حين. يدخل المثقّف بودقة الأفكار الجاهزة، ويجر ّد عمله من متطلبات الكتابة لعمل ادبي كنافذة للمجتمع ، يكون قد اقفل عمله بمشغل عاجز عن. تقافز. الأفكار ،والرؤى بعدما ينسج بصمة جاهزة رواية مطلوبة في عصر الأدب التعبويّ لسنوات النار حتّى يُقال له هل من مزيد؟ ترى ماذا يُمثّل الطفل عند كاتب الرواية انذاك؟ وما تصوراته، ومتطلباته حين يعمل الكاتب على مبدأ التجهيز بعد حضور التنظير في الكتابة، وتهيئة الطفل لعوالم متجايلة في ذهنه،صور الحرب ، الآلات الحربية، القتلى؛وليت الأمر يتوقُف عند هذه السنوات حتى يتبين الخيط الأبيض من رواية التعبئة وما صدر منها من سلاسل كادت لا تنقطع لولا توقّف الحرب٠
إنّ أساس نظرية التعبئة ليست جديدة في مرحلة ادب الحرب ،بل هي النتائج لما بدأت به السلطة إبان الستينيّات،يوم دخلت التعبئة رواية الزمن الصعب،وهي تُشخّص فترة القضاء على الزعيم عبد الكريم قاسم حيث. يزّج الروائيّ عادل عبد الجبّارشخصية الطفل في فصل من روايته ليجعل منه المطلب الرئيسي للأسباب الموجبة للعمل السياسي٠
وبالرغم مما حملته شخصية الرفيق ( عبد الوهاب) المثقّفة، والقاص والشاعر/ص٢٠٩/فإنّ مايحمله من سلوك بعيد عن الثقافة التي تدعو إلى الحوار الإيجابي، والتعامل الإنساني يقول(وبالمناسبة إنّي احبُّ الأطفال وأعتبر كلّ نضالنا ،كلّ عذاباتنا كلّ ما نقدّمه لهذا الوطن كلّ ما قدّمه آباؤنا، وأجدادنا إنماكان بالدرجة الاولى من أجل إلاطفال بشكل ما، المهم إنني كّنتُ اّحبّ الأطفال وما أزال)
وعن دواعي الحبّ الذي يسبغه الروائي على احد ابطال روايته يذكر( إنني إذا رأيت طفلا يبكي افقد كلّ ما في أعماقي من إتزان وصلابة،ويتصاعد في صدري نشيج يتضاعف كلّ لحظة حتى يتجمّع في حنجرتي)
وإذا سألنا عن دواعي ذلك الحبّ ،فإنّ الكاتب يجعل من الأطفال. البداية ،والنهاية لما يقدم عليه حتى يُخيّل للمرء إنّ المجازر والترهيب ،والقمع هي من الصور التي رافقت العمل السياسي في الستينيّات هو بفعل الأطفال ورغبتهم في سلوك منهج الكبار في القتل،والقمع وقد أصبحت سياسة قائمة في الثمانينيات حينما إعتمدت السلطة على الأطفال في الحصول على المعلومات التي تخصُّ ربّ الاسّرة ماذا يحبّ ؟،وماذا يكره؟، وما نظرته إلى السلطة؟ وقد لا يتوقّف ذلك عند مرحلة الحبّ الممزوج بالقتل إلاّ ليجعل كلّ ذلك من اجل الاطفال٠ ويطرح في ثنايا الحوار مفهوم الطفل ( الملك) غير المُتوج
عبر ما يقوله جسّار( تعرف رفيق. عبد الوهاب يّخيّل إليّ إنّ الطفل في دولة البعث يجب ان يكون ملِكاً غير مُتوّج يجب ان يتوفّر له كلّ شيء من العناية الطبيّة إلى وسائل المرح)ص٢١٢/وإن كشف هذا الحوار ما يصل إليه الكاتب من معاني التجرّد الإجتماعي حينما يصوّر( الطفل الملاك) ثنائيةالتناقض سرعان ما يسحق، وتزداد حالات البؤس ،والفقر عليه، ويصبح يتيما بفعل الحروب وهو يحمل من الشعارات المظللة القائمة على الزيف الإجتماعي ويكشف الراوي في روايته عن ذلك ( قال الرفيق سميع فكرة عظيمة سنرفع شعارا عظيما بسمة على شفاه كلّ الأطفال) وكما يبدو من فكرة الرواية إنّ بناء الطفل العراقي يجب ان. يدخل ضمن. منهج الدولة، وربما لإدراك المؤلف إنّ السلطة قد تشرع في تهيئة الجيل لازمات سياسيّة ومناخات للحروب في كثرة دور الأيتام، ودور الرعاية الإجتماعية تبعا لما سيحصل في العقدين الآخرين من القرن العشرين يقول الكاتب بفاصلة بعد. البسمة المقترحة ( ملابس الأطفال من أجمل وارخص. ما يكون يجب الاّ يتجاوز ثمن إكساء الطفل. إكساءً كاملا الدينار او الدينارين) ص٢١٢/ إنّ مجمل الأفكار التي حملتها الرواية عن رؤيتها للطفل ،وماذا يجب ان يكون عليه من نظرة تعصّبية ورغبة في القتل من اجل الأطفال قد يؤدي. إلى سلوك الإغراق من الجيل الذي أراده الكاتب مُعبّرا عن نظرة السلطة له هو ما فتح الباب أمام اجيال نظرت للحروب بعين الكراهة والدمار وقلوب نزعت عنها العاطفة حتّى تمثّلت العداوة في شخصية الطفل وايٌاً كان شكل التعصب القومي ،او الديني ؛ فإنّ آثاره ستبقى مترسّخة عند الأجيال، والمثل الذي يطرحه شارلز وكيونارو في دراسات سايكولوجية من كتاب / لماذا ينحرف الأطفال/ص٦٠ في. موضوع فرض العداوة الشخصية على الأطفال ( لقد حدث في امريكا ان تسلل بعض الأطفال المراهقين إلى كنيسة يهوديّة ولطّخوا المذبح بالقاذورات لقد إكتسب هؤلاء الأطفال ذلك التعصّب الديني عن طريق آبائهم لضيق عقليّة هؤلاء الآباء)
بعد هذه القراءة لرواية / الزمن الصعب/ اتضّح لنا مدى غرابة ما أنتجه ادب التعبئة والذي اتخّذ من الطفل غاية للتنظير، وتصوير حالات العطف ،والحنان تجاه ذلك المخلوق الضعيف في. وقت اصبح هذا الطفل الضعيف حقيقة من حروب تفاعلت على مدى أربعة عقود من تاريخ الوطن٠