌ، والآخر بعيدٌ، فإذا سمعه الإنسان سبق فهمه إلى القريب، ومراد المتكلم فهمُ البعيد3″. والدليل في حكمة المطرزي هو مساق اللفظ الدال بظاهره على معنى تحكمه جهة التعيين الذي تجده الشاعرة زيادة يحترز البصيرة الشعرية التي تقوم على نسق التصور المتخيل في حالة تؤنس القارئ بالدال على ميزتها الفنية القائمة على ضبط مبانيها اللفظية، وهنا يدلنا الناقد الثقافي يوسف سامي اليوسف في موضوعة ضبط المباني اللفظية قوله: ” أنها في التحليل المُركز على نسق دائري يتفتح عن دائر تنميه وتتكامل به 4″
توسع أدب الشاعرة مي بين الشعر والرواية فأبدعت بالجنسين كلٍ على حده بين ما قام بالمتانة كوصف من أوصاف الذات، فالحرف عندها يسري حيث هدوء الطمأنينة، وكأنها تحاول التواصل مع ثقافة تحديث القصيدة الكلاسيكية، كذلك العمل على تغيرات أسلوبية في مكننة السرد بلغة وضاءة فياضة الدلالة، كما فعل الروائي غائب طعمه فرمان في تكوين كائناته في رواياته، فسيقت حالتها التوليدية من مصاف الأدب المُحدث في معاصرة الآداب العربية الأخرى، ولكن باستقلالية خاصة جداً، حتى أنها جعلت من الشعر اهتمامها الأول، ومن الرواية في حالة التأثر بالعبقري جبران خليل جبران، وبهذا اتسم توازنها الشعري بعلم التصريع فأجادت بنحوه وبيانه، ولكن مع هذا الظاهر في التصريع أنها أبانت التطابق بين وحدة القصيدة التي لا تظهر فيها الكلفة أو النقصان في توليد البنية الحسيّة من باطنها، وعلى شكلها، وبين بنيتها الشعرية التي تحاكي النظم بذات النَفَس والوجوب حتى تتكامل به رؤية الشاعرة، ولا يوجد بينهما ما يعكر وحدة المعنى بقوامها وبعدها الفصيح، ولو أخذنا قول أبي الطيب المتنبي في تلاقي نسيج المعاني ببعضها:
إذا كان مدح فالنسيب المقدمُ – أكلٌّ فصيحٍ قال شعراً متيمُ
2- كانط، إيمانويل: كتاب علم الفلسفة والمنطق، دار المدني، القاهرة، الطبعة الأولى 1921، ص85.
3-المطرزي: كتاب الطراز الجزء 3، ليحيى العلوي اليمني، دار الكتب العلمية، بيروت / لبنان، ص5 “الطبعة غير معروفة والسنة”.
4-يوسف، سامي اليوسف: ت، س، إليوت، دار منارات، عمان، الطبعة الأولى 1986، ص 48.
5- بن حمزة يحيى العلوي اليمني: كتاب الطراز الجزء الثالث، دار الكتب العلمية، بيروت لبنان، ص55، الطبعة غير معروف تاريخها.
.
قولنا في هذا الدليل أن الشاعرة مي زيادة احتمت بثقافة ماهرة التلقي والجودة، فقد فكت الغرائب في اللغة وحصنتها من العجمة، وهي وفي الوقت ذاته تجدها تحكم الوارد المنظوم بالتسوير المشيد المتفق عليه في أفانين قواعدها، بحيث أنها جعلت من صدر البيت الشعري وعجزه يفتح على نسق صائن للديمومة، ومتسق نظامه بالرشاقة والاعتدال، على اعتبار تسجيع براهين الموازنة بتخصيص البنية الوزنية في تنظيم المُستبين في رؤية واحدة، لا يختلف فيها قيامه الفني حتى يكون الاعجاز وارداً على كل ما يفهم منه معنىً على بيان تتماثل فيه الوحدة الشعرية، بعيدة عن مكروهات الاستعمالات الضعيفة سواء أكانت في الإفراد أم التثنية، وبالحالتين التذكير والتأنيث، وفي الإظهار والإضمار.
اهتمت الحركة الأدبية العربية بالأديبة مي زيادة وبمجلسها الذي أصبح منارة يحضره كبار الأدباء العرب من كل قطر، وفي تطورات سياق التراجيديا التي تصور طبقات الأدباء الأهم بين مجتمعاتهم ذات المكانة المميزة، وقد اهتمت مي بتصوير الأواصر الثقافية بين الكتاب العرب الذين بلغوا حرية التواصل بين الجنسين في معالجة اجتماعية كان لابد منها أن تستمر تؤخي بين أصدقاء صالونها الثقافي أدباء وأديبات، ومنذ تلك البداية حتى وفاتها استمرت تلك العلاقات الحميمية ماثلة بين رواد مجلسها، وفي هذا فقد احرزت الشاعرة نجاحاً كبيراً ساهم فيه المحبين لها، وبه انعكست العلاقات الطيبة على المعنى النفسي في حياتها، فكثيرا ما كانت تُشَجع الأدباء على المشاركة الإبداعية بين جيل وآخر، حتى تحصل على مبدأ التطورات الثقافية على مستوى جميع البلدان العربية بالمهوى القومي الذي كانت تميل إليه، وكانت جهودها تستمر وتتواصل بين العلاقات الطيبة من مأثور ثقافتها الواسعة وكلامها اللبق أن تنتج حالات إبداعية تنوعت بين الشعر والمسرح والرواية والنقد، وخاصة متابعة العقاد لأعمالها الأدبية، وعروضها المسرحية، وقد اعتمد العقاد على أن يجعل من شخصية زيادة شخصية تراجيدية ذات كيان يتفوق على جميع الأديبات العربيات المعاصرات لها، من خلال مقالاته النقدية في أسلوبية مَتَعَهّا بمفهوم التطهير الذي سار علية أرسطو، وفسره لجيله على أن المسرح القومي يؤثر في الناس لأنه يثير الانفعالات بالمصير الوجداني على ضوء المسايرة المتلقي من خلال جلالة تكوينه.
في بداية القرن العشرين بدأت الأجيال الجديدة تناصر مفعول التنوير الذي أخذ ينتشر بواسطة مؤثرات عصر النهضة الأوروبية، بخاصية حكمت تمدين المرأة العربية، فكان الإلهام يعتني بمحاور صلتها أنْ تعتمد على توظيف عبقرية العقل لإنتاج الحالة التنويرية المجددة في مسيرتها التوليدية، وبطلل حسي تحرري يُكُون نداء الجسد المُتَمَيّز بجماليته لا تنصرف إليه بالميول العاطفي بحكم احترام الذات، خاصة وأن دفاعها يشتمل السعة الأخلاقية لأن المرأة العربية عملت في الدوائر الحكومية والأهلية، ومشاركتها في الاحتجاجات على دكتاتورية الذكور والحكام، وقد سميت تلك الحركة ب ” الحركة الشبابية الثورية” ثم مالت تلك الحركة إلى العلن في نشر الأعمال الأدبية النسوية في الصحافة الصادرة بالخصوص في لبنان ومصر، ومن النساء اللاتي ظهرن للعلن الشاعرة مي زيادة، بعد أن فضلت العيش في لبنان، ومن ثم انتقلت إلى القاهرة المصدر الأول للعلن في حرية النشر، ومشاركة الرجل في الندوات الأدبية، والسياسية، والاجتماعية، وعلى ضوء ما تقدم اتسمت الأعمال الشعرية المنشورة في الصحافة اليومية والشهرية بالوضوح في كلام الحب وما شابه، والتي اندرجت بعض قصائد الشعر النسوي بالشعر الأريسي تحت عنوان أدب العاصفة الذي أخذ هذا التحول بالانتشار يُنظر فيه حق الفردية في التفكير المعلن، وللتأكيد على الإصرار بهذا النحو الذي يمنح الشاعرة كسر القيد الاجتماعي المنيع، يدلنا جوتشد إلى الرأي الصحيح: ” لابد من أن يضفي الشاعر على شخصياتها الأساسية حالات وجدانية يمكن أن تجعلنا نخمن تأثير توجهاتها في المستقبل، وهذا يعني حرية الرأي الذي يجعلها أن تحترم قراراتها بما يكون من السهل علينا إدراكه وفهمه وقبوله. 6
تتجه الشاعرة زيادة في قصيدتها إلى تمكين اللغة العربية من فصيح اللفظ الصحيح، ليس عند غيرها في ذلك الحين مما هو أحسن منه، وقد أسماها الأديب جبران خليل جبران “بشمعة الأدب العربي”، فهذا المديح يكون فيه وجهان في تُمَثل الحقيقية:
الوجه الأول مما يعد بما تستحقه من منظور موهبتها الشعرية.
أمّا الوجه الثاني فيه نوع من التحفظ من جهة الخجل عن غرامه لها.
ولهذا فالشاعرة زيادة لها ما يحسن السبك الشعري عن غيرها من الشاعرات اللاتي عاصرن زمنها، فشعرها اضافة إلى كونه قد وَضَحَ علم البديع بالبلاغة، وشجى في جمانة التدوار في الرقة واللطافة لِمَا فيه من الدقّةِ والمرام الذاتي المحصن بالحكمة، فهذان ضربان:
أولهما قريب المأخذ الذي يتصف في سهولة المدرك من غايته.
وثانيهما يستقي تفنّن النظم على أن تكون المعاني مؤثرة خواصها مشذبه بفنون البلاغة.
ولأننا أوردنا ما هو دال على مرادين في شعرها:
أحدهما ما تمثل في بديع الذات الشاعرة.
وثانيهما ما أجاز به الآخرين من رأي محكم في المنظوم المركز على شعرها وثقافتها.
ولذلك جعلت من السياق الفني يعتمد المعايشة دون اعتراض بين الصدر والعجز بدون منافرة بينهما، ومن خلال ما تقدم في رأينا من توضيح وتحليل بالدقة على وجه يخلو من المديح، بقدر ما هو يفصح في الحقيقة والبيان الخالي من أي أحكام تسبق تحليلنا للقصيدة، وبشوق كبير ندخل إلى دار البلاغة عند الشاعرة زيادة في مبانيها الشعرية، فمن الشعراء الكبار الذين ركزوا على قدرة الشاعرة الأدبية، وفي الوقت ذاته نسجوا الوله في جمالها وحسن ميولها الاجتماعية، فأنار الشاعر أحمد شوقي الذي ترجم انطباعاته متناولا مي زيادة وصالونها، خاصة في جوانبها الإيجابية، بوازع رقي الفكر وسُموّ الثقافة، وهذا ما جعل شخصيتها الارستقراطية فاعلة في الوسط الثقافي الأدبي قوله: ” كانَ صالوناً ديمقراطياً مفتوحاً، وقد ظَللتُ أتردد عَليه أيّام الثلاثاء إلى أن سافرتُ إلى أوروبا لِمُتابعة الدِّراسة، وأعجَبني مِنهُ اتِّساعَه لِمذاهب القَول وأشتاتِ الكلام وفُنون الأدب، وأعجَبَني مِنهُ أنّه مَكان لِلحديثِ بِكل لسان، ومُنتدى لِلكلام في كُل عِلم 7″.
6- يوهان كريستوف، جوتشد: كتاب المعرفة، دار النهضة، بغداد، الطبعة الثانية 1962، ص88.
7- شوقي ، أحمد: صفحة ويكيبيديا.
بولص، ديمتري: نفس المصدر.
أُسائلُ خاطريْ عمّا سباني
أحُسْنُ الخَلْقِ أمْ حُسْنُ البيانِ
رأيتُ تنافسَ الحُسْنينِ فيها
كأنّهما ” لِمَيّةَ ” عاشقان”
***
أما الشاعر إسماعيل صبري الذي اضطر للغياب عن الصالون، فكتب معتذراً عن الغياب قائلاً: ” “روحي على بعض دور الحي حائمة
كظامئ الطير حواماً على الماء
إن لم أمتع بمي ناظري
غداً أنكرت صُبحك يا يوم الثلاثاء
ومن الأدباء العرب، أعلى طه حسين إذ قال في حفلها:
خليليَّ عُدَّا حاجتي من هواكُما
ومن ذا يواسي النّفس إلاّ خليلها؟
ألمّا بمي قبل أن تطرح النّوى بنا مطرحاً
أو قـبل بَيْن يُزيلها فإلّا يكُن إلّا تعلُّل
ساعة قليلاً فإنّي نافع لي قليلها
***
ومن الشخصيات المعروفة في القاهرة د. متري بولص كتب عن صالون الشاعرة مي زيادة، وهو يسرد الأفكار التي ولدتها زيادة في صالونها أنها تعبر عن الطاقات المثالية للإنسان، وهي تحقق وتنادي بمسؤولية تطوير طريقة التفكير الحضاري من خلال متابعة سماحة التنوير التي أخذت تتضح شيئاً فشيئاً في قوله: ” لَم يَكُن صالون مي واقفاً عَلى فِئة مِن المُؤلفين المُنتمينَ إلى طَبقة أو اتّجاه دونَ فِئة أخرى، إلّا أنّه في مَنحاهُ الاجتِماعي كانَ واقفاً عَلى الفئة الفنيّة.. والأدب تَحول في صالون مي إلى تيارٍ فِكريّ بَعيد عَن التَّيارات الاجتِماعيّة والسياسية التي كانَ يَضطربُ بِها المجتمع المصري، وبِذلك نَأت مي بالأدب عَن الالتِزام الاجتِماعي الواقِعي، وحَصَرتهُ في بُرج عاجي تُطل مِنهُ عَلى النّاس، وإن صالون مي في جانبٍ مِن جَوانبه الإيجابية لَدليل عَلى رقي الفِكر وسُموّ الثقافة، إلا أنه من ناحيته السَّلبية يشكل سمة مِن سِمات نَزعتها الفَرديّة، الأرستقراطية المتفِردة.. وهذا ما جَعَل صالونها محكم الأصولِ المعرفية عَن الشعب مُنقطع الصِّلة بالعاديّين من الناس.
تعتبر شخصية الشاعرة مي زيادة معروفة بين الشاعرات العربيات، فقد تميَّزت بجمال لغتها ودقَّة تعابيرها وصدق مشاعرها، وفي هذا المعيون اتسع مكونها الشعري باتساع الأفق بالأسلوب الرصين، وقد نشرت جميع الصحف العربية أعمالها الأدبية بترحاب واسع، وبالإضافة إلى سمعتها الغنية عن التعريف، فقد ترجمت أعمالها إلى لغات منها: الإنكليزية والفرنسية والألمانية، بعد أن برز تاريخها الأدبي النسوي يحاكي العلن، فكانت ذات صلة بالأدباء الأوائل بتأثير معيون مجتمعاتهم المختلفة، بالإضافة إلى أنها تطرقت إلى دراسة الفلسفة وتعمقت بها، وتوسعت دراساتها بتناول التاريخ العربي والإسلامي، وفي السياق ذاته تقوم ثقافتها على توسع مفهوم الوحي بتأثير واضح من ميزات العقل المختلفة عند المحاورين الأصدقاء، بعد أن ارتبطت بالعقيدة الإنسانية على أن يصبح الإنسان بنظرها قادرا على تميّز ذاته بالحالة الإبداعية التي لم تتوفر في عقلية كل فرد، لأن التربية العائلية بخصوصيتها لا تتساوى من جهة المعرفة في التثقيف بعمومه، فجاءت قصائد الشاعرة زيادة تكشف عن المستوى العلمي بين الحب والميول عنه، وبين التمدن والتخلف، ولي أن أعبر عن سعادتي أن تأخذ الشاعرة الفلسطينية اللبنانية مي زيادة مجلساً في كتابي، وهذا ما يجعل الكتاب وقد جمع الأفضل والأرقى والأوفى للأدب العربي وللتاريخ الذي سوف
يميّز بين الصالح والكالح.
8- بولص، د. متري: نفس المصدر.
القصيدة:
البعض نحبهم لكن لا نقترب منهم:
البعض نحبهم ..
لكن لا نقترب منهم
فهم في البعد أحلى
وهم في البعد أرقى
وهم في البعد أغلى
والبعض نحبهم ..
ونسعى كي نقترب منهم
ونتقاسم تفاصيل الحياة معهم
ويؤلمنا الإبتعاد عنهم
ويصعب علينا تصور الحياة حين تخلو منهم
والبعض نحبهم ..
ونتمنى ان نعيش حكاية جميلة معهم
ونفتعل الصدف لكي نلتقي بهم
ونختلق الأسباب لكي نراهم
ونعيش في الخيال أكثر من الواقع معهم
والبعض نحبهم ..
لكن بيننا وبين أنفسنا فقط
فنصمت برغم ألم الصمت
فلا نجاهر بحبهم حتى لهم
لم تك قصيدة النثر قد بان وجودها الجلي، في العصر الذي عاشته الشاعرة مي زيادة، فأول بيان ظهر للأعلان عن وجود شعر بلباس جديد اسمه “قصيدة النثر” أعلنه جماعة الستين في بغداد، ومنهم الشاعر طراد الكبيسي، والشاعر فوزي كريم، والشاعر سامي مهدي، وآخرين، كان صدور البيان الستيني، بعد التحول الذي حصل في قصيدة التفعيلة على يد السياب، وبلند الحيدري، في حين نجد الشاعرة زيادة تتعمق في النص المنثور تارة، وتزجل في أحايين أخرى بالقصيدة الحرة، بتأثير واضح تحكمه المهارة في الجانب النحوي، الذي يرافق قصيدتها بأسلوبية اجازت تكرار التيمة في أغلب نصوصها وقولها: ” البعض نحبهم / لكن لا نقترب منهم / فهم في البعد أحلى / وهم في البعد أرقى / وهم في البعد أغلى “، مع احتمالية إن لم تر الشاعرة أن تجيب على أوزان لها الأثر الواضح على مهارتها اللغوية التي تحكم المعاني في نصابها، حيث تتداعى بها الفنية بسياق المعيون التقني، على سعة المادة اللغوية التي تتشكل في ما لا ينصرف ولا يصرف، وكأن النص يساقي تناوش المنطوق المركب على طريقة فن التقطيع بين الجُملَة الشعرية وأختها، وبتقديري لم يك هذا النوع من الشعر سائداً في زمن 1870، إنما هو الجمال البنيوي في مفهوم البديع الذي ساق تأثير شعرها إلى أزمان يحضر فيها أسمها، بما اجتمع به اليقين على اليقين فيما حقق للشاعرة النجاح، وهذا ما جعل من كبار الشعراء يلتزمون الرضا اتجاه هذا اللون الشعري المشرق في وادي الشاعرة، حيث لا هو منفصل عن التراث، ولا هو متفق مع المعاصرة، إنما هو أي شعرها اتصف بالميزات التي وزنتها الشاعرة على اختلاف عصوره المتعددة، ومن ميزاته أنه لا يشاطر شعراء اختلفوا في صفة الهوية المشخصة بالفردية على مر الأجيال، فقد اختلف النظم عند الكثير من الأدباء المحبين لها بعد أنْ أشادوا في أسلوبيتها القادرة على توليف المشاعر في تلقيها، ونحن نقرأ ونحلل حالتها الخاصةً في قولها: ” والبعض نحبهم / لكن بيننا وبين أنفسنا فقط / فنصمت برغم ألم الصمت / فلا نجاهر بحبهم حتى لهم”، وكأن الشاعرة تحاول أن تؤجّج النار في الرماد ولم تستطع إليه سبيلا، وفي هذا فقد أسرفت الشاعرة في تشريق التجديد الذي حاولت أن تجعل له تحديثاً يختلف عن المسار الذي سار عليه شعرا القصيدة الكلاسيكية.
لان العوائق كثيره
والعواقب مخيفه
ومن الافضل لنا ولهم
ان تبقى الابواب
بيننا وبينهم .. مغلقه ..
والبعض نحبهم ..
فنملأ الارض بحبهم
ونحدث الدنيا عنهم
ونثرثر بهم في كل الاوقات
ونحتاج الى وجودهم ..
كالماء .. والهواء ..
ونختنق في غيابهم
أو حتى الإبتعاد عنهم
والبعض نحبهم ..
لأننا لا نجد سواهم
وحاجتنا الى الحب تدفعنا نحوهم
فالأيام تمضي
والعمر ينقضي
والزمن لا يقف
ويرعبنا بأن نبقى بلا رفيق
من دلالات هذا الجذر اللغوي أوشكت الشاعرة أن تحاور طراز ظاهرة البديهيات العشقية المعتمدة في الخطابة ومجانسة الذات لمشاعر وأحاسيس تفيض بالولع والانقياد الأعمى للحبيب، وكأنها تطلب المعذرة لعدم التجاوب المعلن في العلاقات التي توصل الحبيبين للارتباط المسمى بالزواج، ولي أن أحسب أن هذا الإيمان الواضح في العلاقات الاجتماعية لم توافق عليه الشاعرة، بل أنها جعلت من العلاقات الحبية أشبه باللذة المكنزة في الخيال العابر بوصفه يشاد الذكريات وحسب، بعيداً كل البعد عن المباشرة، سواء أكان هذا الحب شعرياً، أم لم يكن يعبر بما فيه الكفاية عن مشاعر تجمع الأحاسيس برباط متصل، حتى يعزز من الإيمان بالفعل العاطفي في رأيها: ” لان العوائق كثيره / والعواقب مخيفه / ومن الافضل لنا ولهم / ان تبقى الابواب بيننا وبينهم مغلقه” ، مع هذا الوصف الرحماني توجهت الشاعرة إلى اتجاهين أحدهما يفضل الحب عن بعد، وتعده مرجعاً يعود إلى اقدار حالتها النفسية، والاتجاه الآخر تميل به إلى الخوف من تلك العلاقة، وهي تشير إلى صيغة “لهم” ولهذا نجدها تشير إلى أن تكون العلاقة سرية بينهما قدر الامكان ، ومع هذا فالشاعرة تعتذر من الحبيب وكأن رأيها في العلاقة الجنسية أو الزوجية أصبح في منظورها أشبه بالحياة المؤجلة، وفي هذا يقول ابن عربي في تعريفاته: ” القلوب التي اعتنى بها الحب على ضربين، قلوب غلب عليها الشوق، وقلوب لم يغلب عليها، فالقلوب التي لا شوق لها وصلت إلى شاهد علمها بسير قنعت به 9 وأخشى أن تكون الشاعرة استمرأت الذات المنفصلة عن الواقع الاجتماعي المعتمد منذ أن شاءت تلك العلاقات أن تكون مرحباً بها على مر العصور بين الرجل والمرأة، خاصة وأن الشاعرة مي عاشت ضمن وسط مناخ اجتماعي ونفسي واسع مفعم بفارق الديمومة الحاصلة في العجز والمرارة بآن، إذن ما الذي فعله الشعر في حياة مي غير الشهرة خارج رغبات الذات الظامئة لعلاقة عشق تربط بين مصيرين تحت سقف واحد. لكنها وبحالة ثقتها بنفسها لا تعتبر الفردانية تشكل الضعف والعجز عندها.
والبعض نحبهم..
لأن مثلهم لا يستحق سوى الحب
ولا نملك امامهم سوى ان نحب
فنتعلم منهم أشياء جميلة
ونرمم معهم أشياء كثيرة
ونعيد طلاء الحياة من جديد
ونسعى صادقين كي نمنحهم بعض السعادة
9 – أبي عبدالله، محي الدين، الملقب ابن عربي الحاتمي: كتاب رسائل ابن عربي ج2، دار المدى للثقافة والنشر، دمشق، الطبعة الأولى 1998، ص74.
والبعض نحبهم..
لكننا لا نجد صدى لهذا الحب في قلوبهــم
فننهار وننكسر
ونتخبط في حكايات فاشلة
فلا نكرهُهُم
ولا ننساهم
ولا نحبُّ سواهم
ونعود نبكيهم بعد كل محاوله فاشله
والبعض نحبهم ..
ويبقى فقط ان يحبوننا..
مثلما نحبهم..
وعلى الرغم من اختلاط الجنسين في صالونها الأدبي، إلاّ أنها كانت تنظر للوافدين على أن هذه العلاقات لا تهمها ولم تتأثر بها ما عدا الصحبة التي تجلها، وكأنها كانت تلعب دور المسؤول المباشر أو ما يسمى بالمديرة المحبوبة، لذلك بقيت تلك العلاقات المتمثلة بالزائرين لصالونها أشبه بالحالة العرفانية اليومية، وربما كأن السبب تحكمه الشيئية الذكية الواضحة في وحدتها التي تُعد بنظر الجماعة المحيطين بها بأثر مواطن الشكوى من الرؤية التي ضاقت بها وما ينتابها من فراق الحبيب، ولكن وفي أحايين مختلفة نجدها تمتهن السجال النقدي بين التميز عند أغلب الرواد، بينما نجد صوّر الضعف عند الآخرين، ربما بسبب بعض قصائد اتسع منشورها لشعراء رومانسيين خاصة أولئك ممن تأثروا بميزة أبوللو، وتلك المعية لا تخلو من طموحات خيالية عاطفية، أصابتها بشيء من الشعور عايش الوصل والذكرى كما تقول: ” لكننا لا نجد صدى لهذا الحب في قلوبهــم / فننهار و ننكسر / ونتخبط في حكايات فاشلة / فلا نكرهُهُم / ولا ننساهم / ولا نحبُّ سواهم “، وعلى ضوء هذا السجال بين الأيمان بمن تحب، وبين الخوف الذي يحوم حولها في كل مأرب، أي أن هذا الاتجاه الواضح في شعرها هو مؤثر في سمة حياتها اليومية، مع أنها تستقطب أصدقائها أو رواد صالونها بمضامينها الفكرية المعبرة عن سعة ثقافتها، أما في جزها الثاني فقد كان بسبب هذه العلاقات تنشأ عنوانين هي الأقوم والأرقى في ظاهر معانيها الصريحة القابلة للنقد والمكاشفة.
وفي قصيدة أخرى نعاين موقف البصيرة.
الحب روح أنت معناه:
الحب روح أنت معناه
والحسن لفظ أنت مبناه
ارحم فؤادا في هواك غدا
مضنى وحماه حمياه
تمت برؤيتك المنى فحكت
حلما تمتعنا برؤياه
يا طيب عيني حين آنسها
يا سعد قلبي حين ناجاه
ومن القصائد التي كانت تراسل بها الحبيب جبران خليل جبران قصيدة: “الحب روح أنت معناه” وهذا العنوان بديع ومحصن بالمجاز العقلي، لأن الأديب جبران ومع مرور الزمن نجده يسكن وحيّها ونفسها، ولكن من بعيد، لأنها حرمت على نفسها اللقاء به، وفي الوقت ذاته كانت تستجيب لعشقه العذري، لأمر غير واضح في تلك العلاقة، فمي عاشت عزباء وماتت عزباء في وحدتها، مع أن العقاد كان كثير التدور حولها وأمامها، لكنها ترفض الاختلاط الجنسي به مع أنه يكشف لها عن حبه في العلن وفي قصائده، وفي كثير من الأحايين يُبدي تساؤلات عن عدم الوضوح في تجاوبها له ويعلل صدها، ربما يكون العائق في هذا هو جبران، ولهذا كان العقاد يهاجمه في الكثير من قصائده ومحاضراته، لكن هذا لا يعني تحول الحالة النفسية إلى تناقض في حياة مي زيادة بشكلها العام، وفي تحليلي الخاص لهذه العلاقات المجتمعية الواسعة بين الأدباء الرجال وبين مي بالحالة العاطفية، مع اعتذارها المتواصل، ولكنها وفي الوقت نفسه تَود بقوة لو أن هؤلاء يستمرون في العلاقة معها كأصدقاء لا غير، ربما هي الغرابة في تفكير الشاعرة، ولسبب ما تجد نفسها رهينة الحب مع جبران خاصة في توازن خصوصيتها المألوفة، لذا أخذت مواقف الأعجاب بها تتسع في جملة من الصور الحبية المجتمعية، حيث يود المعجب بها أن تكون مقبولة ومؤثرة لديها، وناجحة في اصطيادها، لكن مي تجد هذه العلاقات الحبية لا تعنيها، ربما هو الخوف من العبودية للرجل، وفي هذا المعنى يدلنا النفري إلى رأي فصيح قوله: ” البعض من الناس يكون عبداً لا نعت 10″ في حين نجدها تخاطب جبران خليل جبران بعاطفة روحانية في أحايين تنصرف بخلوتها المتخيلة معه حيث تقول: ” الحب روح أنت معناه / والحسن لفظ أنت مبناه / ارحم فؤادا في هواك غدا / مضنى وحماه حمياه / تمت برؤيتك المنى فحكت / حلما تمتعنا برؤياه / يا طيب عيني حين آنسها / يا سعد قلبي حين ناجاه”. وهذا ما يجعلنا نعاين المستحب في مناجاة الشاعرة يُؤذنُ بالطلب الرحماني أن يستولد الحب بعاطفتها بود أكثر في مشاعرها اتجاهه، وكأنها تضع رابعة العدوية أمام عينيها وفي خلوتها الجاذبة للمطيعين لها التي أكملت بها حياتها وشوقها للرب.
نتابع الشاعرة بقصيدة محكمة الرؤية والنداء:
يا بنت بيروت ويا نفحة:
يا بنت بيروت ويا نفحة
من روح لبنان القديم الوقور
إليك من أنبائه آية
عصرية أزرت بآي العصور
مرت بذاك الشيخ في ليلة
ذكرى جمال وعبير ونور
ذكرى صبا طابت لها نفسه
وافتر عنها رأسه من حبور
أسر نجواها إلى أرزه
فلم يطقها في حجاب الضمير
وبثها في زفرة فانبرت
بخفة البشرى ولطف السرور
10- اليوسف، سامي اليوسف: كتاب من مواقف النفري، دار منارات للنشر، عمان / الأردن، الطبعة الأولى، 1981، ص53.
وفي قصيدة ثالثة موجهة بشكل خاص إلى عبقري عصرة المقيم في أميركا النبي جبران، لا هو يأتي إليها ولا هي تلتحق به، وهكذا أصبح العشق بينهما حالة توارد عاطفي من منظور القصائد وحسب، فهي في هذه القصيدة تصوفه بشيخ الأدباء، وكأنها تحاكي الذهن أن يصور مهوى أحلامها أنْ ترتبط بعضها بالبعض معه، كما لو أنها تستضيف واقعاً يفيض المَسُّ بِشَهَوٍة، وهذه فلسفة لها مداركها العرفانية، وبصرف النظر عن الثبات الذي تمثله القصيدة فهذا قول يمثل مشاعرها بإحساس محبتها المتخيلة في عذريتها، لأنها قالت له في شعرها السابق هي تحبه هكذا في البعد وليس في القرب منه، ويبدو أن الشاعرة تضع هذه الإضاءات بصرف النظر عن تجاوبه معها أو رفض اللقاء به من جانبها، وهذا يبدو أبعد من سبك المشاعر الموحدة في الغرام البعيد، بمعنى المستوى الذي يجعلها صادقة أمامه في نواياها، أن تكافئ عليها صراحتها وصدقها، ولهذا نجدها تلجأ إلى رضاه بحنين القصائد عندها تستلم بولع أحاسيسها، وكل ما فيه تعشقه على الهواء وحسب في قولها: ” عصرية أزرت باي العصور / مرت بذاك الشيخ في ليلة / ذكرى جمال وعبير ونور / ذكرى صبا طابت لها نفسه / وافتر عنها رأسه من حبور / أسر نجواها إلى أرزه / فلم يطقها في حجاب الضمير / وبثها في زفرة فانبرت / بخفة البشرى ولطف السرور “، وما ينبغي ملاحظته في هذا الصوّر الحسية تأثرها بنجاعة شخصيته، وفي الوقت ذاته تأكيد القول إن الذكريات ما زالت فاعلة تطيب نفسيتها وتأسر نجواها ببشرى اللقاء ولطف السرور.
دارجة في السفح مرتادة
كل مكان فيه نبت نضير
فضحك النبت ابتهاجا بها
عن زهر رطب ذكي قرير
عن زهر حمل ريح الصبا
تبسما مستترا في عبير
سرى لبيروت ولاقى شذا
من بحرها رأد الصباح المنير
فعقدا في ثغرها درة
أجمل شيء بين در الثغور
أسماء هل أبصرتها مرة
تزين مرآتك وقت البكور
نستمر نعالج تبلور شعر الحداثة عند مي زياده الذي لا يشبه العمودي أو التفعيل بشيء، إنما قصائدها قريبة من الزجل بلباس حر يتفق في حال فروق اللغات التي تصطحب أسلوبها نحو المزيد من التناص مع تعريفات الجرجاني التي اتخذت منها واردَ المصاحبة في قولها: “دارجة في السفح مرتادة”، فدارجة تتفق مع مرتادة، وهذا يتناسب مع توثيق المعية “مع” ولأن الشاعرة زيادة تتقن علوم اللغة ومصطلحاتها فهي خبيرة في معالجة الضمائر في قولها المستدرك: ” عن زهر حمل ريح الصبا / تبسماً مستتراً في عبير”، وعليه جعلت من أدوات الاستدراك تحكم فصاحة التعابير المرادفة للضمير من رؤية معيون وزنها الخاص في لغتها المحكمة التي اتخذت من “ابن فارس” مرجعاً لما أعتبر ما تقوله يميل إلى ضمير الحال البديل، لأنه محصن بفقه اللغة من منظور مدرسة الثعالبي، التي نشهد فيها رابط الكينونة المحصنة، التي توضحت أكثر في لغة الجواهري، لأن هذه التيمة لم ترد في اللغات السامية، ولأن الشاعرة زيادة تعتمد المراجع عند بلغاء اللغة ومنهم الرصافي وطه حسين ومصطفى جواد، فقد حصنت لغتها بكافة التصريفات التي تستوفي الحصانة والجودة، وربيع الخيال المجانس لصورها الشعرية.
قصيدة:
حب وما كان في الصبا جهلا..
***
حب وما كان في الصبا جهلا
بكر يدعو فلم تقل مهلا
أهل الهوى من أجاب دعوته
ومن عصى ليس للهوى أهلا
هل تبهج المرء نعمة حصلت
ما لم يكن مبهجا بها أهلا
هل يطلب المجد من مآزقه
من لم تشجعه مقلة نجلا
يا نجل يعقوب حق همته
على العلى أن ترى له نجلا
أبوك أسرى الرجال في بلد
ما زال فيه مقامه الأعلى
وأنت ما أنت في الحمى حسبا
وأنت من أنت بالحجي فضلا
طبك برء وفيك معرفة
بالنفس تشفي الضمير معتلا
إن تبدا الأمر تنهه وإذا
وليت أمرا كفيت من ولى
ولا ترى الخوف إن تظننه
سواك أمنا ولا ترى البخلاء
لعل أبرز ما ينظر في إطار مفهوم الشعر المجدد في وظيفته، هو بلاغة لغة الشاعرة مي عبر موسوعة تتميز في ثقافتها، وقدرتها على حداثة الرؤيا المتمكنة من خلق حالة شعرية تجسد شكلاً فنياً قابلاً للقراءة والحفظ، وفي هذا يقول أدونيس: ” لعل خير ما نعرف به الشعر الجديد هو الرؤيا 11″ إذن فالحكمة تكمن في طراز موضوع القصيدة، وقدرة الشاعرة على أن تميّز هذا النص من ذاك، ولذلك نجد الشاعرة مي زيادة تعبر بأسلوبيتها على أن فصاحتها المحكمة بالتوازن، بالقدرة الواضحة على أن تكشف المخبوء من علائق خفية في كثير من الأحيان، باستعمال لغة لها خصوصية تمتلكها هي بوازع الكيّف المتخيل في مشاعرها من خلال سياق التداعيات الملائمة للحداثة، وهذا ما ذهب إليه رامبو بعد أن عزز الشعر بقدرات ميزته عن مجايليه، ولأن الرؤيا بوصفها حالة يتقنها المبدع الذي يضع الاختلاف ميزة لأعماله الشعرية وحتى القصية منها، أنها ترسخت في ذهنية التلقي بسبب قبول النص ومستوى تأثيره، وهنا نحكم قولنا بلغة الشاعرة زيادة حيث تقول: ” حب وما كان في الصبا جهلا / بكر يدعو فلم تقل مهلا / أهل الهوى من أجاب دعوته / ومن عصى ليس للهوى أهلا / هل تبهج المرء نعمة حصلت / ما لم يكن مبهجا بها أهلا / هل يطلب المجد من مآزقه / من لم تشجعه مقلة نجلا / يا نجل يعقوب حق همته / على العلى أن ترى له نجلا ” ولو دققنا النظر بوعي دقيق نجد أن الشاعرة أجادت بالوفاق على تنظيم فني جعلت منه ذات إرادة محكمة بوصف الشعر على أنه أرقى فن عرفته الإنسانية، خاصة إذا ولد الشعر من أيقونة البنية المفهومية المحكم بلغة الوحي المعيون بالفكر، وليس أداءه التأليف.
11 – أدونيس: صفحة ويكيبيديا.
تبذل لا عابسا ولا برما
بطيب نفس يضاعف البدلا
ما ألطف النجدة الجميلة من
جميل وجه لبى وما اعتلا
رائف زين الشباب حسبك أن
أحرزت ما لم يحرز فتى قبلا
فكن ونجلاء فرقدي أفق
يهل فيه الوفاء ما هلا
وطاولا بالزكاء أصلكما
أكرم بفرع يطاول الأصلا
اليوم تستقبلان سعدكما
وبابه النضر عاقد فألا
باب من الزهر فادخلاه إلى
فردوس هذي الحياة واحتلا
أهدت إليه الرياض زنبقها
والورد والياسمين والفلا
وأودع الشعر فيه زينته
من كل ضرب بحسنه أدلى
بكل بت ألقت فواصله
في كل عقد مخضوضر فصلا
وكل لفظ طي نابتة
كالروح في جسم بهجة حلا
لاشك أن التقنية العامة في شاعرية مي ميالة إلى الالتماس أو الكشف عن التغزل والمديح والوعظ والحكمة، ولهذا فهي تأخذ مساحة أوسع على صفحات شعر الحداثة، المعبر عن واقعها وواقعه، أزاء النظر في الأشياء وإن لم تك واضحة ومحسوسة، لكنها توازي انطباع الصورة الصوتية بوازع إدراك الشاعرة على تلقي الموحى إليها بأوقات لها طعم شاعري يزور مخيلتها بالتجانس والإحساس، ولأجل الوضوح في هذا المعنى نكشف ونحلل قولها: ” تبذل لا عابسا ولا برما / بطيب نفس يضاعف البدلا / ما ألطف النجدة الجميلة من / جميل وجه لبى وما اعتلا / رائف زين الشباب حسبك أن / أحرزت ما لم يحرز فتى قبلا / فكن ونجلاء فرقدي أفق / يهل فيه الوفاء ما هلا” إذن في الجملة الأولى تكون الصورة الشعرية وصفية، وفي الثانية مديح له، وفي الثالثة وعظ بما به الشيء حقاً، وفي الرابعة والخامسة حسب ارتباطهما في ذات الجناس رأيها أن طبعه محكم بالشيّم والوقار وأنه المثل الأعلى للشباب، لأنه أتصف بالأخلاق الرفيعة في تصرفه وصورته المنحدرة من أفق أحكم الشخصية الناجعة، وفي الخاتمة من هذا المقطع يكون النص يحتمل الدلالة المحصنة بالنبوغ والفرقد من أفقه الخاص، ومع هذا التأصيل نجدها اتخذت من التوغل في الذات الشاعرة أنْ تكشف عن ما تستبطن وتختزن الهواجس والأحاسيس من معيون الغوص في اللاوعي في الأعماق الحسيّة المستنيرة بإحكام العقل.
باب على المالكين عز وعن
حقكما قد إخاله قلا
يا حسن عرس عيون شاهده
لم تر في غابر له مثلا
عاهد فيه الصفاء ذا كلف
جارى مناه وشاور النبلا
آثر حوراء نافست أدبا
خير العذارى وراجحت عقلا
تناهت عن لداتها خلقا
وشابهت أبدع الدمى شكلا
توافق النعت واسمها فدعا
بالسحر في العين من دعا نجلا
ورب عين لولا تعففها
لامتلأت حومة الهوى قتلى
لله ذاك الوجه المورد ما
أصبى وذاك الوقار ما أحلى
قد كان في دولة البلاغة من
يصول فرحا وهكذا ظلا
اعتمدت الشاعرة زيادة على التمسك بالأصول الصرفية والنحوية المبنية على المُسَاقَاة اللفظية، في إيراد المشتقات الحلمية من خلال معاينة الشاعرة في فحص العلاقات الحبية أو المجتمعية، إذ يظهر ذلك مثلاً في النسبة وليس في المطلق بالمخصوص النوعي الذي تحكمه الصورة الصوتية، وكأن الشاعرة تعمل على ما اشتمل على زراعة المصطلح البلاغي في معانيه خاصة وأن قصيدة الشاعرة تمتاز بطول النص من خلال تعميق الحدث حسب صورته البيانية، لتجعل من نصها يتوزع بين المجازات المحكمة في غاياتها، وفي الوقت ذاته فهي ترى أن التزامها بالعلوم اللغوية يمثل انجازاً من وافد محتويات النص الشعري، بالوعي الناتج عن دائرة المعاني المتضمنة غايتها بالمرسل من خصوصيتها بواسطة سعة الدلالة التي تكشف عن معيون الصورة بجذرها المشتق الذي يعتمد على الأوزان الصرفية، بحكم مفهوم ابن فارس الذي صاغ منظومة الاشتقاق من مُرَكب الفعل المؤسس من حيث راجحة العقل، أي أن الفعل الرباعي والخماسي، يساق فعلهما على اعتبار أن السليقة اللغوية للعرب ثلاثية، وما يختص بها من وافر للحبكة، ولكل منها دلالات تحكم الفعل لتوثيق الجذر الثلاثي، على أساس حيازة الفاعل لما اشتق منه الفعل، وحتى نمتلك الحجة في ما تراه الشاعرة يمثل صيَّغاً دالة على تعبيرها المثالي في صورتها البيانية قولها: ” باب على المالكين عز وعن / حقكما قد إخاله قلا / يا حسن عرس عيون شاهده / لم تر في غابر له مثلا / عاهد فيه الصفاء ذا كلف / جارى مناه وشاور النبلاء / آثر حوراء نافست أدبا / خير العذارى وراجحت عقلا” في هذه الصور الحسيّة نجدها تعبر عن ما أريد بجزء لفظة الدلالة على شمولية معناه بكونه مركباً إسنادياً صوتياً، ولأجل المزاج الذي عاهدته بجيئتك، وهذا هو الوحي المثبت بالصفاء ذا كلف، باعتبارها أخذت على نفسها بالشرط أن تكون ذاتها تستجلي النوعية الرحمانية والجسمانية بوازع الصورة الحسيّة بواسطة مفعول الخيال غير المقيد، بل هو وارد البناء الفلسفي في مجال الكشف والخلق وعبقرية الفكر.
كلامه رق مبتغاه سما
نظامه دق فكره جلا
ولا يجارى في المفصحين إذا
قال خطابا أو خط أو أعلى
ما زال يأتي بكل رائعة
وعزمه في البديع ما كلا
إذا توخى الثناء أكمله
وإن توخى الهجاء ما خلى
حديثه لا يمل من طرب
إذا حديث من غيره ملا
هو الصديق المصفى لصاحبه
وهو الصدوق الأوفى لدى الجلي
فيا عروسين باقترانهما
يجتمع الصون والندى شملا
ويا شريكي صبابة وصبي
هما العمر أو هما أغلى
خير دعائي مهنئا لكما
عيشا سعيدين وازكوا نسلا
***
تستمر الشاعرة تعبر عن الإعجاب والمدح الشديد بالحبيب البعيد، وحال لسانها يقول له من خلال مشاعرها وشعرها أليس إرسالي إليك يوافي مزايا الحب وشوقي الشغف، أن يحيط سناء طوع اخراجكَ من البشرية جمعاء يكون لذة عمري، لأنك المخصوص لي بعلمٍ بما علمَ وما لم يعلم من الأعماق أنكَ تشهدني الغرام كما أشهدتك الذكر المحب، حتى يأتي الزمن باليوم الذي اتنفس به أنفاسك، فأكون من يسقي خاطرك الباطن باللذة وأنت تلبسني القولية العصماء بالوجود، لأني أكون بدونك غير ذي مروءة، فكل خير من الدنيا يليني أجعله يليك، لأن مقامك عندي بليغ ومبتغاه سماء، فبعدك أنا الغيب وأنت المُخَلص لمشكاتي من مطلع اليقين، ومن خلال منظور هذا العرفان نقف على سجع المقام: ” كلامه رق مبتغاه سما / نظامه دق فكره جلا / ولا يجارى في المفصحين إذا / قال خطابا أو خط أو أعلى / ما زال يأتي بكل رائعة / وعزمه في البديع ما كلا / إذا توخى الثناء أكمله / وإن توخى الهجاء ما خلى” إذن فالشاعرة أظهرت فعلية إحساسها بمحتمل البصيرة والشعور، من حيث سلم الوقار بينهما، فالمستعار الذي خلدته بالفصيح بان نبراس وسراجه ينير الحب في نفسها، يسر مشاعرها المبصرة للإخلاص له، وبجوده يكون الوحي الذي به تستنير باليقين والشروق المطل على الوجد الذي به تبتسم حروفها، كما تقول له نقاء شعرك هو حصتي، وفي العين تزدهر الصور ويتنعم المعنى حتى يجعلني أكون بين عينيك.
ومن المقطوعات الشعرية الرومانسية القصيرة للشاعر جبران خليل جيران قوله:
إذا وهي الحب فالهجران يقتله:
إذا وهي الحب فالهجران يقتله
إن تمكن فالهجران يحييه
صغيرة النار عصف الريح يطفئها
ومعظم النار عصف الريح يؤذيه
***
ضعي على عينيك بلورة:
ضعي على عينيك بلورة
لتسلمي من وهج الهاجرة
ويسلم العالم من فتنة
تشبها ألحاظك الساحرة
***
وها هو النبي جبران خليل جبران يعلي من شأن الجوهرة ” مي “، بمختصر الحروف، وهي ملئ الشجن كما لو أنه المطر.
===
الهامش:
1- مندلسون، موسى: صفحة ويكيبيديا.
2- كانط، إيمانويل: كتاب علم الفلسفة والمنطق، دار المدني، القاهرة، الطبعة الأولى، 1985، ص85.
3- المطرزي: كتاب الطراز، الجزء الثالث، ليحيى العلوي اليمني، دار الكتب العلمية، بيروت / لبنان، ص5، الطبعة غير معروف تاريخها.
4- يوسف، سامي اليوسف: كتاب، ت، س، إليوت، دار منارات، عمان / الأردن، الطبعة الأولى 1986، ص84.
5- بن حمزة، يحيى العلوي اليمني: كتاب الطراز، الجزء الثالث، دار الكتب العلمية، بيروت / لبنان، الطبعة غير معروف تاريخا.
6- يوهان كريستون، جوتشد: كتاب المعرفة، دار النهضة، بغداد، الطبعة الثانية، 1962، ص88.
7- شوقي، أحمد: صفحة ويكيبيديا.
8- بولص، ديمتري: نفس المصدر.
9- أبي عبدالله، محي الدين: الملقب ابن عربي الحاتمي، كتاب رسائل ابن عربي، دار المدى للثقافة والنشر، دمشق، الطبعة الأولى، 1998، ص74.
10- اليوسف، سامي اليوسف: كتاب مواقف النفري، دار منارات للنشر، عمان، الأردن، الطبعة الأولى، 1981، ص53.
11- أدونيس: صفحة ويكيبيديا.