منذ خمسة عقود ، وأكثر كانت القراءة تلاحقنا لندخل المكتبات ،فليس من طريق نسلكه إلاّ ويرشدنا إلى المكتبات نخرج ،ونحن نحمل الكتب والمجلة والجريدة ، نسعى متلهفين إلى المعرفة والمعلومة وهما ضالتا القارئ ،وليس عجيبا ان اذكر كنت واحداً من أربعة أبناء محلة في الجمهورية نأخذ معنا مجلات نقرا، ونقراً، ونلتقط الرطب المتساقط على الأرض ،وعصافير تسقسق بهجة بقدومنا إلى البستان ،ونجري بعدها اختبارات لما قرأناه عن المُدن موقعها أهمّ ما تشتهر به بنايات جميلة مطرزة بالتراث وأرياف تسمعك. صوت نواعيرها ، وانهار تعرفنا على الترعة ،والحُوز، والشطوطً؛ وعدسة الاستطلاع من المجلة، مدن عربية واحدة تشتهر بالآثار ،وأخرى بالموانئ، وثالثة دخل فيها صوت وصورة اسموه التلفزيون ٠ ومدينة عرفناها من خريطة العراق اشتهرت بالنفط وأخرى بالنخيل، وإذا ذكرنا. الحروب ،نستحضر مدنا ذاقت وبال الحرب ،صراعات ،تفاهمات ،وراء الكواليس ،ونيران تشتعل هي الحرب بما علمنا ،وقبلنا بالواقع حتّى أصبحت ارض النخيل في التربة الصلدة ،والسوداء ارض جرداء تساقط نخيلها اثرا لعين فاحصة ،وجرى ذلك لحروب سرت كاشتعال النيران في كل بقعة من ارض العرب ،
وفي الأمس القريب ذاقت غزّة محنة بقاء الأرض لأهلها بعد إبادة جماعيّة لسكّانها ،تجرعوا سكرات الموت بحرب المجاعة التي اتبعها العدو الغاصب ،وستبقى في ذاكرة الأجيال غزّة تشهد الخراب ،ونكبة المحتل ،يعلوها الدمار تستغيث قرابة عشرين شهرا كأنها عشرين سنة ، والأدهى إنّ جامعة الدول العربية تنتظر أن تصدر خمس وعشرون دولة اجنبية منها بريطانيا صاحبة خدعة العرب بما وعدتهم ثمّ أشهرت خيانة ارض فلسطين المهم اليوم هذه الدول تدعو الاحتلال الغاصب لوقف الحرب. على غزّة ،وتأتي جامعة الدول العربية باجتماع يؤيد قرار تلك الدول ،امر عجيب وغزة خسرت الباحثين عن لقمة العيش بما يسّد رمقهم أطفال يحركهم ألم الجوع ، فيكون ألم القتل يفصل بينهم وبين مواعينهم الفارغة ،فيكون القتل اسبق لهم٠ وإذا اردنا ان نشير إلى الخارطة نجد غزة ارض الخراب ، وذاكرة مدينة لاقت أهوال الحرب ، وما زالت جثث شهدائها تحت الأنقاض ،فهل تبقى صورة غزّة لدى الفنانين ،والتشكيليّن ذاكرة لن تنمحي ولهم الحريّة فيما يستخدمونه من ألوان ،مناسبة للمشهد المهول بأبعاد قياسية ،واشكال غاية الفجيعة٠
في ذاكرة المدن يستعد الشعراء ،والكتاب ،والأدباء ان يقولوا الفصل ،ويحيدوا الخونة من حُكاّم العرب ينظرون إلى كراسيهم ،وقد ماتت قلوبهم ، وان تكون غزّة ضمن مناهج الطلبة العرب من المحيط إلى الخليج تحفل بما كتبه المثقفون ، واظهروا فية بصيرة الحقّ، وان يعلو وامن شأن غزة لتبقى شامخة بين ذاكرة المُدن٠