تحتفي مجلة بصرياثا الثقافية الأدبية في عددها 248 بالكاتب العربي المغربي والشاعر والمترجم الاستاذ عبد السلام مصباح وهو قامة أدبية عربية عرفت بتميزها في المشهد الثقافي والأدبي العربي ، وما الإحتفاء بتجربة مصباح إلا جزء من واجبنا تجاه الزملاء الأدباء والكتاب العرب، من البحر الى البحر، وليكون القارئ العربي على إطلاع على المنجز الابداعي للمحتفى به.
المحرر
———————————
أوراق من السيرة:
– من مواليد 21/03/1947 ب»شفشاون»
– شاعر ومترجم عن الإسبانية
– عضو اتحاد كتاب المغرب
– عضو في لجنة العضوية والحكامة باتحاد كتاب المغرب
– الرئيس الشرفي لجمعية البلسم(أبـي الجعـد)
– أمين جمعيـة «الانطلاقـة»/ الدار البيضاء : (سابقا/توقفت)
– نائب رئيس»الرابطة المغربية للأدب المعاصر» /الجديدة :(سابقا/توقفت)
– نائب رئيس «نادي الأدب:أوراق» / الدار البيضاء:(سابقا/توقفت)
– عضو مؤسس لاتحاد المبدعين المغاربة / تيفلت
– مستشار في جمعية «شهود» / الدار البيضاء :(سابقا/توقفت)
– عضو في «تجمع الشعراء بلا حدود»
– عضو في حركة شعراء العالم بالشيلي
– أحد شعراء»معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين»
– عضو في دار ناجي نعمان للثقافة / لبنان
– عضو في بيت الأدب المغربي/ مكناس :(سابقا/توقف)
– عضو في جمعيات ثقافية فاعلة
– عضو منتدى خميس الشعر/ الدار البيضاء
– مدير مكتب «طنجة الأدبية»(سابقا)/الدار البيضاء
– عضو هيئة تحرير «طنجة الأدبية»(حاليا)/طنجة
– متعاون في جريدة «ماروك»(توقفت) /الدار البيضاء
– متعاون في جريدة «صحافة اليوم»/ طنجة
– تُوجد نصوصي ضمن مقرر الجذع المشترك الأدبي والأصيل.
– عضو في «الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب»:(سابقا/توقفت)
– دكتورة فخرية من «الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب»01/01/2008
الميلاد:
في اليوم الذي زغردت فيه الآفاق فرحا وزقزقت العصافير نشوة وفتحت الطبيعة حقائبها… رماني رحم والدتي- يرحمها الله تعالى برحمته- إلى هذا الوجود؛ بحي العُنْصَر يوم1947/03/21،في مدينة صغيرة تزخر بالخضرة والأزهار والينابيع المنسابة رقراقة في صفاء البلور وعذوبة الكوثر، مدينة تقع في شمال الوطن؛اسمها «شفشاون»،تبعد عن الدار البيضاء، ،بحوالي400كلم، حيث اشتغلتُ أستاذا قبل أن أُحال على التقاعد في 31/12/2007.
النشأة والدراسة:
دخلت في البداية «كُتَّاب» مسجد العنصر(كعادات أبناء جيلي في ذلك الزمان الرمادي)، حيث كان سي العياشي البقالي أول فقيه أتلقى على يديه مبادئ القراءة والكتابة.
وحين توفت والدتي أخذني والدي إلى قرية أَغْرَنْقاضي فقضيت بمسجديها أخصب سنوات الطفولة أحفظ القرآن، وأتلقى بعض قواعد اللغة (ألفية ابن مالك)، ومبادئ الحساب…قبل أن أعود إلى شفشاون وألتحق بمدرسة «مولاي علي بن راشد»(مؤسس المدينة) عام 1959؛حيث تنقلت،في سنة واحدة، بين ثلاث مستويات لكبر سني ولمستواي التعليمي مقارنة مع أترابي. وحين حصلت على الشهادة الابتدائية انتسبت إلى ثانوية «المشيشي»(نسبة إلى مولاي عبد السلام بن مشيش القطب الصوفي ومعلم الشاذلي. قتل حوالي622ه/1225م)؛حيث درست السلك الأول. وفي سنة1964حصلت على الشهادة الثانوية فانتقلت إلى»تطوان» لمتابة الدراسة بالسلك الثاني/الشعبة الأدبية بثانوية «القاضي عياض» (شفشاون لم تكن تتوفر على هذا السلك آنذاك)
الوظائف:
ولما تعثرت في الحصول على شهادة البكالوريا خلال دورتين؛ توقفت عن الدراسة. بقيت سنتين أنتقل بين حرف ومهن يدوية بسيطة؛ تركت آثارها منقوشة على أجزاء من جسدي شاهدة. وفي سنة1971شاركت في مباراة الدخول إلى مدارس المعلمين الإقليمية، فالتحقت بمدينة «سطات» التي قضيت بها سنة بيدغوجية تدريبية؛ تخرجت منها حاملا للشهادة الأهلية التربوية1972.عينت معلما بالدار البيضاء، بمدرسة «الحي المحمدي/بنين»(حاليا الإمام البخاري).قضيت بها ست سنوات، ثم أجبرت على الانتقال إلى مدرسة «القُرِّي» بحي سيدي مومن؛ كنوع من العقاب لتمردي على سلوكيات المدير الجديد، وبعد سنتين أشارك في الحركة الانتقالية فأعود إلى «الحي المحمدي»؛ وهذه المرة إلى مدرسة «ابن بسام المختلطة» بدرب «مولاي الشريف».وفي سنة 1982 تحن نفسي إلى التغيير؛ فأشارك في مباراة الدخول إلى المراكز التربوية الجهوية، وكنت من المتفوقين. وهكذا أجدد علاقتي بالكرسي، بعيدا عن الطباشير وروتين التصحيح والمذكرة اليومية وصخب الأطفال وشغبهم الجميل وديكتاتورات الروبوهات .
وما أن حل شهر شتنبر من نفس السنة حتى لملمت نفسي وشددت الرحال إلى مدينة «آسفي» لألتحق ب»المركز التربوي الجهوي/شعبة اللغة العربية». حيث قضيت سنتين؛ توزعت بين الدراسة (تربية عامة -تربية خاصة -علم النفس التربوي-تربية إسلامية–قواعد اللغة لعربية…)والتداريب، حصلت في نهايتهما على دبلوم أستاذ السلك الأول؛ لأعود إلى الدار البيضاء؛ وهذه المرة أستاذاً بأعدادية «المستقبل لمادة اللغة العربية، شارع الحزام الكبير .
الاهتمـامات:
اشتركت في مطلع شبابي في تأسيس وتكوين جمعيات ثقافية، فأصدرنا سنة 1965،أثناء دراستي بثانوية «القاضي عياض «مجلة «البلابل»، كما أشرفت على تحرير وطبع مجلة «دليل الطالب الأستاذ « التي كان يصدرها المركز التربوي الجهوي بآسفي، وقد ساهمت بإنتاجي في عددين من أعدادها .
بدأ اهتمامي بالأدب في سنوات مبكرة؛ فقد كان للبعثات التعليمية العربية الوافدة إلينا من: مصر/لبنان/ فلسطين يد سحرية في تشكيل فكري الإبداعي، فمن خلالها تعرفنا على الأدب المهجري والأدب الحديث: مدرسة أبولو، مدرسة الديوان وعلى عمالقة المعلقات والأدب العباسي، فأثر ذلك في تكويني، فكانت البداية، بداية الإبحار مع تيارات الشعر واتجاهاته، بداية تفتح الوعي المعمد في أنهار الحلم والعشق والشغب الأنقى والأروع، وكانت محاولات تفتقر إلى كثير من المقومات الشعرية، نشرت بعضها وأطعمت أكثرها النار .
وفي «تطوان» كانت المرحلة الثانية للإبحار خارج النص؛ وهذه المرة من خلال أساتذة إسبان. وهكذا دخل قاموسي أسماء جديدة: روبين داريو/ خيمينيث/ سيرفانطيس/أنطونيو ماتشادو/غارسيا لوركا/ميغيل هيرنانديث / رفائيل ألبيرتي/ بابلو نيرودا…علمني هؤلاء كيف أقتحم الآفاق، وكيف أفض بكارة الكلمات دون أن تنزف قطرة، فتخلصت من الشكل القديم وتبلوت رؤاي بنسب، وخلالها كتبتُ بعض النصوص الرومانسية بالإسبانية، نشرتها في مجلات فنية إسبانية، كانت تهتم بإبداعات الشباب، لكن، مع الأسف، ضاعت، حيث أكلتها القارضة خين انتقلت إلى آسفي، فقد تركتها في بيت أخي ، رحمة الله عليه، وعلى جميع المسلمين.
شرفة النشر في الصحف
:
نشرت الكثير من القصائد في مختلف الصحف المغربية: المحرر الثقافي، الاتحاد الاشتراكي، العلم، البيان، بيان اليوم، بيان اليوم الثقافي، الميثاق، الميثاق الثقافي، التجمع، التجمع الثقافي، المنعطف الثقافي، أنوال الثقافي، الأنوار، المنظمة، الأيام، الصحراء، الزمن، المضيق Estrecho، أنفا،أخبار الثقافة، طنجة الأدبية، صدى تطوان، روافد ثقافية… والعربية: الشروق، الكواليس (الجزائر)، الثورة، الأسبوع الثقافي (ليبيا)، أخبار الأدب (مصر)، الثقافة الأسبوعية (سوريا)، ملحق الرياض (السعودية)، صوت المغرب (هولاندا)،الاتجاه الثقافي (العراق)،العرب، الشرق الأوسط، القدس العربي…
– الوعي العربي، الموقف العربي، إبداع، الشعـر، أدب ونقد/مصر
– المنهل، بيادر، المجلة العربية، عبقر، نوافذ، ودوق/ السعودية
– الأقلام، الطليعة الأدبية، فنون، بصرياثا (إليكترونية)/ العراق
– نزوي، قناص (إليكترونية)/سلطنة عمان
– الثقافية العربية، جريدة الثورة / ليبيا
– كرز/ البحرين الثقافية /البحرين
– المجلة، الملايين، أوراق/ لندن
– الحركة الشعرية / الشيلي
– الآداب الأجنبية/سوريا
– البيان/الكويت
– ألوان /الجزائر
– ألواح/إسبانيا
– الإخاء/إيران
– الآداب/لبنان
– الدوحة/قطر
شرفة الترجمة :
قمت بترجمة العديد من الروائع الشعرية والمسرحيات والقصص القصيرة ودراسات.لأدباء من:المغرب / اسبانيا /الأرجنتين/الشيلي/بوليفيا/نيكراغوا.
تُرجمت نماذج من شعري إلى الإسبانية، الفرنسية والإنجليزية والإيطالية والهولاندية والرومانية والصينية…
شرفة الجوائز:
فزت ببعض الجوائز؛ من جملتها:
– جائزة جريدة «العرب «اللندنية 1985 عن ترجمتي لمسرحيتين قصيرتين لغارسيا لوركا Garcia Lorca وغوستافو أدولفو بيكير Gustavo Adolfo Becquer.
– ملحق جريدة الرياض الثقافي (السعودية
– جائزة التكريم «دار نعمان للثقافة»2005.،
– جائزة الشعر مجلة «هايhi2006
– جائزة «منتدى عاطف الجندي الأدبي»، اكتوبر 2013
شرفة المشاركات :
شاركت في الكثير من المهرجانات والأمسيات الشعرية عبر فضاءات المغرب، وقدمت لي إذاعات:طنجة وأكادير وفاس والدار البيضاء…بعض قصائدي، وفي البحرين وليبيا الثورة.
يتوزع إبداعي على حقلين متجانسين :الكتابة الشعرية والترجمة .
شرفة الإصدارت:
1- ديوان: «حاءات متمردة» الصادر عن القرويين في أبريل 1999.
2- مختارات من ديوان : أشعار الربان Los Versos Del Capitan للشاعر الشيلي :بابلو نيروداPablo Neruda بمناسبة الذكر المئوية لميلاده سنة2004.
3- ديوان: مخطوطة الأحلام El Manuscrito de los Sueños للشاعر الشيلي:سيرخيو ماثياسSergio Macias، وهي سيرة شعرية للشاعر الملك: المعتمد بن عباد وحبيبته: اعتماد الرومايكية، صدرت في طبعتين: الأولى في يونيو2008 عن دار القرويين بالدار البيضاء/ المغرب، والثانية في شهر أكتوبر2008 بقاديس/ إسبانيا
4- ديوان: «نتويعات على باب الحاء»، صدر عن دار القرويين، أبريل2011
5- ديوان: بستاني الريح El Jardinero del Viento للشاعر الشيلي سيرخيو ماثيياس نشرته مجلة «نزوى» في العدد66/2011
6- أضواء مورقة : قراءات في «حاءات متمردة» صدر عن دار القرويين، أبريل2012
7- مختارات من الشعر الشيلي (مشترك) صدر عن دار القرويين 2014
8- في مديح اللؤلؤة الزرقاء: نصوص حول شفشاون، مترجمة عن الإسبانية(مشترك مع محمد أخريف) صدر عن دار القرويين أبريل 2015
9 – ديوان «تطوان في أحلام أنديزي» Tetuan en los sueños de un Andino للشاعر الشيلي سيرخيو ماثيياس
صدر عن دار القرويين أبريل 2022
شرفة التكريم :
1- جمعية الرابطة بالحي المحمدي / الدار البيضاء
2- بيت الأدب بخريبكة : الخميس 17/09/2009
3- جمعية البلسم بأبي الجعد: الثلاثاء 05/04/2011
4- مندوبية الثقافة بمدينة العيون / الصحراء المغربية: 08/12/2013
5- وزارة الثقافة والمجتمع المدني بطرابلس / ليبيا : الأربعاء 18/12/2013
6- مجلة ديهيا الثقافية وجمعة إبداع أبركان: الجمعة 28/02/2014
7- الجمعية المغربية «تيمغارين» للتنمية والتعاون بمدينة الدار البيضاء: السبت 19/12/2015
8- تكريم كشخصية السنة في مجال الشعر والترجمة من طرف جريدة «الشاون 24» بشفشاون : الأحد 03/03/2019
9 – ثانوية «حسان بن ثابت» التأهيلية ، دار بوعزة :الثلاثاء 16/05/2023
شرفة الميزان :
– دراسات في ديوان «حاءات متمردة»
– عبد الرحمان الخرشي/مراكش: من مظاهر الإبداع والتمرد في «حاءات متمردة» للشاعر المغربي عبد السلام مصباح
– الحسن العابدي/ أزرو: عودة إلى فينومينولوجيا الباطن:من ثورة الحب إلى إنقلابية الجمال/ قراءة في « حاءات متمردة»
– المصطفى فرحات/ابزو: المرأة في «حاءات متمردة»
– د. المصطفى الطوبي/الجديدة: قراءة في «حاءات متمردة»
– إبراهيم قهوايجي / سبع عيون: جمالية الإيقاع الشعري في «حاءات متمردة»
– الطيب هلو/وجدة: الرؤيا وجمالية الإيقاع في «حاءات متمردة»
– محمد علوط/الدار البيضاء: فيض الشعرية الغنائية في»حاءات متمردة»
– أحمد الدمناتي/العرائش: قصائد متمردة دون ربطة عنق: قراءة نقدية في «حاءات متمردة» للشاعر عبد السلام مصباح
– عبد الحق بن رحمون/شفشاون: لوعة مدائن الحلم في «حاءات متمردة»
– مصطفى ملح/برشيد: قراءة دلالية في «حاءات متمردة»
– فاريا الصحراوي/أبي الجد: الأعمدة الثلاثة في ديوان «حاءات متمردة»
– إدريس قزدار/الدار البيضاء: شاعر يبحث عن جزئه الآخر : قراءة في «حاءات متمردة»
– المفضل الحضري/الدار البضاء: التحليق في مدارات البوح والمكاشفة
– عبد الواحد معروفي/مراكش: حروف الشاعرة المتمردة
– إسماعيل زويريق/ مراكش « ومضات متمردة في «حاءات» عبد السلام مصباح
– قراءة في قصيدة «مرسوم»
– دراسات في ديوان «تنويعات على باب الحاء»
– محمد يوب /الدار البيضاء: شعرية الجسد بين المرأة والقصيدة في ديوان «تنويعات على باب الحاء»
– مسلك ميمون / أكادير: أسلوب التكرار في «تنويعات على باب الحاء»
– حميد ركاطة / خنيفرة: في بستان الله وممالك الشعر
– حميد ركاطة / خنيفرة: دلالة المكان في قصائد الشاعر المغربي عبد السلام مصباح
– د. محمد دخيسي أبو أسامة / وجدة: صورة المرأة وإبدالاتها في شعر عبد السلام مصباح (تنويعات على باب الحاء) نموذجا
– المصطفى فرحات / ابزو : ثلاثية الحلم والعشق والحرف : قراءة في ديوان «تنويعات على باب الحاء» للشاعر المغربي عبد السلام مصباح
– أحمد مكاوي : قراءة في قصيدة «زيارات»
– عبد الرحمن الجميعان / الكويت: قراءة في قصيدة «بطاقات إلى العراق»
– نور الدين بلكودري/الدار البيضاء: الرؤية الشعرية والأبعاد الدلالية في قصيدة «اعتراف»
– محمد فتح الله مصباح/مراكش: شعرية الحرف والقناع في ديوان «تنويعات على باب الحاء»
– عبد اللطيف السخيري/مراكش : «تنويعات وفخاخ»
– دراسات في ديوان «مخطوطات الأحلام»
– د. محمد عبد الرضا شياع/ العراق: سيرة المعتمد بن عباد في «مخطوطة الأحلام» للشاعر الشيلي سيرخيو ماثيياس
– د. عيسى الداودي/الناظور: سحر الشرق في «مخطوطة الأحلام» للشاعر سيرخيو ماثيياس
– أشرف دسوقي علي/مصر: المعتمد بن عباد في عيون المبدع الشيلي سيرخيو ماثيياس
– رضوان السائحي/الدار البيضاء: مخطوطة الأحلام : سيرة شاعر
– دراسات في ديوان «تطوان في أحلام أنديزي»
– الحسن العابدي/أزرو: «تطوان في أحلام أنديزي»: شطرنجاً للذاكرة
– أسامى الزكاري/ الدار البيضاء: تطوان أفقاً شعرياً إسبانياً
شرفة الشهادات :
1- الشاعر عبد الكريم الطبال / شفشاون
2- الشاعر أحمد بنميمون / شفشاون
3- الشاعر والصحفي عبد الحق بن رحمون / شفشاون
4- الشاعر محمد بن يعقوب / شفشاون
5- الشاعر والباحث عثماني الميلود / الدار البيضاء
6- الشاعر والمترجم رضوان السائحي / الدار البيضاء
7- الشاعر إسماعيل زويريق(شعر) / مراكش
8- الشاعر فاطمة بن محمود / تونس
9- الشاعرة أم سناء / سلا
10- الشاعر والباحث المصطفى فرحات / ابزو
11- المبدع محمد فري(شعر) / القنيطرة
12- الجمعوي عزيز إدريس / أبي الجعد
13- نجاة زوادي / خربكة
14- القاص والباحث حميد ركاطة / خنيفرة
15- القاص عبد القادر الطاهري / وجدة
16- الشاعر والباحث إبراهيم قهوايجي (شعر) / سبع عيون
17- محمد قنديل / فاس
الأعمال المترجمة المخطوطة
1-غارسيا لوركاGarcia Lorca (شاعرإسباني)
– ديوان التماريت
– قصيدة الغناء العميق
– بكائية من أجل إغناثيو سانتيث
-أغنيات
– حكايات غجرية
– الجمهور(مسرحية)
– ست مسرحيات قصيرة.
2- سيرخيو ماثياس Sergio Maciasٍ (شاعرشيلي)
– يوميات أمريكي لاتيني حول بغداد وأمكنة أخرى ساحرة
– تطوان في أحلام أنديزي
– سحر ابن زيدون
– ليل لا أحد
– سحر ابن زيدون
– قصائد غير منشورة في ديوان بعد
3- بابلو نيرودا Pablo Neruda (شاعر شيلي)
– 20 قصيدة حب وأغنية يائسة
– مائة قصيدة حب
– أشعار الربان
4- ميغيل أوسكار ميناصMiguel Oscar Menassa (شاعر أرجنتيني)
– الحب موجود والحرية موجودة
– أنواع الحب الضائع
5- محمد شقورMohamed Chakor (شاعر مغربي)
– الديوان الصوفي
– خفقات الجنوب
6- موماطاMomata (شاعر مغربي)
مختارات
7- رفائيـل البيرتـيRafael Alberti (شاعر إسباني)
– بحارعلى اليابسة
8- أنطونيو هيرنانديث بيريث Antonio Hernandez Perrez (شاعر إسباني)
15- فيوليطا بارا Violeta Parra (شاعرة ومغنية شيليى)
– مختارات
16- مسرحيات قصيرة
17- قصائد لشعراء من إسبانيـا
18- مختارات من الشعر المتمرد بأمريكا اللاتينية
19- قصائد حب لشعراء من أمريكا اللاتينية
20 – ثلاثة دواوين خاصة بالهايكو لشعراء من إسبانيا وأمريكا الجنوبية
—-
قراءة في قصيدة بطاقات حب إلى العراق للشاعـر المغربي عبد السلام مصباح
عبـد الرحمـن الجميعـان- الكويت
هذه قصيدة مكونة من مقاطع، فيها توجع وتفجع وألم
نبدأ بالمقطع الأول الذي يبدأ بمناداة بلاده
(عراق) ونلاحظ أن الشاعر حذف حرف النداء (يا)،ليدلك على التصاقه وقربه من بلده الحبيب، ثم لا بد من سكتة تأمل بعد النداء، ليأخذ القارئ أنفاسه، أي عراق؟ أي ألم؟ ويبدأ من جديد، يبدأ بالسلام على دياره، وأيضا جاء بنكرة ليدلك على السلام على كل سلام، فهو سلام فيها وعليها ومنها وإليها.
(سَلاَماً…)وسلاما نصب لأن في معنى أعطيك، أو أهديك أو أحييك…وهذا السلام لك في الخالدين وفي الحياة الدنيا…ثم يبدأ في بث سلامه القادم من عدة مواقع،
سَلاماً…سَلاماً…سَلاماً…
سَلاَماً مِنَ الشِّعـرِ وَالشُّعَرَاءِ
والشعر، هو صدق الكلمة وصفاؤها، وعمقها وحركتها وحيويتها، والشعراء أكثر الناس تعبيرا عن هموم الأمة و وجدانها، وقلمها النابض و وسيلتها للتعبير عن ما يخالج نفسها، والشعراء لهم سطوة النغم والكلمة على كل البشر، حتى الرسول (صلى الله عليه وسلم) كان يستمع إلى الشعر ويطرب له، ويتفاعل في أكثر من موضع وموقع، كما في خبر الأغاني وغيره مع النابغة الجعدي عندما قال: أنشدت النبي صلى الله عليه وسلم هذا الشعر فأعجب به: بلغنا السماء مجدنا وجدودنـا وإنا لنبغي فوق ذلك مظهرا
ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: «فأين المظهر يا أبا ليلى»، فقلت: الجنة، فقال: «قل إنشاء الله»، فقلت: إن شاء الله.
وما قصة كعب بن زهير والبردة من هذا ببعيد!
فسلام الشعراء لهذه المدينة العريقة لهو سلام له طعم خاص ومذاق رائع. وهذاالسلام المفعم بالشعور والشاعرية لمن سيوجهه الشاعر؟
لكل هؤلاء يوجه هذا الشاعر تحيته والسلام والهدوء والراحة، لحلم: والحلم هنا التخييل لا حلم النوم، ولكنه التمني والرجاء أن تكون هذه المدينة يشقها الضياء والعدل والسلام والحق. وهذا الحلم صوره الشاعر في صورة حي، يشق: والشق هنا المسير والمضي، ولكنه هنا تعبير عن الاندفاع صوب المدينة، يريدها، ويريد ساكنيها، ويريد أن يتربع على عرشها. وهي صورة رائعة، صورة الحلم الماضي بكل حزم واندفاع، نحو مقلة البلد، والاستعارة هنا رائعة، فالعين أغلى ما يلك المرء، وهي أيضا موائمة جيدة بين العين والحلم، فهي رؤية عينية وحلم محقق. ولك أن تتصور هذه الصورة في عقلك، الحلم يشق خطاه نحو هذه المقلة. وكلمة يشق جاءت في الشعر الجاهلي من كلمة طرفة:
(يشق حباب الماء حيزومها بها
كما قسم الترب المفايل باليد).
وأيضا
(لِسِـرْبِ طُيُـورِ
يَحُـطُّ الرِّحَـالَ عَلَـى رَاحَتَيْـك)…
والسرب الجماعة من الطير، وهي صورة رمزية لجو السماء التي تعمرها الطيور، والسلام مرسل لها من هؤلاء، وهذا شيء كبير أن يطلب السلام للطير، وهي دعوة لأن يعم السلام أرضها وجدرانها وجوها، صورة رائعة في كلمات قليلات، وبعد تصوير المقلتين، يأتي ليصور الجسد، وحط الرحال معناه الراحة من السفر، والنهاية من المسير والتعب والترحال، فالطير وجد ملاذه وأمنه هنا في جو البلاد، وهو يحط رحاله على يديك ليستريح ولتنتصر فيه كيفما شئت به.
والعراق شهرت بالنخل الطيب، فلم ينس الشاعر أن يخصه بالسلام، ويأتي به نكرة، ليعم السلام كل نخل العراق، والنخل هنا رمز القوت و الطعام.
(لِنَخْـلٍ
يُغَـازِلُ فَجْـراً عَلَـى ضِفَّتَيْـك)…
وجاء هنا كما قال الشاعر
وقفنـا معـا واللـوم يصفـق رعـده
ومنـا سحـــاب الدمـع يسجـم وبلــه
تــرق علــى ديبـاجتيـــه دموعـــه
كمـا غـازل الـورد المضـرج طلـه
وهي صورة ذات ألوان متداخلة، فلون النخل الشاخص برأسه، ولون الفجر، ولون النهر على الضفتين، وهذا وقت جميل، ووقت الرزق والانتشار، كيف انتزع الشاعر هذه الصورة الملونة فجعل القارئ يحس بها ويراها أمامه رأي العين.؟ والذي يغازل ذو نزق وحركة لا تنتهي، واختفاء وإظهار…وهو أيضاً:
(لِطِفْـلٍ يُخَاتِـلُ دَبَّابَـةً
لِشَيْـخٍ يَهُـزُّ جُـذُوعَ النَّخِيـلِ
فَتُرْسِـلُ أَوْرَاقَهَـا طَلْقَـةً
وَزُغْرُدَتَيْـنِ.
والختل: تخادع عن غفلة، وهو المخادعة، ولكنه هنا استراق النظر، لخدعة القادم على الدبابة، وهنا روعة كلمة الطفل الذي يخاتل الدبابة، فهو رجل، من طول ألفة هذه المناظر، ثم ما ذنب هذا الطفل؟ كان الأولى أن يرى لعبة يلهو بها، ودمية، و زمالة طفولية يتلهى بها ويتسلى، ولكن أن يرى دبابة، ويخاتلها فهذا من الألم الذي تعيشه هذه الأمة في العراق وفي غيرها
أما الشيخ الضعيف الذي يكاد يمشي، فيهز جذوع النخيل، وهو أحرى بأن يجلس بين أحفاده و أبنائه، ولكنه الواقع الأليم الذي جعل هؤلاء في بوتقة واحدة، والطلقة والزغردتين دليل الجهاد والشهادة.
وفي المقطع الثاني استكمالاَ للأول: فيبدأ هكذا…
(عِـرَاقُ…
سَـلاَم الْفُصُـولِ الْخَصِيبَـهْ)…
وهنا وضع الفتحة على سلام، فهي منادى مبني كأنه يقول:
(يا عراق يا سلام الفصول…)،
ثم يصفها بأنها (وَسَيِّـدَةُ الْمَطَـرِ) والمطر رمز السياب في أنشودته، ورمز الهطل والنعم والمرح والفرح، فهي سلام للفصول المخصبة، والعراق كان يسمى الهلال الخصيب، و(خصيب) تدل على كثرة الخصب وديمومته. ثم هذا السلام
(لِبَغْـدَادَ وَالْكُوفَـةِ
لِكَرْكُـوكَ وَالْبَصْـرَةِ
وَلِلْفَلُّوجَـةِ
وَلِلنَّجَـفِ الأَشْـرَفِ)
كلها مدن لها طعم خاص في هذه الأيام، فبغداد كانت حاضرة الدولة الإسلامية العباسية، وهي مدينة السلام كما كانت تسمى، ومنشأ الكثير من العلماء كما البصرة موطن الخليل، ثم الكوفة صاحية الإمام علي، وصاحبة أولئك الذين خدعوا الحسين وأسلموه للموت، والفلوجة رمز المقاومة والجهاد، والتي استعصت على الاستعمار الحديث، والنجف حيث يرقد الامام .إنها اختصار لتاريخ قديم يتجدد من الدماء والخديعة والحرب والسيف…فهذه المدن تحت
(ثَرَاهَـا يَنَـامُ الشَّهِيـدُ )….
و الشهيد مفرد يراد به الجمع، وما أكثرهم هنا! ثم هي ميلاد كل حر
(وَمِـنْ صُلْبِهَـا
يَتَدَفَّـقُ نُـورٌ وَظِـلٌّ
وَيُولَـدُ أَلْـفُ شَهِيـدٍ
فَتُفْـرِدُ عَشْتَـارُ
لِلْعَاشِقِيـنَ قُـزَح .)…
وعشتار اسطورة للسومريين الذين كانوا يسكنون هنا، وهي رمز لآلهة الخصب والنماء، أو ربة الأنوثة والحب والخصب. و القزح طرائق الألوان التي تظهر في السماء. واللوحة مليئة بالألوان، النور والظل، وقزح، وعشتار الرمز….
المقطع الثالث يبث الشاعر شكواه بكلمات من نار، تخرج من صدر ملأه القهر والضيم والظلم..
(عِـرَاقُ …
أَتَيْنَـا لِنَنْشُـدَ أَشْعَارَنَـا)..
فهم جاءوا، لينشروا الشعر ويقرضوه، ولكن…كف يمكنهم أن يصوغوا الشعر،
(وفِـي الْحَلْـقِ جَمْـرٌ)…
والجمر فيه لون الاحمرار وشدة النار، و كيف يستطيع أن يتكلم من كان في حلقه هذا الجمر، ولا شك أنها ترمز إلى الغصة والألم. ثم يذكر ما يتلو هذا الحلق من جمر، فقلبه فيه جرح عميق جدا،
(وَفِـي الْقَلْـبُ جُـرْحٌ)
لجرح غائر دفين….،وأيضا فيحروفهم
(نَـارٌ وَثَـوْرَهْ)…نار تتأجج لتتحول إلى ثورة عارمة تحطم المستعمر .ويسائل الشاعر بلاده كالمستأذن لها،
(فَهَلْ تَقْبَلِينَ الْغِنَاء).. والغناء دليل البهجة واللهو والطرب…فهذا الغناء سيجعل عشب البراري الجميلة تتمايل راقصة!
(لِيَرْقُـصَ عُشْـبُ الْبَـرَارِي
وَيَكْتُـبَ أَسْمَـاءَكِ الرَّائِعَـهِ)
…ويكمل الشاعر في الرابع:
(عِـرَاقُ ..
أَتَيْنَـا لِنَرْفَـعَ أَصْوَاتَنَـا)..
ليرفعوا اصواتهم بالنداء، والتحرير..و رفع الصوت للنداء، والهتاف
(وَنَهْتِفَ لِلْكِبْرِيَاءِ)ولكنه هتاف من نوع آخر، هتاف الكبرياء ومناداتها للقدوم، لتميط الذل والإستكانة.
(وَلِلْهِمَـمِ الشَّامِخَـهْ
وَلِلْوَاقِفِيـنَ اِنْتِظَـاراً
عَلَـى صَهْـوَةِ الْعَاصِفَـهْ
وَلِلْحَامِلِيـنَ صَلِيـبَ الْوَطَـن)..
فالواقفون على صهوة العاصفة، ينتظرون متى يقدمون، والتعبير جيد في هذا الموضع ليدل على العنف والثورة والجهاد, ولا أدري لم أدخل الصليب في هذا الموضع، هل هو التأثر بالمدرسة الشعرية الحديثة؟ ربما! أو يعني صلب الوطن!
وفي الخامس: أمل يحدو الشاعر
(عِـرَاقُ …
سَلاَمـاً … سَلاَمـاً
فَنَهْـرُكِ لَـنْ يَنْضُـبَ
وَشَعْبُـكِ لَـنْ يَهْـربَ
وَكُـلَّ تَمَاثِيـلِ قِـشٍّ
وُقُـودٌ لِنَـارِك
وَحَبْـلُ غَسِيـلٍ عَلَـى سَطْـحِ دَارِك
«**).
فالسلام في البدء والختام، فالنصر قادم، والأمل لايزال في القلوب، فالنهر الجاري العظيم لن ينضب ماؤه، والشعب لن يهرب من الواقع إلى واقع آخر مرير, فكل شيء فداء لهذا العراق.! وسأكتفي بهذه العجالة فالشعر جميل، والكلمات فيها حس نابض بالمعنى الراقي، ونتمنى أن يتحفنا الشاعر وغيره من شعراء الموقع بما تجود به قرائحهم، ومعذرة على الاسترسال، ونحن نتحاور في الشعر، فهذه قراءتي وهذا جهدي، وقد أكون أخطأت كثيرا في الفهم، أو جانبت الصواب في الإدراك، ولكنني لم آل جهدا في الكتابة حول الكلمة الطيبة التي تهزني فأطرب لها، وما قلت كلامي آنفا لطلب مديح، أو لاستشعار تحقير لآخر، بل أنا أكتب ما أحس به، و أرجو منأى قارئ أن نتعاون في الحوار حول الكلمة الطيبة في لغتنا العربية الراقية!
———
الإقامة في الشعر.. في محبة الشاعر المغربي عبدالسلام مصباح
نقوس المهدي/ اليوسفية – المغرب
بداية أود ان أنوه بقوة بهذه المبادرة الطيبة والنبيلة التي تنتهجها مجلة بصرياثا الثقافية والأدبية في تكريم رموز الحركة الإبداعية العربية، والاحتفاء بتجاربهم في الكتابة، تشريفا لهم، واعترافا بجهودهم، وهو تقليد حميد وحسن يروم في ما يروم إليه تقدير قيمة الفرد من دون تقديس، وإنصافه من دون تقريظ، وتعداد مناقبه من دون مبالغة، وجرد خلاله من دون تفريط
وهناك وسيلتان لاجتراح الشهادة في الشخص، إما عن طريق التعارف المباشر، والمعرفة المسبقة، أو التعرف عليه من خلال كتاباته ومآثره، وهذه لعمري أهم وأصدق وسيلة لمعرفة الشخص.. واستجلاء خفايا النفس البشرية، وسبر أسرارها وكشوفاتها، ذلك أن الأسلوب هو الكاتب، والترجمان الحقيقي لما يضمر وما يخفي من فيوضات الخاطر
السي عبدالسلام مصباح هذا الغجري الجبلي الريفي الشمالي
أزعم أن معرفتي المبكرة بشخصه تأتت من خلال متابعتي لما كان ينشر من ترجمات في الملحق الثقافي لجريدة أنوال، مع ترجمات أخرى في منابر ورقية للسفير د. محمد محمد الخطابي، وابراهيم الخطيب، ومحمد العشيري، وخالد الريسوني، وصالح علماني، ترجمات كانت كفيلة بتقريبي من الأدب الإسباني
فيما يعود تعرفي على شخصيته إلى لقاءين يانعين، سنحت بهما المصادفة الجميلة
الأول في حفل تكريم أقيم على شرف الشاعر المغربي محمد علي الرباوي بالدار البيضاء، تلا خلاله أشعارا لفيديريكو غارسيا لوركا، بلغته الأم، ترجمها الى العربية بطريقة كأحسن ما يكون الإلقاء، وإن كان (الشعر عصيا على الترجمة* بحد رأي عمرو بن بحر الجاحظ، وذلك للمكانة التي يحتلها هذا الشاعر الأندلسي الشهيد في وجدانه، وما يختزن له من عشق ومحبة، ويتماهى معه بشكل رهيب وصفه صديقه عبدالكريم الطبال «منذ القصيدة الأولى عقد بينه وبين لوركا وثيقة صداقة عميقة وعلى أساسها كتب شعر لوركا على جدار قلبه حتى لا ينسى أي بند من بنود الوثيقة»
ومرة بلقاء في اليوسفية حيث أقطن، أهداني خلاله عملين له
لقاءان كانا كفيلين بأن أغنم انطباعات جميلة عن الرجل، أهمها طيبته الممتدة في الصدق، وتواضعه المفرط في الرقة. وانسيابيته الطاعنة في التلقائية والوداعة
وقد لا تستقيم الشهادة في حق الأستاذ عبدالسلام مصباح ومكانته الريادية في الساحة الأدبية المغربية ومدى إسهامه وجهوده في إثراء المشهد الشعري المغربي الحديث، بأشعار حداثية مختلفة وزاهية، تروم الانفلات عن مدار التبعية للقصيدة المشرقية، وكتابة قصيدة مغربية الهوية والجنان، وإعلان الردة على مقولة الصاحب بن عباد «هذه بضاعتنا ردت إلينا»، التي قالها بعيد إطلاعه على كتاب العقد الفريد لمحمد ابن عبد ربه، وعن النظرة النمطية الدونية التي خندق فيها أهل المشارق أدباء المغارب زمنا ليس باليسير، دون العطف على تجربته العميقة في الترجمة التي كرس لها النصف الثاني من اهتمامه، علما بأن التجربة لا تكتسب إلا بعد جهد داغل في المراس والصقل والتجريب الطويل الأمد، مما ساعد على تأصيل مكانته كمثقف جاد، وترسخ إسمه كمترجم ينشط في تعريف القارئ العربي بجواهر الأدب الإسباني والموريسكي في شبه الجزيرة الإيبيرية، وبأمريكا اللاتينية، وتقريب الأدب العربي للناطقين بلغة سيرفانتيس، منتقلا «من ساحة شعرية إلى ساحة شعرية أخرى لا يقيم في مكان ولا ينحاز إلى جوقة تحسبه مقيما وهو ليس بمقيم.» كما بقول عنه أيضا عبدالكريم الطبال رفيقه في درب الحرف. وصنوه في عشق الشعر، وشبيهه في الوفاء للصداقات
الأستاذ عبدالسلام مصباح، الشاعر المرهف الإحساس، والإنسان، كائن متصالح مع ذاته، مسكون بسحر الجمال، مأخوذ ببهائه، بسيط حد الرقة، هادئ إلى أقصى حدود التواضع، شفيف كالنسيم، ومبدع يأتزر بألق الشعر، ويتيمم بفتون اللغة، ويسبح بحمد حاءات الحسن والحرية والحب والحقيقة والحنان والحياة
لن نتطرق الى الجحود الذي أضحى يلازم الأديب في هذا الزمان، إذ أصبح كالداخل إلى أرض قفر، وسط كائنات غريبة أنانية شرسة لا تؤمن سوى بالولاءات والولائم وبخفة اليد في مغرب الخبز الحافي، حيث أمست التكريمات طعما سائغا، وشركا له عند بعض الضمائر غير الشريفة مآرب أخرى، وهي معضلة بنيوية باثولوجية متجذرة في بيئنا الفكرية المبنية على الزلل وخطأ في تقدير قيمة الفرد، وإعلاء قيم المواطنة
ويحضرني هنا بيت الشاعر العباسي دعبل الخزاعي الذي يكاد يصدق على تكريمات آخر الزمان، التي لا تتفكر المرء إلا بعد رحيله، وحيث الميت أسبق من الحي
إني رأيتك بعد الموت تندبني
وفي حياتي ما زودتني زادي
وحسبنا ما أسبغه عليه محبوه من نعوت وميزات حميدة، وما أغدقوا عليه من خصال بديعة، وما دبجوا فيه من ثناء، وما وسموه به من صفات وشمائل تعبق بالمحبة
قال فيه الأستاذ عبدالرحمان الخرشي في مجمل شهادته في حفل تكريمه بالناضور، عنونها بـــ (في تكريم الطفل البهي المشاكس بلطف)
«أما صفات الرجل بدقة فهي لا تعد ولا تحد؛ فقد تجمعت في شخصيته صفات كبار السن، وبعض صفات الأطفال الصغار؛ بدءاً من العفوية، والتلقائية، فطهارة النفس، وبياض القلب، وصفاء السريرة، وبهاء الاسم، ونقاء الطوية، والتعامل بلطف وبساطة نادرة. وهو فوق ذا وذالك الرجل الذي لا يلج قلبه الحقد، ولا يحمل الضغينة أو الخبث لأحد»
بينما يقول فيه الشاعر والأديب المغربي السي عبدالعزيز أمزيان وهو يتذكر كل تفاصيل لحظات لقائهما الأول
«بدوت شاعرا مختلفا، كان لوجهك ملامح طفولية، رحيل نحو ذاكرة غائرة تعود بالمرء الى مرحلة السبعينيات حيث كان العالم ما يزال يحتفظ بقسمات وجهه كما هي لم يكن تزين- بعد- بالمكياج أو وضع الكحل في عينيه كما هو الحال الان . هكذا رأيتك صافيا من كل الشوائب كنت أتأمل حديثك بنوع من الدهشة لأنه أعادني الى الماضي البعيد حيث كانت الفراشات تفتح لنا أزرار الشمس بوداعتها وخفة رفرفتها القريبة منا حتى ليتخيل لنا أنها انبعثت توا من أرواحنا .رأيتك تحلق في الضوء، تكبر في الأرواح كدوح. ترسم مرايا الشعر بخطوط الورد وتنحت الحرف بعبق النسيم وسحر المجاز. كم تكون جميلا وأنت تنثر حرفك في حدقات الفضاء. تبدو كما لو جئت من رنين المساءات وردهات الغيم وسحنات الفجر، ترشفك القصائد بتؤدة وروية كما لوتود أن تعطيك لون البياض وعطر الاقحوان وسحر الغصون المائلة وجمال البرد الناعم وروعة الماء المتدفق. كم تتعدد في زهر الحرف! تورق أنفاسك في نهره العاري. ترسو حدائقك في مراسي الشمس، فيتناثر العبق في الأفق معانقا غفوة المساء وانشداه الأفواه في صحوة الولادة. وأنت بين وردتين وقبلة تنزلق من قنديل الشفق، تغمس جناحيك في زخات الفجر ملاكا يحلو له أن يتمدد بين هسيس الشفتين ونبع القبلة الصافية حيث تطلق هديلك بين رفرفات النور ومدارات الحبر في لوح نورستك الهاربة منك اليك. يحترق جسدك وتشتعل نار الشوق في فؤادك حين تتعرى نوستك تمسي بحرا يجري بأمواجه المتدافعة كي يغسل عينيه بجمال جسدك الفتي. تشتعل كل قصائدك بجمر العواطف وجذوة الهيام»
شكرا للشعر الذي يعلي قيمة الفرد، ويسمو بالإنسان،
أعني كيمياء الشعر الحرون، وإكسيره السحري الذي يحيل الوجود إلى جنائن سرمدية، ويصيب الإنسان في دهشة
عبدالسلام مصباح الغجري الفصيح، كليم الشعر، والمقيم أبدا في أوقيانوسات صرحه، يشاكسه بلين، يراود القصيدة فيكون حب، ويكون، حسن، وتكون حرية، وتكون حياة، ويكون حنان، ويكون حبور، وتكون حقيقة ويكون للعراق
-3-[
عِرَاقُ…
أَتَيْنَا لِنَنْشُدَ أَشْعَارَنَا
وَفِي الْحَلْقِ جَمْرٌ
وَفِي الْقَلْبُ جُرْحٌ
وَفِي الْحَرْفِ نَارٌ وَثَوْرَهْ
فَهَلْ تَقْبَلِينَ الْغِنَاء
لِيَرْقُصَ عُشْبُ الْبَرَارِي
وَيَكْتُبَ أَسْمَاءَكِ الرَّائِعَهِ.
-4
عِرَاقُ…
أَتَيْنَا لِنَرْفَعَ أَصْوَاتَنَا
وَنَهْتِفَ لِلْكِبْرِيَاءِ
وَلِلْهِمَمِ الشَّامِخَهْ
وَلِلْوَاقِفِينَ اِنْتِظَاراً
عَلَى صَهْوَةِ الْعَاصِفَهْ
وَلِلْحَامِلِينَ صَلِيبَ الْوَطَن.
-5
عِرَاقُ…
سَلاَماً… سَلاَماً
فَنَهْرُكِ لَنْ يَنْضُبَ
وَشَعْبُكِ لَنْ يَهْربَ
وَكُلَّ تَمَاثِيلِ قِشٍّ
وُقُودٌ لِنَارِك
وَحَبْلُ غَسِيلٍ
عَلَى سَطْحِ دَارِك]
————-
الشاعر عبد السلام مصباح شاعر المحبة الصافية والجمال الراجح
عبدالعزيز أمزيان – المغرب
الشاعر عبد السلام مصباح شاعر شفيف الروح، رقيق الفؤاد، لطيف الطبع. عبد السلام مصباح مثل البلور اللامع المشرق، ينير بوجدانه –كالمشكاة- ما حوله، ويضيء بقلبه –كالمصباح- ما يحيط به، صديق صادق صدوق، صفي طيب ودود، حين يحدثك عبد السلام مصباح، تشعر أنه يفضي إليك بمكنونات قلبه ويبينها، بوضوح غريزي تلقائي، ويكشف ما بدواخله من عواطف بجلاء فطري طبيعي، بدون التواء أو اعوجاج، ولا مداهنة أو مداراة.
تشدك إلى عبد السلام مصباح فلسفته في الحياة، ونظرته إلى الوجود، التي تنطوي على عمق غائر، وتنكتم على شمولية دامغة، لا يلقي بالا إلى الترهات، ولا إلى الأباطيل والسخافات وتوافه الأمور، يزن الأشياء بميزان الحكمة، والعقل، والبصيرة. ويرجحها بوجدان الرزانة والفطنة والنباهة.
الشاعر عبد السلام مصباح يحب الحياة إذا ما استطاع إليها سبيلا على حد قول الشاعر الخالد محمود درويش، لا يتوانى في الإقبال على محافل الحياة ومباهجها، ينغمس في أجوائها بغريزة طفولية، وينصهر في بوتقاتها بروح مرفرفة، لا يشغله عنها لا همزة ولا لمزة، شغوف بالجمال أينما وجد، وبالسحر أينما انجلى، ومبهور بالبساطة والطلاقة والبشاشة والسلاسة والعفوية..
الشاعر عبد السلام مصباح شاعر بدون أي ادعاء أو زعم، على الرغم من أنه يحوز تاريخا غامرا، ويمتلك تجارب خصبة، فهو لا يفاخر بها ، ولا يظهرها لغيره، ولا يتباهى بنفسه. انه شاعر القيم بلا منازع، يذود عنها، بكل ما أوتي من قوة وبأس.
شاعر محلق، ينزع إلى الطبيعة، فينهل من حياضها كل ما يروي عطشه إلى الحياة، ويلجأ إلى ربوعها، فيمتاح من عوالمها السحر والبهاء والجمال والروعة والحسن والملاحة، حتى يشعر بكنهه الصافي قد سما، ويحس بجوهره المعدني قد تبدى، وأضحى مثال الحق، ونموذج الخير، وطراز الجمال. أنذاك يفرد أجنحة شعره للأبدية، ويبسط ريش فنه للخلود…
انه شاعر مرفرف في ملكوت الأرض، تحظى المرأة عنده بمكانة خاصة، يرفعها إلى مرتبة عليا، ويسمو بها إلى منزلة مرموقة، إنها كاملة مبادرة حالمة مورقة مزهرة…خصها بشعر غزير، وصورها في حلل مبهجة، ونحت لها تماثيل الحلم المشرق والأمل البديع، والحياة المثلى..
———-
حول الترجمة من الإسبانية إلى العربية
حوار مع الشاعر والمترجم عبـد السـلام مصبـاح
أجراه الشاعر محمد محمد حجي
باعتباري مترجماً عن الإسبانية، ولي أعمال منشورة في هذه المجال، ,اثناء تقديم «بيت الشعر» منشوراته الجديدة اتصل بي الصديق الشاعر محمد محمد حجي وأخبرني أنه يهيئ ملفاً لجريدة «أخبار اليوم» حول الترجمة من الإسبانية إلى العربية، وقد أختارني والصديقين: محمد أحمد بنيس وخالد الريسوني، ليجري معنا حوارا حول الموضوع، فرحبتُ بالفكرة فاٍرسل بالبريد الاليكتروني هذه الأسئلة الأربعة، وحدد لي حتى عدد الكلمات بآن لا تتجاوز 700 كلمة، لهذا جاء الحوار قصيرا..وقد أردتُ أن أشارك أحبائي هنا…أيها الطيبون إليكم الحوار :
* كيف تنظرون اليوم إلى واقع الترجمة من اللغة الإسبانية إلى اللغة العربية داخل المشهد العربي عموما والمغربي على نحو خاص؟
– الترجمة عن اللغات الأخرى أمر ضروري للتواصل والتفاعل، وهي فضاء خلاق للتبادل الثقافي، والتلاقح الفكري، كما أنها وسيلة لغوية مساهمة في تطور الحركة الثقافية والفكرية للمجتمعات، وهي أداة فعّالة للتواصل بين البشر على اختلاف ألسنتهم وألوانهم، وجسر تواصل يربط الشعوب ببعضها، ويساهم في تطوير حضارتها، وأحد عوامل النهضة التي تربطنا بالآخر…والانشغال عليها هوس داخلي يتنامى مع الأيام بالممارسة.
وخريطة الترجمة في الوطن العربي تنقسم إلى ثلاثة: قسم ثقافته إنجليزية، ويرتكز في مصر والعراق، والثاني فرنسية، وينحصر في لبنان وشمال إفريقيا، والقسم الثالث إسبانية، وهذا محصور في شمال المغرب..
وانطلاقاً مما سبق، فإن واقع الترجمة من اللغة الإسبانية إلى اللغة العربية داخل المشهد العربي عموما والمغربي على نحو خاص… خجولة جدأً، جداً..مقارنة مع اللغتين: الإنجليزية والفرنسية، لأن من يقوم بها أفرادٌ، (حتى هؤلاء قليلون)، وليست مؤسسات، أو شركات، أو منظمات.. أي تقوم على جهود شخصية.. يُترجمون، وفي الغالب ينشرون على نفقتهم، فلا يجدون أية مساعدة من جهة ما، أو مؤسسة إلا النذر اليسير.
* هل حركة الترجمة من الإسبانية إلى العربية أخصب من اللغات الأخرى؛ أعني مقارنة بالإنجليزية والفرنسية على سبيل المثال؟
– إذا حاولنا أن نتعرف على حركة الترجمة من الإسبانية إلى العربية مقارنة مع الإنجليزية والفرنسية نجدها أقل حظا منهما. والمتأمل لها يجدها لغة لا تتوفر على إمكانيات مادية ومعنوية كما تتوفران في اللغتين الإنجليزية والفرنسية، ويعود السبب، في رأيي، إلى قلة الدارسين والمهتمين…حتى المراكز الثقافية دورها محدود في هذا المجال، بل إنها لا تحفز الطلبة على ذلك. ولذا فهي ضعيفة، ولا تساير سياق العصر..إنه واقع مؤلم جداً، يعاني من الفوضى في الترجمة، وعشوائية في النشر…والمتتبع لحركة الترجمة من الإسبانية إلى العربية العربية يلاحظ أنها تعاني من تعثرات، وليس وراءها أية مشاريع كما تتوفر عليها الإنجليزية، أبرزها مشروع دار بلومزبري بلندن، ومؤسسة قطر للنشر، وبالنسبة للإسبانية هناك «مركز محمد السادس لحوار الحضارات» بالشيلي، بإمكانيته المادية المحدودة. هذا المركز كان يشرف عليه الكاتب عبد القادر الشاوي حين كان سفيرا بالشيلي، وقد أصدر العديد من الأعمال المترجمة من الإسبانية إلى العربية، وبالعكس.
* ما الذي أضافته حركة ترجمة الأدب الهيسباني إلى الأدب المغربي؟
– يقول المترجم الإسباني فرانثيسكو موسكوسو غارسيا Francisco Moscoso Garcia إن «من يترجم الأدب كمن يحمل الماء بكفيه من إناء إلى إناء آخر. ولابد أن تسقط منه بعض القطرات»، وخصوصا إذا كانت ترجمة الشعر، لأن ترجمة الشعر من أصعب الترجمات.
وقد ركزت على الشعر نظراً للطبيعة الأندلسية التي أثرت الشعر بالأندلس، وحين خرج العرب كان الشعراء الإسبان، وخصوصاً، الشعراء الفرسان: «الطروبادورTrovadores قد تشبعوا بالثقافة العربية، بما في ذلك الشعر…وكان لهذا الاحتكاك تأثيره أيضاً على الشعر المغربي، وخصوصا شعراء المنطقة الشمالية، من حيث الصورة الشعرية والأوزان، وبساطة في الأسلوب، وعُمق في المعنى، وبُعد في الرُّؤى…كمثال على ذلك الأديب محمد الصباغ.
* يُلاحظ أن الترجمة من الإسبانية إلى العربية غالبا ما تقتصر على حقل الأدب، كيف تفسرون ندرة الترجمة في مجال الفكر والعلوم الإنسانية؟
هذا السؤال يُحيلنا على الذين يُترجمون، فأغلبهم تخرجوا من مدرسة الشعر: مصطفى عائشة، محمد الميموني، محمد غجو، محمد أحمد بنيس، وهؤلاء عشاق، فهم لا يترجمون إلا النصوص التي يجدون نفسهم فيها، أي التي أقرب إلى وجدانهم…وهناك مجموعة أخرى ليس لهم علاقة لا بالشعر ولا بغيره من الفنون الأدبية، مثل: خالد الريسوني، سعيد بنعبد الواحد، حسن بوتكة، إبراهيم الخطيبب… لهذا نجد ندرة في مجالي الفكر والعلوم الإنسانية، فأنا أتذكر حين دراستي بالإعدادي والثانوي أن الأساتذة الإسبان الذين كانوا يدرسوننا، كانوا على إلمام بالحركة الأدبية في بلادهم، ومنهم من كان يتقن اللغة العربية، إلى جانب تميزهم بالدهاء، وقد تشبعتُ كثيرا بدروسهم، خصوصا تحليلهم للقصائد، ونتيجة لذلك كان أول نص قمتُ بترجمته عن الإسبانية، كان بعنوان «وردة من نار La Rosa de fuego «، للشاعر «انطونيو ماتشادو Antonio Machado»..
وقد كانت النواة الأولى لظهور الترجمة :»من الإسبانية إلى العربية» هو صدور مجلة «المعتمد» سنة 1947 بالعرائش التي أسستها الشاعرة: «طرينا ميركادير»Trina Mercader. وقد كتبت في إحدى افتتاحيتها: «إن مغربنا يملك شبيبة شاعرية إسبانية ومغربية، ترى وتحس وتكتب شعرا إلى جانب الشعور العربي. وهذا الشعور يتحد بما هو إسباني وما هو شاعري، ليعطي شكلا جديدا: «ما هو مغربي – إسباني»..ومن الذين انظموا إليها، وساهموا في تحريرها، ونشروا بها نصوصا مترجمة ، نذكر منهم : محمد الصباغ، عبد القادر المقدم، إدريس البوعناني، إدريس الديوري، أحمد البقالي، عبد اللطيف الخطيب
————
حـول تجربـة النشـر لأول مـرة
مع الشاعـر عبـد السـلام مصبـاح
أجرى الحوار: عبد العالي بركات
تحتفظ تجربة النشر، لأول مرة، في هـذا المنبر أو ذاك؛ حتى لو تعلق الأمر بمجلة حائطية، بتأثيرها الساحر في نفوس مجترحيها، باعتبارها قفزة، حتى ولو كانت محتشمة ومتعثرة؛ مثل سائر البدايات، نحو الإعلان عن الوجود بصيغة أخرى.
ونظرا لأهمية هذه التجربة في وجدان صاحبها، وأيضا لرسوخها في وجدان الذاكرة التاريخية، ولما يحيط بها من وقائع تنطوي على قدر من الدهشة والفرح والحيرة والغموض والخوف والاعتزاز…و…و…قمنا بالاتصال بنخبة من الشعراء والقصاصين لتسجيل تفاصيل أبرز الوقائع التي صاحبت تجربة نشرهم لأول مرة، فلم يبخلوا بالاستجابة لدعوة «بيان اليوم»، وكم هو مثير أن تجد العديد منهم لا يزال يتذكر التفاصيل بدقة شديدة: تاريخ النشر، وانشغالات اللحظة، وردود الفعل التلقائية والباعثة على الطفولة، ومناخ اليوم…وغير ذلك مما يحيط ويصاحب هذه التجربة الجديدة، رغم مرور مياه كثيرة تحت جسورها.
عبد العالي بركات
\* ما هو المنبر الإعلامي الذي نشرتَ فيه لأول مرة؟
– يُعتبر النشر حلم كل من يجد في نفسه ميلاً للكتابة ليكتشف الينابيع الدفينة في أعماقه؛ وحين أنفض طبقات الغبار والنسيان عن مخطوطة الماضي؛ وأتصفحه بحثاً عن تلك اللحظة الحميمية والمتميزة والعميقة أجد أن أول منبر فتح شرفاته لأولى خربشاتي واحتضنها كانتْ صفحة «أصوات» بجريدة «العلم»، وحين أنبش في أوراقي التي غزتها القرضة وتخضبتْ باللون الأصفر أجد أول نص نشرته كان بعنوان «أنا لن أموت» بصفحة أصوات المخصصة للأقلام الحالمة بتاريخ 07/08/1962، وكان على بحر المتقارب: فَعُولُنْ، فَعُولُنْ،
أقول في أبياتها الأخيرة:
رَفِيقِي
أَنَا لَنْ أَمُوت
غدا حِينَ يَفْنَى شَبَابِي
وَيَبْلَى
تَجِدْنِي
عَلَى فَمِّ كُلِّ الصِّغَارِ
نشيدا يُغَنَّى
وَلَحْنَـا.
* ما هو الحافز الذي دفعك إلى النشر؟
– أما كيف حصل النشر، أو ما الدافع الذي حفزني على مغامرة النشر؛ فسببان: غير مباشر ومباشر.
السبب الغير مباشر، تعرف أن «شفشاون» مدينة ساحرة بجمالها وطبيعتها، وبإرثها الحضاري وطابعها التراثي… مدينة تؤثث فضاءاتها خضرة، ومياه تتدفق من جبالها فتنساب صافية رقراقة في شرايينها، وهواء نقي يمد سكانها بطاقات…هذه المدينة الهادئة والوديعة والمبدعة ألهمت أبناءها فأنجبت أسماء شعرية وازنة أثرتْ المشهد الشعري المغري تجريبًا وعطاءَ: عبد الكريم الطبال، محمد الميموني، محمد أبو عسل، عبد القادر المقدم..فكنا ، ونحن مراهقون، نلتمس تقليدهم من خلال رسائلنا الغرامية ونحلم بغد أكثر إشراقاً يفجر طاقاتها الكامنة تحت الرماد.
أما السبب المباشر، فبعد أن حصلت على الشهادة الثانوية؛ انتقلت إلى «تطوان» لمتابعة السلك الثاني: الشعبة الأدبية بثانوية القاضي عياض(شفشاون، آنذاك، لم تكن تتوفر على هذا السلك)، وفي يوم ربيعي مشمش؛ تلقيتُ رسالة من ابن عمي:محمد الحشلاف مصباح يطلب مني فيها أن أكتب له قبل أن أموت؛ فكان النص الذي أشرت إليه في السؤال الأول
* كيف كان شعورك وأنتَ تطلع على كتاباتك تنشر مذيلة بتوقيعك؟
– حين أستعيد الجو بكل حرارته وسخونته وأنا أرى نصي يفض بكارة الصفحة؛ لا أستطيع أن أصف لك ذاك الشعور الذي هز كياني، وغمرني بفيض من الانفعالات المتضاربة، حاملة تحت أجنحتها فرحاً عارماً، أحسستً بشيء مبهم ومبهر يبثُّ في داخلي نبضَ الحياة، ويشكل فرحي بألوان قزحية، ألوان تتناغم مع الحالات النفسية البهيجة؛ منحتني زخماً عاطفياً…أن ترى نصك جنب أسماء ستصبح لها مساحة واسعة في المشهد الشعري المغربي؛ معناه أن ما كان حلماً تحقق، لذا أقمتُ احتفالية خاصة بيني وبين نفسي بشراء أكثر من نسخة، أخذتها وانطلقت خارج المدينة، وتحت شجرة التين جنب نهر «المحنش»أفردتُ صفحة «أصوات» وأخذتُ أتأمل نصي يغمرني الإبهار.
* كيف كانت ارتسامات المحيطين بك؟
– كانت صحراء من الدهشة في عيون البعض، وواحات من الإعجاب في عيون أخرى؛ عيونُ يُزهر فيها الحب وتورق أشجار الأمل…كانت الدهشة لأني كنتُ اسماً جديدا، ولم يكن أحد يعرف أني أكتب؛ إلى جانب أنني نشرُ باسم مستعار «ابن الطبيعة»؛ ربما تيمُّناً بالأديبة: «رفيقة الطبيعة» التي كنتُ أتابع نصوصها، هي والأديبة خناتة بنونة بانبهار
أما الفرحة الكبرى فقد جاءت حين أصدرتُ «حاءات متمردة» التي أدين في معانقتها النور إلى أسرتي؛ خصوصا زوجتي؛ فقد تلقيتُ منها ومن ابنيَّ: رائد وغادة وبعض الأصدقاء الشرفاء تشجيعاً كبيراً ودعماً معنوياً..لا أنس تلك اللحظات المفعمة بالأحاسيس وأنا أرى الزغاريد تطل من أعينهم، جاءت لتتوج مسيرتي الإبداعية. وأحسُّ بالتوهُّج يحتلُّ كل ضياعي وتشرُّدي، وأرى قرنفلة الأمل تتفتحُ في أعماقي وتشرعُ شرفات واسعة للنور والهواء ولكل الفصول الخصيبة فلهم كل الشكر ولهم محبتي الواسعة.
————
رجل في الذاكرة
فاطمة بن محمود – تونس
في الحياة..يروقنا أن نسير مستأنسين بأشخاص نستزيد منهم ما يزيدنا ثقة واطمئنانا..كنت-وما زلت-استأنس بالشخصيات المثيرة و المميزة التي قد تضيف لي من تجربتها ما يساعدني على انجاز تجربة أعتز بها عندما تصفرّ سنوات العمر ..
هناك شخصيات تلتقيها في حياتك عرضا وأخرى تسعى أن توجدها لترصّع بها تاج حياتك..ولي في حياتي كوكبة من الشخصيات العربية المهمة التي يمرّ العمر غبنا إذا لم ألتقيها..من ذلك المبدع المغربي عبد السلام مصباح ..
كنت التقيته من خلال الشبكة العنكبوتية..وكنت لا استطيع ان أميز ملامحه.. فقط اذكر ان هناك رهبة تمتلكني كلما دخلت بيته الافتراضي ومررت بصري على جدار صفحته في الفايسبوك..
وكان يجب أن ألتقيه حتى أراه.. ورأيته فأدركت عمق هذا الكاتب العملاق ..
في ملتقى أبي جعد (الدورة14/2010) قدّم لي الصديق الشاعر إبراهيم قهوايجي عبد السلام مصباح..وبسرعة ألفته و شعرت اني أعرف هذا الرجل..ستلاحظ ان ملامحه الطفولية تجتاز بك كل المراحل لتجد نفسك في مواجهة رجل يحمل قلب طفل..انه يتحدث بتلقائية وينشر الابتسامات على كل الوجوه..ويخلّف في كل مكان عطر قلبه الوردة..
كانت لعبد السلام مصباح تلك الخصوصية التي تشعر بها ولا تستطيع وصفها..انه كالهواء يمرّ بك وتنتعش بحضوره، ولا تقدر على القبض عليه ولو بواسطة اللغة.. ذلك هو عبد السلام مصباح..تتحدث اليه فتأسرك طيبته الوارفة، بساطته العميقة، تواضعه العالي..
كنّا في يوم الافتتاح لازلنا في بهو دار الثقافة بأبي الجعد..عندما عنّت مني التفاتة فرأيت في مكان جانبي معلّقة كبيرة فيها صورة للملك محمد السادس وابتهجت..تفسّحت في الدار البيضاء وزرت الرباط وعلى طول الطريق من الدار البيضاء حتى مدينة مولاي إدريس ومن ثمة مدينة أبي جعد..مررنا بمدن عديدة وساحات كثيرة ولم أعثر على أي صورة للملك-كما هي عادة كل البلدان الجنوبية -لا تجده منتشرا في الشوارع موزّعا في الطرقات..فقط ستجده في وجدان المغاربة عندما يتحدثون عنه..يتصدّر مداخل قلوبهم بكل اعتزاز ..وكنت- كزائرة- أحبّ ان تكون لي صورة مع صورة الملك..أحب أن أقول إني زرت المغرب البديعة ..وهذه صورة أؤثث بها حائط ذاكرتي ..
اذن على جانب من مدخل دار الثقافة أبي الجعد..وجدت صورة للملك و أردت أن تكون لي صورة هناك..صورة مع الصورة ..وتلعثمت أصابع أحدهم على زر آلة التصوير..وإذا بالكبير عبد السلام مصباح يمدّ يده و يأخذ آلة التصوير وبضغطة أنيقة انتشر وميض يلتقط البهاء .. ثم وبدون أن يلتفت اليّ مدّ آلة التصوير إلى آخر بجواره ودلف بسرعة الى جواري داخل المشهد وابتسم بطفولة باذخة..صورة أخرى معك..وأذهلتني هذه التلقائية التي أفحمني بها..وهذا التواضع الجمّ..وعلمت أني فعلا أمام شخصية مميزة فتلك هي بعض من خصائص الكبار.
في كل الجلسات الأدبية والمسامرات الشعرية كان عبد السلام مصباح يختار لنفسه دائما تلك الزاوية التي يلتقط منها ما يغفل عنه الحاضرون..وينتبه كثيرا الى الهامش الذي عادة هو ما يتبقّى في ذاكرة الملتقيات..ويوزع ابتسامته على الجميع بغمزاته الطريفة..
لذلك ينتهي الملتقى وتبدأ علاقاتك بالكبار في الكتابة و النفوس..عدت الى بيتي مكتظة بذاكرة دافئة تقيني لسع الشتاء وقساوة الوحدة..عدت بكتاب «مخطوطة الأحلام»أحد الكتب التي ترجمها الشاعر عبد السلام مصباح وهو سرد شعري ل»سيرة المعتمد» للشاعر الشيلي سيرخيو ماثياس..كانت الترجمة..على قدر من البهاء..بحيث كنت أحيانا أشعر وكأن القصائد قدّت باللغة العربية أصلا..فقد جعلها الشاعر عبد السلام مصباح تحافظ على طراوة اللغة، وعلى جمال الصورة وعلى رهافة الإحساس..وتخلّف قطرات ندى على عشبة القلب ..
كان عبد السلام مصباح يتتبّع خطى الشاعر الشيلي سيرخيو ماثياس ويلتقط قصائده وربما لأنه تسري في عروقه الدماء الأندلسية..ربما لذلك قد يكون لديه استعدادا مسبقا للتفاعل مع سيرة الملك العاشق وهذا ما يجعله ربما يقبض على اشراقة القصيد وينجح بمهارة في زجّها داخل اللغة ورصّها بأناقة داخل القصيد ثانية..ليحافظ على طراوة اللغة و ألق المعنى ..
استمتعت ب «مخطوطة الأحلام» وكنت أعود إليه في كل مرة لأقرأه و أعترف أنه لم يكن لي أن أتعرّف على الشاعر الشيلي سيرخيو ماثياسو بل لم أكن لأتعرّف على تلك التفاصيل الدقيقة عن الملك الشاعر دون المبدع الكبير عبد السلام مصباح وتلك هي عادة المبدعين الكبار..يخلّفون أثارهم وصدى كلماتهم الضاحكة..
عندما علمت باعتزام ملتقى أبي جعد تكريم هذا المبدع المميز..قلت يستحق هذا الرجل وكنت أتمنى الحضور ولعلّ التكريم حدث لي أيضا عندما مكّنني الشاعر عبد السلام مصباح من هذه الشهادة التي ستجعلني أعتزّ دوما بمصاحبة الكبار و افخر دائما أني التقيت مرّة بعبد السلام مصباح كاتب عربي من الطراز الفاخر إبداعيا وإنسانيا و لي معه صورة جميلة في مدخل دار الثقافة بأبي جعد ..في خلفية تلك الصورة يجلس الملك محمد السادس بسحنته المغربية وملامحه الأليفة..ستجد هذه الصورة تزيّن الجدار على يمين مكتبي وتستقبل كل من يدخل وفي كل مرة يزورني بعض أصدقائي يهتف «فاطمة .. هل كنت في المغرب؟» و أردّ بسرعة «نعم..وتلك أنا مع الشاعر الكبير عبد السلام مصباح» .
————
عبد السلام مصباح الزوج، الإنسان والمبدع
الشاعرة مالكة عسال ابن أحمد
حين طلب مني أن أقدم شهادة في حق الأديب الشاعر والمترجم السيد عبد السلام مصباح ، لبّيتُ بفخر واعتزاز أن أفعل ، ولو بكلمة متواضعة في حق قامة جليلة يشهد لها التاريخ الأدبي…فهناك من الرفاق مَن يُثمن منجزاتِه الأدبية التي تركتْ بصمتها في نفوس القراء ، ومَن يتخذونه نموذجا يَحذون حذوه في انتقاء الألفاظ، والصياغة الشعرية ،وغيرهم يتشبثون بإلقائه وآدائه المتميزين ..وحتى أكون عادلة سأتناول شاعرنا السيد عبد السلام مصباح من خلال ثلاثة نقاط هامة :
– عبد السلام مصباح الزوج
– عبد السلام مصباح الإنسان
– عبد السلام مصباح المبدع أو الأديب أو المترجم والشاعر .
1 – عبد السلام مصباح الزوج:
أبٌ للشاعرة الجميلة «غادة مصباح «،التي سرّب لها عبر الحبل السري مهمازَ الشعر، لتحفِر في صخر أنوثتها بامتياز، فَتكرس وجودَها وتحقق ذاتها عن طريق الوراثة والمراس فأنجبت أول مولود تحت عنوان (بوح أنثى)..والابن البار «رائد مصباح «الذي أورثَه سرّه وعهدَه ..فكان لهما الأبَ الصالحَ الذي لقّنهما حُسْن التربية في أسمى معانيها، ولايَني يمُدّ شاعرُنا الحنونُ أحفادَه عنقَه حنوا فيُلاعبهم ويلاطفهم بلغة الابتسام والحكاية …
2 – عبد السلام الإنسان:
لشاعرنا عبد السلام تعَدّد من القلوب في قلب واحد ، يوزّعُها بسخاء على الطلبة والمبتدئين ، من وضعوا أقدامهم لأول مرة على مَحَج الشعر، فلا يدخر جهدا في إنارة طريقهم بفانوسه السحري الذي لا ينطفئ ، لتصحيح مسارهم الإبداعي، وتوجيههم إلى ينابيعَ من اللوز دافقةً وراء الأحراش والأشواك، ليغرفوا منها ما يسمو بإبداعاتهم نحو الارتقاء..ولايني يستدعيهم في المحافل واللقاءات ليخلُق منهم عناصر مبدعة تضاهي الأقلام الكبار، وحتى تعطي أكلها يتعهدها بالرعاية والتتبع، كما يهتم البستاني بفسائل النخل حتى تنمو وتترعرع ..فتفرخت على يديه سِرب من الشعراء المتميزين
3 – عبد السلام مصباح الشاعر والمترجم :
مَن لا يعرف الشاعر عبد السلام مصباح بحاءاته المتمردة التي خلخلت ركن الشعر في المغرب، واصطكت لها الدواوين في رفوف المكتبات، وغيرها من المنجزات الشعرية التي تلاحقت تباعا تصب كلها في البعد الإنساني: الإنسان ضحية التهميش والإقصاء ،الإنسان المرعوب ،الذي يرزح تحت نير القهر، فهو يتوارى خلف ما يكتب، ليخصص حيزه في الوجود للغير /للآخر، وفي هذا الباب خفض جناحا من التقدير والاحترام للمرأة :المرأة مستهدفة الفكر الذكوري، والأفكار المغلوطة، والتمييز الوحشي ، فاحتضنها بتمثاله اللغوي ، ليصنع لها عرشا تتربع عليه سلطانة، فزيّن فضاءها بفصوص التعابير الملونة ، وسبائك الود في أبعد مراميه، ولؤلؤ القول حتى لُقِّب بنزار القباني المغرب بصوته الشعري الخالص ، لعلّه العطاء الأبوي في قماش القسطاس العادل…كما شقّ شاعرنا عبد السلام مصباح الترجمة من اللغة الإسبانية إلى العربية ، حيث ترجم لأكثر من 15 شاعرا وشاعرة إسبانيين ومغاربة ليفتح آفاق الضفة الأخرى، فتتلاحق التجارب، وتختصر المسافات الفاصلة بانصهار الثقافتين وتبادل التأثر والتأثير، فيتوسع مع القراءة والترجمة فعل الشعر لديه ..وبذلك شكل شاعرنا عبد السلام مصباح ثنائية في واحد مبدعا ومترجما ..
على سبيل الختم
وأذكر على سبيل الختم حتى تنفعَ الذكرى،أن معرفتي بالشاعر عبد السلام مصباح كانت سنة 2003 ،أثناء لقاء شعري في بيت الشعر بالمغرب، فكان أولَ إنسان أشعل لي صوابعه العشرة شموعا لتخطي النتوءات، والقفز على الحفر إبّان حَبْوِي على حصير الشعر، فألبسَني منه خُفّين متينين، وأنبتَ لي جناحين بألوان الطاووس، وقال:الآن استوَت خطاك، فسيري في درب الشعر مطمئنة، وحَلّقي في أمدائه طائرا دوريا، ثم عودي إلى خلوتك لتَروينا من نسغ أشجارك المثمرة..هذا هو الشاعر والمترجم عبد السلام مصباح الذي لن يجفّ له قلم …
————-
في جدار القلب لنخلة شفشاون الباسقة
الشاعر عبد الكريم الطبال
عبد السلام منذ القصيدة الأولى عقد بينه وبين لوركا وثيقة صداقة عميقة وعلى أساسها كتب شعر لوركا على جدار قلبه حتى لا ينسى أي بند من بنود الوثيقة
عبد السلام منذ القصيدة الأولى عرفته غجريا حمل معه قيثاره ورحل وما زال يرحل حتى ألان، يتنقل من ساحة شعرية إلى ساحة شعرية أخرى لا يقيم في مكان ولا ينحاز إلى جوقة تحسبه مقيما وهو ليس بمقيم. تحسبه لا يغني وهو يغني. تلقاه مرة في شارع ما في غرناطة مع صديقه لوركا ومرة أخرى تلقاه في شارع ما أو في قصر ما في اشبيلية مع المعتمد او مع انطونيوا ماتشادو وتلقاه أخرى في الدار البيضاء مع شعراء غجريين آخرين وقد تلقاه في شفشاون مدينته التي هرب منها ولم تهرب منه فهي معه في جيب ذاكرته . في زاد قلبه .في مداد
كلماته ولو أغمض عينيه ولو سد إذنيه ولو أغلق باب قلبه
عبد السلام هكذا عرفته عن قرب قليلا وعن بعد كثيرا
تعلم في مدرسته حرفا واحدا هو الحاء ولم يتعلم من الأبجدية ما سبق هذا الحرف وما لحقه عبد السلام لم يتعلم إلا هذا الحرف الذي هو الحاء : الذي هو الحب هو الحرية هو الحرف القصيدة .
وما ذا بعد الحب والحرية والقصيدة؟
ربما لا شيء
هذه هي الأقمار الثلاثة التي تضيء ظلمة الكون .عتمة الروح .دجنة الطبيعة
لو أن الأقمار الثلاثة هذه انبثقت في هذا الكوكب المعتم لكان الكون آخر ولكان الإنسان آخر…كل الأديان والشرائع والفلسفات كانت ولا تزال من اجل أن تسطع هذه الأقمار الثلاثةعبد السلام لست وحدك في الغربة، لست وحدك الذي تعلمت هذا الحرف وحده فمعك هنا في المهرجان غرباء مثلك يتنقلون في الساحات وأميون مثلك لم يتعلموا إلا هذا الحرف
عبد السلام مصباح لك هنا في أبي الجعد المدينة الصغيرة التي أحبها لأنها مدينة صغيرة كمدينتي ومدينتك
وأحبها أكثر لأنها تحتفي بالشعر كمدينتي
ولأنها أحبتك
شفشــاون 04/04/2011
——————
اليوم العالمي للزبونية والإخوانية
حوار بمناسبة اليوم العالمي للشعر مع نخبة من الأدباء المغاربة
أجرى الحوار: عبدالعالي بركات
يقترن الحادي والعشرين من شهر مارس باليوم العالمي للشعر الذي بادرت إلى المطالبة بإقراره هيئة بيت الشعر بالمغرب، ولهذا الموعد أكثر من دلالة، سيما في ظروفنت الراهنة التي تطبق على الأنفاس، من خلال مظاهر القبح السائدة في مختلف المجالاتـ وبالنظر للسلوكات العنيفة التي باتت طاغية على حياتنا اليومية، وعلى محيطنا البيئي..إلى غير ذلك من المظاهر السلبية.
بمناسبة هذا اليوم العالمي للشعر أردنا أن نفرد هذا الحيز لتقديم شهادات نخبة من الشعراء والأدباء المغاربة التي خصوا بها «بيان اليوم» مشكورين، مع وعينا بأن الشعر أتي ليكمل ما في الطبيعة من نقصان.
عبد العالي بركات
ó ما ذا يعني لك اليوم العالمي للشعر؟
– ارتبط هذا اليوم بعيد ميلادي، ولهذا فأنا أعيش احتفالين: اليوم العالمي للشعر ويوم عيد ميلادي، غير أني لا أحس بهما، فأبنائي لا يحتفلون بعيد ميلادي، كما أن الشعراء والقائمين على المؤسسات الثقافية لا يحتفلون بشعري.
ó هل هذا التهميش الذي تتعرض له من قبل المؤسسات الثقافية ناتج على عدم انفتاحك على تلك المؤسسات ذاتها، أو أن هناك اعتبارات أخرى؟
– هناك (جوقة) توزع الأدوار فيما بينها، ولذلك تجد الشعراء الحقيقيين متغيبين، ويحضرون إلى الملتقيات الشعرية بصفتهم جمهور، أي فقط لتأثيث القاعات ، في حين أن أفراد الجمهور هو الذين يحبون تلك الملتقيات، وفي هذا السياق اسمح لي أن أعتبر اليوم العالمي للشعر ببلادنا هو بمثابة اليوم العالمي للزبونية والإخوانية
ó هل ما زال الشعر قادرا على التغيير؟
– لو احترم الشعراء أنفسهم، فإن الشعر سيكون بخير، وبالتالي سيكون له دور كبير كما كان الحال في العصور القديمة، غير أنه، مع الأسف، بتنا نرى الشعراء (أقصد نسبة كبيرة منهم) يبحثون عن مآدب الظهور، ولا يعيشون اللحظة الشعرية الإنسانية، وبالأخص الجيل الجديد المهرول، الذي لا نكاد نلامس في إنتاجه الشعري غير الشعارات والكلام الأجوف، غير واع بأن الشعر هو رسالة ينبغي عليه أن يتحملها، ويعمل على إيصالها
ó هل أنت راضٍ عمّا يُنشر من إنتاج شعري مغربي عموما في الوقت الراهن؟
– أنا لستُ راضيا تماما، فليس كل من تعلم بعض الحروف، وقرأ بعض القصائد يمكنه أن يدعي بأنه أصبح شاعرا، ولقد بات وضع الشعر مثل وضع الأغنية العصرية، حيث كثُرت الأسماء دون وزن، وترتيب الكلمات دون الإحساس بقيمة الكلمة، وبخطورة الرسالة الشعرية، وفي هذا الصدد اسمح لي بأن أذكر حادثة وقت لي شخصيا، وهي بمناسبة استماعي لإحدى حلقات البرنامج الإذاعي الذي تبثة إذاعة طنجة يحمل عنواناً «أصوات شعرية»، حيث طلب منه معده الصديق الشاعر حسن مرصو أن أعلق على ما يعرض من نصوص في هذا البرنامج، وكان أن انتقدت مساهمة السيد سامي الدقاقي، واعتبرت ما كتبه مجرد خواطر لا ترقى إلى مستوى الشعر، فما كان منه إلا أن هاجمني، وهذا إن دل على شيء، إنما يدل على أن الشعراء الجدد لا يقبلون التوجيه، ولا يريدوننا أن نقول في أعماله كلمة صدق، وهو ما جعل الشعر يصاب بالإسهال والابتذال، وقد تعفَّفتُ عن الرد على من هجمني..فأنا أتحدث كما أحس، فإذا أطربني عمل (قصيدة، ديوان..)عبرتُ عن هذا الطرب، وإذا كان هناك خلل/ فإني لا أتردد في وضع اليد عليه.
بيان اليوم
الثلاثـــاء 22/03/2005 العــــدد 4498
—————-
شهادات خاصة شهادة في حق الشاعر عبد السلام مصباح
عبد الرحمان الخرشي- مراكش
أحمد لله الذي خلق فسوى، وقدر فهدى، ورفع من رتب الإنسان بفضل ما كتب وأبدع من العلم ومن الأدب المرصع بألوان طيف البهاء وقوس قزح.. أحمد لله الذي سخر للعلماء والأدباء من ينصفهم وهم أحياء، ومن يمتدحهم ويطريهم وهم لا يبحثون سوى عن العيش الكريم. وأحمد لله الذي حط من شأن الجهل والجهال وما بثوه في الحياة من الجهل والتجيهل، أحمده تعالى؛ فهو مُعْلِي منزلة العلم، والأدب، ورافع منزلة العلماء والأدباء؛ ناثرين وشعراء حتى كان لهم – هم أيضا – من يمدحهم ويطريهم !.
تحية كريمة لمن كرم، ولمن هو جدير بالتكريم.
تحية كريمة لمن أوحى، ولمن نفذ طقوس هذا التكريم.
تحية كريمة لمن حضر هنا واجتمع وأسهم وشهد التكريم المختص بمكرم يستحق التكريم.
تحية لمن هو شاهد على عناق الروح بالروح في عرس أعراس التكريم بهذه الدراسات، والقراءات، والكلمات، والشهادة و… ي مؤتنف الأمر لا أدري لماذا اعتراني حال عجيب غريب؛ جمع الله فيه- وبواسطته – عليَّ في نفسي ما بين الإحساس بالتشنج، وشعورٌ غامرٌ بالسعادة والفرح لا حدود له !.. ولم أستطع التخلص من هذين إلا بعد فترة غير يسيرة من استعنت فيها بالمحاولة؛ محاولة البحث عن الداعي/الدواعي لهذا الأمر، مما اضطرني إلى طلب النجدة بالتفكير وبقليل من التأمل، والاستعانة بنظيره الهدوء والاسترخاء واستنفار ما ستجود بتجليه الذاكرة وهي تفتش في تسلسل الذكريات التي- أحمد الله – أنها أسعفتني فجادت بما سأعبر عنه الآن بهذا التفصيل القليل:
فالإحساس الأول- إخواني – تولد عندي من أنني أردت أن أكون صادقا ودقيقا في هذه الكلمة/الشهادة عن الشاعر الجميل والمبدع الملهم عبد السلام مصباح؛ إذ كلما فزعت إلى استنهاض شريط الذكريات معه إلا وجدتني لا أستطيع التدفق في البوح؛ لأن طقوس مثل هذه الشهادات صارت معروفة ومستهلكة بالصورة التي يغلفها الانطباع والنفخ في المثقوب، ولأن هذا الشاعر موهوب حقاً ومتعدد الاهتمامات. ثم إنه متنوع ومختلف في أنموذج شخصيته وروحه الإنسانية، وفي تركيبتيه النفسية والفكرية.. وهو- فوق ذلك كله – متنوع فيما اشتغل عليه من عناصر وأشكال الإبداع؛ سواء تعلق الأمر بمجال الإبداع الشعري المؤسس على حرارة حرقة( الحاءات ) التي اكتويت معه بنارها وبلهيبها في دراسة سبق لي أن أعددتها وتم نشرها عنه، أو في مجال الترجمة عن لغة( سرفانتيس ) التي اكتوى وحده بنار الاشتغال على الترجمة لمبدعيها الكبار.. ولا يترجم لكبير قوم إلا من هو أكبر في قومنا!. أما الشعور الثاني الذي راودني- متزامنا مع هذا الإحساس – فشعور مختلف غمرني بالسعادة جراء سيطرة شعلة وفاء بعاطفة قوية تولدت ونمت وترعرعت في الحوباء عن طيف هذا الشاعر الجميل في خلقته وإبداعه لأني ما رأيته- مذ عرفته – إلا والابتسامة، والدعابة، والدعة، والراحة، والسكينة، واللطف بادية عليه، ويشفع كل ذلك ويقويه بالحركة الجسدية، والسكون الروحي، والتألق النفسي؛ لذلك فهو مهووس بالمشاكسة اللطيفة مع الجميع، وبدون حدود لدرجة أن من لا يعرف فيه هذا يظنه يتعامل خارج دائرة المروءة والأخلاق وهو ليس كذلك! وأستحضر هنا أنه التقى ذات معرض دولي في مدينة الدار البيضاء بالشاعر الكبير سيدي محمد علي الرباوي رفقة الدكتور سيدي محمد دخيسي أبو أسامة وهو من أنبغ طلبته ففتح الباب- أمام الشيخ ومريده – للمشاكسة؛ وهي من مشاكساته اللطيفة التي لا يفهمها إلا المراكشي مثلي ومثلكم، فلما أقبلت عليهما أخذني الشاعر محمد علي الرباوي بعيدا عن الوقوف وطلب مني أن أنبه عبد السلام إلى أن الحياء قاعدة في العلاقة بينه هو الشاعر وبين تلميذه الأستاذ الجامعي سيدي محمد دخيسي أبو أسامة، وما نبهت عبد السلام في تلك اللحظة وإنما باشرت الأمر الذي من أجله التقينا، ولما انتهينا أخذته من يده وانصرفنا وعندي استعداد للترويح عن النفس بمشاكساته اللطيفة التي أقبلها أنا ولا يقبلها غيري! هذا هو حالك يا عبد السلام مصباح في المشاكسة؛ يقبل ذلك منك من يعرف مفتاح شخصيتك، ويرفضه منك كثيرون ومنهم الشاعر الكبير سيدي محمد علي الرباوي( حفظه الله )، وهذا حال من لا يعرفك حق المعرفة، وحال من أدرك عمق نفسك وخفة روحك باختصار!. هنا أستوقف الحضور الكريم، وكذلك أستوقف أخي وصديقي الشاعر عبد السلام مصباح حتى أتمكن من حجز بطاقة السفر علها تمكنني من الوصول إليه عبر قطار الذكرى والبوح الصامت على الورق؛ وهو مما كتمته نفسي، وحملته هذه الورقات، التي تحاشيت بتسويدها عنف المواجهة مع نصوصه الشعرية، تم هذا وأنا جالس على مقعدي المخملي الوثير أحفز عاطفتي الحارة عما سيجود به خيال نَاعِم مما ظل مطمورا في الذاكرة دون أن أسعى لفكه من أسره، ولعلي حينذاك أستطيع أن أسترجع بعض ما تخزن أو علق في ذاكرتي المعطوبة بداء النسيان، ولأنني ما كنت أظن أنني سأقف في هذا الموقف!. صحيح إنني سعيد في هذه الهنيهة وأنا أطل من نافذة مقطورة الذكرى والبوح الصامت يعاودني لكن ما وجدت إلا لحظات غنمتها منه ومعه؛ فمن الطريف أنه كلما كانت الشمس ساطعة، والسماء صافية، وكلما ازداد النسيم رقة دعاني الرجل أستظل بغيمة من غيماتها الرقيقة يقودني إليها ويقودها إلي أستظل برقتها وبفيئها من هجير الحياة القاسية في لقاء جميل جمال روحه الطاهرة في أكثر من مكان!. ومن فضله علي أنه كلما حطت العصافير مجتمعة فوق دوحة من الدوحات العظيمة وهي تزقزق وبمحاذاتها العٌصيفر وهو يسقسق إلا دعاني لحضور حفلتها ومعي حبات قمحي لأشاركها- وهي في أعيادها الساحرة بالبهاء – نفس الاحتفال..ومن حبه لأخيه أنه كلما اجتمع الغزال والغزيل وصدر عنهما(سليل) فاتن دعاني للتملي بصوته العذب المناسب لشكلهما ورشاقتهما..وما بزغت خيوط الشمس الذهبية الدافئة إلا بَنا لِي تحتها خيمة عشق، وأسمعني أنين ناي حزين يتسرب عبر مسامي مع قطرات الندى ومشاركة هفيف النسيم البارد الرقيق بعد أن يكون قد لامس وروداً عطشى… هذه بعض العوالم التي أسكرني بفضلها وجودها هذا الرجل الذي لم يقابله الدهر إلا بالمعاناة سواء في الفصول الدراسية، أو في الأسفار..وللرجل حكايات مع السفر!فأنا ما عرفته- مذ عرفته – إلا وللسفر حضور- والسفر يسفر عن معدن صاحبه-، وأنا ما عرفته- مذ عرفته – إلا وللشعر المُموسق وغيره حضور في حياته- وشعره المُمَوسَق معدن بلاغة وتخيل وتأثير- بل هما متلازمان في حياته؛ لذلك عرفته في ملتقيات ترتبط بالسفر وبالشعر سواء كنت أنا المسافر إليه وهو في عرينه مدينة الدار البيضاء، وإما أنه قادم إلى مسقط رأسي مدينة مراكش، وإما كلانا سافرنا ثم التقينا في إحدى المدن المغربية. وفي جميع هذه الحالات كنت أجد عبد السلام مصباح الأمس هو عبد السلام اليوم؛ لا تَـقـَـلُّـبَ في ضوئه، فهو- دائما – مشع بالابتسامة، ومضيء بالبراءة لدرجة عالية، وبرهافة حس، وذكاء وقاد، واستعداد للتواصل مع الجميع دون ضوابط تذكر، وهو على مستوى متوازن من التدين والأخلاق الحسنة، والقيم، والمبادئ، والموقف، والكلمة الصادقة، ولا أظنه يفكر في أمسه كيف كان؟ ولا في غده كيف سيكون؟ ولا ماذا هو فاعل الآن أو غداً إلا ما تجاوب مع طبيعته ومستلزماته الشخصية والإبداعية والعائلية. وهو في سلوكه متوازن ما جربت عليه أنه أهان، بل كَبُرَ في عيني لما حاول أحدهم أن يؤذيه ويؤذي ملتقى وطني في المؤسسة التي كنت أعمل فيها، لكنه أعرض عنه بما جنب الملتقى سقطة كانت ستحط من قيمته؛ لكنه بإعراضه ذاك كان والله حكيما!. إن عبد السلام مصباح الذي أعرف هو رجل النخوة العربية الأصيلة، وصاحب الشخصية المغربية المتطورة والمتجددة وفق ما اقتضاه زمانه، وما سمعته رفع صوته إلا أثناء قراءته الشعر، وإلا فهو خفيض الصوت، وصاحب النظر الثاقب، والعقل الراجح، والهدوء المتزن.. من قراءتي لشعره وجدته قد غطى جرحه وألمه الدفين بما اعتصر من رحيق حاءاته المتمردة. أما فرحه فلا يوصف إلا باقترابه من الطبيعة، ومن التملي بجمالها وبخاصة في مدينته شفشاون التي ما زارها إلا وجعلك تحس أنها حرمه المرتبط بإلهامه الشعري…
أما صفات الرجل بدقة فهي لا تعد ولا تحد؛ فقد تجمعت في شخصيته صفات كبار السن، وبعض صفات الأطفال الصغار؛ بدءاً من العفوية، والتلقائية، فطهارة النفس، وبياض القلب، وصفاء السريرة، وبهاء الاسم، ونقاء الطوية، والتعامل بلطف وبساطة نادرة. وهو فوق ذا وذالك الرجل الذي لا يلج قلبه الحقد، ولا يحمل الضغينة أو الخبث لأحد. وفوق هذا كله فهو: محب للسلام يجنح للسلم لأنه عبد السلام، ولأنه سمي أخي العالم الجليل المشمول برحمة الله: عبد السلام الخرشي.
—————–
جمالية المشاهد في ديوان « تنويعات على باب الحاء» للشاعر عبد السلام مصباح
عبد العزيز أمزيان
«تنويعات على باب الحاء» الديوان الشعري الثاني للشاعر عبد السلام مصباح، وقد جاء في حلة قشيبة، عن مطبعة دار القرويين/ حي الأسرة بمدينة الدار البيضاء، سنة 2011 يقع في مائة وست وعشرين صفحة، من الحجم المتوسط، ضم بين دفتيه ثماني عشرة قصيدة.
حين تضع بين يديك ديوان الشاعر عبد السلام مصباح، لتقرأ ما جادت به قريحته من أشعار، وما فاضت به روحه من خلجات، تدهشك اللغة الباذخة، التي تنبع صافية، من وجدان رقيق، وترشح عذبة من قلب شفيف، يرسم بها لوحات فنية فائقة الجمال، وينحت من خلالها مشاهد جمالية ساحرة البهاء، يرصعها مستوية الأجزاء، متفقة الأركان، لوحات يتناغم في فضائها أطياف من الرؤى،ومشاهد يتجانس في مجالها ألوان من الآثار، ليحسبها الرائي أنها انفلتت توا، من خيال ملتهب وقاد، وانطلقت فورا، من فكر متقد وثاب، تشعربها، أنها تتصادى في روحك كموجات هادئة، و تتهادى في نفسك كذبذبات خافتة
نورستي ،
حين أطلقت عيناك
على قلبي
الطلقة الأولى
عربدت في بستان العمر
خيول الحلم
وألقت حنينها
وفاكهة أنوثتك
في الصدر
فتسامقت نخلة الألف… اعتراف ص 15.
لغة قصائد الشاعر عبد السلام مصباح لغة المجاز، التي تخرج عن أنماط الكلام العادي، وتنحاز عن التخاطب الجاف الذي يجمد مسافة القرب، لغته لغة الدفق الإنساني، لغة الدفء العاطفي ، لغة التواصل التي تبث الحرارة والوهج، التي تعرب عن صدق العواطف، لغة النجوى التي تبوح بأسرار الوجود، وتفصح عن مكنون القلب،، لغة تكسر رتابة الحياة، وترسم معالم آفاق في امتدادات واسعة، وفيوضات رحبة، يكاد يكون المجاز فيها الأداة الطاغية في تشكيل عوالمه التخييلية، والوسيلة المهيمنة في بناء أكوانه التصويرية..
سيدتي
كان طموحي محدودا جدا
وبسيطا جدا…
كان طموحي
أن نختار اللحظات السكرى
ونناوش حلما
يتلاطم في صدرينا
كي يسمعنا آيات الفرح الطافح
في عينيك… قصيدة طموح ص 31.
لغة استعارية ، تكاد تمزج عالمين في تجربة الوجود:العالم الجواني مع العالمي البراني في تناغم مومض، وتناسق وهاج، حتى لتحسب أن الحياة الفضلى التي يحلم بها، الشاعر عبد السلام مصباح، هي التي تجري على أرض الواقع بنسغها الزاخم، وهي التي تقع على ساحة مسرح الحياة، بمائها الجارف، الذي يمنح المشاهد عنفوان السحر، ويضخ في صورها حدة الدهشة.
سيدتي،
أيتها المتدهشة
كيف تدبج رعشتك الكبرى
أشعارا
ورسائل
رغم مرارات اللحظة،
أو كيف تخط مديحا
ومواويل
توقعها فوق رباب الجسد المثخن
بالجذب
وبالقهر…
قصيدة سيدتي تفتح للعشق خزائنها ص43 و44.
خيال الشاعر عبد السلام مصباح جامح، يرسم اللوحات الجمالية بريشة الروح، وينحت التماثيل الفنية بمداد القلب، فتخرج شفيفة، زاخرة بنبض الحياة، رقيقة حافلة بخفق التجربة، في عمق وقوة، تجعل الفصول تتراءى أمام شاشة ذاكرة القارئ، غنية بالمعاني، ثرية بالمضامين.
وتجتاح شراييني
تلبسني
تتوغل في وجعي
فيهيج النبض
يهيج الشوق
فأشهى ثمرتها العذراء
وحين أمد يدي كي أقطفها
تفتح نافذة في الحرف المنذور ..قصيدة زيارات ص 72.
الشعر انفتاح بليغ على آفاق دلالية جديدة، ورؤى مجددة ، تصدح بالزخم والقوة والتنوع: الحب، الصداقة، الحلم، الأمل، الطموح،الزمن، البوح، الجنون، الإلهام ، الانصهار،الزمن،الفضاء الشاسع،بأرضه وسمائه، وكل الموجودات من نبات وماء وغيم ومطر، الأوطان، الغدر، التخاذل، التشتت… كل هذه الموضوعات ستجد أن الشاعر عبد السلام مصباح، استلهم معانيها، واستوحى مضامينها من تجاربه الخصبة في الحياة، ومسيرة طويلة في الإبداع..
جموع الأحبة
أتينا…
لنوقد بالحب….
– قصيدة بطاقات إلى الغاوين ص 89.
عراق…
سلام الفصول الخصيبه
وسيدة المطر
لبغداد والكوفة….108.
حسيمة ،
سلاما…
سلاما أيتها الخزامى المتخفية
خلف اشراقة الحلم…..قصيدة بطاقات إلى مدينة الفنيق ص 113و 114.
نام محمد،
نام على إيقاعات الغضب المتوهج
والغضب الحافل بالروعة… قصيدة الطفل القدسي ص 121.
هذه بعض المعالم الفنية التي ميزت ديوان» تنويعات على باب الحاء» للشاعر المتألق عبد السلام مصباح، وبعض الملامح الجمالية التي حاولنا أن نبسط بعض جواهرها الشعرية، ونعرض بعض دررها الإبداعية، بإيجاز شديد، وأنا متأكد أن قارئ الديوان سيقف على قيم جمالية كثيرة يزخر بها الديوان، وسيشعر أن قراءته للديوان ستحدث في نفسه رجفة، هي ثمرة تذوق فني، وبذرة استمتاع جمالي لتنويعات على باب الحاء …
الملحق الثقافي لجريدة العلم ، ليوم الغد 19/12/2019
—————–
قداس لأسماء الحاء.. قراءة في ديوان «تنويعات على باب الحاء» للشاعر المغربي عبدالسلام مصباح
نقوس المهدي/ اليوسفية – المغرب
يحتل الشاعر عبدالسلام مصباح مكانة طيبة في ديوان الشعر المغرب، ويراكم تجربة كبيرة بوأته مرتبة محترمة ومشرفة بين شعراء الوطن العربي، وخط لنفسه مسارا متميزا بمجموعة أعمال شعرية، وترجمات من اللغة الاسبانية وإليها، إذ يعد من خيرة المترجمين العرب الذين قربوا الأدب الاسباني للقارئ العربي، وأسمح لنفسي بقراءة وجيزة ومتواضعة لواحد من أهم أعماله الشعرية لأن اختلافه يأتي من اعتماده على حرف الحاء (ح)، وهو من الحروف المائية وترتيبه السادس في الترتيب الألفبائي للحروف الأبجدية وعدده ثمانية
[قال الخليل*: الحاء حرف مخرجه من الحلق، ولولا بُحَّةٌ فيه لأَشبه العين، وقال: وبعد الحاء الهاء ولم يأْتَلفا في كلمة واحدة أَصلية الحروف، وقبح ذلك على أَلسنة العرب لقرب مخرجيهما، لأَن الحاء في الحلق بلزق العين، وكذلك الحاء والهاء، ولكنهما يجتمعان في كلمتين، لكل واحد معنى على حدة]
وهذا الحرف ينفتح على كل احتمالات الحب والحياة والحلم والحنين والحقيقة والحفاوة، والحنان وهلم تنويعا وتأويلا على هذا المقام، و»التأويل تغليب ظن بقرينة» بحد رأي ابن حزم الظاهري
ديوان «تنويعات على باب الحاء» هو الإضمامة الإبداعية الثانية للشاعر عبدالسلام مصباح، صدر عن مطبعة دار القرويين، بمدينة الدار البيضاء، عام 2011، في مائة وست وعشرين صفحة من الحجم المتوسط، ويحتوي على ثمان عشرة قصيدة.، حسب الترتيب التالي: في البدء كانت الحاء – اعتراف – ارتجاج العشب الأخضر – اتهام – طموح – عيد ميلادك – سيدتي تفتح للعشب خزائنها – تقابلات – ممثلة – حلم ثان – زيارات – مرسوم ثان – بطاقات إلى الغاوين – بطاقات إلى شاعر – بطاقة الى أبي الجعد – بطاقات إلى العراق – مدينة إلى المدينة الفينيق – الطفل القدسي
فازت قصيدة « زيارات»ص69، مهداة إلى غصن نما في غير تربته»* بجائزة ناجي نعمان 2005، وبجائزة مجلة هاي – أمريكا 2006
وكتبت هذه النصوص في الفترة الممتدة بين 2000 و2011، ما بين مدن الدار البيضاء، وآسفي، وسلا، أكادير، الجديدة، أبو الجهد، وشفشاون مسقط الرأس، وتوزعتها عدة أغراض ومواضيع وجدانية تشكل الذات والهموم الشخصية المفعمة بالرقة والطيبة والحنان محورها الأساس، وتطمح لاستشراف خبايا الروح ومشاغلها. والمواقف الإنسانية التي استدعى طيفها الشاعر عبدالسلام مصباح بوافر الإصرار والقصد ليعلن محبته وحسه المرهف وعشقه للجميع، للناس وللأمكنة، ويتوجه في رسائله إلى أصدقائه بالوطن الأم ورموزه، والمواطن العربي ويغمره بالحب، ويغدق عليه ما تيسر من فضائل المحبة، أهمها العزة والكرامة، والكبرياء، مستحضرا كفاح رجال الريف الشامخ الأشاوس، الريف كمهد للثورة والانتفاضات الشعبية الحرة والتضحية، حيث يمثل طيف محمد بن عبدالكريم الخطابي، ومدينة الحسيمة المدينة الفينيق المنهكة بالظلم والقهر والزلازل، والحرب على العراق وناسه الطيبين، واستشهاد الطفل محمد الدرة، وعبر هذه القصائد يبدر الشاعر شتائل التحاب وينثر غلالها أزاهير يانعة مضمخة بالوداد، ضرب من الطواسين الصوفية والعامرة بفيض من العاطفة المشبوبة، معتصرة من شغاف الروح
بداية ينفتح الباب على عنوان «في البدء كانتت الحاء»، ويتكون من أربع قصائد قصار، مغرقة في رمزيتها الصوفية والوجد الروحاني الشفيف تتوسطهما وردتان الأولى تزودت من قنديل الشفق، وزخات الفجر، والوردة الثانية وقد مد الجلنار أنامله وتوضأ من سلسبيل بسمتها اللازوردي إذ يقول غفي قصيدة نورسة أول الغيث وفأل الحيوية ونداوة البحر
[نورسة
تنصب في غتبات الحاء فخاخا
لعصافير
تجيء لتلتقط السر الهاجع
بين الحصوات] نورسة ص3
هكذا يتحول البر الى سر مكنون بسحر اللغة ورقة بيان، إنها لغة الطير التاوية في بحة الحاء والحلم وما شاكلهما من نعوت، فيما القبلة نبع رقراق على شاطئيه يولد الأحلام الوردية
القبلة
«نبع صاف
ممتشق
لون الورد
اطلق بين ندارات النور هديله* ص12
ونجد الشاعر عبدالسلام مصباح في قصيدة «ارتجاح العشب الأخضر» يقول
[سَيِّدَتِي،
مِنْ عُمْرِي البَاقِي جِئْتُ إِلَيْك،
لِنُرَتِّبَ أَوْرَاقَ الِبَوْحِ
وَنَرْشِفَ مِنْ سِحْرِ الْحَرْفِ
غِوَايَاتِ الْحُبِّ…
وَحِينَ يُدَثِّرُنَا النُّورُ الْمُورِقُ
نَفْتَحُ في الْمُفْرَدَةِ الْمَشْلُولَةِ
أَبْوَاباً
وَنَوَافِذَ…
تَدْخُلُهَا كُلُّ عَصَافِيرِ الْغَيْمِ
مُحَمَّلَةً بِالْحُلْمِ الْمَرْشُوقِ
وَبِالْعِشقِ] ص17
وفي قصيدة «بطاقات الى الغاوين» يهدي بطافة محبة بمناسبة اليوم العالمي للشعر الى كل غواة الشعر
[جُموعَ الأَحِبَّه،
خَرَجْنا مِنَ الشَّرْنَقَه
وَجِئْنا
لِنُرْجِعَ لِلْحَرْفِ أَلْوانَه ُالْباهِيه،
وَنَفْتَحً لِلشَّمْسِ
لِلْعِشْقِ
لِلْبَوْحِ…
بَوابَةً
في وَرِيدِ الْقَصيدَه.] ص87
وضمن هذه البطائق يخص الشاعر عبدالسلام مصبح مدينة أبي الجعد حيث طراوة وعبق التاريخ المحمل بالروحانية العميقة ترين على المدى فتكسبه إهابا قشيبا من القدسية
[جموع الاحبة
هنا
هنا في ابي الجعد
ينثال حرفان
حرفان
حاء وباء] ص99
وفي بطاقة محبة يهديها للعراق وشعبه
[عِرَاقُ
سَلاَماً …
سَلاَماً مِنَ الشِّعرِ وَالشُّعَرَاءِ
لِحُلْمٍ يَشُقُّ خُطَاهُ إِلَى مُقْلَتَيْك
لِسِرْبِ طُيُورِ
يَحُطُّ الرِّحَالَ عَلَى رَاحَتَيْك
لِنَخْلٍ
يُغَازِلُ فَجْراً عَلَى ضِفَّتَيْك
لِطِفْلٍ يُخَاتِلُ دَبَّابَةً
لِشَيْخٍ يَهُزُّ جُذُوعَ النَّخِيلِ
فَتُرْسِلُ أَوْرَاقَهَا طَلْقَةً
وَزُغْرُدَتَيْنِ .
عِرَاقُ …
سَلاَم الْفُصُولِ الْخَصِيبَهْ
وَسَيِّدَةُ الْمَطَرِ
لِبَغْدَادَ وَالْكُوفَةِ
لِكَرْكُوكَ وَالْبَصْرَةِ
وَلِلْفَلُّوجَةِ
وَلِلنَّجَفِ الأَشْرَفِ …
فَتَحْتَ ثَرَاهَا يَنَامُ الشَّهِيدُ] ص105
فيما يوجه سلامه لمدينة الحسيمة الصامدة المثقلة بالعديد من الأوصاب والنكران والإقصاء ويشيد بماضيها التليد الضارب في العتاقة، ببطاقة إلى المدينة الفينيق
[حسيمة
سلاما
سلاما يا ايتها الارض البهية الطيبة
المفعمة باريج التاريخ
يا مدينة اسكنتني عينيها
وقيدتني بالهوى
وبالحنين] ض111
وينهي ترحاله مع العشق والمحبة بقصيدة «الطفل القدسي» مخلدا مأساة استشهاد الطفل محمد الدرة
نَامَ مُحَمَّد،
نَامَ عَلَى إِيقَاعَاتِ الْغَضَبِ الْمُتَوَهِّجِ
وَالْحَجَرِ الْمُخَضبِ بِالْعِشْقِ
وَبِالْمَوْتِ
وَبِالْبَعْثِ ..
نَامَ مُحَمَّد،
نَامَ ..
فَمَا قَتَلُوهُ،
وَمَا صَلَبُوهُ،
وَلَكِنَّهُ نَامَ ..
نَامَ . . . لِيَحْلُمَ بِالْحَقْلِ
وَبِالشَّاةِ
وَبِالْكُؤَّاسِ
وَبِالزَّيْتُونِ الْمُثْقَلِ بِالْحَبِّ
وَبِالْجَمْر…ِ
نَامَ مُحَمَّد،
نَامَ
عَلَى شَفَتَيْهِ
تُزْهِرُ أَشْجَارُ الَّلوْزِ
وَأَشْجَارُ الْحُبِّ
وَتَمْرَحُ أَلْفُ فَرَاشَاتٍ] ص 119
الملفت للانتباه هو تردد العديد من الكلمات التي توحي بحرف الحاء، مثل الحب والمحبة والبوح والحنين، فتكررت بشكل قصدي ومتعمد «حرف الحاء»، و»حرف الباء»، و»حاء وباء»، أو على شكل اعتراف وبوح «أحبك»، وقد تعددت كلمة «الحلم» بشتى صيغها ورؤاها تسعا وأربعين مرة، بينما ترددت كلمة الحب أكثر من ذلك مما يفسر روح المحبة والتحاب والبوح والاحترام الذي يحمله فؤاد الشاعر عبدالسلام مصباح.. إنه بوح بسعة الحلم الذي يعني الطوح للمجد، وبالحب الصافي، وبالحياة الجميلة، وبالحنان
نشيد الحلم- نورسة ص 9
عشب الحلم – ص 10
خيول الحلم – ص 15
– «محملة بالحلم المرشوق – ص 19
لتؤثث بالحلم فراغات العشق – ض21
– «ونيرانا محملة بالحب والحلم – ص25
-»امرأة تعبر أحلام الشعراء – ص26
– ويسلمنا للحلم – ص33
مثقلة
بعناقيد الحلم – ص 37
والحلم المتسربل – ص40
– وفوق سهوب الحلم – ص44
– توشح مثلي بالحرف
وبالحلم – 45
– والحلم المتوشح بالحلم – ص46
– فةق حقول العشق المتوهج
او بين تضاعيف الحب – ص49
– فترى حلمك
هذا الناصع والأطهر- ص50
– ورحت أعانق فيك حلما – ص57
– ادخلي غابات الحلم الاخضر – ص57
احلم
أحلم بامرأة – ص63
أحلم
أحلم بامرأة قادرة
أن تتخلص من منفاها – ص 63
– أحلم
أحلم بامرأة قادرة
أن تسمح للطفل الرابض في أعماقي – ص65
– «أحلم
أحلم بامرأة قادرة
ان ترسم برج النهد – ص66
– «احلم بامرأة قادرة
ان تتجدد عشقا في اليوم – ص67
– كانت تأتيني في عز الحلم – ص73
«والنور
والحلم – ص76
«والحلم المغتال – ص79
في نهر الحلم – ص82
وتبقى فب شجري
اعشاش الحلم – ص82
-ممنوع ان تدخل بين الحرف
وبين الحلم – ص 85
وفي حرفنا يورق النور
والحب والحلم – ص90
اتينا لنبدر حرفا
وحلما – ص92
يغمرنا بالحلم الغابر – ص97
– جداول الحلم
للألفة الباسقة -ص102
ويبق لنا حلنا المورق – ص103
نطفة الحلم والحب – ص 103
لحلم يشق خطاه
نحو مقلتينا – ص 107
خلف اشراقة حلم – ص 114
وتذبل الاحلام – ص ص114
نام ليحلم بالحقل – ص121
ترفل في الحلم الفاتن والخصب – ص 121
ويحلم بالزيتون المثقل بالحب – ص 121
واحلام الايام المغمورة بالمتعة – ص122
وفي عينيه يورق حلم»
يفتح ااحام مساحات – ص126
***
وقد حظي ديوان «تنويعات على باب الحاء» بعدة قراءات من طرف القراء، وهذا يشي بأهمية الديوان، وغناه الأسلوبي، وبداعة صياغته، وجمالية صوره الشعرية، وجزالة تعابيره، ومتانة لغته، وباعتبار أن «كل قراءة هي إساءة قراءة « بتعبير الناقد الأمريكي فنسان ليتش، وهذا الاختلاف والتنوع في الرؤى يسبغ على العمل الإبداعي عمقا ويضفي عليه جمالية خاصة
يقول الشاعر والناقد المغربي عبد العزيز أمزيان* ضمن قراءة وافية بعنوان: «جمالية المشاهد في ديوان «تنويعات على باب الحاء» للشاعر عبدالسلام مصباح
[حين تضع بين يديك ديوان الشاعر عبد السلام مصباح، لتقرأ ما جادت به قريحته من أشعار، وما فاضت به روحه من خلجات، تدهشك اللغة الباذخة، التي تنبع صافية، من وجدان رقيق، وترشح عذبة من قلب شفيف، يرسم بها لوحات فنية فائقة الجمال، وينحت من خلالها مشاهد جمالية ساحرة البهاء،]
ويقول حميد ركاطة* في ختام قراءة له بعنوان، «قراءة في ديوان تنويعات على باب الحاء « للشاعر المغربي عبدالسلام مصباح
[«تنويعات على باب الحاء»، سفر في لذيذ الشعر وأعذبه، أقرب إلى الوجدان والروح. بتحولها إلى مواويل وتنويعات أنغام موسيقية على باب الحب والجمال» ما جعلها تتسم بحمولات وتصورات بليغة حول الحب، والحلم، والحرية، والأنوثة زادها رونقا تشكيلها البصري الدال المفعم بالتوتر والقلق، لتحوز فيه الكتابة والتشكيل مساحة جد مهمة عكست لذتها وفرحها وتوهجها ورمزيتها المكرسة لثقافة الاعتراف المتجلية من خلال الاهداءات العديدة، واستعاراتها المبتكرة المرتكزة في تشييدها أساسا على الأنسنة]
ويستهل المصطفى فرحات* قراءته الموسومة بــ»ثلاثية الحلم والعشق والحرف قراءة في ديوان «تنويعات على باب الحاء» للشاعر المغربي عبد السلام مصباح» بترسانة من الأسئلة حول إشكالية العنوان ودلالته الأيقونية
[ونظرة سريعة لعنوان الديوان «تنويعات على باب الحاء» يطرح لدى المتتبع لتجربة الشاعر أسئلة عدة منها: ما علاقة نصوص هذا الديوان بنصوص ديوانه السابق والمعنون ب«حاءات متمرة»؟ هل هي استكمال لنصوصه؟ أو إعادة لصياغتها؟ أم هي نصوص متفردة لا علاقة لها بنصوص ديوان «حاءات متمردة»؟ هذه الأسئلة تبدأ في الإجابة عن نفسها كلما توغلنا في قراءة الديوان حيث نلمس ملمحا رئيسيا في هذه علاقة الديوانين مع بعضهما وهو ما يمكن تسميته بالتناص خصوصا فيما يتعلق بحضور المرأة في الديوانين حيث حضيت فيها بالنصيب الأوفر بالمقارنة مع تيمات أخرى اشتغل عليها الشاعر]
ويعنون مسلك ميمون* قراءته بــ: أسلوب التّكرار في ديوان ”تنويعات على باب الحاء” للشّاعر عبد السّلام مصباح
[يهمنا من دراسة الديوان الجانب الأسلوبي، و بخاصة ظاهـــــرة التكرار التي لا تكاد تخلو منها قصيدة . و قبل الخوض في ذلك نشير أن أسلوب التكرار في الشعر قديم يعود إلى العصر الجاهلــي، و مـا قالته العرب في خطبها و أسجاعها و أشعارها كما نجده في الأحاديث النبوية الشريفة ، و القرآن الكريم .. و يؤتى به لا على سبيل الإطناب و الإسهاب .. و لكن لغاية أسلوبية بلاغية كالتحريض، أو التّوكيد، أو كشف لبس ، أو إبعاد، الرتابة والملل]
***
حالات من الشعر تفيض بالحب والحلم والبوح والاحتمال.. والتحنان إالى الأحبة.. يجتهد الشاعر في اجتراح كلمات، وإنشاء صور شعرية بليغة لتجسيد الحضور الدلالي للأشياء في أبهى تجلياتها باعتبار الكلمات حمالة معاني، ورسائل صريحة في المحبة.. على شريعة الشيخ الأكبر محيىى الدين بن عربي
فعلاوة عن ما يمحض خلانه من تقدير، ويؤترهم بشعره فإننا نجد الحضور الطاغي للشهيدين لوركا وبابلو نيرودا، والبطل محمد بن عبدالكريم الخطابي، وذكر رفاق الكلمة عبدالكريم الطبال وإسماعيل زويريق عدا الذين شملتهم الإهداءات بالذكر
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
– ديوان «تنويعات على باب الحاء» هو الإضمامة الإبداعية الثانية للشاعر عبدالسلام مصباح، صدر عن مطبعة دار القرويين، بمدينة الدار البيضاء، غام 2011، 126ص
لسان العرب، حرف الحاء
قصيدة «زيارات» – صص69
قصيدة «نورسة» – ص3
قصيدة «القبلة» – ص12
قصيدة «ارتجاج العشب الأخضر» – ص19
قصيدة «بطاقات إلى الغاوين» – ص 87
قصيدة «بطاقة إلى أبي الجعد» – ص99
قصيدة «بطاقات إلى العراق» – ص105
قصيجة «بطاقات إلى المدينة الفينيق» – ص111
قصيدة «الطفل القدسي» – ص 119
عبدالعزيز أمزيان: جمالية المشاهد في ديوان «تنويعات على باب الحاء» للشاعر عبدالسلام مصباح – أنطولوحيا السرد العربي
حميد ركاطة: قراءة في ديوان « تنويعات على باب الحاء « للشاعر المغربي عبد السلام مصباح – طنجة الادبية
المصطفى فرحات: ثلاثية الحلم والعشق والحرف قراءة في ديوان «تنويعات على باب الحاء» للشاعر المغربي عبد السلام مصباح
مدونة مسلك ميمون: أسلوب التّكرار في ديوان ”تنويعات على باب الحاء” للشّاعر عبد السّلام مصباح.
—————-
رسالة من أحمد بهيشاوي الى عبد السلام مصباح
أخي الكريم الشاعر عبد السلام مصباح
وأنت تحتفل بيوم عيد ميلادك البهي21/03/2013، الذي يصادف اليوم العالمي للشعر من كل سنة، ها أنا أنثر أريج مودتي بين مدارات عبورك المرمري وعبوره. وليس صدفة أن تحتفل أنت بولادة الشعر، كما يحتفل هو بولادتك، فأنتما صنوان، يوم ولادتك هو يوم الاحتفال بولادته، تتجدد ولادتك بولادته، كما يتجدد هو بأصلاب روحك، يحلم بالارتواء منك، كما تحلم أنت بالارتواء منه، أنت توأم روحه وحامل سره، يسكن في كأس زهرة عمرك، يثمل روحك بنبيذه، لا يسكن قلبَك النديَ سواه قصائدك شذاه…دائما يرتجي بلل قطرك البهي؛ كلما فتحت نوافذ دواوينك …تسبر عبقه الساكن في دواخلك، تسامرك حدائق كلامه…ها هو يمنحك كل فصوله …وبالطبع ليست أربعة…
ها أنذا
أسمع صوته
آتيا
عبر وديان أشعارك
مسكونا برؤاك
أرى دهشتك
ترسم ظلال روحك
تتراقص على مرآة البياض
و المحو يعزف نشيد الحياة
على إيقاع اهتزاز الأحقاب
لا تكفيك كل بحور العشق
لتبديد السراب الساكن في دواخلك
عزيزي: لا تسع مجرات البوح في الكون كله، قصائد الأمنيات والألق التي أكنها لك وله في عيد ميلادكما المشترك، ترشح دواخلي بكل المحبة لك أيها النورس الجميل ، والمهابة منه .
صديقي الشاعر: إن ذاكرتك التاريخية والشعرية، وهي تسترجع لحظة ولادتك ،تسافر عبر الزمان والمكان، مجارية ما حمله ويحمله القدر لك، وما يخفيه عنك وما يعلنه لك…فثق بأنك تعيش لحظة الوجود في توتره الإشكالي مع سيرورته وصيرورتك، كما يعيشه الشعراء الآخرون معك…تحمل بين حناياك ضميرهم الجمعي، تعيش حالاتهم السيكولوجية والسوسيوثقافية والسياسية والفكرية والفلسفية والوجودية والجمالية في كل حالاتك الشعرية التي تزخر بوعي شعري وجمالي يطفح بأحلام ورؤى وآلام وتأمل في سيرورة وجودنا الإنساني.
يتملكني الآن سيل من الشوق والاحترام والاعتزاز لعلاقاتنا الصفوية الحالة فينا والحالة فيك، بكل ألقها وتألقها الرصين، لأنك شفيف كنسيم الصباح، بليل بمحبة الإنسان، كبير برؤاك وفي بوحك، فهنيئا لي بصحبتك، وهنيئا للشعر بإبداعك الذي يزيح ظلمة العراء ويغرس شتائل القيم الجميلة النبيلة من حب وحرية وحياة…،وطوبى للثقافة المغربية بشعرك، فأنت أحد أعمدتها المشرقة…
عزيزي الشاعر: إن شفافية شعرك من شفافية روحك، وروعة خطابك الجمالي ووعيك الشعري من بوصلة قلبك وفكرك التي تصيخ إلى نسغ روحك و هي في جدلية مع قضايا الإنسان الموجعة، وهي قضايا مشتركة كما تؤرقك توجع غيرك في هذا العالم الرحب…ولا مراء في ذلك،لأنه آت من منجم محبتك الكامن في دواخل الإنسان فيك، حيث أناه دائمة البحث عن المنفلت منها. أتعلم صديقي الشاعر أنك بهذا الحب الإنساني الأصيل، تسع كل هذا العالم في قلبك بكل ماهيته ،وتبدلاته فرحه وحزنه ،تمرده وسكونه،رفضه وقبوله…
شاعرنا الأبهى: إن مرحك وحبك للهزل في حياتك ساعة سطوة الجد وصعوبة مراسه وكبح ناره،والسخرية من المواقف الحرجة وتحويلها إلى مواقف كوميدية ،أحد تجليات روحك الطاهرة الجميلة الشفيفة التي يسكنها طفل جميل بريء ومشاغب، لا يحب الكدر بقدر ما يحب التأويل البسيط المبهج والنبيل والبريء؛ تلك خصائص شخصيتك لألقه وما أكثر محاسنها…
عزيزي أيها الشاعر المصباح المنير لك مني في هذا اليوم الشعري الكوني الجميل ، ألف قصيدة محبة ، وألف باقة ورد…
تحياتي أيها النورس الجميل الصادق في محبته كالشعر، ولعل محبتك أيها النورس الجميل للانطلاق.في فضاء الثقافة الرحب الجميل المحرر من قيود التفسخ والغربة والعراء…تشبه محبة النوارس لزرقة البحر والسماء ،فعشقك للحياة كعشق الأشجار لودق السماء…
أيها الجميل :لازال في القلب مشاعر تغتني بمحبتك، ولازال في الكون متسع للشعر، فاصدح بالشعر يا طائر الشعر ،وغن للحياة بناياتك الحبلى بنبلك وصدق مشاعرك، فهديل شعرك قدح لجمال الكون وترميم للخراب فيه.
التوقيع
صديقك أحمد بهيشاوي الذي لا تنضب روحه من عشق للشعر ومحبتك
بني ملال
ليلة الخميس
21/03/2013
————————-
رسالة الى صديقي الشاعر عبدالسلام مصباح
عبدالعزيز أمزيان
مساء العطر صديقي البهي عبدالسلام مصباح.
في الواقع لا أعرف كيف سارت الأمور على هذا النحو المقلوب؟ ربما هي الحياة تريد أن تناكفنا كي تختبر قدرتنا على التحمل وشجاعتنا على استكناه القواعد الشاذة كي تعودنا على تقلباتها وتكشيرتها . كان يجب في الأصل أن تكون الرسالة الأولى لك في تقدير الحساب لكنها جاءت هي العاشرة في عدد الرسائل التي أكتبها تباعا الى الأصدقاء/ الأدباء ذلك لأن أول شاعر التقيت به عندما انفتحت ذاتي على أشرعة السفر كان هو أنت أخي عبد السلام .ما زلت أذكر التقيت بك برفقة المبدعة مريم بن بخثة والشاعرة كريمة دلياس في القطار حيث كنتم أيضا مدعوين الى المهرجان الوطني الخامس للشاعرين بنسالم الدمناتي وعبد الناصر لقاح من قبل جمعية الأفق التربوي بمكناس 16/17/ ابريل سنة 2010 تحت شعار الشعر وبناء القيم سهر على تنظيم هذا الحفل الشاعرة نعيمة زيد الاستاذة الرائدة في العمل الجمعوي. ما زلت أذكر كل التفاصيل: بدوت شاعرا مختلفا، كان لوجهك ملامح طفولية ،رحيل نحو ذاكرة غائرة تعود بالمرء الى مرحلة السبعينيات حيث كان العالم ما يزال يحتفظ بقسمات وجهه كما هي لم يكن تزين- بعد- بالمكياج أو وضع الكحل في عينيه كما هو الحال الان . هكذا رأيتك صافيا من كل الشوائب كنت أتأمل حديثك بنوع من الدهشة لأنه أعادني الى الماضي البعيد حيث كانت الفراشات تفتح لنا أزرار الشمس بوداعتها وخفة رفرفتها القريبة منا حتى ليتخيل لنا أنها انبعثت توا من أرواحنا .رأيتك تحلق في الضوء، تكبر في الأرواح كدوح. ترسم مرايا الشعر بخطوط الورد وتنحت الحرف بعبق النسيم وسحر المجاز. كم تكون جميلا وأنت تنثر حرفك في حدقات الفضاء. تبدو كما لو جئت من رنين المساءات وردهات الغيم وسحنات الفجر ،ترشفك القصائد بتؤدة وروية كما لوتود أن تعطيك لون البياض وعطر الاقحوان وسحر الغصون المائلة وجمال البرد الناعم وروعة الماء المتدفق. كم تتعدد في زهر الحرف! تورق أنفاسك في نهره العاري. ترسو حدائقك في مراسي الشمس، فيتناثر العبق في الأفق معانقا غفوة المساء وانشداه الأفواه في صحوة الولادة. وأنت بين وردتين وقبلة تنزلق من قنديل الشفق ،تغمس جناحيك في زخات الفجر ملاكا يحلو له أن يتمدد بين هسيس الشفتين ونبع القبلة الصافية حيث تطلق هديلك بين رفرفات النور ومدارات الحبر في لوح نورستك الهاربة منك اليك . يحترق جسدك وتشتعل نار الشوق في فؤادك حين تتعرى نوستك تمسي بحرا يجري بأمواجه المتدافعة كي يغسل عينيه بجمال جسدك الفتي . تشتعل كل قصائدك بجمر العواطف وجدوة الهيام وسيدتك حين يسكبها القلب في نهر الحياة تقول بملء اشتهاء :
مقطع من قصيدة للشاعر عبد السلام مصباح بعنوان: توقيعات على سيمفونية الخصوبة.
كم يطيب لي أن أعوم في نهر حرفك ! أشعر أني أتجدد! مياه تطفو باردة ،نوارس تحلق في سمائي ، أحلام تطير في غيم ليلي ، ألحان ترشف وحشتي ،أسحب القصائد الى موائدي فتكبر في روحي الحياة، ويزهر الأمل مثل الرنين في مساحات العمر.
——————-
شاعر ظلمتة الزبونية والإخوانية
د. عثماني الميلود- المغرب
تحية إلى الشاعر،
تحية إلى محبي الشعر..،
مطلوب منّي أن أتحدث عن صديق، عن صديق مهنته توزيع الكلمات ،وصناعة الصور وتوليد الخيال في أزمنة الخواء والقحط…إحساس المرء وهو يتحدّث عن صديقه كأنه ينتزع أجنحة طالما غطته…أو كأنما ينظر إلى داخله ليعبر إلى شرايينه وإلى شعوره…الصديق ،كما يقول دولوز،هو طرفك الآخر الذي تراه ولا تراه…هو صورتك المطبوعة في ظلّ الكلمات…هو أن تنتزع جلدك لتراه…عبد السلام مصباح أكبر من أن تسعه الكلمات…أكبر من أن تختزله إشارة أو عبارة…
إنّه الصديق الذي يبتكر فيك صورة الألفة والحب والسعادة…إنه مضياف لدرجة أنه يدعوك ،دوما، لحفلات حينما تخرج منها لا تعرف هل أنت سعيد أم حزين…وتخرج منها كأنك قد ضيعت طريقا وبدأت تحب كل الطرقات.
هل بوسع رجل يحبك مثلي ..
أن ينظر إلى عينيك
ويقول: إنّ الحياة رائعة
هل تذكر…في أول لقاء …في مكتبة في درب مولاي الشريف…في ذاك الصباح المشمس والدنيا كأيّ فاتنة مليحة تبحث عن من يعمّدها…كانت سنتي الأولى بمدينة الإسمنت واليقظة القاتلة (الدار البيضاء)…كنت ما زلت أبحث عن صداقات…عن رحم يأويني من غربتي…وكان عليّ أن أتوسل الكتب كي ترسم صورة الصداقة الجميلة…وألتفت إليّ…كأي شمس توزع مودتها وقبلاتها في رحلتها /سفرها الكونيّ…وكان حتّى كان…كانت صداقة وأبوة ومتعة…وكان لقاؤنا ضروريا… ضروريا جدا…صرت جسري لطرق المحبّة وبيع الصداقات الجميلة…والأجمل في ذلك رحلتنا الى عوالم الشعر الإسباني الحديث…كنت أقرأ لوركا وألبيرتي وخيمينيث وبيكير…مترجمين ،وكنت أفتقد حرارة الجسد /الأسلوب وفعل اللغة…ولمّا تصافينا صرت أصحبك إلى أشعار /حيوات هؤلاء من خلال لغتهم /أسلوبهم/ جسدهم حتّى اعتقدت أن الشعر لم يكن إلاّ أندلسيا، وأن الأشعار الجميلة ليست قارّة سوى قرطبة وأحراش وادي الحجارة وأزقة مدريد…كان جميلا منك أن تشرك كثيرا من القراء المغاربة في هذا الحلم الأندلسيّ…وكأنك تقتفي صورة من الذاكرة، صورة الفتى الأندلسي وهو يبحث عن هوية ضيعتها العصبيات والديكتاتوريات وطواها غول النسيان…
أشهد أنك أنشط مترجم من الإسبانية …وأشهد أن النقد مجحف وخائن وجائر ومنحاز ومرتزق…وأن وباء الإخوانيات وشعراء الأحزاب والملحقات تسببوا في خسارات كبيرة للشعر…وهاهم الآن يكفنون القصيدة برداء الرياء، وصور الرداءة ،ويحتفون بالشعراء ويموت الشعر ،أشياء كثيرة…يا عبد السلام ضاعت …وصرنا متعبين من النفاق كجنود عادوا من معارك مزيفة…خضناها بالنيابة لصالح ديكتاتوريات عطبت الشعر وسفحت دماء عشاقه…
هل يستطيع الشعر أن يؤرخ لمعالم توهج فضاء المدينة؟ وهل تستطيع القصيدة أن تغطي الثغرات المكتنفة لسجل التاريخ ؟ وهل يؤسس القول الشعري لمعالم رصد تطور تاربخ الذهنيات في علاقته بنغيرات الواقع المادي؟ وكيف يمكن للقصيدة أن تساهم في توفير جزء من المادة الخام للتوثيق لإبدالات التاريخ الثقافي والتراث الرمزي الدال على تساكن الفرد والجماعة مع عطاء الواقع المادي المباشر ؟ أسئلة متناسلة، تفرضها سياقات صدور ديوان» في مديح اللؤلؤة الزرقاء «، خلال مطلع السنة الجارية ( 2015 )، في ما مجموعه 128 من الصفحات ذات الحجم الصغير. فهذا العمل عبارة عن ترجمة راقية من اللغة الإسبانية إلى اللغة العربية لمجموعة من النصوص الشعرية أنجزها شعراء ينتمون لأجيال مختلفة غطت عقود القرن الماضي من بدايتها إلى نهايتها، التقت في الولع بفضاءات مدينة شفشاون وفي الافتتان بعوالمها العميقة وبنوسطالجياتها المتجددة. ويبدو أن هذا الديوان، الذي أشرف الأستاذان محمد أخريف وعبد السلام مصباح على ترجمة كل قصائده، قد استطاع أن يعيد تركيب العديد من التفاصيل اليومية والجزئيات الحميمية في أشكال تطويع الإنسان لخصوبة المكان، بحكم انتظامها في سياق الرؤى التفكيكية للشواهد المادية والرمزية وللوجوه وللألوان وللأشكال وللحركة داخل فضاء مدينة شفشاون. هي رؤى جمالية تحسن التقاط نقاط الحسن، المادي والرمزي، ثم إعادة صياغته في إطار جمالي يتجاوز اللحظة الآنية، ليكتب لعناصر تأملاته وتشريحاته كل صفات الخلود والبقاء. ولعل هذه الميزة تشكل مدخلا لاستثمار عطاء الكتابات الإبداعية التأملية في جهود كتابة التاريخ الثقافي المحلي، لاعتبارات متعددة أهمها قدرة المبدع/ الشاعر في هذا المقام، على التقاط تفاصيل ونقاط ضوء لم تلتفت إليها عين المؤرخ المتخصص بحكم انتظامها خارج منطق كتابته التجميعية المنهجية الصارمة. ولقد انتبه الأستاذ رضوان السائحي إلى قيمة هذا المعطى، عندما قال في كلمته التقديمية للديوان: «تبرز علاقة الشاعر بالمدينة من خلال الترسبات المتراكمة لمرحلة معينة عاشها بين أزقتها وفضاءاتها المختلفة من بيت وكتاب ومدرسة وفضاءات اللعب…كالطفولة أو الشباب أو بعضا من عمره. وقد استطاع داخل هذا الإطار أن يرصد التحولات التي طرأت على المدينة كفضاء واقعي وتخييلي في نفس اللحظة التي يجسدها النص الشعري الذي يغدو فيما بعد ذا قيمة معرفية تسهم في توثيق جزء من تاريخ هذه المدينة … « ( ص. 8 ).
يحتوي الديوان على ثلاثة عشر قصيدة لشعراء ينتمون لمجالات جغرافية مختلفة، توزعت بين أمريكا اللاتينية وأوربا والمغرب، التقت في هذا الحب الفطري لحاضرة شفشاون ولعوالمها الحميمية المنفلتة من الزمن والمكتسبة لشروط أنسنة الواقع المادي، يتعلق الأمر بكل من كارمن كوماتشو، وخاثينطو لوبيث غورخي، وخديجة شمس محمودة، وأنطونيو رودريغيث غوارديولا، وأنطونيو غالا، وأنخيلا فيغيرا، وفرانشيسكو سالغيرو، وألفريدو بوفانو، ومحمد المامون طه.
لقد استطاع هذا العمل إثارة الانتباه لمعالم البهاء الحضاري داخل فضاء مدينة شفشاون، كما استطاع التقاط الكثير من مكونات التراث الرمزي، المادي والمجرد، ثم إعادة الاحتفاء به في إطار إنساني واسع. وفي ذلك إنصاف لذاكرة مدينة شفشاون ولنزوع التأصيل لقيمها الثقافية العميقة التي تطلب أمر صقلها وتخصيبها عقودا وقرونا زمنية طويلة، تلاقحت فيها حضارات شتى وارتوت عبرها تطلعات أصيلة نحو الانصهار في ملكوت الجمال وفي عوالمه الإبداعية والإنسانية الراقية. هي قصائد تحتفي بالوجود وبالمكان، لتعيد الاغتراف من عبق التاريخ وتحويله إلى مرتكز للتأمل وللتفكيك وللتوظيف. وفي كل هذه العناصر، تنهض مهام المؤرخ المتخصص في رصد إبدالات التاريخ الثقافي لكي يبلور عدته المنهجية لاستثمار مثل هذا النوع من الكتابات التي تساهم في التوثيق لما لا يمكن التوثيق له في إطار الكتابات التاريخية الحدثية التخصصية الحصرية. وإذا أضفنا إلى ذلك روعة النرجمة العربية التي أنجزها الأستاذان أخريف ومصباح، أمكن القول إننا أمام إصدار متميز لا شك وأنه يقدم مادة دسمة لكل عشاق مدينة شفشاون ولكل المدمنين على الولع بأزقتها وبدروبها وبساحاتها وبجدرانها وبوجوهها وبكل ما خلفه تساكن الروح مع الطبيعة في هذه القطعة الأندلسية الفريدة التي تختزل صفات « أندلس الأعماق «، كتراث حضاري وكامتداد تاريخي وجغرافي لا شك وأنه يشكل عنصرا مميزا داخل تركيبة الهوية الثقافية المغربية الراهنة.
ولإنهاء هذا التقديم المقتضب، نقترح الاستئناس ببعض مما ورد من نصوص بديوان «مديح اللؤلؤة الزرقاء»،ففي ذلك اختزال لمجمل الخصائص الجمالية والثقافية في نسق الكتابة المهيمنة على روح الديوان، حسب ما أوضحنا معالمه أعلاه. ففي قصيدة « روح الشاون «، تقول الشاعرة خديجة شمس محمودة:
« أمشي بأزقتك المنعرجة
بمنازل زرقاء
وأبواب مقوسة،
أنظر لمساعدين
كرسوا تصورهم لسحرك الألفي.
في ممراتك الضيقة المعدة
ليبق الناس متقاربين،
تنام أنوار القمر
وشموس ذهبية.
مانحة أجنحة
لحلمي المدريدي المشاء»(ص. 22).
وفي قصيدة « مقهى المغاربة «، يقول الشاعر الأرجنتيني ألفريدو بوفانو :
«في مقهى الشاون
تركت الساعات تجري
بين مغاربة صامتين
يلعبون الشطرنج.
من فونوغراف لا يصدق
ينساب صوت امرأة
تغني أغاني عربية
على أنغام رباب حزين.
من نوافذ ضيقة
يدخل هواء جبلي
فيمتزج عبيره
برائحة الكيف والسعوط …
… بين قمم الشاون
ترفع إفريقيا مجدها.
في روحي تبكي أودية
لكن لا أعرف لم …»(ص. 90 – 94)
———————
مخطوطة الأحلام ووساوس بن عمار
أشرف دسوقي علي- مصر
المعتمد بن عباد في عيون المبدع الشيلي سيرخيو ماثيياس Sergio Macias
مولاي وصديقي ابن عباد, معذرة, أعرف أنك تستنكر وجودا مثل وجودي هذا وملفوفا في حصير قديم, مختبئا, وأنا وزير,وصفيك, وحبيبك الوحيد, وقد تتساءل يامولاي لماذا فعلت ذلك…إجابتي غريبة ومزعجة, رأيت وأنا نائم هاهنا- معك علي وسادة واحدة- كابوسا مزعجا, رأيت أنك تشهر سيفك وتنوي قتلي!, فأثرت السلامة, وقلت أتسلل إلي مكان لا تعلمه, أنجو بنفسي منك…كانت هذه هي وساوس الوزير بن عمار خدن المعتمد وصديق لهوه وكاتم أسراره, الصعلوك الذي صار وزيرا, وصديقا صدوقا للملك الفتي الشاب الذي يصغره بعدة سنوات, وكان سببا في زواجه من الرميكية الأمة, بل ابن عمار الشاعر هو الذي اختار للرميكية اسمها, اعتماد, ليصبحا المعتمد واعتماد!! ولاشك أن في ذلك لونا فنيا بديهي أن يصدر عن شاعر, لكن المرض النفسي الذي تملك ابن عمار الوزير طار بلبه, كانت أيام الصعلكة أكثر رأفة به, كان فقيرا شريدا ليس لديه ما يخاف عليه, لكن بعد الوزارة, ثقلت التركة, واشتدت الرفاهية, واستبدت الأطماع والغيرة من صديقه الملك, الذي هو بالأساس سبب ما هو فيه من خير ونعمة, واشتد غيظ الرميكية اعتماد من وطادة الصداقة التي بين الخدنين, وأصبحت الغيرة متبادلة بين الرميكية الزوجة, وابن عمار الشاعر الصديق الوزير, واقترحت اعتماد أن يتوجه ابن عمار بجيش كبير كي يحارب, استجاب المعتمد لطلب الزوجة الحبيبة وهو يعرف مقصدها, لكن ابن عمار عاد منتصرا قويا, ليقربه الملك أكثر ويوليه ولاية, وما وثق ابن عباد في أحد كما وثق في ابن عمار, وما أحب أحدا كما أحبه, لكن هاتف ابن عمار لم يتجاوزه, وظل يؤرقه, ويفسد عليه صحوه ومنامه, ماذا يفعل من يواتيه يوميا هاتفه ليوقظه من نومه ؟!, فر من ابن عباد فهو لا حالة قاتلك!, ويطمئن ابن عباد صديقه دون فائدة, حتى يشي الوشاة ويوغرون صدر ابن عباد بالفعل, فيأمر بحبس ابن عمار, ثم يتعاطف مع صديق عمره ويزوره في محبسه ليطمئنه بأنه سيطلق صراحه وسيتجاوز عن قذفه للرميكية وما قاله من حديث سوء عنه وعنها, وينظر ابن عمار لسيف ابن عباد قائلا:-كل شئ انتهي؟, جئت بسيفك تجهز علي؟, لكن ابن عباد يطمئنه قائلا هل أقتل توأمي؟, ويتسرب خبر الإفراج عنه, ويشيع بعض الخبثاء أنهم سمعوا ما دار بينهما, وقرأوا ورقة خطها ابن عمار بيده وسربها يقول فيها أنه سيعود أقوي مما كان عليه قبل السجن وسينتقم من الجميع!, جن جنون ابن عباد وعاود صديقه, ومعه حديدة عظيمة في يده, وينكر ابن عمار حدوث ذلك, لكن ابن عباد يواجهه بالورقة وبخطه, فينهار ابن عمار ويطلب العفو والصفح, فينهال عليه المعتمد ضربا علي رأسه, ولا يتركه إلا جثة هامدة, ويفيق من فورة غضبه ,ليري ما صنعت يداه, فيبكي صديق عمره بكاء حارا, وتتحقق وساوس ابن عمار, إن لم يكن هو شخصيا قد ساهم في تحقيقها, حتى صارت حقيقة …تزامنا مع قصة المعتمد بن عباد مع صديقه ابن عمار, وقصة حبه للرميكية الأمة التي كانت أمة لرجل أندلسي أنجب منها طفلا لم يلبث هذا الطفل أن توفي, وفي احدي جولات الصعلكة مع صديقه ابن عمار, يعجب المعتمد بالرميكية, ويبدأ حوارا معها, ويعرف قصتها,وتتساجل الشعر معه, في أبيات تعذر علي ابن عمار أن يجاريه فيها, ويطلب منها أن يذهب سيدها إلي قصر الملك, ويتنازل الرجل طواعية عن الرميكية ليفوز بها المعتمد, في هذه الأجواء, كان للمعتمد صديق شاعر أخر, هو ابن زيدون, وقصته الشهيرة مع ولادة بنت المستكفي, وكان له دور هام في تثبيت ملك المعتمد, ثم أجواء رابعة, هي الصراع الدموي بين ملوك الطوائف بعضهم البعض, وكان المعتمد فارسا شجاعا, قادرا علي أن يقهر كل هؤلاء الملوك, دون استثناء, أما الجو الخامس, فكان الصراع الأزلي مع الملوك المسيحيين, وكان ألفونسو يمثل الخطر الكبير علي ابن عباد وكل ملوك الطوائف في ذلك الوقت, وكان ابن عباد الشاعر الرقيق, والمحب الرومانسي والصديق الوفي والمحارب الشجاع- رغم كل هذه الصفات الرائعة- كالعادة يخشي ألفونسو, وقد دفع له الجزية وعقد معاهدة سرية معه ضد ملوك الطوائف الأخرى المسلمين !!و لكن قوة واستبداد ألفونسو ازدادت, وطالب بمزيد من الجزية, واستفاق ابن عباد ليري أن الإتحاد قوة, وأنه آن الأوان للتوحد العربي الإسلامي ,فاستعان بالمرابطين, وعلي رأسهم يوسف ابن تاشفين, ولم يكن يوسف متحمسا في البداية, لكن ابن عباد بذكائه, أطلقها مدوية « رعاية الإبل خير من رعاية الخنازير!»- أن أكون أسيرا ليوسف بن تاشفين خير من أن أكون أسيرا لدي ألفونسو لدي ألفونسو, وتشجع ابن تاشفين وهب لنجدته وانتصر المسلمون في الزلاقة نصرا مؤزرا ونجا ألفونسو بإعجوبة, لكن الدسائس والمؤامرات كانت بالمرصاد فدب الخلاف بين المرابطين وملوك الطوائف, وبين ملوك الطوائف بعضهم البعض, وتألم ابن تاشفين للحال التي وصل إليها ملوك الطوائف من خلاف وعربدة وتقطيع للأواصر, وأفتي أكبر الأئمة في ذلك الوقت- الإمام الغزالي- بأحقية ابن تاشفين في حربهم وتأديبهم, ودارت رحى الحرب, الإسلامية الإسلامية, وسطا ابن تاشفين علي معظم المدن, وتصدي المعتمد بكل قوة, وابدي صمودا وشجاعة منقطعة النظير, لكن لكل شئ حدود, انهار المعتمد أخيرا, وأعلن الاستسلام, وأخذ أسيرا هو وبناته وزوجته الرميكية, ولم تحتمل الرميكية الذل فتوفيت بعد قليل من الأسر, وتحول بنات العز إلي حائكات للملابس يعملن بالغزل, وكان المعتمد يتفطر بكاء من هيئتهن بعد أن جار الزمان عليه وعليهن, وقضي نحبه في محبسه بعد سنوات أربع في أغمات بالمغرب, لتنتهي قصة تتجاوز الخيال- هكذا الشرق واقعه أكثر غرابة من أي تصور- لكنها حدثت بالفعل..كان كل أبطالها ينتمون إلي عالم الواقعية السحرية, الملك ابن عباد الشاعر الرقيق الفارس الشجاع المحب الوفي القاسي الخائن الأسير,واعتماد الأمة الملكة الشاعرة الأسيرة, وبنات الملك المرفهات اللاتي تحولن لنسج الخيوط للتكسب وبالقرب من والدهن الملك الأسير الذي مالأ ألفونسوو حارب المسلمين, وابن عمار الصعلوك الشاعر الذي أصبح وزيرا وكان صادق النصح للملك بترك الصعلكة, والتفرغ لتبعات الحكم, ثم ما يلبث أن يعاوده هاجس يومي يودي بحياته, علي يد الملك الصديق الوفي, لتتحقق وساوس ابن عمار بالفعل ويقتل علي يد صديقه الملك …
وابن زيدون بطموحاته وعشقه لولادة وشعوره بالدونية أمام محبوبته سليلة العائلات الكريمة, وولادة التي كانت مثار خلاف بين من يعرفونها وفي حين أنها لم تخف ما بداخلها وأعلنتها صريحة في بيتين شهيرين قائلة « :-
أنا والله أصلح للمعالي
وأمشي مشيتي وأتيه تيها
وأمَكنُ عاشقي من صَحن خدي
وأعطي قبلتي من يشتهيها
الواقعية السحرية في مخطوطة الأحلام
…………
كان ذلك هو المناخ الذي بهر شاعرنا الشيلي سيرخيو ماثيياس,هذا الشرق وغموضه وعظمته وقوته, بؤسه وضعفه, بماديته وبروحه الصوفي المغاير لكل روح غربية أخري, يعيش ماثيياس حياة الغربة والنفي – ربما جذبه المعتمد من هذا المدخل- ويعيش في أرض المعركة-إن صح التعبير- في مدريد, وجذبه ذلك السحر الخرافي في الشرق, ذلك السحر الذي لم يعشه شكسبير ذاته, ولم يكن في كثير من دراما شكسبير ما عاش المعتمد, ان يحدث كل ذلك في سيرة حياة واحدة لشخص تتوافر له كل هذه المسح الأسطورية بتصاريف القدر يلتقيه صديقه الشاعر صدفه باقتحامه حمي القصر الملكي ليقول الشعر بين يديه, ثم يلتقي بزوجته صدفه, وتنتاب صديقه وساوس صدفويه, يعمل عقله الباطن أو الهو ويسيطر عليه ويتملكه مما يجعله دون أن يعي, يستثير المعتمد لدرجة القضاء عليه – ويقع المعتمد ذاته أسيرا لاحدي ترجيحاته التي كانت أشبه بنبوءة « أن أرعي الإبل خير لي من أن أرعي الخنازير» تحققت نبوءة ابن عمار, وتحققت نبوءة المعتمد, عادت الرميكية الي الأسر كما جاءت منه, وقتل ولدا المعتمد في حياته كما قتل ولدا صدام حسين- ما أشبه اليوم بالبارحة – كان ذلك كله إيذانا بوقوع سيرخيو ماثيياس في «أسر» المعتمد, فكان ديونه الذي بين أيدينا «مخطوطة الأحلام» والذي ترجمه عن الإسبانية الشاعر المبدع المترجم عبد السلام مصباح, وكتبت المقدمة ماريا خسيوس روبيرا ماطا وهي أستاذة ومحاضرة للأدب العربي ومترجمة, وإضاءة لمحمد عبد الرضا شياع عن سيرة ابن عباد, يتناص الديوان مع ديوان ابن عباد, تأسره الكلمات وكأنها أحجار كريمة, ويضمن ماثياس بعض الأبيات للمعتمد في قصائده فعلي الصفحة رقم ستين من «سحر الهمسات « Magias de susurros, يبدأ قصيدته ببيتين للمعتمد :_
أقيمي علي العهد ما بيننا
ول اتستحلي طول البعاد
دسست اسمك الحلو في طي شعري
وألقيت فيه حروف اعتماد
ثم يكمل قصيدته:-
إنني رجل الجنوب
يتلاشي في بسمتك
ينثال الفرح من عينيك الغزالتين
أشعاري منسوجة بأقواس قزح
وحبي لجسمك الفراشة .
و يقول ماثيياس:-
محارب الأندلس الجليل
صدر عريض لجداف الوادي الكبير
عاشق ورع بين حقول ورد
وأزاهير ملتهبة فجرا
تعال كي تنام رغباتك الجياشة
مع رقصات السنبلات
ونار شهد شفتي
ويصور ماثيياس مشهد الذل وطلب الرحمة من ابن عمار , الذي يتوسل إلي صديق الشاعر ليعفو عنه:
يقرأ ابن عمار
كتاب التنبؤات السرية
علي صفحات كتب الملاحم
حياته مكتوبة
يلتمس الرحمة للمعتمد
باستكانة الضعيف!
وينهي ماثيياس ديوانه بقصيدته «ذاكرة القرون Memoria de los siglos»
تحكي ذاكرة القرون
عن موت العاشقين في أغمات
حيث شاهدان يغمرهما القمر
كفا عن الاستماع إلي أغنيات الأندلس
وهكذا تضافر لهذا الكتاب عشاق لسحر الشرق وممالكه وملوكه وحكاياه, فالشاعر الشيلي المنفي في إسبانيا, والشاعر المترجم المبدع عبد السلام مصباح الشفشاوني المغترب في الدار البيضاء, وما زال لهذا الشرق الكثير والكثير من الحكايا والأساطير, بل من الواقع الذي يفوق خيال شكسبير والتيمات التي لا يجرؤ أحد علي تناولها إلا علي سبيل الفانتازيا أو الأسطورة .
——————–
الشاعر عبد السلام مصباح صاحب الحاءات وطفولة لا تشيخ
رضــوان السائحــي – فــاس/ المغرب
عبر مساره الشعري..
هو شاعر الحب، والحلم، والحياة، وكل ما يتعلق بهذه الكلمات من معاني راقية.
ولد في مدينة شفشاون، وترعرع بين أزقتها، والغابات التي كانت تحيط بها. ورغم نزوحه صوب مدينة الدار البيضاء منذ أكثر من أربعين سنة، فإن لكنته الجبلية لا تزال عالقة بحبال صوته لا تقبل التدجين.
يبادر إلى التعرف إلى أصدقاء سمع عنهم فقط، أو قرأ لهم بعضا من نتاجاتهم الأدبية، إذا لمس فيهم الألفة والتواضع من دون تكلف، أو نفاق ثقافي. كما يسارع إلى تقديم أية مساعدة تتعلق بالإبداع والمبدعين.
لا يتكلم عن حياته الشخصية، أو الإبداعية إلا في حالات نادرة، وبشكل عابر لا يشفي غليل السائل.
لا يتمسح على جدران المؤسسات الثقافية، ولا يتملق لأي مسؤول في مراكز القرار الثقافية. لذلك ظل بعيدا عن الأضواء، ومقصيا إلى حد التهميش من اللقاءات الدولية والوطنية رغم علاقته المتينة في إطار التبادل الثقافي بعدد من المبدعين والمستشرقين في إسبانيا، وبعض دول أمريكا اللاتينية الناطقة باللغة الإسبانية.
أقصته المؤسسة الثقافية من عدة محافل أدبية بحكم أنه يغرد خارج السرب، أو غير وصولي. أو ربما لأنه كان لا يتوسل مجده الشعري.
في مقابل- وعلى سبيل المثال – هذا تم استدعاؤه بمناسبة الذكرى المئوية لميلاد الشاعر الشيلي بابلو نيرودا، حيث كلفه سفير الشيلي بالمغرب لإنجاز مختارات من أشعاره، و حضر الاحتفال الذي نظمه السفير في إقامته إلى سفراء من أمريكا اللاتينية، ومبدعين من المغرب. كما استدعي السنة الماضية للمشاركة باليوم العالمي للشعر في الشيلي.
يغضب مثل طفل..
وإذا ما أسأت إليه سرعان ما يجد لك عذرا مع نفسه، وينسى إساءتك إليه. لكن إذا أخللت بأحد مواثيق الحب لديه فإنه يتخلى عن صداقتك بسهولة.
صراحته، التي ينفرد بها أهل الشمال من دون نفاق أو مداهنة، أحيانا تكون نقمة عليه، وتفقده العديد من أصدقائه.
إذا ما دعي إلى ملتقى أدبي، فإنك حتما ستراه عشرات المرات. فهو لا يألف الجلوس في مكان واحد. بل يتحرك هنا وهناك يبحث عن صديق سمع أنه حضر الملتقى ولم يره منذ سنين، أو في ركن قصي منهمك في تبادل الهمس مع صديق جديد تعرف إليه، أو يعاتب صديقا لم يرسل إليه نسخة من كتابه الجديد.
إذا دخلت إلى مكتبته على سطح المنزل تنبهر بعدد الكتب الأدبية التي تملأ الفضاء، وإذا ما دققت في أشياء المكان تجد قارورة زيت صغيرة من تونس عمرها أكثر من ثلاثين سنة، وعدد كبير من الطوابع البريدية، أو الأوراق النقدية القديمة من شتى دول العالم، ويتجلى لك هوسه في حرصه على جمع الأعداد الأولى للمجلات والجرائد. وإذا ما تصفحت أحد الكتب لابد وأن تعثر بين صفحاته على تذكرة حافلة أو قطار يعود تاريخها إلى السبعينات من القرن الماضي. وحتما ستعثر في أحد الرفوف على ملف ضخم يضم عددا كبيرا من الرسائل وصلته فيما مضى من نزار قباني، ومحمد شكري، وعبد الوهاب البياتي، وحميد سعيد، و وعبد القادر القط، وعلي الشوك، وعبد الكريم الطبال، والموسيقار مصطفى عائشة، ومحمد علي الرباوي، وعبد الله اجبيلو، وأحمد امغارة، وموماطا( محمد المامون طه)، و خلدون الشمعة، ومدحت عكاش.. ومن المستعربين من إسبانيا فرناندو دي أغريداFernando de Agreda الذي قدم محاضرات حول ترجمات شاعرنا قدمها في فاس والرباط ومدريد، كما تجد عددا من العصافير تتزاحم أمام باب المكتبة عندما يفتح الباب ويرمي لها بعضا من الحب يكدسه في أحد الأركان.
أقصته المؤسسات الثقافية في عدة محافل ثقافية بحكم أنه يغرد خارج السرب أو غير وصولي أو ربما لأنه لا يتوسل مجده الإبداعي لدى صناع القرار.وإذا تعرفت إلى أسرته الصغيرة فإنك تعرف تفاصيل أخرى لجوانب من حياته التي تتعلق بالإبداع والمبدعين خاصة من زوجته، فإنها تحدثك عن زيارة نزار قباني إلى بيتهما بالحي المحمدي في بداية زواجهما. وكيف أن نزار قباني عرض على شاعرنا أن يرافقه إلى لندن للبحث عن لقمة عيشه ومستقبل شعري جيد هناك إلا أنه رفض ذلك وعلل ذلك فيما بعد أنه يرفض أن يعيش تحت ظل شاعر أخر .
كما تحدثك عن عدد من المستشرقين الإسبان الذين كانوا يزورونهم في البيت بين الفينة والأخرى، طالبين منها إعداد طبق الكسكس وعن أصدقاء شعراء كانوا يزورونهم باستمرار صاروا أثرا بعد عين، ولم يعد أحد يكلف نفسه بالسؤال ولو عبر مكالمة هاتفية.
هذه بعض جوانب من حياة شاعرنا المحتفى به في هذا المحفل الشعري. وسط أسرته في جمعية البلسم التي يحرص على مشاركة أعضائها جميع أنشطتهم الثقافية.
إذا نحن ماشينا عبارة العنوان، على وقع أداء مكوناتها الدلالية، بحُـسْبان عتـــبة العنوان(تطوان في أحلام أنديزي) نظاما إشاريا جادا، وارف الإحالات والظلال، آخذين بعين الاعتبار خاصية التنافذ الدلالي المفتَـرض قيامه بين ملفوظ العبارة كأيقون لغوي خالص، وبين مدونة النصوص المستوطنة للمجموعة الشعرية المترجمة من الإسبانية إلى العربية(25 نصا شعريا لسيرخيو ماثيياس بريبس، معززةً، بخمس شهادات، وثلاث صور مصاحبة، نقلها من الإسبانية ثم أضاءها وأخرجها عبد السلام مصباح، صدرت عن مطبعة دار القرويين بالبيضاء في طبعة أولى ،فبراير 2022*)،أمكننا الإستسعاف ،هنا والآن، في هذا المقترب الموسوم بشطرنج الذاكرة ،بالخطاطة المنهجية التالية:
1 – تطوان علَـمُ مدينة مغربية بحُـسبانها فضاءً راهن السارد الشعري على شعرنته، بلغة ثيرفانتيس، أولا، عن طريق إعادة ربطه بمسماه الأول تِـطَّاويـن، مسكونا بهوس التوثيق والسرد مدخولا بإعادة البناء فضلا عن النبش والقلب، وتسطير نظام علائقي محايث لرؤية الذات واستيهاماتها الآنية والماضية، من جهة ثانية وبالموازاة. وبذلك تؤول تِـــطَّـاوين/تطوانُ إلى أفق شعري يمتاح من تجربة مفردة في الزمن والمكان، محسوبة على مرجعية ثقافية مغايرة، يحاول المنتمي إليها – سيرخيو ما ثيياس، فنيا- تسجيل اللحظات الأبرز لعلاقته مع هذه المدينة، بشكل لغوي مكثف، كثافة الحلم كما هو معروف بصيغته التعارف عليها لدى الإنسان في الواقع. من هنا تنهض علاقة التوتر الشديدة بين لفيف من الدوال اللغوية ومدلولاتها، في أحلام الأنديزي، والحلم كما لا يخفى على الجميع (نظام دال من العلامات) عادة ما يستقبله الرائي على علاته كنص خام، يبدو من حيث الظاهر خطابا غريبا -مُنزاحاً- عن الواقع غير مقروء. وكذلك كانت أحلام الأنديزي حلما شعريا عجيبا، ولجعله خطابا مقروءً، من قبلنا كقراء، لا بد والحالة هذه، من إجراء منهجي، يربط عربة القراءة بقاطرة التأويل، بما هو(الـتأويل) إعادة كتابة للعمل الإبداعي، ما يسمح بإضاءة غير المقروء بالمقروء من عبارات مختلف نصوص المجموعة الشعرية الأم، طردا وعكسا. الحاصلُ كنتيجة للمحاولة، بالرغم من صعوبة المحاولة لكثافة المجاز، أن هذه الكثافة المخيبة لانتظارات القارئ تستطيع أن تمنح القارئ إمكانية القبض على المعنى الغائر، المقصود، من خلال معنى آخر، ينسجم إلى حد ما مع أفق انتظاره العادي طالما أن هذا المعنى مباشر، يقع هنا وهناك متناثراً على رقعة المتن الشعري، كما يقع خارج النصوص أيضا (خلفية القراءة الموازية لخلفية الكتابة). وبعبارة إن هذا المعنى المأمول المُدابِـر لأفق انتظار القارئ، أي المعنى البعيد الذي يستضمره المجاز، بالإمكان استحصاله بدلالة معنى ملازم لعبارات ما انفكت تلعب دور الإضاءة والتشوير على طول مساحة المتن الشعري، (رقعة شطرنج الذاكرة)، طالما أن نصوص المجموعة مترجمةً، تحمل طابعا توثيقيا. والترجمة بالتعريف، هي انتقال بالخطاب من نظام لغوي وثقافي معين إلى نظام حضاري آخر مخالف، عربي هو بالتعريف، ومغربي بالتحديد، في حالة قراءتنا (نثمن غاليا جهود ومقاصد الترجمة، في هذا السياق مطلقا)، بقدر ما ننوه إلى ضرورة استحضار البعد الفاصل بين النص الأول المنقول من مجاله الحيوي، (السياق الثقافي للنص) وبين النص الثاني المترجم إلى العربية، وقد أصبح في سياق مغاير، وجب أخذه بعين الاعتبار. وإذن ليس بمكنة القارئ باعتباره مستقبلا للنصوص في صيغتها اللغوية/الثقافية(العربية) التعويل على شيء أثناء القراءة سوى على اللغة، لغة النص تحديداً، وما ينبثق عن ملفوظاتها من إحالات وظلال، طالما أن النص هو نص شعري، لم يتخل عن شعريته، أصبح يستمد مقروئيته مباشرة من الثقافة التي أضحى منتميا إليها بعد ترجمته، واللغة بالنظر إلى هذا السياق وسيلة لتحصيل الثقافة وشكل من أشكال ترسيخها، (داخل النص أساسا). بمعنى أن أي خروج من اللغة (من لغة النص المترجم) يعتبر خروجا من الباب الواسع عن الثقافة إلى شيء آخر، لا معنى له(اللامعنى). ونحن، في هذا المقترب، نراهن على الدخول في حوار مع أحد تجليات الثقافة وصروحها العتيدة-الشعر- بواسطة مفتاح اللغة، ولا نجازف بالخروج بتاتا من نطاقهما، طالما نحن ملتزمون بنفس اللغة التي يتكلمها النص بالنص. وبما يقتضيه فعل القراءة من آليات. يكفينا أن نتأمل سويا عينة من الكلام في السياق النصي لقصيدة (المئذنة العتيقة/أحلام الأنديزي) بموازاة نموذج آخر من نص يحمل عنوان (شعاع نجمة)، كي ندرك المقصود بقولنا لغة النصوص واشتغالها المرآوي على خارطة المكتوب، توالِـــيا:
ترفع الدهشة مستوى الانفعال الإيجابي (والذي مؤشراته: نحْـلات، شهد، الفرحة، ابتهاج، قمر، شفق ،أحلام…) درجةً قياسية على سُلَّمِ النداءات المتكررة، والتكرار حمال دلالات تصب في حساب نشوة عارمة مباطنة لأطوار تشكُّلِ المدينة، المباطنِ بدوره لمراحل تخلُّقِ العلاقة بين الذات الشاعرة وبين فضاءات مدينة تطوان، كوعي أو كـتجربة (سيرة متنامية للذات مع فضاء مختلف، والاختلاف مثير للدهشة).كي نقترب من هذه العلاقة بشكل واضح، نستسعف بزمرة من الملفوظات المتجددة بعد أسلوب النداء»يــا» من قبيل(الأزهار، النَّـدى، غزالة، ذهب، شحرور، نور، رشاقة، ربيع، النوافير ،القمر، الأطلس…) وهي عبارات نراهن على دورها التوجيهي لنا في استشراف هذه العلاقة، بكون هذه العبارات، عناصر بانية لجسد المدينة في مخيال الذات الشاعرة(خلفية الكتابة)، فيما روح المدينة معطى خارجي يرتبط مضمونه بتراث المغرب وتاريخه الاجتماعي والحضاري والثقافي (خلفية القراءة)، فلنتأمل الشواهد الحصـرية التالية:
-تطْوانُ يا بُـرْنُــساً مِـنْ ذهَـبٍ يُـدثِّـرُ فَــرحَ قلْـبِ الرَّبيع، يا لَحْنَ النَّـوافِير، يامُطَــرَّزةَ القَمرِ، يا مَـرْكَبَ الشَّمْـسِ في خَـليج الرِّيحِ
-يا إيـقاعَ الاطْلَس واحـلامَ الرِّيفِ
– يا حُوريةً ِبطِيبِ افْـريقْيا مُـعَطَّرة
– يا صَـوْتَ شُـحْرورٍ في سِـرِّ نَباتِ الدَّلْبُـوثِ/الزنْبَق. (الشحرور صنف من الأطيار)
يمكن فهم دلالة البيت الأخير في مقابل أشطر شعرية أخرى وردت بضمير المتكلم الشعري (إني صوت الكندور الذي يكسر صلب الهواء…عصفور يتكلم لغة المطر)، والملاحظ أن البنية الأفقية والعمودية لقصائد المجموعة تشي بتقابلات وأضداد تقيمها الاستراتيجية الشعرية معجما وتركيبا بصيغ مختلفة، بحسب الضرورة، وكشاهد على ذلك هذا التقابل بين صوت الشحرور وصوت الكندور مثلا ، الكنْـدور الذي يكسر صلب الهواء، مـــــرة، وتارة أخرى تتحول الأنا الشعرية بالكندور وبذاتها إلى «عصفور يتكلم لغة المطر»، والعصفور جنس طير يمتلك طاقة ترميزية مخالفة لطاقة الترميز التي يمتلكها الكندور، وهو نسر عملاق، عريض الجناحين يسكن أعالي الأنديز، بينما الشحرور/الزرياب طائر أسود يستوطن الحدائق والغابات والمراعي، بأوربا وشمال أفريقيا، ويشكل خطرا على المحاصيل الزراعية. ومن الجدير بالذكر أن طيور الشحرور تمتلك القدرة على إصدار أصوات إنذار ذات موجات عالية لتهديد الطيور الجارحة، فيما الكندور لا يملك صوتاً حقيقياً أو أنغاما معينة، فكل ما يمكنه إصداره من أصوات هو بعض الهسهسة أو الشخير، والتي لا يمكن سماعها إلا عند الاقتراب منه كثيراً= وجه واحد فقط، للمقارنة بين عنصرين على الأقل، أو أكثر من عناصر الطبيعة والثقافة المختلفة بين بلدين.{ملاحظة حضور صوت الكندور غفلا من الصوت لا من الوصف في سردية الشاعر، «كندور يكسر صلب الهواء» بجناحيه العريضتين ص 61. سؤال الجمع بين الأشباه والنقائض يرجح دالية الشعور بالمفارقة لدى الأنا الشعرية على صواعد النفس والفكر والوجدان، (المغترب الجريح بدموع الأروكاريات، الساكن فوق الجغرافيا المشتعلة،)حس بقطرات تعمق عزلة التويجات، وبالزمن يحوك نسيج العنكبوت في صحراء القلب ، وما هي إلا لحظات حتى استفاق الصوت الشعري من أصوات التكسير والاغتراب(حلم تراجيدي) على حلم رومانسي يربطه بقصر الحمراء وياسمين تطوان، (أحلم ببرتقال «قصر الحمراء وياسمين تطوان)أحلام أنديزي ص61…
– يا ناسِـجَةَ النُّور بيْن بُــرتُقالِ الفَدَّان
– يَـارُكْـنَ الخَريف، يا بَريقَ أوْراقٍ بخُطى الرِّيحِ مُـسْتَهْـلَكَة…يسْقط المطر فوق أيْدي الخريف، ينْزلق دون أن يترك أثَـرا…(أيْدي الخريف ص29)
يغطي معظم أراضي دولة تشيلي سلسلة جبال الأنديز، وتمتاز بتنوّعها المناخي بسبب امتداد مساحتها بشكلٍ طولي مع مناطق أخرى؛ إذ تمتاز منطقة الشمال الاستوائي بأراضيها الصحراوية الساحلية، أمّا الطرف الجنوبي للدولة فيمتاز ببرودته.
وتجدر الإشارة إلى أن الكوارث الطبيعية تتعدد في تشيلي؛ كالانفجارات البركانية، والزلازل القويّة، إضافةً إلى موجات التسونامي التي تنشأ من قاع المحيط، ويتعرض لها الوطن بشكلٍ دوري، على العكس تماما من منطقة شمال المغرب ، ومن ضمنها مدينة تطوان المعروفة بهدوئها ودفئها الملموسين، على الأقل…(البعد التاريخي والجغرافي للبلدين أمر ضروري في القراءة بما هي كشف).
قريباً من النص المترجم من حيث لغتُـه، بعيدا عن روح النص (قبل الترجمة)، يجد القارئ نفسه وجها لوجه مع ألوان من الانزياح على قماش اللغة، في هذه المجموعة الشعرية بما هي نظام علامي يستسعف بآلية الوصف والسرد وضمنيا بالمقاربة والتمثيل، وهذا الملمح من شأنه أن جعل المعنى المفترض في النصوص حركة غير خطية، بل حلقية تتحرك في مدار استعاري لا محدود (أفقا بحريا مشرعا على التداعي، قائما على رصْف مشاهد متقطعة، أشبه ما تكون بنقوش وخطوط وأشكال على صفحة قماش، في حاجة إلى خيط رابط(لون كاشف) تستعيد به وحدتها وتماسكها. وهذا الخيط الرابط تستضمره الكتابة في تضاعيفها ولا ينكشف إلا من خلال قراءة ينبغي لها أن تكون فاحصة، جامعة لأشتات المتفرق، مالئة للبياض، كاشفة للمسكوت عنه. ففي روابي تطوان يحزن الإنسان في قارب دمُـــوع، ويفرح مثل غزالٍ بين روابي النور، يزهر النور فوق أجنحة النوارس، وفي عيون السمك تنام الشهب، وهلم عزفا على أوتار المفارقة الجميلة، مفارقة تختزل الوعي بعالمين مختلفين في عالم واحد…).
عبر بوابات الذاكرة السبعة، في هذا المدار الحلقي الخصب، تتحد الأنا الشعرية بوصفها: إبحارا أنديزيا يقتفي طريق الأحلام، (إنَّني بحَّـارٌ أنْديزي) ص36.من حيث إن لكل حركة أنَـوِيَّةٍ (تجذيف) أي مقام للحديث، ومقال مشروط بحيثيات لحظات الإبحار كذلك. كلاهما (المقال والمقال معا) يستضيئان بانفراجات مناسبة(تصريحات)، تنتصب كمعالم واضحة، تقيمها عوالم مدينة تطوان كجغرافيا متنوعة، جنبا إلى جنب مع الشخوص البشرية والتاريخية والطبيعية المنتمية للذاكرة الحضارية المغربية، وهو مدلول التبئير الزمكاني الذي يؤديه المكون اللغوي (تطوان في/ في تطوان…): من خلال أحلام أنديزي. والأنديز، جغرافيا لتراث حضاري وثقافي مشترك بين مجموعة متميزة من الدول، يشكل مجموعها تكثلا تجاريا، من ضمنه دولة التشيلي موطن الشاعر سيرخيو ما ثيياس بريبس صاحب الكتاب الشعري موضوع الحديث، تحت العنوان السابق (الأنديز منسوبة إلى الشاعر).وإن كانت دولة التشيلي،في حقيقة الأمر، لا تحقق شرط انتمائها لدول الأنديز من الناحية الجيو سياسية، بقدر ما تؤكد على ارتباطها الوثيق مع دول المنطقة بخاصية طابعها الجبلي المتميز، كمنطقة جنوبية، مناخها في الغالب ممطر، يجعلها، تماما على الطرف النقيض لسمات المنطقة التي تنتمي إليها مدينة تطوان، ناهينا عن طابعها المعماري المتميز (بيوت بيضاء)،بما في ذلك المؤسسات الدينية العتيقة خاصة(المآذن العتيقة، فضلا عن الزمن الديني متمثلا في يوم الجمعة ونداء المؤذن).
لا غرو أن المعطيات السوسيو ثقافية والطبيعية لمدينة تطوان، التي تشكلت عبر مراحل زمنية، وتحصلت كتراث رمزي (مادي)، تؤلف في مجملها نصا ثقافيا متعدد الأبعاد يغري بالتأمل ويفتح شهوة الكلام على آفاق رؤياوية معجبة، بالنسبة للقادمين من هناك، من سياقات حضارية مغايرة: وجُـميْـزُ الذاكرة يستيقظ فجْراً على مَـغْــناة العصافير. والشمس (وما أدراك ما الشمس) تحفر بخنجرها النوري أساطير السماء.، تسير الشمس فوق أزهار السوسن بِـبَـلْغَاتٍ ذَهبِيَّةٍ، وأغنية الزيتون تُعري الحب في بستان الأطلس…لا بد والحالة هذه، للأحلام أن تكون مأثورة، ومعارك الأندلس أيضا…وتاريخ تطوان (أن يتمثل) في أغاريد عنادل غرناطة…وهلم انزيـاحا(حلما).
على رقعة شطرنج الذاكرة، وهي تمارس استراتيجيتها، أعنى تحركها التسجيلي، يضاعف صوت الكـندور*إمكانية البوح والوصف قبل المقاربة والتمثيل، (إني صوت الكندور…أحلم ببرتقال قصر الحمراء وياسمين تطوان) يشتغل فيض من العلامات المختلفة المتداخلة، كما تشتغل آلات التكثيف في ورشات، أو تنجز عملها الإضاءة وفق مهام محسوبة الدور والخطوات، في عمل سينمائي أو مسرحي، ومن أبْــــرز هذه العلامات:
«<واحات تافلالت السبعة بخلاف صحراء أتاكاما، الأجف في العالم ،بمنطقة سان بيدرو، شمال تشيلي وهي عبارة عن هضبة مرتفعة تتميز بالبرودة العالية ،و تنعدم فيها الأمطار بشكل شبه تام، تم استعمالها،للأسف، كمقبرة لطرح النفايات >الأرز، السرو، أشجار الزيتون، العصافير، المآذن العتيقة، بستان الأطلس، المساجد، يوم الجمعة (كل جمعة)، وادي المحنش، مملكة السرو، القرويون يسوقون حميرهم، حمامات تطوان، ساحة الفدان، آذان المؤذن، جبل درسة وغورغيز، النخل، رائحة النعناع، أبناء هرقل، وادي مارتيل، معارك الاندلس، قصر الحمراء…{معطيات بيئية وحضارية، ما تزال متمتعة ببكارتها، إلى حد الآن}
*تطوانُ يا بُـرْنُـساً مِـن ذهَـبٍ يُـدثِّـرُ فَـرحَ قَــلْـبِ الرَّبيع
ويا بُـسْـتَــانَ فَــجْرٍ في رَباب النَّـهْرِ ص 54 -تطوان-
تداعت الأحاسيس وتدفقت الصور إذن، بما فيه الكفاية للتدليل على انجذاب السارد الشعري لفضاءات تطوان وتراث المدينة المادي والتاريخي موصولا بتاريخ المغرب في بعده الأندلسي والإفريقي، (عصفورا يتكلم لغة المطر، مغتَـربا جريحا، يحْلُم ثم يحلُم، يتأمل ويستنتج…
الزوار الآتون من تطوان/الفاتحون الأبعد من الصحراء/ينقشون لسان «قصر الحمراء»/ ويتركون فوق رقعة الأرض شطرنج الذاكرة ص48. كيف لا إذن وقد غنيت الذاكرة، بتعدد المعطيات، وطفح التاريخ بتراكم الإنجازات التي عمت فيوضها جيوب المدن المجاورة (مطرزة القمر في عش السيدة الحُرة) .
هل كان للصوت الشعري صُــــوَيْـحِـــباتٌ؟
(صور وشهادات)
لم تكن الكلمة للنصوص وحدها، في هذه الأحلام الأنديزية، بل كانت للصورة أيضا لغتها الفصيحة التي عملت على تضعيف مردود النصوص الشعرية، وقد تضمنت هذه اللغة في سيميائها كمُناصٍّ، ثلاث لوحات تمثل للمدينة بأشهر فضاءاتها قديما وحديثا (أنَعودُ للْجُلُوس تحْت بُـرْتُــقَـال ساحةِ الفَـدَّان؟)ص 43-76-بله لوحة غلاف المجموعة الشعرية، بريشة الفنان مصطفى بوزيد.(أيقون حمامة بألف كلمة). وتوقيعُ سيرخيو ما ثيياس نسخةً من مجموعة أحلامه الأنديزية «أوتُوغْـرافُ» عِـرفانٍ وتقديرٍ لعبد السلام مصباح إنسانا وصديقا للمبدعين . Autographe
شهادات: بمعنى أو بآخر يتجاوزه كثيراً، ظلت تطوان وستبقى عنوانا لقصيد مفتوح على الأبدية، ملفعا بالحلم، ومُزنَّـراً بالذكرى، محفوفا بالتاريخ، وقد شهد شاهد من غير أهل المدينة، خمس شهادات، جلها خرجت من جبة الأدب وذاكرة أقلام مهووسة، أدركها سحر المدينة وتملكها الحضور التاريخي والجمالي للمدينة ممهورا بعبارة صريحة تطوانُ، تكررت كاللازمة، وإن كانت تمثلات أصحابها لا تعدو حدود العين المجردة، ولم تتجاوز سردياتهم تخوم الوصف التسجيلي، ليسوا مجبرين على القيام بأكثر من ذلك، فهم سياح، وعين السائح مفتونة بالغريب، مشدوهة بالعجيب ،وعيون تطوان نجلاء ،حوراء، للزائرين أعيان، ولتطوان كل العيون، تطاوين ذاتُـها العيونُ، ولك أن تتصور مَنْ ينظر إلى مَنْ خلالَ المَـزار ،أليس كذلك؟:
*تطوان، تطوان أيتُـــها المدينة البيضاء، الغائصة، المتعلقة بحماية «درسة»…ترتقب الأراضي المخصبة…(بيثينطي ألكسندري).
*تطوان المنطوية تحت «دِرْسَـة» كمراهقة كسلانة (ريكاردو خابيير بارثيو)
*ياأجْمَلَ مدينة في العالم…!المدينة التي لم يعْرفها أحـد(روبيرطو أرلط). يكفي أن يكتشفها روبيرتو…
-تطوان بيْـضاء
ملفوفة بنبات الأسل كعَروسٍ عَـشية زفافها
آه تطوانُ، يا عيُــون الينابيع…ريكاردو خابيير بارثيلو
ما علينا إذن، فلِكُلٍّ عين وبصيرة، وللناس فيما يعشقون مدن ومذاهِـب. بحَسْـبِ تطوانَ أن تتربع على عرش الوجدان، وشرفات الأعيان، لك الجدارة أيتُها الريشة قولي، وأنْت أيُّها اللِّسانُ:
عبد السلام مصباح ينبوع شعر يتدفق بسخاء عبدالرحيم التدلاوي – المغرب
كنت في حيرة من أمري وأنا أبحث عن كلمات تليق بقامة شعرية مغربية تكاد تعيش في الظل، أقصد الشعر عبد السلام مصباح. فمنذ دعيت إلى تقديم شهادة في حق هذا الشاعر الصموت، والمحب للناس، وأنا أحث ذاكرتي لتسعفني في نسج عبارات تناسب مقامه. اتذكر أني التقيته أول مرة في نشاط ثقافي نظم في مدينة مكناس، وكنت حينها أنفتح على الأسماء المغربية التي كتبت حضورها القوي على المستويين المغربي والعربي. سلمت عليه وكان لا يعرفني، أو لأقل، كانت لديه معرفة ضبابية عني تبددت حين التقينا. كنت أراه يتابع النشاط بهمة، وكان أحد المساهمين الجميلين فيه. وفاجأني بأن أهدى لي ديوانه ذا الغلاف الأزرق، واللافت في الانتباه طريقة كتابته للإهداء؛ فقد صرف وقتا في كتابته لا لعجز في الكلمات، بل لأنه يرقم الحروف بتؤدة وكأنه يرقنها على آلة، وفي الزاوية العليا من الصفحة البيضاء الداخلية وبشكل مائل. فجاءت كلمته الدقيقة والمعبرة جميلة بخطه الرائع. غبطته عليه وعلى شعره الخفيف والعميق واللماح، قصائد الديوان كانت كحبات برتقال تحمل عصارة القلب والفكر، وتقدم للقارئ اطباقا شهية من الاستعارات والمجاز، بلغة يسيرة كماء زلال يفئ الغلة ويشفي من التفاهة التي تكاد تدمرنا. عرفته رجلا هادئا ورزينا، بشوشا وفكها، لونه الأبيض يعبر عن نقاء قلبه وطهارة فعله. أحببته كثيرا، وزاد حبي له واحترامي له بذلك الإهداء السني والإنساني. عبد السلام مصباح كان أحد رواد منتدى مطر المهمين، وأحد فرسان كلمته. أشعر بأن تقديم شهادات في حقه قليل في حقه هو الشاعر الذي ينبغي الاحتفاء به وتنظيم موائد لدراسة شعره، والإشارة إلى إسهاماته الثرية في ميدان الشعر والترجمة. عبد السلام مصباح، وإن كان لا يحب الأضواء، فإن شعره ينبغي أن تلقى عليه الأضواء لأنه شعر بحق ويستحق الدراسا والقراءات المتعددة. دمت، سيدي عبد السلام، الشاعر الفحل وإن جار عليك النقد اليوم، لكن الغد غربال نقدي مهم، وستجد نفسك فيه الزاد الذي ينفع الناس، وسيرسخ اسمك شاعرا مغربيا وعربيا فذا.
————————————-
شهادة واعتراف
أم سنــــــاء
عبد السلام مصباح، الإنسان المرهف كما عصفورٌ غادر للتوِّ غصنه الأول، يُشْرعُ جناحيه لتَرحالٍ دائم حول الشغف والنور.
عبد السلام مصباح، الشاعر الذي يقوده شعره إلى شرفاتٍ مضاءةٍ بالشعر والقناديل…تنساب إيقاعاته أحلاماً قزحيةً يأسرها المعنى، وحين نقرأ ترجماته يُذهلنا بتصويراته البالغة الالتقاط لما لا يرى…حيثُ تتحوَّل كتاباته إلى تمظهر في قاموس الاختلاف…
مذ تعرفتُ عليه في ملتقيات الشعر والأدب، أخذتُه إلى عائلة القلب…شعرتُ أن ثمَّةً قرابة بيني وبين هذا الشاعر الشفّافِ المرهفِ المشاغبِ الجميل…الذي يقول بعملٍ حكيم كل ما يريده بواسطة لغةِ يُحسنُ توظيفها جيداً لكل ما يُُراد…
محبتُه للناس وخدمتُه لهم تجعله سيّدَ الكلِّ وأميرَهم…وتأخذنا هذه المحبةُ إلى شموليّةٍ إنسانيَّةٍ قلما نجدها.
عبد السلام مصباح شاعرَ حبٍّ يُحوِّلُ اللغةَ إلى حياةٍ في ممارستِه الثقافية والأدبية والاجتماعية,
عرفته عن قربٍ أخاً وصديقاً صدوقاً، حيث في حَضرةِ الأماكن المشيَّدة بالشغفِ والانحيازِ إلى الضوءِ، حيث يتَّخِذُ الشعرُ ملامحَ القلبِ…شعورٌ جميلٌ بقرابِتِنا في المنحنى الإنساني العام/الخاص في آن…ومنذُها أقرأه وأتابعه ، يقرأني ويتابعني…ومنذُها توغَّلتُ أكثر في هذا الحكم الذي يستمدُّ شبابه من فتنة اللغة ومفاتنِ الإبداع…
عبد السلام مصباح، نَصٌّ متكاملٌ…بيتُ القصيدِ في شعرهِ وترجماته
عبد السلام مصباح، يفتح قلبه وذراعيه لكل الشعراء…حبيب الكلِّ، شاعر في معاملاته، طيبٌ، كريمٌ…تعتريه نبوءَةِ الأطفال البريئةِ…يشدُّ رحاله إلى الشعر…لا يتعب منه الشعرُ…بارك الله في عمره وصحتِّه حتى لا تغيب ضحكاتُه الطفوليَّةُ وشغبُه الجميل عن فظاءاتنا…
أبيتُ ألا أن أحضر، منتعلةً قلبي…حيث كان المصباحُ عناقنَا البعيد…لنمارس معاً طقوسَ عشقِ الكلمة..لإيقاظِ الأفئدة من سَكراتِها…في فضاء هذه المدينة الشاعرية بامتياز…
فطوبي لك أخي الفاضل هذا التكريمُ…وهذا الاعترافُ…وهذه الالتفاتةُ من خيمتنا الزرقاء «جمعية البلسم» الجميلة…أتُها الشاعر الذي جعل المحبة عنواناً، وسَيَّجَ الشعرَ بوهرةِ الفاردينيا ليكون جوازَ سفرٍ إلى كلِّ القلوب…
أُحَّيِّيكَ بحمَّى مهووسةٍ بالشعرِ حدَ الذوبان…
————————
بين الإبداع والقانون…. صعوبات الحصول على عضوية اتحاد كُتَّاب المغرب
ليلى بارع في حوار مع عضو لجنة العضوية والتحكيم الشاعـر عبـد السـلام مصبـاح
كثيرا ما أثارت طلبات العضوية في اتحاد كُتَّاب المغرب كثيراً من التساؤلات، بسبب صعوبة المسطرة التي تُمنح بموجبها، من جهة، ولارتباطها أيضا بالحملات الانتخابية والمؤتمرات التي يتمُّ فيها انتخاب الرؤساء…واليوم بمنطق أن المؤتمر سيد نفسه، فإن منحَ العضوية يعني أن يكون الأعضاء الجُدد جزء من عملية انتخاب الرئيس القادم، ويبقى لاتحاد كًتَّاب المغرب، رغم كل ما يُقال عنه، جاذبيته ومكانته التاريخية والسياسية التي تجعل عدداً كبيراً من الكُتاب المغاربة يسعون للحصول على صفة العضوية فيه…
وبثت لجنة العضوية والتحكيم في 141 كاتباً مغربيا، يتم انهاء ملف العضوية الخاص بسنتي 2012 / 2013 مع ترك المجال مفتوحا لكل من لم يحصل عليها، ليقدم أعمالاً جديدة، في الدورة المقبلة، قد تحصل وقد لا تحصل على تقدير لجنة العضوية والتحكيم…
عبد السلام مصباح أحد أفراد لجنة العضوية والتحكيم التي بثَّت في طلبات العضوية التي طلبها أكثر من 140 عضواً للانضمام إلى اتحاد كتاب المغرب
عن تفاصيل اختيار الأسماء الجديدة، وكواليس عمل هذه اللجنة يدور الحوار التالي:
* ما هي أهم نتائج اجتماع لجنة العضوية الأخير؟
– الأخت الشاعرة والصحفية ليلى، في البداية أحييك، وأشكرك على بادرتك في فتح هذه الْمساحة لأسلط الضوء على اجتماع لجنة العضوية والحكامة…
كانت أمامنا قائمة طويلة، ضمت 141 طلبا من الإخوة الكُتاب والأدباء الذين تقدموا به للحصول على العضوية في الاتحاد، عن سنتي 2012 و2013، فوضعنا الأسماء والأعمال، وبدأت التصفيات، واخترنا 26 عضوا من اللائحة الأولى، و اخترنا 27 عضوا من القائمة الثانية…
قبل البدء في فرز الأسماء التي تستحق العضوية، فتحنا نقاشا حميميا وشفافا حول طريقة منح العضوية للراغبين فيها، واتفقنا على أربعة مقاييس، فمن شروط العضوية بداية التقدم بطلب خطي ثم تقديم السيرة الذاتية وكتابان للمتقدم، سواء في جنس القصة أو الرواية أو المسرح أو الشعر..، ثم أن تتضمن هذه النصوص قيمة فنية وجمالية وإبداعية، وليس فقط ارتجال أو كلمات مرصصة للحصول على العضوية، وهذا ما حدث أثناء مناقشتنا للأعمال، فكلما حصل خلاف أثناء المناقشة ، كنا دوما نعود إلى الأعمال المقدمة على ضوء الشروط التي وضعناها، ونبدأ في قراءتها للحكم على أصحابها للتأكد من القيم الجمالية والإبداعية التي ذكرناها، ينبغي للأعمال أن تحرص على تقديم قيمة مضافة للمشهد الثقافي والإبداعي المغربي
* هل اطلعتم قبلا على الأعمال التي كانت قدمت أمامكم؟
– كانت القراءة أثناء مناقشة موضوع العضوية، أحيانا كنا نجد أنفسنا أمام أسماء غير معروفة، بالنسبة للجنة، لكنني بحكم أنني أنشط في اللقاءات والصالونات الأدبية المختلفة، كانت لي معرفة بهذه الأسماء، ولدي أعمالها، لذلك كنت أعطي بعض الملاحظات حول هذه الأسماء وأصحابها، وحين كان أعضاء اللجنة غير مقتنعين بشهادتي، كنا نأتي بالأعمال ونوزعها على بعضنا ونبدأ بالقراءة، وقد استغرق الأمر أكثر من خمسة ساعات للبث في الطلبات
* لماذا تم تأجيل البث في سنة 2012 إلى الآن؟
– هؤلاء الأعضاء طلبوا العضوية قبل المؤتمر الأخير، وآخرون منذ سنوات، لكن لم تبث في طلبهم، لان المؤتمر كان على الأبواب وكانت هناك عدة مشاكل يعاني منها الاتحاد، لذا تَمَّ تأجيل البث فيها حتى لا يقال إن هناك إنزال من أجل الانتخابات، فأجل طلبهم حتى الساعة
* هل كان البث في العضوية صعبا؟
– جدا، خاصة أننا حاولنا أن نكون شفافين، وأن لا نظلم شخصا له حق في العضوية، لذلك كنا نناقش ويبدي كل منا عن أفكاره بحرية، مثلا واجهتني حين قرأت عمل دكتور جامعي، قدم ديوانا وجزءا من بحث دكتورته، و لم أجد في ديوانه قيمة شعرية، فعارضت، وقلت أنه لا يستحق العضوية، فوافقني الرأي الإخوان دون أية مشكلة.
* ألا تعتقد أن الاتحاد يضع مقاييس عالية لمنح العضوية؟
– هذه مسألة ناقشتُها في البداية، فهل انتم في بداية انتسابكم للاتحاد كان لكم أعمال في مجاميع، كلكم كنتم تبعثون أعمالكم على شكل قصاصات جرائد منشورة للحصول على العضوية، ولذا طالبتُ بالاقتصار على عمل واحد، فالكاتب يعاني من ضائقة مادية، وغلاء الطبع، فقيل لي أن هذا الأمر يجب أن يناقش في المؤتمر وليس أثناء جلسة العضوية، ذلك أن المؤتمر هو من اقترح هذه الشروط وليس نحن، بالتالي ليس من حقنا البث فيها، والشروط كما ترين قاسية جدا، ويوجد في الساحة الأدبية والإبداعية الكثير من الأسماء يستحقون العضوية، ولكن، مع الأسف، ليس لهم عمل مطبوع حتى الآن، فقط في الجرائد أو المجلات أو مخطوطات، وهناك مبدعون لهم أعمال متراكمة ومطبوعة، وذا قيمة فنية وإبداعية ولكنهم ليسوا أعضاء في الاتحاد، وقد استغربتُ كثيرا لماذا لم ينتسبوا للاتحاد منذ زمن،….وحاليا نحاول الاتصال بمن لم يقدم طلباتهم، لان أعمالهم مميزة وجديرون بالحصول على العضوية
* ما الذي يمنحه الاتحاد للمنظمين له؟
– ليس للعضوية قيمة مادية بل معنوية، وفي العالم العربي هناك اعتراف بالانتساب إلى اتحاد كتاب المغرب وبيت الشعر أيضا، كما يمكن للعضو نشر أعماله في مجلة الاتحاد أو يقوم الاتحاد بطبع أعماله. وقد يعتقد البعض أن الالتحاق بالاتحاد سيمنحهم امتيازات كثيرة، رحلات، أسفار، وهذا ليس صحيحا، الآن أصبحت الأشياء مقننة
* لكن البعض لم يعد لديه رغبة في الالتحاق بالاتحاد؟
– الاتحاد هو الخيمة الكبيرة وبقية الإطارات هي خيم تضم أعضاء ينتسبون إلى فرع أو مجموعات تهتم بجنس واحد معين كالقصة أو السرد أو الشعر، لكن الاتحاد يضم الجميع، قصاصين روائيين تشكيليين مسرحيين، فهو بذلك أوسع. فمثلا أبدت عدة عضوات ينتمين إلى رابطة كاتبات المغرب التي تأسست خلال مؤتمر الاتحاد الأخيرة رغبتهن في الحصول على العضوية في الاتحاد، بمعنى أن الإطار الجديد لم يقنعهن، ويرغبن بالالتحاق بالاتحاد، وكثيرون هم أعضاء إطارات أدبية أو مختبرات سردية وفي نفس الوقت أعضاء في الاتحاد.
* كيف تم اختيارك ضمن اللجنة؟
– شخصيا لم يكن من السهل الترشح لعضوية هذه اللجنة، وقد طُلب من بعض الأخوات أن يترشحن في اللجنة لإقصائي، وكما تعلمين فإن عضوية اللجنة تفترض التصويت خلال المؤتمر، فخلال هذه السنة تغير القانون الانتخابي في المؤتمر، فترشحت رفقة الإخوان الموجودون في القائمة، لكن البعض عارضني، لأنني لست من النوع الذي يهادن، لذلك أثناء المناقشة كانت المصداقية هي الأساس، فحين وضعنا المقاييس التي يجب أن نسير عليها قام الجميع باحترامها، خاصة أن هناك في اللجنة أسماء قديمة، لها خبرة وتجربة..مثل الأخ سي محمد بوخزار، وطلبتُ منه أن يعطينا بعض الخطوط العريضة لإرشادنا، وهذا ما حدث بالفعل
* بالنسبة للأسماء التي لم تحصل على العضوية ما هو مصيرها؟
– لا يتم رفض الطلبات، بل يتم إرجاؤها، أو نطلب من الكاتب أن يأتي بأعمال أفضل، وقمنا بتأجيل الطلبات الشبه جاهزة إلى الدورة المقبلة التي سوف تعقد بعد ستة أشهر وفقا للقانون.
———————-
الأستاذ والصديق
الشاعرة حفيظة سيدي عمي (ستلا / المغرب)
أيها الإخوة المبدعون
أيها الأحبة قراء مجلة بصرياثا
يسعدني كثيرا تواجدي معكم وبينكم في هذا العدد المميز الذي يتم فيه الاحتفاء بشاعرنا الكبير العزيز على قلوبنا الأستاذ الجليل عبد السلام مصباح
إن ذاكرة شاعرنا الكبير مليئة بالعطاء، ومسيرته غنية عن التعريف. واسمحوا لي وبهذه المناسبة الغالية أن أبدأ بهذه المقدمة المتواضعة في حق أستاذنا الشاعر المميز بكل المقاييس:
اسمٌ عَلى مُسمى
في القلب مِفتاح
وفي الرفقة مصباح
وكل المديح
في حقه مباح
لقد تعرفت على أستاذي وصديقي وأخي الشاعر عبد السلام مصباح في أحد اللقاءات بمدينة الرباط منذ حوالي ثماني سنوات ومنذ ذلك اليوم الذي أعتبره انطلاقة صحيحة في مساري الشعري توطدت فيه علاقتنا الأخوية الأسرية وكان له الفضل في مساعدتي، والوقوف إلى جانبي من أجل إصدار أول ديوان لي (امرأة بلا عنوان) بما يخص الإخراج والإصدار، كما ساعدني كثيرا في انتقاء القصائد المدرجة في الديوان، وتصحيح ما يمكن تصحيحه من أجل ديوان ناجح.
لقد عرف بميزة الطفل المشاغب الذي بتواجده يضيف نكهة المرح بين الحضور، لأنه يمتاز بقلب طيب بريء، يحمل بين طياته الحب الممزوج بالتواضع، وروح المداعبة، ليكون كالفراشة التي تنثر السعادة هنا وهناك، وفي كل اللقاءات التي يحضرها مما يجعل حضوره مرغوب ومحبوب.
مرة أخرى أجدد شكري وامتناني وتقديري مع متمنياتي للشاعر الكبير،وبكل ما في الكلمة من معنى, ومع دعواتي له بالصحة والعافية ودوام التألق والعطاء وأن يبارك الله في عمره .
متمنية لك مزيدا من حب والعطاء
——————
الرؤية وجمالية الإيقاع في «حـــاءات متمـردة»
الطيب هلو- وجدة
على سبيل التقديم:
يبني الشاعر المغربي عبد السلام مصباح، على امتداد أعماله الإبداعية وترجماته الشعرية، أفقا شعريا خاصا ومتميزا، يتسم بأناقة اللغة الشعرية التي لا يخطئها القارئ المتذوق، وينماز بإيقاعه السلس الجميل، سواء في انتقاء الأوزان أو في اختيار القوافي أو في ارتياد مجاهل المكونات الإيقاعية الداخلية التي تزيد النص بهاء وتمنحه جمالا.
أما ديوان «حاءات متمردة» الذي نحاول الاقتراب من مداخله فيعد تجربة سامقة في الشعر، باهرة في الصنعة الشعرية. تؤكد تواشجها مع تجربة الشاعر في الحياة ورؤيته الممتدة في أفق ارتياد مكونات القصيدة التفعيلية، بما تمنحه من فخامة إيقاعية مع تجديدها باستمرار، بامتطاء مكونات بلاغة الإيقاع المؤسسة على عناصر منها: التوازي والتكرار والترصيع والجناس وغيرها، وصهرها بأناقة اللغة الشعرية الحالمة، والراكضة وراء الخيال المبهج والصور المبتكرة، لغة تميل إلى تعبير الرومانسيين، لتنزاح عنها في سبيل خلق مثال جمالي داخل القصيدة يعادل جمال الحلم الذي يتخذ الشاعر منه مجالا واسعا للرؤيا.
1 ـ الرؤية الشعرية:
اختار الشاعر المغربي عبد السلام مصباح، في ديوانه «حاءات متمردة»الذي تتناسل فيه الصور الشعرية لترسم ملحمة، يتشابك فيها الحزن بالحلم، والحرف بالحب، وينعكس داخلها الألم في مرآة الأمل، أن يتخذ لتجربته قطبا تدور عليه كافة النصوص، حتى كأنها تنويعات على مقام واحد، مقام الحاء؛ حيث الحب والحلم والحزن والحرف والحرية تطوف حول هذا القطب، ومن خلال طوافها المستميت ترسم دوائر ذات شقين: شق فردي ذاتي تتراءى على صفحته الكينونة، وشق جماعي تنعكس على مرآته هموم الأرض والكون، وهموم الوطن والأمة، والهم الحضاري العام؛ مما يعمق الانكسار الذاتي المندمج بأحلام البسطاء. فمنذ قصيدته الأولى «عن الحلم والفرح»، يبدأ الشاعر العزف على هذه المقامات، والإبحار بعيدا في هذه المحيطات الشعرية، راسما صورة الحلم الغائب، والفرح المؤجل والحب المهزوم:
أبحرَ الطيرُ
بعيدا
غاب خلفَ الريحِ
في جَفنيه صوتُ الحلمِ غنوه.
فرحٌ
يولدُ
ينمو…يتناسل
وفي عمق هذا الانفراج البادي، يفاجئنا المقام الشعري بالمفارقة القائدة إلى الانكسار، حيث «الشمس تمحو كل ظل (ص8) وحيث عاد الطير :
حاملا تحت جناحيه الألم
وبنى العُـشَّ على أشواك ورذة
بهذه الصورة الحزينة يبدأ الشاعر ملحمة الحزن حيث يعترف قائلا:
طِرتُ
حتى ملَّني بحر الزمن
طرتُ
حتى عافني دربُ السفر
أزهرَ الحزنُ
بأعماقي شجر
فالاستعارات الكثيفة ترفع سقف الألم عاليا، وتعمق هذا الإحساس بالحزن، الذي لا يأتي جاهزا، وإنما ينمو داخل الذات وئيدا ومؤلما، وغير منتَبَه لنموه، لينفتح النص على نهاية فيها أمل قادم، ومتمرد عبر استعمال لفظة (رغم) التي وُظِّفَتْ لتكريس التحدي، والتبشير بالأمل، حيث يجد الحَبَّ والمياه والدفء في كل الفصول. ويستمر الشاعر في عزف لحن الحلم في القصيدة الثانية التي تتخذ حلم» لها عنوانا، بعيدا عن أي تعريف أو تحديد ـ من خلال استعمال النكرة ـ والقائم على الاستمرارية، فيبدأ النص بالفعل المضارع (أحلم) بعد أن كان النص السابق قد بدأ بالفعل الماضي (أبحَرَ الطير)؛ مما يرسم ملمحا من ملامح الانفراج. إن الأحلام تأتي بامرأة من أقصى اليأس المتراكم
من أقبيةِ الحزنِ
ومن أكوامِ القهرِ
مُحملَّةً بالصبواتِ وبالعشق
لكن أحلام الشاعر مشروطة، مرسومة وفق مقاس الانتماء لأحلام البسطاء. فالمرأة المطلوبة متفردة، لا تشبهها واحدة في السرب، ولها قدرة على محو أزمنة الإحباط وأتربة الخيبة عن الشَّعر الأبيض، وتقبل مقاسمة عيش البسطاء وتعب الرحلة في صحراء الحرف، وبين شعاب الهم اليومي، وتستطيع أن توقد نار الحب، وتوقظ الأحلام المتأججة، وتسقي الإنسان من نبع الحب كؤوس الأمل. هذه المرأة /المثال التي في وجودها قدرة عجيبة على رسم حدود جديدة لعالم مثالي سعيد، على المستوى الفردي (ما أسعدني لو أراك من شرفة الحلم تطلين…) وعلى المستوى الحضاري؛ إذ يرسمان (خريطة لعالم بلا حدود، بلا نقط تفتيش)، وهو عالم صغير لا يتسع إلا للشاعر والمرأة وثالثهما الحب، وهنا تمتزج حاء الحلم بحاء الحب، خروجا من حاء الحزن، حيث تتمرد الأولى على المواضعات الاجتماعية والطبيعة بانغراس الواحد في الآخر، وتتمرد الثانية على حدود الواقع، إذ الحياة بلا خوف ولا حزن، وبلا أقنعة. إن حاء الحب وحاء الحلم تتمردان عبر خيال الشاعر المولد لانزياحات لافتة، حيث لا يكاد يخلو سطر من صورة شعرية رائقة، ترفع مستوى التوتر إلى أعلى درجاته في رومانسية حالمة، متماهية مع هموم الواقع؛ مما يجعل الرغبة في الغياب أمرا ملحا لتحقيق النسيان وكتابة أبجدياته:
ننسى المكان
وننسى الزمن
وفي خفقةٍ
نبحرُ
نبحر في زورقِ حُلم
تعالج نصوص عبد السلام مصباح، إذن، جوهر الخراب الإنساني، وإن كان ذلك يتخذ عنده تمظهرات عدة، منها الهم اليومي والحب الممزق، والذي استعمله مرارا كحرفين منفصلين (حاء ـ باء)، وإن كانت هذه التمظهرات تقوم بمهمة الرصد والتفسير لهذا الخراب؛ مما يجعله يتجاوز الهم المؤقت العابر ليصبح ذا جذور عميقة في كيان الشاعر.
وحتى لا نتيه مع الحاءات المتمردة، نتوقف عند تمظهر حاء واحدة، هي حاء الحلم لاطّرادها في كل النصوص وبشكل لافت حتى لا تكاد تخلو صفحة من هذا اللفظ، مما يحوله إلى بؤرة ضوئية أساسية، عنها تتفرع باقي الدلالات، فهو تارة يملك صوتا، وله قدرة على التعبير، ويشكل مخرجا من مأزق الذات الحبيسة، وفي أحيان أخرى يتجلى أمنية عابرة يطلبها الشاعر (ص42).
إن الحلم يتخذ، إذن، تجليات عدة، يصعب رصدها جميعا، لكن يمكن الكشف عن بعضها. فالحلم، في نصوص عبد السلام مصباح، متأجج مندفع (أحلم باللحظات الصّخابة) (ص88) يملك صوتا (صوت الحلم)، ومدويا فهو (متصاهل في رحم الكلمات)، وهو نار متأججة تستيقظ في أعماق الشاعر أو بيت له شرفة تمنح فرصة التأمل في الآفاق الواسعة والأرجاء الرحبة (من شرفة الحلم تطلين)، وهو أحيانا زورق يمكِّن من تجاوز المسافات والإبحار بعيدا، كما يرتبط بالجنون والعشق (تخصب نيران العشق معمدة بجنون الحلم). وكي يعمق الشاعر استعارات الاندفاع للحلم يعطي نموذج الحلم السلبي الذي يرفضه:
تخلعُ عنها
ثوبَ الأزمنةِ المنخورة
والحلمِ الناعمِ
والهدرة.
هذا التصور لا يجعل من الحلم هروبا سلبيا، وإنما يجعله امتدادا للفعالية والإنجاز (صوب شعاب الحلم الفعال)(ص 95)، الذي يمنحه الحرف أحيانا، ويمنحه الجرح الذي (يقطر/ يرسم للمستضعف /حلما / وعدا/ ونبوءه) (ص119) كما أن الأحلام مزهرة، طافحة بالخصب:
بحثوا عن أنفاسي الحمراء
عن أحلامي الخضراء
عن لغة الحب
وعن سبع سنبلات خضر
تتدثر بالحلم.
وارتباط الحرف بالحلم وثيق في نصوص الديوان، حيث يعبر الشاعر عن هذا التلازم بقوله:
يشعل للحرف الشارد حلمي (ص 121)
وقوله:
الحلم المتوهج والحرف (ص83)
وارتباط الحب بالحلم، حيث (الحب أخضر)
(ص126)، وارتباط الحلم بالمرأة:
أخذوا قلبي
وصورة من أهوى
من تعشقني
من أعطتني الحلم ربيعا
وسقتني الحرف ينابيع (ص125)
من هنا، يبدو التلازم الوثيق بين الحاءات الأربع؛ فكل واحدة تفضي إلى الأخرى، وتتجمع كلها لتعانق أحلام البسطاء وتروي عطش الأرض العارية التي يشتهي الشاعر معانقتها في نص «توقيعات على سنفونية الخصوبة»، والذي هو قمة التوحد الصوفي بالمعشوقة الأرض، والتي يفاجئ القارئ حين يعلنها في آخر النص:
ألثم كل تفاصيلك
حرفا حرفا
ألف
راء
ضاد.
مما يجعل رؤية الشاعر حالمة بامتياز، تتجاوز الحدود المرسومة للحلم الرومانسي، لتقدم صورة للثورية الحالمة عبر الكشف عن هموم الشاعر الكونية، وارتباطه بأحلام البسطاء والمستضعفين، فالمرأة تتجاوز الحدود الجغرافية للجسد، لتصبح معادلا للأرض، والشعر يتجاوز كونه تعبيرا عن هم متقوقع على الذات، بل ينتقل للتأمل في قضايا أكبر ومشاكل أعمق. فإذا كان معجم الحلم يستحوذ على الديوان فإن معجم الهم اليومي والمعيش يحضر موازيا له، وإن كان حضوره أقل. والمرأة الحاضرة ـ كمعشوقة ـ في جل النصوص لا تتعدى كونها الأرض، كما في قصيدة «توقيعات».
إن»حاءات متمردة» نص واحد، وملحمة للحلم، ترفعه من مجرد تعبير نفسي يحتاج إلى تأويل، إلى أسطورة متكاملة، تطرح حلا جوهريا لمعالجة مشاكل الذات والعالم.
2 ـ التكثيف الموسيقي:
يحفل ديوان «حاءات متمردة» بلغة شعرية سامقة، تمنح الإدهاش بفضل ما يتناسل داخلها من صور تنزاح عن المألوف وتخالف المعتاد، لكني ارتأيت أن ألامس جمالية الإيقاع لأنه يمنح للخطاب الشعري سلطته داخل الديوان، ويجعله خطابا منظما بفعل ما يتأسس عليه من تكرار التفاعيل والأصوات والصيغ الصرفية والوحدات الدلالية، وما يمنحه ذلك من أثر نفسي وانطباع جمالي خاص يدركه المتلقي وإن كان يتعذر تقنينه بنفس درجة تقنين قواعده.
إن جمالية التكثيف الموسيقي تتجلى من خلال تمظهرات عديدة تؤسس الإيقاع عند عبد السلام مصباح، إذ يقوم التشكيل الشعري عنده على عناصر متعددة أهمها:
أ ـ الإيقاعات النغمية :
إن الحديث عن الإيقاعات هو حديث عن الأوزان الشعرية في حلتها الجديدة وعن خصائصها وتجلياتها المعاصرة ، ولعل تخصيصنا لها بصفة «النغمية» دليل على صلتها الوثيقة بالصوت والاهتمام منا بما هو
سمعي أكثر من الارتباط بالصورة الخطية التي تمكن دراستها ضمن ما يسمى بالتشكيل البصري.
إن أيا منا حين يسمع أن ديوانا يتكون من ستة عشر نصا، فإنه يتصور ـ لا محالة ـ وجود تنوع كبير للأنساق النغمية وإمكاناتها، إلا أن هذا الديوان الممتد عبر126صفحة ، يفاجئنا بكونه لا يسخّر إلا بحورا ثلاثة، كما أن قراءة الديوان تبيّن أن نصوصه نسجت على إيقاع واحد، سريع ولاهث، يكثر من الحركات ـ على الرغم من قلة التنويع في البحور ـ فقد احتل الخبب 13 قصيدة، بمعدل يقارب 82% في حين جاءت قصيدة واحدة متنوعة التفاعيل تقترب من قصيدة النثر، مع قصيدة واحدة للرمل، وواحدة للهزج بمعدل 6% لكل واحدة منها، وقد احترم الشاعر الأوزان في صورته التفعيلية الصافية، فلم يتجاور داخل النص الواحد أكثر من بحر. ومن أهم البحور التي لمحنا حضورها: الخبب والمتدارك حيث يجمعهما النص الواحد أحيانا، وهذا الجمع ليس من بدع الشاعر، إذ لوحظت هذه الظاهرة على القصيدة المغربية منذ السبعينيات، في قصائد محمد بنيس ومحمد بنطلحة وأحمد بنميمون وعبد الله راجع وأحمد بلبداوي وعلال الحجام ومحمد الأشعري وحسن الأمراني ـ كما كشفت عن ذلك رسالة الشاعر عبد الله راجع «القصيدة المغربية المعاصرة بنية الشهادة والاستشهاد»ـ وهذا الإيقاع يتسم بالتنوع والخفة والسرعة وبغناه وكثافته الموسيقية، و»لجوء الشاعر المغربي إلى المتدارك/ الخبب مبرر بغنى هذا التشكل وتنوع وحداته الإيقاعية. ولكننا نرى أن لهذا التبرير ما يزكيه، فالإيقاع الناتج عن تشعيث فاعلن والمسمى بضرب الناقوس أو قطر الميزاب يكاد ينطبق مع الدارجة المغربية التي يغلب عليها الحرف الساكن، والمد في نهاية المفردة» ـ كما يقول عبد الله راجع (ج1ص156) كما أن الشاعر يستعمل الهزج في قصيدته « ثلاثية الحرف والبعث» ص 73 والرمل في قصيدة « عن الحلم والفرح» ص7
والرمل بحر «سهل، يسير، ذو نغمة واحدة متكررة…وأقل ما يقال عنه إنه بحر بسيط النغم، مضطرد التفاعيل، منساب، طبلي الموسيقى، ويصح لكل ما فيه تعداد للصفات، وما تلذذ بجرس الألفاظ، وسرد للأحداث في نسق مستمر.» ـ حسب ما يرى عبد الله الطيب في المرشد إلى فهم أشعار العرب وصناعتهاـ وفي اختيار الشاعر لهذه الإيقاعات مناسبة للتعبير عن رؤية الشاعر، فهي تستجيب لرهان الوحدة والتدفق وللرؤية العميقة التي، من أجل تجليتها، خط قصائده.
ب ـ التعامل الخاص مع القافية:
إن الشاعر عبد السلام مصباح يشكل القوافي بحرية تامة، فهو يجمع بين أنماط من القوافي، لكن النمط الذي يهيمن على نظام التقفية عنده هو القوافي المرسلة، ولعل أول ما ننطلق منه للحديث عن هذا النمط من القوافي هو ربطه بالرأي القائل بضرورة الوزن والقافية بشكلهما الخطي دون الاحتفاظ بحرف الروي، من هنا تصبح هذه القافية هي ما خلت من حرف الروي، وهي «معروفة قبل مجيء الشعر الحديث فيما سمي بالشعر المرسل.»(2)ونجد من القائلين بهذا الرأي د.عز الدين إسماعيل الذي يرى أن الشعر» لم يكن ليستغني عن القافية، ولكنه يستطيع أن يستغني عن الروي المتكرر في نهاية السطور، ومن هنا استغنى الشاعر عن القافية بوضعها القديم، لكنه ألزم نفسه مقابل ذلك بنوع من القافية المتحررة تلك التي لا ترتبط بسابقاتها أو لاحقاتها إلا ارتباط انسجام وتآلف دون اشتراك ملزم في حرف الروي، وبذلك صارت النهاية التي تنتهي عندها الدفعة الموسيقية الجزئية في السطر الشعري هي القافية,»(3)وهذا اللون من التقفية يجعل القصيدة تكاد تقترب من الشعر المنثور، إذ تتجلى هذه القافية في تغييب حرف الروي في نهاية المقاطع، ففي قصيدة «عن الحلم والفرح» ندرك أن الشاعر يبني نصه على مقطعين شعريين اعتمادا على التدوير العروضي، إذ تتوازن الوقفة العروضية/ النظمية مع الوقفة الدلالية، وينتهي المقطعان باللفظتين التاليتين (ظل ـ فصول) وهما قافيتان مختلفتان من حيث حروف القافية وبنائها، على الرغم من التشابه في حرف الروي (اللام)، وهو الأمر ذاته الذي نلمحه في نص «حلم» الذي وظفت فيه القوافي المرسلة التالية في نهاية مقاطعه (الرحمة ـ اليومي ـ القمع ـ الأمل) وفي هذا المنحى سارت جل نصوص الديوان. وإلى جانب هذا النمط وظف الشاعر القوافي المتواطئة، وقد استنبط محمد بنيس هذا النوع من التقفية في الشعر الحديث من رصد النقد القديم لظاهرة تكرار القافية في الشعر العربي، حيث كانت تعتبرها عيبا سمي بالإيطاء، و»يقصد بها القافية التي تنادي على توأمها في البيت الموالي أو الأبيات الموالية.»(4)
ويحتل هذا النمط حيزا كبيرا في هذا الديوان، ويتخذ أشكالا متنوعة، إذ يكرر الشاعر نفس اللفظة في نهاية كل مقطع كقوله: «ما أجمل ذلك» في نهايات مقاطع قصيدته «نداءات» (ص17) والتي اختار لها ـ في بدايات المقاطع ـتكرار عبارة «ما أسعدني» ليمنح النص كثافة موسيقية وليبنيه بناء حلزونيا. وتجدر الإشارة إلى أن الشاعر كرر هذا النمط من البناء في أكثر من قصيدة مثل قصيدة « ما تيسر من سفر الخروج» إذ كرر كلمة (نخرج) في بداية كل مقطع، وقصيدة «حلم» التي كرر فيها عبارة «أحلم أحلم بامرأة تأتيني» وقصيدة «باسم الحب وباسم الحرف» التي كرر عنوانها في بداية مقاطعها، وقصائد: «اعتراف» و»شفشاون» و» ثلاثية الحرف والبعث» وغيرها حتى لنكاد نقول إن البناء الحلزوني هو الطاغي على البنية الخارجية للديوان. مما يؤكد حرص الشاعر على التكثيف الموسيقي بدل التنويع، ولعل ميزة هذا الإطار هي توزع القصيدة إلى مقاطع مع تكرار نفس البداية في كل مقطع، وتنبني على الدفقة الشعورية، كما يسميها عز الدين إسماعيل، إذ للقصيدة نقطة انطلاق شعرية تبدأ منها وترتكز عليها يعبُرُ الشاعر فيها مجالا شعريا محددا ومغلقا، يكشف فيه عن شطر من رؤيته الشعرية، ليدخل مجالا شعريا آخر إلى أن تنتهي القصيدة معلنة اكتمال الرؤية الشعرية، ذلك أن كل مقطع يكتسب استقلاليته و كأنه حركة منفصلة تنعزل عما سواها من الحركات/المقاطع، ويندغم بها في الآن ذاته.
كما نلاحظ في الديوان غياب القوافي المتراسلة، لأن هذا النوع من القوافي يمكن اعتباره امتدادا طبيعيا للشعر القديم، إذ يتكرر نفس الروي في نهاية كل سطر أو كل بيت، و»من الجدير بالذكر أن هذا النمط القافوي غالبا ما يوجد لتحقيق إشباع غنائي أو لون من الانتشاء الذاتي.»(5) وهذا النمط قليل في الشعر الحديث لأنه يخلف نوعا من الرتابة، وقد حاول الشعراء المعتمدون هذا النمط تكسير هذه الرتابة بالإتيان ببعض الأبيات المرسلة أو الشاردة، وعلى نفس الخط سار الشاعر عبد السلام مصباح.
وإلى جانب القافية في نهايات المقاطع الشعرية اختار الشاعر قوافي داخلية أغنت النصوص صوتيا ودلاليا، ويكفي أن نمثل لها بقوله:
أنت قرنفلة الماء الجائل
تحت ضلوع الخيمة
والرمل
وبين تراجيح الخيل
تفاصيل الليل
وفي مملكة العشاق الشعراء (ص35)
فأدرج ثلاث كلمات (الخيل ـ الليل ـ الرمل) لتشكل قوافي داخلية لهذا المقطع الشعري.
ج ـ التوازي والتكرار:
اهتم الشاعر عبد السلام مصباح بعناصر الإيقاع الداخلي، فحرص على استثمار التوازي، وتنويع تشكيلاته سواء من الناحية الصرفية أو النحوية أو الدلالية، وقد نوع في البنيات التي اعتمدها لتحقيق جماليته ومن أمثلة التوازي التركيبي:
ـ طرت شهرا
طرت عاما
طرت عشرا
طرت عمرا
ـ طرت حتى ملني بحر الزمن
طرت حتى عافني درب السفر
ـ ليس بها شرق غرب
ليس بها أنت أنا
ليس بها غير الألفة.
والمتأمل في هذه الأمثلة يدرك أنها تؤدي وظيفة إيقاعية صوتية بسبب تكرار الصيغ والحروف، وإلى جانبها تؤدي وظائف تعبيرية كالتنامي في المثال الأول والترادف في الثاني والتوحد بين المتقابلات في الثالث؛ مما يمنح النص قوة موسيقية و طاقة إيقاعية هائلة تخلق صورا سمعية لافتة.
أما التكرار فهو يغطي مساحة واسعة داخل رقعة النصوص، ويتخذ مواقع متنوعة، فأحيانا يأتي في أول النص ليمنحه بناءه الحلزوني، وأحيانا يتخذ شكل القوافي الداخلية وأحيانا يستأثر بموقع القافية ضمن ما أشرنا إليه من قواف متواطئة. ومن أمثلته في بداية النص:
ـ أحلم/ أحلم بامرأة تأتيني…
ـ نخرج/ نخرج من قبو الكلمات
أما في وسطه فنمثل له بقول الشاعر:
ـ نرقص/ نرقص/ نرقص
حتى يورق نبض القلب.
وقد منح التكرار للأفعال وظيفة تصويرية وأعطاها حركية حتى لكأننا أمام مشهد.
وقد استثمر الشاعر إلى جانب ذلك ما تمنحه كافة العناصر البلاغية من إيقاعات فوظف الترصيع والتجنيس، إذ هيمنت صيغتي (فعْل ـ فعَل) على جل ألفاظ النص مثل:
ـ فعْل ـ طير ـ خلف ـ شهر ـ عشر ـ يأس ـ قهر ـ همس…
ـ فعَل ـ سفر ـ زمن ـ شجر ـ نغم ـ وطن ـ تعب …
مع التجاور الممكن بينهما مما يؤكد حضور التكثيف الموسيقي داخل هذا الديوان حتى أنه غدا ظاهرة لافتة تعكس روح التجريب لدى الشاعر عبد السلام مصباح من داخل النسق العروضي التراثي وليس من خارجه.
في الختام: نؤكد أن تجربة الشاعر المغربي المبدع عبد السلام مصباح ترتكز على ثلاثة عناصر أساسية تمنحها فرادتها وتميزها هي: الإيقاع والرؤيا واللغة الشعرية، وهي الأسس الضرورية لكل شعر جيد. وبتوظيف هذه العناصر استطاع الشاعر أن يحقق لنفسه موقعا داخل خريطة الشعر المغربي. فهو قامة شعرية، يصعب على دارس القصيدة المغربية القفز عليها. وكل محاولة للكشف عن مكامن السحر والجمال في القصيدة المغربية المعاصرة لابد وأن تجد في هذه التجربة الممتدة، والباذخة إيقاعا وصورا وخيالا بغيتها.
هوامــــــش
1ـ حاءات متمردة ـ عبد السلام مصباح ط1/ 1999 دار القرويين ـ الدار البيضاء
2ـ أحمد المعداوي، البنية الإيقاعية الجديدة (م.س) ص 73
3ـ د.عز الدين إسماعيل، الشعر العربي المعاصر … دار العودة ص 67
4ـ خالد بلقاسم، قفاز بلا يد وبناء الإيقاع، العلم الثقافي ع 779 بتاريخ 20/6/1992 ص3
5ـ محمد الكنوني، البنية الإيقاعية في شعر محمد الخمار الكنوني، منشورات السفير مكناس ص 43
——————
خمس مدن عراقية للشاعر الشيلي سيرخيو ماثيياس
البصرة
في الْبَصْرَة،
يَتْرُكُ النَّخيلُ الْبَلَحَ يَسْقُط
مِثلَ دُمُوعٍ مِنْ عَسَل.
يَشِيخُ الرَّجُّال
مُقْتَفين آثارَ السِّنْدِباد.
الْهَوَاءُ يَهُزُّ الْغُصُون،
وقِيثارُ بَحْر
يَعْزِفُ مُوسِيقى السُّحُب.
وَرَقْصَةُ الْحُب
تَجْعَلُ عُيونَ الأَبْراجِ تَتَأَلَّق.
أهل الموصل
أَمسَكَ بِيدِِ الحُبِّ
مُتوَهِجَة مثل الرّمل،
يَسْتمتِعُ بِتحليقِ يمامات
تَلعبُ على ضِفتَي الفُرات
وتَغرقُ
في فَرحِ أهلِ الموصِل
الذين يُصفِّقون لِشعـراءَ
يعيشون
مُشيِّدين زقورة السلام. *
* لزقورة وجمعها الزقّورات وتقع معظمها في بلاد ما بين النهرين وهي عبارة عن معابد مدرجة كانت تبنى في سوريا والعراق ثم إيران ومن أشهر الزقورات عالمياً هي زقورة أور في العراق قرب مدينة الناصرية المسماة حاليا (بمحافظة ذي قار) جنوب العراق.
سامــــراء
تَطَلَّعْتُ إِلَى الأُفُق
مِنَ الْمِئْذَنَةِ الْمَلْوِيَّة،
كَمَا لَوْ كُنْتُ الْخَلِيفَة الْمُتَوَكِّل.
إِلَى الْمَدِينَةِ الْمُكْتَسِحَة
بِفَرَحِ الرَّاقِصَاتِ الْعَبَّاسِيَات.
يَسْقُطُ حِجَابُ الْقَمَر ٍفَوْقَ دِجْلَة.
الْقَلْبُ يَتَوَجَّهُ إِلَـى مَكَّة
وَالصَّلاَّةُ
تَنْصَهِرُ فِي حَلَزُونِيَةِ الطِّين.
أسوار أوروك
يَسكُبُ القَمرُ نورَهُ
فَوقَ قُبورٍ مِن حِجارَة،
في وَسطِ الخَرائِب
تَطفو الأَساطيرُ.
خُنجرُ جَلجامش
بَقيَ مَغروزاً
في قَلبِ الذَّاكِرَة
حَيثُ تَنسابُ أَنهارُ الشِّعـر
تخفي أسوارَ أُروك URUK
بوابات الحضر
مِن خِلالِ بوَّاباتِ الحَضَر*
يَدخلُ الرٍّجالُ
والْجِمالُ
مُحمَّلةً بالزّيتِ والذهبِ،
مُرسلة إلى الإلهةِ Shahiro.
على جانبِ الْمعبَدِ
يَتفرَّغُ الْمُتسوِّلونَ
لإِحصاءِ مَصائبَهم.
في القَصرِ قَلقٌ
فَشاعرُ الآلِهةِ غائب،
وَنجمةُ السَّحرِ
تَعرفُ أَنّهُ مُستحلٌ عَودتَه،
من عَينيْهِ
يَسقطُ الندى
الوحدةُ
تَسودُ قَلبَ الريح.
* الْحضر هي مدينة عربية تاريخية تقع على بعد 80 كم جنوب الموصل عرفت مملكة الحضر بهندستها المعمارية وفنونها وأسلحتها وصناعاتها,الحضر كانت في مستوى روما . (المترجم)
—————–
من النصوص البواكر، وأول نص نشر لي
خُلود
1 –
أَنا لَنْ أُموتُ
أَنا يارَفيقَ الصُّعوباتِ
وَالأَحْرُفِ الشّائِكَه
فَفي نَبْضِ روحي
تَضُجُّ الْحَياة الْغَزيرَة
وَفي نَبْعِ قَلْبي
رَحيقُ الْوُجودِ
وَنْبِعُ الْخُصوبَة
وَفي لَحْنِ شِعْري
شِراعُ التَّرانيمِ
يُبْحِرُ بِالْغَيْمَةِ الْعاشِقَة
يَجوبُ الْقِفارَ
يَجوبُ الْقُرى الظّامِئة
يَجوبُ الشَّواطِئَ والأَرْصِفَة
وَكُلَّ الْمَداخِلِ وَالأَقْبِيَة
ويَصعدُ…
يَصعدُ نحو القِممْ
يُعَطِّـرُ أَجْواءَها
وَيَمْضي بَعيداً
بَعيداً
عَلى صَهْوَةِ الرُّؤْيَةِ الْفاتِحَة
وَفي مَوْجِ لَحْني حُقولُ الْمَحَبّة
تَمُدُّ الْقَناديلَ بالزِّيتِ
والْبُرْتُقال الْمُحاصَرِ
وَالسُّنْبُلَة
2 –
أَنا لَنْ أُموتُ
أَنا يارَفيقَ الْمَساءاتِ
والْجَلَساتِ الْحَميمَة
تُغَنّي الْعَصافيرُ
في لَحْظَةِ الْعِشْقِ
أَوْ في ذِرْوَةِ الْحُزْنِ
شِعْري
وَتَرْسُمُ في الْبُرْتُقالاتِ
في دفْتَرِ الْقَلْبِ
في حُمْرَةِ الْفَجْرِ
بَعْـضَ حُرُوفـه،
وَفي بَوْتَقِ اللَّيْلِ
بَحْثاً عَنِ «الدِّفْءِ
وَالْمَرْحَمَة»
تُخَبِّئُ في مُقْلَتَيْهِ الْقَصِيدَة.
3 –
أَنا لَنْ أُموتُ
أَنا يارَفيقَ البَشاشاتِ والمُمكِن،
أنا خالِدٌ في خَيالِ الْفَراشاتِ
في السُّنْبُلاتِ الْوَفيرَة
وَفي التُّرْبَة
إِذا مَزَّقَ الْمَوْتُ صَدْري
إِذا ما كَساني الثرى ثَوْبَ قَبْري
4 –
أَنا لَنْ أُموتُ
غَداً حينَ يَبْلى شَبابي
وَيَفْنى
تَجِدْني أعيشُ
عَلى فَمِ كُلِّ الصّغارِ
وَفي ضَرْبَةِ الْفَأْسِ
في الزَّقْزَقَة
وَفي قَطْرَةِ الْماءِ
في اللَّحْظَةِ الْمُتْرَعَة
نَشيداً يُغَنَّى
وَلَحْنا.
تطــــوان
21/03/1968
في البدءكانت الحاء
نورســة
نَوْرَسَةٌ
تَنْصِبُ في عَتَباتِ الحاءِ
فِخاخاً
لِعَصافيرَ
تَجيءُ لِتَلْتَقِطَ السِرَّ الهاجِعَ
بَينَ الحَصَواتِ
وَحينُ تُعِدَّ طُقوساً للماءِ
وَتوقِدُ في المَلَكوتِ
وفي رَجفاتِ الريحِ
نشيدَ الحُلمِ
تُبَاغِتُها هَلْوَسَةُ الشِّعْرٍ
فَيَنْدَلِقُ أَجْمَلُها
وَتَراتيلُ أُنوثَتُها.
الوردة الأولى
وَرْدِيٌّ
تـَزَوَّدَ
مِنْ قِنْدِيلِ الشَّفَقِ
مِنْ زَخَّاتِ الْفَجْرِ
وَخَضَّبَ
عُشْبَ الْحُلْمِ
ثُـمَّ…
تَمَدَّدَ
بَيْنَ هَسِيسِ الشَّفَتَيْنِ.
الوردة الثانية
مَدَّ الْجُلنَّارُ
أنامِلَهُ
وَتَوَضَّأَ
مِنْ بَسْمَتِها
ثُـمَّ…
طَوى أَجْنِحَةً
بَيْنَ شَفِيفِ الْقَلبِ.
القبلـة
نَبْعٌ صَافٍ
مُمْتَشِقٌ
لَوْنَ الْوَرْدِ
أَطْلَقَ بَيْنَ مَدارَاتِ النّورِ
هَديلَهُ
ثُـمَّ…
طَوى جَفْنَيْهِ
عَلَى سِرِّ جَلاَلِهِ.
عن الحلم والفرح*
وَقَدْ طَوَّفْتُ فِي الآفَاقِ حَتَّى
رَضِيتُ مِنَ الْغَنِيمَةِ بِالإِيَّابِ
طرفة بن العبد
1-
أَبْحَرَ الطَّيْرُ
بَعِيداً ـ
غابَ خَلْفَ الرِّيحِ…
في جَفْنَيْهِ
صَوْتُ الْحُلْمِ
غِنْوَه.
فَرَحٌ يُولَدُ
يَنْمو
يَتَناسَل…
ثُـَّ فَجْأَة
يَفْتَحُ الأُفْقَ
حَيْثُ الشَّمْسُ
تَمْحو كُلَّ ظِلٍّ .
2 –
طارَ
يَبْغِي الأَنْجُمَ الْحُبْلَى
وَأَثْمارَ السَّحُب…
ثُمَّ عَادَ
حامِلاً
تَحْتَ جَناحَيْهِ الأَلَم
وَبَنى الْعُشَّ
عَلى أَشْواكِ وَرْدَة
ثُمَّ غَنّى
مِنْ فَرَح:
طِرْتُ شَهْراً
طِرْتُ عاماً
طِرْتُ عَشْراً
طِرْتُ عُمْراً…ً
طِرْتُ
حَتّى مَلَّني
بَحْرُ الزَّمَن…
طِرْتُ
حَتّى عَافَني
دِرْبُ السَّفَر
أَزْهَرَ الْحُزْنُ
بِأَعْماقي
شَجَر
فَجْأَةً عُدْتُ
وَفي حُنْجُرَتي
ما يَبَقّى
مِنْ نَغَم
لِلْوَطَن،
حَيْثُ
رَغْمَ الْفَخِّ
رَغْمَ الْخُنْجَرِ
أَجِدُ الْحَبَّ
الْمِياهَ
الدِّفْءَ
في كُلِّ الْفُصول.
* هذا النص تدرس في أقسام الجذع المشترك الأدبي والأصيل.
بطاقات إلى العراق
1 –
عِراقُ…
سَلاماً…
سَلاماً…سَلاماً…سَلاماً…
سَلاَماً مِنَ الشِّعـرِ وَالشُّعَرَاءِ
لِحُلْمٍ يَشُقُّ خُطَاهُ
إِلَى مُقْلَتَيْك
لِسِرْبِ حَمام
يَحُطُّ الرِّحَالَ عَلى راحَتَيْك
لِنَخْلٍ
يُغازِلُ فَجْراً
عَلى ضِفَّتَيْك
لِطِفْلٍ يُخَاتِلُ دَبَّابَةً
لِشَيْخٍ يَهُزُّ جُذوعَ النَّخيلِ
فَتُرْسِلُ أَوْراقَها طَلْقَةً
وَزُغْرُدَتَيْنِ.
2 –
عِراقُ…
سَلاماً…
سَلاَماً…سَلاماً… سَلاماً…
أَتَيْنا من الْماءِ للْماءِ
من صفحاتِ الدماءِ المُضِيئة
لِنَنْشُدَ أَشْعَارَنَا
وَفِي الْحَلْقِ جَمْرٌ
وَفي الْقَلْبُ جُرْحٌ
وَفِي الْحَرْفِ نَارٌ
وَثَوْرَهْ
فَهَلْ تَقْبَلِينَ الْغِناء
لِيَرْقُصَ عُشْبُ الْبَرارِي
وَيَكْتُبَ أَسْماءَكِ الرَّائِعَةِ.
3 –
عِـراقُ…
سَلاَم الْفُصولِ الْخَصِيبَهْ
وَسَيِّدَةُ الْمَطَرِ
لِبَغْدادَ وَالْكُوفَةِ
لِكَرْكوكَ وَالْبَصْرَةِ
وَلِلْفَلُّوجَةِ
لِلنَّجَفِ الأَشْرَفِ…
فَتَحْتَ ثَرَاهَا يَنامُ الشَّهِيدُ
وَمِنْ صُلْبِهَا
يَتَدَفَّقُ نورٌ
وَظِلٌّ
وَخِصْبٌ…
وَيولَدُ أَلْفُ شَهِيدٍ
فَتُفْرِدُ عَشْتارُ
لِلْعاشِقِينَ قُزَح.
4 –
عِرَاقُ…
أَتَيْنا لِنَرْفَع أَصْواتَنا
وَنَهْتِفَ لِلْكِبْرِياءِ
وَلِلْهِمَمِ الشَّامِخَهْ
وَلِلْواقِفينَ اِنْتِظَاراً
عَلى صَهْوَةِ الْعاصِفَهْ
وَلِلْحامِلِينَ صَلِيبَ الْوَطَن.
5 –
عِراقُ…
سَلاماً…سَلاماً
فَنَهْرُكِ لَنْ يَنْضـبَ
وَشَعْبُكِ لَنْ يَهْربَ
وَكُلَّ تَمَاثِيلِ قِشٍّ
«وُقُودٌ لِنارِك
وَحَبْلُ غَسِيلٍ
عَلى سَطْحِ دارِك» *.
– 6 –
ع
ر
ا
ق
سلاماً…سلاماً…سلاماً
فبينَ عيونك
ينمو النخيلُ
و
يورقُ ضوءُ القمَر.
—
* للشاعر محمود درويش
امرأة من نور
إلى الموشومة بالخاءين والمفعمة بالشعر والكرم وبالطيبة
كُلَّما غنَّيتُ باسمِ امرأةٍ
أَسقطوا قَوميَّتي عَني
وقالوا: كيفَ لا تكتب شِعراً للوطَن
وهل المرأَةُ شيءٌ آخر غير الوطن
آهٍ لو يدرٍك من يَقرأُني
أنَّ ما أَكتبُهُ في الحبِّ
مكتوبٌ لتحريرِ الوطن
نزار قباني
قال شبيهي
ذاتَ رسالَه
لا تزْرعْ حَرفكَ، ياهذا،
في تُربَتها
دَعهُ يُلغي هذيانِ الحاءِ
ويَنتَفضُ
كيْ يوغِلَ
في أَروِقةِ الجُرحِ الغائرْ
يَسكبُ فِتْنَتهُ…
أوْ يَرصُدُ بارقةً
في مُنعَطفِ الزمَنَ العَرَبيَّ
المُثقلِ بالخيباتِ،
وبالسهَراتِ الحَمراءِ،
وبالصفقاتِ المَشبوهَة….
ياشاعِرُنا كَيفَ…؟
وذي بلقيسُ «البحرَين»
مُتشِحَةً بالطهرِ
لا تَملكُ غيرَ يقينٍ
يَتَلفحُها
بأنوارِ التقوى
ويُلوِّنُها بحنينِ الكون،
وآي الرحمان…
جاءَتكَ عارِيةً
مِن ليلٍ ونهار
حامِلَةً
وَردَ الجُرحِ
وقافِيَةِ النخلِ المجدولِ
مُبللَةً بالطّهرِ
و
بالعِشقِ الوَهَاج
و
بالحٌلم الرقراقِ
تلامِسُ أبراجَ الكَرمِ الصاهِل
«فوق مَمراتٍ القلب…»
جاءَتكَ
وبَين حَنايا أضلُعِها
تتعالى أجراسُ صَلاةٍ
تتعَرشُ
في رَدَهاتِ الروح..
تتدَلى أغصانُ الشجَر الباسِق
مُثقلَةً بفاكِهَةِ «البَحرين»
وبالنوّار الأبيضْ
والأجملِ…
جاءَتكَ
كَي تدخلَ بَيت مَلكوتِكَ
مِن سُمّ الحَرفِ
وتشعِلً جَمرَ الشعر
مُفعَمةً بفصولِ الكَرم الطافْح
تسلُكُ دِربَ الطهرِ
تَشعُّ حُضوراً
شوقاً
لِفُيوضاتِ يقين…
جاءتكَ
تَسأَلُكَ أن تسقيها خمراً
يُنسيها الأزمنة المتآكِلةِ
الزمَنَ الفاجرَ
أو تَمنَحَها أَجْنِحةً
تَفتَحُ بين خلاياها
نافِذةً للضَّوءِ
ونافِذة لِجداوِلَ
تَلمسَ دربَ الوصلِ
ودربَ الفرح البكرِ
وَتبدَأَ رِحلَتَها
صوبَ الِمعراجِ.
رواسي*
إلى
وردة
في حديقة رشراش
رَواسي
هِيَ الطِّفلةُ،
الغَيْمَةُ،
البُذرَةُ،
السُّنْبُلة
عَلى سِدرَةِ النورِ
تَرسو
وتَسمو
تُحلِّقُ نَحوَ الْمدى
ونَحوَ الزَّمانِ الخَصيبِ
ونَحوَ الأناشيدِ
نَحوَ الأَلقْ…
لِتقْرَأ سِفر الرُّؤى
والنُّبوءَةْ
يًبارِكُها اللّهُ والوالدان…
فحينَ تَمدُّ يَديْها
لِتُشعِلَ في الروحِ
في القلبِ
في الكَونِ
قِنديلَ شِعرٍ
لأَيَّامِها الآتِيات..
وَتَفتَحَ دَفْتَرها
يَدخُلُ الغَيمُ
والٌقُبَّراتُ
ويَجْلِسُ في كَفِّها عُمرُ*
يَهزُّ نَوافِذَها المُغلقات
وَيُسرِجُ خفقَها
بَوحَها
صَوتَها …
للحروفِ المليئةِ
بِالكِبرِياء
وتَرقى
تُوحِّدُ ما بينَ نبضِ ابتِهاج
ونَبضِ
يَمُدُّ جَاحَيهِ
لِلْمُتْعَبينَ
ولِلعاشِقينَ
ولِلعابِدينَ
فتَرسُمُ شمساً
تَفيضُ بِنَبعِ الحَياة
ليورِقُ في الأرض
زَهرُ المَحَبَّةْ
تَشِعُّ بَهاءً
بناسِ الوَطَنْ
وَقَمحِ الوَطنْ
ونَخلِ الوطَن
وَفيءِ الوطن…
وتَعلو الْمَواويلُ
تَعلو الزَّغاريدُ
كاشِفةً حُلمَها المورقَ
فَتَشرُقُ بَسمَتُها
وتُصبحُ
سربَ حَمامٍ
يُحلِّقُ..
فوقَ رُبوعِ الوَطَنْ.
—
* اسم لفتاة ليبية
** لبطل الشهيد عمر المُختار
—————————
نماذج من رسائل الأدباء
1 – أحمد محمد عطية : كانت باحث مصري (1935-1993)
2 – مصطفى النجار: شاعر سوري من حلب
3 – جورج داوود: شاعر لبناني
4 – حميد سعيد : شاعر عراقي
5 – محمد السرغيني: شاعر وناقد مغربي، من مواليد 1930
6 – حسن المنيعي : كاتب مغربي متخصص في مجال المسرح والنقد الأدبي (1941-2020)
7 – محمد شكري : أديب مغربي معاصر(1935-2003)
8 – عبد الوهاب البياتي: يُعد واحدًا من أربعة أسهموا في تأسيس مدرسة الشعر العربي الجديد في العراق (رواد الشعر الحر) 1926-1999)