
تحتوي مجموعة قصص إيمان عامر ” نبضة فوق سحاب المنى” على أكثر من أربعين قصة, تتراوح بين الطول والقصر, القصة القصيرة والقصة القصيرة جدا.
غالبا تتخذ قصص المجموعة موضوعات الحب لدرجة الذوبان فى المحبوب, والمحبوب الافتراضي, الذي ربما يأتي يوما ما ” قصة وأتيتَ حبيبي”, أو يكون الحب من طرف واحد, وتأي المفاجأة باكتشاف زواج الطرف الثاني ” قصة دعاية اتخابية”, الفتاة/ المرأة هنا دائما هي المشبوبة بالحب/ باللقاء, وبالكبرياء أيضا!, وفي الغالب أيضا يأتي هذا الحب من أول نظرة, من أول لقاء, وتقع فيه المرأة/ الفتاة/ وهي التي تستدعى الذكريات وتعيش فيها, الجو الرومانسي يتجلى في قصص المجموعة, رومانسية الزمن الماضي, الذي تميل إليها الكاتبة/ الساردة, تجمع أغنية ” زي الهوى” “للعندليب” بين ممدوح وضحى, أبناء العمومة, على المصطبة, في زمن اللمبة الجاز, والراديو الذي يعمل بالبطارية, مشهد لايغيب عمن عاش في القرية فى تلك الأيام, لكن هذه القصة تخلو من حدث يتصاعد, ومثلها قصص كثيرة, تخلو من الحدث المركزي, الذي ينمو ويتصاعد, الحدث موجود, لكنه في صورة موضوع, وليس حدثا دراميا, القصة فقط قدمت تساؤلا عن إمكانية ديمومة هذا الحب, وربما كانت القصة التي تسبقها ” وأتيتَ حبيبي” هي النتيجة لتلك القصة, تأكيد الحلم, مما يعنى وجاهة وضعها بعدها مباشرة, فهي كما لو كانت إجابة, أو تكملة لها.
في قصة” آخر محطات العمر” إصرار على التمسك بالحب وبالمحبوب, وهي أيضا امتداد للقصتين السابقتين, وكانت اللغة الشاعرية هي أهم مايميز تلك القصص, بل وباقي قصص المجموعة, كقولها { أنت كفُ الله الذي أتاني ليطبطب على قلبي, ويهدهد مشاعري }
وفي قصة” ساعة قيام القطار”, في هذه القصة ظلال أحداث, رربما تمثل هذه القصة “القلق العاطفي” الذي مرت به القصص السابقة, حالة إعجاب بين الفتاة والشاب, كان مسرحها رحلة القطار اليومية, تعلقت الفتاة بالشاب, ولما كان يعاملها بمثالية فائقة, وهو يغادر القطار, تقف لتتأمل, هل هو خيال أم حقيقة.
وقصة ” أيا أنت” جاءت في صورة خاطرة, يملؤها الشجن, وهي تمرد على كل حالات الحب السابقة, تتمنى أن تنسى الحبيب لكنها لاتستطيع, سنلاحظ أن عاطفة المرأة هي البطل في معظم قصص المجموعة, لكنها العاطفة المخلصة للرجل وللحياة عموما.
وفي قصة ” قبر في شارع الأزهر” تعالج أيضا المشاعر حين يتورط كل من الرجل والمرأة في علاقة حب, ولا يكتب لها النجاح لسبب ما, مادي أو معنوي أو اجتماعي, وفي لغة شاعرية” طبعت ملامحه في قلبها, قبل عينيها”, مرام”, يجمعها صوت “مراد” المطرب, في علاقة حب, يتقابلا, وكعادة الرجال في اللقاء الأول بالمرأة / الفتاة, لا بد من جملة شعرية, ساحرة, ولو كاذبة ” ظلمتكِ الصورة.. أنتِ أجمل منها بكثير”, وبعد عدة لقاءات تكتشف أنه متزوج وله أولاد.
وفي قصة” دعاية انتخابية” عملية أنسنة لفنجان القهوة ” غابت في فضفضات, همسَ بها فنجان القهوة, فهو مستمع جيد..”, وتقع المرأة/ الفتاة أيضا في نهر الحب والعشق والوله, من عرض الشارع كما نقول, بالشاب أجش الصوت في مسيرة دعاية انتخابية, وهي جالسة في شرفتها تحتسي قهوتها, يتقابلا فيما بعد,” انصهرا في بوتقة واحدة من المشاعر الرقيقة”, ثم نجده يعبر لها عن حبه ” ها أنتِ قد أسكنتكِ الضلوع, فتخيري ما شئتي, لتمرحين وتجوبي بها, وتعزفين عليها سيمفونية عشقنا”, وفي النهاية تكتشف أنه متزوج!! ” تركته على هذه الصورة, وذابت في المجهول, انصهرت في أوجاع الآخرين, ممن عايشوا نفس الخيبات”, قبلها انصرت فيه, واليوم ستنصهر تجربتها؛ في تجارب خيبات الآخرين.
وتأتي قصة” أيا قلبي”, تلك الخاطرة, لترفض كل تجارب المرأة/ الفتاة, التي جاءت فى تلك الخاطرة” أيا قلبي؛ هون عليك, هكذا الأيام, وليست كل القلوب بصفاء قلوبنا”
أهم مايميز قصص إيمان عامر هي اللغة الفنية الشاعرية, وفي العموم, قصص المجموعة هي تجارب إنسانية, ربما هي موضوعات مطروقة, صاغتها الكاتبة برؤيتها الخاصة للحياة, وإن كانت تحتاج لقليل من التماسك, والتكثيف في القصص الطويلة نوعا, والتخلي عن المقدمات, والدخول مباشرة في معالجة الموضوع, وبعض ظلال تعتيم, حتى لاتعطى القصة نفسها للقارئ بكل هذه السهولة واليسر, حتى يتفاعل القارئ مع ماوراء القصة.