محمد الحبيب المرزوقي (أبو يعرب) من مواليد منزل بورقيبة 1947م، مفكر تونسي ذو توجه فلسفي إسلامي. دَرَسَ على أيدي أعظم ثلاثة فلاسفة، جون بول سارتر، ميشل فوكو، والمترجم الخاص لهيغل جون هيبوليت. حصل على الإجازة في الفلسفة من جامعة السوربون عام 1972م، ودكتوراه الدولة في الفلسفة العربيّة واليونانيّة عام 1991م، وعمل أستاذا للفلسفة العربية واليونانية بجامعة تونس الأولى (1980م-2006م)، وبالجامعة الإسلاميّة العالميّة بماليزيا(2002م-2006م)، ومديرا لقسم الترجمة ببيت الحكمة بتونس(1983م-1991م). وزير مستشار لدى رئاسة حكومة ثورة الحرية والكرامة بتونس سابقا، وعضو المجلس التأسيسي التونسي سابقا، وعضو المجلس العلمي للمجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون – بيت الحكمة. يقرأ ويترجم لخمسة لغات منها الفرنسية والألمانية والإنجليزية، غزير الإنتاج، له من البحوث والدراسات والمقالات الشيء الكثير، وعديد المؤلفات، منها:
– مفهوم السّببيّة عند الغزالي، دار بوسلامة للطباعة والنشر، ط1، تونس 1979م،
– الاجتماع النظري الخلدوني والتاريخ العربي المعاصر، الدار العربيّة للكتاب1983م،
– الإبستمولوجيا البديل، الدار التونسية للنشر. 1985م،
– آفاق النهضة العربيّة ومستقبل الإنسان في مهب العولمة، 1990م،
– إصلاح العقل في الفلسفة العربيّة: من واقعيّة أرسطو وأفلاطون إلى إسميّة ابن تيميّة وابن خلدون، مركز دراسات الوحدة العربيّة، بيروت-لبنان، ط1: تشرين الثاني/نوفمر 1994م، ط2: آب/أغسطس 1996م.
– في العلاقة بين الشعر المطلق والإعجاز القرآني، دار الطليعة للطباعة والنشر، ط1: بيروت-لبنان آذار/ مارس 2000م،
– وحدة الفكرين الديني والفلسفي، دار الفكر دمشق 2001م،
– تجليات الفلسفة العربيّة، منطق تاريخها من خلال منزلة الكلي في الأفلاطونيّة والحنيفيّة المحدثتين العربيتين، دار الفكر المعاصر، بيروت-لبنان، دار الفكر دمشق-سورية، ط1: شعبان 1422ه، تشرين أول/ أكتوبر 2001م،
– آفاق فلسفة عربيّة معاصرة، (بالاشتراك مع الطيب تيزيني) دار الفكر المعاصر للطباعة والنشر والتوزيع 2001م،
– شروط نهضة العرب والمسلمين، دار الفكر دمشق، 2001م،
– النظر والعمل والمأزق الحضاري العربي والإسلامي الراهن (بالاشتراك مع د. حسن حنفي)، دار الفكر المعاصر، بيروت-لبنان ، دار الفكر دمشق-سورية، ط1: ذو القعدة 1423ه، يناير 2003م،
– فلسفة الدين من منظور الفكر الإسلامي، دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت-لبنان 1427ه-2006م،
– إشكالية تجديد أصول الفقه (حوارية مع د. محمد سعيد رمضان البوطي)، دار الفكر 2006م.
– فلسفة التاريخ الخلدونية: دور علم العمران في عمل التاريخ وعلمه، الدار المتوسطية للنشر، تونس، 2007م.
– نقد الميتافيزيقا بين الغزالي وابن رشد، الدار المتوسطية للنشر، تونس، 2007م،
– النخب العربية وعطالة الإبداع في منظور الفلسفة القرآنية، الدار المتوسطية للنشر، تونس، 2007م،
– صونا للفلسفة والدين، دار الفرقد للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق 2007م،
– شرعية الحكم في عصر العولمة، الدار المتوسطية للنشر، تونس، 2008م،
– تحديات وفرص: محاورات في أحوال الفكر والسياسة عند العرب والمسلمين، دار الفرقد للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق 2008م،
– الثورة القرآنية وأزمة التعليم الديني، الدار المتوسطية للنشر، تونس، 2009م،
– حرية الضمير والمعتقد في القرآن والسنة، الدار المتوسطية للنشر، تونس، 2009م،
– الجلي في التفسير، الدار المتوسطية للنشر، تونس، 2010م،
– استئناف العرب لتاريخهم الكوني، ثورة الحرية والكرامة، تونس نموذجا، الدار العربيّة للعلوم ناشرون، بيروت-لبنان، مركز الجزيرة للدراسات، الدوحة- قطر، 1433ه-2012م.
– أشياء من النقد والترجمة، جداول للنشر والتوزيع، بيروت-لبنان، شباط/فبراير 2012م
– المجال العام: من المفهوم إلى التداول نحو مقاربات متعدية، مركز مغارب، الرباط، 2018م،
– دور الفلسفة النقدية العربية ومنجزاتها، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، بيروت، 2012م،
ومن المراجع الفلسفية التي قام بترجمتها، نذكر:
– بسيط المنطق الحديث، ويلارد كواين، دار الطليعة، بيروت، 1996م،
– مصادر الفلسفة العربية، بيار دوهيم، دار الفكر، دمشق، 2005م،
– علم الأناسة التاريخ والثقافة والفلسفة، كريستوف فولف، كلمة، أبوظبي، الدار المتوسطة للنشر، تونس 2009م،
أغلب الذين دَرَسُوا في الخارج انبهروا فانبتّوا إلّا هو، فقد عاد من فرنسا لتوحيد الفكرين: الفلسفي والديني، حتى اتهمه خصومه ممّن يدّعون الحداثة بالرجعية لأنّه، على حد تعبير الكاتب السوري محمد الحوراني، لا يناصب الدين العداء، واتّهمه سدنة الفكر الديني بالتّشادق والتّفلسف لأنّه اقترب كثيرا من وعاء العقيدة الإسلاميّة المحتكر من طرفهم، كان يقف منفردا شامخا كالنخل على صراط المعرفة، كنت على موعد للقائه بمنزل بورقيبة، مسقط رأسه، ولظروف قاهرة التقينا في الفضاء الافتراضي المحايد، طرحت عليه أسئلتي المتواضعة التالية، فكانت ردوده غير مبالية بسياط المتطرّفين من اليسار واليمين:
– هل توصّلت إلى توحيد الفكرين: الفلسفي والديني، أم أن شحنتي قطبيها الممغنطين بالمعوّقات لا يزالان في تنافرهما الشديد؟
– لم أكن بحاجة إلى كبير جهد ولا عميق اجـهاد لتحقيق التوحيد. كان يكفي تحرير علوم الملة الخمسة من التحريف الناتج عن تبن غير واع بمسلّمات الإسرائيليات والنصرانيات التي واصلت مسلّمات الفلسفة اليونانية عندما تردت في عصرها الهلنستي. فالقرآن هو الذي يستدل بآيات الله في الآفاق (الطبيعة والتاريخ ) وفي الأنفس (كيان الإنسان العضوي أو البدن وكيانه الروحي أو الفكر) ويعرف الخلق بكونه بقدر أو بحسبان. وذلك بخلاف اليهودية والمسيحية، والمزيج الذي حصل في الفكر الفلسفي والكلامي المستدل بخرق النظام أو المعجزات.
كلام القرآن عليهما تصوّروها تبنيا لها وليس قصا لما آل إليه أمر الأديان التي يصلحها بمنهج التصديق والهمينة دون أن يمس يحاكم عقائدهم تمييزا بين التعدد الديني في واقع الأمر أو في التاريخ ووحدتها في واجب الأمر، أو يوم الدين عندما يفصل الله بين المختلفين في العقائد، لأن الدين عند الله هو الإسلام. وحينها يتبين للجميع أن القرآن حق في كلامه على الدنيا والآخرة وأنه الدين الكوني الذي مآل الإنسانية كلها إلى الإيمان به.
وبذلك فإن القرآن ليس فيه ما يخالف الفلسفة في مطلوب العمل والنظر شرطين لتحقيق مهمة الإنسان من حيث هو مـسـتعمر في الأرض ومستخلف فيها بـجهيزه بالإرادة الحرة والحكمة الراجحة حتى ينجح في المهمتين اللتين تمثلان جوهر العبادة لأن القرآن يعتبر الإنسان إنما خلق لعبادة ربه فتكون عبادته هي عين مهمتيه أي الاستخلاف في الأرض والاستعمار فيها.
ويكون تجهيزه هو العمل بسنن التاريخ القيمية وقوانين الطبيعة العلمية من أجل تحقيق شروط الاستخلاف والاستعمار في الأرض: تلك هي عبوديته وهي عين ما تطلبه الفلسفة بما في ذلك فلسفة الملحدين لأنهم يعتبرون ما على الإنسان عمله هو عين ما يمكنه علمه من الطبيعة والتاريخ وكيانه العضوي وكيانه الذهني.
– يشير رائد السمهوري في كتابه “تهافت أبي يعرب المرزوقي وأدلوجته الإسمية” إلى أنّك تتعمّد التوعير والإغراب رغم وضوح المصطلحات الفلسفيّة، وبعيدا عن دوافعه الحقيقية وغاية رميه، ألا تشعر بوجود ازدواجيّة في المصطلحات الفلسفيّة بين الشرق الإسلامي وغربه، تعيق الفهم؟
– لا تطلب مني الرد على الأميين. فهو يتكلم في ما لا يمكنه فهمه لعدم حيازته شروط الفكر الدنيا. وهو ككل مرتزق يكتفي بترديد معاني فلسفية ودينية لا يفقهها فيحولها إلى شعارات تجعل بضاعته نافقة لأنه يبدو باستعمالها وكأنه فاهم ما تعنيه معانيها فيجادل في ما لم يصبر لتعلم أدنى شروطها من العلوم الأدوات حتى يخوض في العلوم الغايات.
فهو لا يفهم معنى الاسمية ولا معنى اعتبار ما تعرف به الأشياء من المقومات من صنع الفكر ولا علاقة له بحقيقة الأشياء المعرفة إلا في حدود ما يقرب من حيث ما يدركها منه الإنسان في حدود اطلاعه على عاداتها.
فمن يتصورها حقيقتها يثبتها فلا يرى أنها في سيلان أبدي وأن التجربة الإنسانية تلهث وراءها لوصفها بقدر ما تدركه منها خلال تاريخ تجربتها معها دون أن يكون ذلك دالا على أنها مطابقة لحقائقها في ذاته. وهذه ثورة لا يمكن أن يفهمها خرج كتاب يعمل أجيرا ومستعد للتكليف بمهام قذرة من مافيات السلطان في كل مكان ممن ليس لهم أخلاق العلم والإيمان بشروط طلب الحقيقة: فهو يكتفي بالتخريف حول ما ينسب إلى ابن تيمية في الصورة العامة التي يراد بها تحقير ثورته.
– في كتابك المعنون بـ”مفهوم السّببيّة عند الغزالي”، كان هاجسك الوحيد لفهم وضع العقل في الثقافة العربيّة هو الحفر لاستخراج دعائم العقلانيّة النظاميّة للحضارة العربيّة في عهدها الإسلامي، فهل وجدت هذه الدعائم التي تبحث عنها؟ وهل هناك دعائم عقلانيّة غير نظاميّة؟
– لم يكن الهدف في بحثي حول السببية عند الغزالي الكلام في العقل العربية بل في ما يتقدم على التفسير بالعقل ليس عند العرب وحدهم بل عند جميع البشر. لم أكن أومن بخرافة تعدد العقول بتعدد الأمم -مثل الجابري مثلا أو مثل عبد الرحمان-فهذه رؤية هيجلية ترد عند هيجل إلى ما يسميه أرواح الشعوب فيكون الخلط بين العقل وتأثير الثقافات فيه بما بينهما من خلاقات حول “نحل العيش”
لكأن الشعب الواحد ليس له مراحل مختلفة كل واحدة منها مختلفة بنحلة العيش مثل البداوة بمراحلها والحضارة بمراحلها فلا تكون الشعوب مختلفة بالعقل ولا بالروح بل كل واحد منها له نفس التطور والنضوج العقلي والروحي بحسب مراحل تاريخها.
ما حاولت بيانه ليس عربيا إلى ظهوره في المدرسة النقدية العربية لكنه كوني بمعنى أن ظاهرة كونية تعم كل الشعوب وهو واحده لديها جميعا تتمثل في عكس ما كان سائدا: فبدلا من تقديم العقل على الإرادة أصبح التقدم للإرادة على العقل تقدم القضاء الإلهي في الخلق على القدر الإلهي على الأمر في عبارة القضاء والقدر أو الخلق والأمر. وهذا يتبين من دور مفهوم السببية: فالسببية نوعان طبيعية ومعيارها لو كانت هي العلة الأولى لكان كل حدث يحدث مضطرا أي ضروريا فلا يكون ألله فعّالا لما يريد ولا الإنسان حرا بل مضطر في افعاله وهو معنى الجبرية المطلقة.
– لو أعيد عليك نفس السؤال الذي صدّرت به كتابك الأوّل، “هل كان الغزالي صاحب ثورة ابستمولوجية؟” فكيف يكون ردّك؟
– جوابي يبقى نفس الجواب الذي كتبته في هذا البحث حول السببية عند الغزالي. فأولا كان جوابي حول ثورة الغزالي ناقدا للميتافيزيقا الأرسطية كما تلقاه العرب وتصوروها علما في حين أن أرسطو نفسه رغم تسميته إياها بالعلم الرئيس وعلم اللاهوت والفلسفة الأولى فهو لم يعتبرها علما بل محاولات تتلق بالمسلمات الضرورية لتأسيس العلم وهي بالجوهر لا تتجاوز الترجيح الجدلي للمسلّمات التي تمثل منطلقات تأسيس هذه البنية الأرشيتاكتونيك لتنظم الموسوعة المعرفية خلال تطورها وتشابكها ولذلك فهي محاولة لتأسيس علم المنطق ونظرية المعرفة وخاصة تصنيف العلوم وليست علما.
وثاينا، كان جوابي المقارنة بين رؤيتين للربوبية: فمن المحرك الأول الذي لا يعنى بالعالم ولا يؤثر فيه إلا بجاذبية النظام العقلي للنظام الطبيعي المتغير كميا وكيفيا بتوسط النظام الفلكي السرمدي إلى الرب القرآني الذي يخلق العالم ويأمره ومن ثم فهو إرادة حرة خالقة وراعية له وليس سببية طبيعية مضطرة ومن هنا كان أهم مسألة فيه هي المسألة السابعة عشر التي خصصت لها بحثي في مذكرة الميتريز في باريس سنة 72 من القرن الماضي مع مقابلة مع ابن رشد الذي تبنى الرؤية الأرسطية.
فكان المشكل هو اثبات أن الرؤية الإسلامية تقدم إرادة الله الحرة في دور ينسبه اليونان عامة وأرسطو خاصة إلى العقل اللامبالي بالعالم ناسبين نظامه إلى انجذابها إلى النظام الفلكي السرمدي الذي يحاكي بثبات حركته الدائرية في المكان وسرمديته الكمال الإلهي الذي هو السكون التأملي للعقل الذي يعقل ذاته وهو المحرك الأول بهذا المعنى.
فيكون العالم خاضعا للضرورة الطبيعية وليس لإرادة حرة تخلقه بكن الخالقة (القضاء) وتأمره بكن الآمرة (القدر) بخلاف رؤية الغزالي التي تعتبر الخالق والآمر حرا لأنه فعّال لما يريد كما يريد. وهذه أكثر معقولية من السببية المضطرة التي هي ضرورة عمياء فتكون تراكم صدف لا متناهية لا يؤيدها العقل ولا العلم.
– ما هي شروط النهضة العربية في تقديرك؟
– تجنب تكرار ما وقعوا فيه في الاستقطاب الأول الدخول في حرب أهلية بسبب الانقسام إلى تبعية البعض للقطب السوفياتي والبعَض إلى القطب ألغربي. عليهم اختيار ثالث هو ما تحاول عمله أوروبا مع عدم اللجوء إلى كذبة عدم الانحياز: فلا بد من الانحياز بمعيار الاشتراك في ألٌقيم مع العلم أن الشريك ليس صادقا في العمل بها: الغرب أقرب إلينا دينيا ,فلسفيا الشرق مع أشـٍراك الشرق والغرب في عدائهم للإسلام بسبب الماضي والخوف من استئناف الإسلام لدوره الكوني.
– في الحوار الذي أجرته معك مجلّة العربي سنة 2005، أشرتَ إلى الخلل في مناهج التفكير العربية وربطتها بفساد المنظومة التربوية، كيف ذلك؟
– يكفي قراءة الفصل 40 من باب مقدمة ابن خلدون السادس. ففيه يبين علل فساد معاني الإنسانية نــتيجة لفساد التربية والحكم ألعنيفين ماديا ومعنويا. لكن ذلك رغم خطورته ليس كافيا لتفسير الانحطاط الذي تعيشه أمتنا. فبالإضافة إلى ذلك حصل تحريف في علوم الملة الخمسة وذلك بسبب الفصل المطلق بين علوم الدنيا وعلوم الآخرة: فالكلام والفلسفة والفقه والتصوف وتفسير القرآن كلها انشغلت بالغيبيات واهملت الدنيويات
فصارت الأمة عاجزة دون الاستعمار في الأرض لأن علماءها توهموا إمكانية الاستخلاف فيها دون شروط تعميرها بالعلم وتطبيقاته الطبيعية والأخلاق وتطبيقاتها التاريخية. وهو التعليل العميق للانحطاط الذي صار في النهاية تسولا في سد الحاجات المادية والروحية ومن ثم التبعية في الرعاية والحماية: وتلك هي علة ما يسميه مالك ابن نبي القابلية للاستعمار.
– ماهي أداة التمييز بين الأمر الشرعي والأمر الكوني؟
– الأول يـتعلق بالخَلق وهو مجال قوانين الطبيعة وسنن التاريخ والثاني يتعلق بالأخلاق وهو مجال التعامل بين البشر وقواعد العيش المشترك وهو جوهر السياسة التي يريد الله من الإنسان أن يطبق فيها قيم الاستخلاف، أي الآية الأولى من النساء (الاخوة البشرية باعتبار كل البشر إخوة لأنهم من نفس واحدة) والآية الثالثة عشر من الحجرات التي تحرر الإنسانية من العرقية والطبقية وتعتبر تعددهم من آيات الله وهو شرط التعارف معرفة ومعروفا وهم متساوون ولا تفاضل بينهم إلا بالتقوى أي باحترام القانون الشرعي.
– القليل فقط من الفلاسفة استطاعوا الوصول إلى منزلة صنع القرار لتنزيل أفكارهم على أرضية الواقع، وأنت أحدهم إذ أنّك عُيّنت مستشارا لرئيس الحكومة في فترة حكم الترويكا، ثمّ قدّمت استقالتك واعتزلت السياسة، فما الذي لم ينجح في تحقيق أهداف مشروعك الإصلاحي؟ وما سبب انتقادك للحركات الإسلامية عموما وحركة النهضة بالخصوص؟
– الجواب يسير وهو مضاعف. لمّا قبلت الترشح كان الالتزام المقطوع لسنة. لمّا تجاوزت المدة هذا التعهد شعرت بأني لو واصلت لكنت قد كذبت في التعهّد. لذلك استقلت. هذا أولا. أما ثانيا فلأن سنة لم تكن كافية للشروع في تنفيذ مشروعات بل كانت لدرس الوضعية وفهم الخلل الذي ينبغي علاجه وترتيب المسائل بحسب الأولويات الإصلاحية والإمكانات المتوفرة لتحقيقها. وذلك ما حاولت اعداده لما كنت أتوقع أن يكون برنامج الذي ينبغي أن يقدم للانتخابات بعد السنة الأولى التي تكون قد أنهت اعداد الدستور وقانون الانتخاب بمقتضى أحكامه. وهو ما لم يحصل.