سيرة الشاعر:
* ولد في محافظة ميسان (جنوبي العراق)، وتوفي في بغداد.
* نال شهادته الجامعية من دار المعلمين العالية (كلية التربية حاليًا) ببغداد (1953) قسم اللغة العربية.
* عمل معلمًا في المدارس الثانوية بمدينة البصرة مدة طويلة، ثم عين مفتشًا تربويًا.
* انتخب رئيسًا لاتحاد الأدباء فرع البصرة في دورته الأولى عند تأسيسه.
* كان من رواد الشعراء الذين ساهمو وكتبوا الشعر الحر الذي تأسس على يد الشاعر الكبير بدر شاكر السياب.
الإنتاج الشعري:
– صدرت له الدواوين التالية:
«إسراء في سماوات أخرى» – مطبعة حداد – البصرة 1971
«مقاطع من قصيدة الحياة اليومية» – منشورات وزارة الإعلام – بغداد 1976
«القصيدة تكتب عنوانها» – دار الشؤون الثقافية العامة – وزارة الثقافة والإعلام – بغداد 1986
«مذكرات بصري في زمن الحرب» – دار الشؤون الثقافية العامة – بغداد 1988.
الأعمال الأخرى:
– له من الأعمال: «كيف تقرأ، كيف تكتب» – البصرة 1966، و«صفحات مشرقة من الحضارة العربية» – سلسلة الموسوعة الصغيرة – دار الشؤون الثقافية العامة – بغداد. شاعر مجدد، تنوع شعره بين التزام الوزن والقافية، واعتماد الشكل التفعيلي للكتابة، عاش تجربة الحرب العراقية الإيرانية، ورثى عددًا من رفاقه شهداء المعارك. رصد فيه أثر الحرب على مدينته البصرة، فصور كثيرًا من أحداثها وآثارها، ورسم بشعره صور القذائف وهي تسَّاقط على المدارس والمساجد والأحياء السكنية، وصور الأطفال القتلى، والأخضر عندما يحترق، والزهور عندما تغتال. تؤدي المفارقة في شعره دورًا فارقًا، وتؤسس لمرارة الصور التي يرسمها، ومشاهد الوجع الإنساني التي يؤسس لها في قصائده، كما تحتل مفردة النخيل مساحة من شعره بوصفها رمزًا متعدد الدلالات يبرع في توظيفه لصالح بناء القصيدة وإكسابها طابعًا خاصًا يضفي شعورًا بصدق التجربة، وفي شعره سردية وقصٌّ موظف توظيفًا إبداعيًا لرسم مشاهد الحرب، بخاصة في رثائه للشهداء، ولحظات استشهادهم.
من قصائده : (القصائد كاملة منشورة بالملف)
أطياف
أنا أخطأت
ضلال الفنان
غروب
عندما ينطفئ الانتظار
مرثية الزمن الضائع
لماذا؟
رسالة للنخيل.. رسالة للحجر
———————-
أطياف
حَدِّقـا فـي الظلام يـا مُقـلـتــــــــــيَّا
عَلَّ طـيفًا لهـا يَمُرُّ عـلــــــــــــــــيَّا
فأراهـا وطـيفَهـا والأمـانـــــــــــــي
لَـمحَاتٍ تذوب فـي نـــــــــــــــــاظريّا
حدّقـا فـي الظلام، تلك رؤاهــــــــــــا
ذاك طـيفٌ لهـا يلـوح لعـيـنــــــــــــي
بـيـن عطر الأنـوار، والـمخدَع الـمسْـــــ
ـحـور والـدفْءِ، والهـوى، والـتـمــــــنّي
يَبْسم الثغرُ، ثـم تهـمس: أهــــــــــــوا
ك، ويـنْهـار طـيفُهـا خــــــــــــابَ ظنّي
يـا لَهــــــــــــــــا بسمةً، ويُسْدَل سِتْر
مـن رؤى اللـيلِ بـيـن حـلْمـي وبـيـنــــي
إيـهِ عـيـنـيَّ، مـا رأيـتُ سـوى الـوهْـــــ
ـمِ، وبعضَ الخـيـال مـن أحـلامــــــــــي
حدّقـا الآن، هـا هـو الطـيفُ يبــــــــدو
مــــــــــــــن خلال الظلام عَبْرَ الظل
مَنْ تُرَى ذلك الخـيـالُ أمـامــــــــــــي؟
هـو ذاتـي تَلـوحُ كـالأوهــــــــــــــامِ
والظلام الكئـــــــــــــــيب غافٍ بصدري
وأمـامـي جنـازةُ الأيـــــــــــــــــامِ
وخُطـا العـابريـن فـي هدأة اللـيــــــــ
ـلِ، ورجْع الخُطـا عـلى الظلـمــــــــــاءِ
تتلـوّى عـلى الطريـق وتخبــــــــــــــو
فتـمـوت اللُّحـون فـــــــــــــي الأصداء
أنا أخطأت
أنـا أهـواكِ، يـا لقـلْبـي الــــــــمُعَنَّى
بـاتَ فـي سكرة الصراعِ الرهــــــــــــيبِ
أنـا أهـواكِ، صرخةَ الأمـلِ الـيـــــــــا
ئِسِ تذوي عـند الـمسـاء الكئـــــــــــيب
لـو وعَتْهـا الأيـام لا نفلـتت حَيْــــــــ
ـرَى ومـاتَ النهـار بـيـن الـــــــــدروب
أنـا أخطأتُ، رحْمةً يـا سعـــــــــــــيري
سـوف لن يُرْجِفَ الهـوى شَفَتــــــــــــــيَّا
أطْبقـي يـا شفـاهُ، لا لن تبـوحـــــــــي
أطبقـي، فـالهـوى حـرامٌ عـلـــــــــــيَّا
غلغلَ الـيأسُ فـي شفـاهــــــــــــي فجفَّتْ
وانطفتْ جَذوة اللَّظَى فـي يـــــــــــــديّا
ــــــــــــــــلِمَ حطَّمت أكؤسَ الراح
بعـدُ ظـمآنُ، وهْيَ فـيـهـا بقـايـــــــــا
بعـدُ لـم أكرهِ الـحـيـاة فأسلــــــــــو
هـا، ولـم تَعـرفِ الـبُكـا مقـلـتـايـــــا
ثـم جفَّ الندى فـمـاتتْ زهــــــــــــــورٌ
وهـوى النـورُ فـاستحـال شَظايـــــــــــا
————–
ضلال الفنان
أ طـيفٌ مـن الفِردوس أم فـــــــــيضُ جَدْولِ
سنى الـحـب مـن عـيـنـيكَ أم مـن تَخَيُّلـــي
لـيَ اللهُ، كـم شَطَّ الخـيـالُ بخـافقــــــي
فلـيس لأحـلامـي حدودٌ، ولـيس لـــــــــي
إذا رفَّ بـي عـن واقع الأرض خـــــــــاطرٌ
حسبتُ السمـا مُلكـي وحُلْمـي ومأمـلـــــــي
إذا شئتُ لامستُ السمـا ونجـومَهــــــــــا
وإن شئت أنزلـت السمـاءَ بـمـنزلــــــــي
وكـم خـاب ظنـي أننـي لست بـــــــــالغًا
سـوى ضَلَّةِ الرؤيـا وحسْرة مُغتَلـــــــــــي
لعـلك مـــــــــن بعض الرؤى، أكذبُ الرؤى
إذا الصـبحُ وافـاهـا تَغـيب وتـنْجلــــــي
—————–
غروب
سأذهـبُ عـنكِ، فلا تَعْتِبـــــــــــــــــي
وأغرب كـالنـور فـي الــــــــــــــمَغْربِ
قـراري وراءَ الـبعـيـدِ الـبعـيـــــــــدِ
وروحـــــــــــــــــــــي تشدّ إلى غَيْهَب
ومـا كـنـتُ أعـلـم أنـي أتـيـــــــــــتُ
ولـو كـنـت أعـلـم لـم أقـــــــــــــرب
ولكـنْ كأنَّ يـدي مــــــــــــــــــــاردٌ
تهـاوتْ عـلى صدريَ الــــــــــــــــمتعَب
أتت بـي أجـرّ الخُطـــــــــــــــا مُجهَدًا
وروحـيَ تبحث عـن مَهـــــــــــــــــــرب
ولكـنْ متى قُصَّ ريشُ الجنــــــــــــــــاحِ
هـوى الطـيرُ عـن جـوِّه الأرحــــــــــــب
سأذهـب مـا أظلـمَ العـاشقـيــــــــــــنَ
ومـا أقتلَ الـحـبَّ مـن مشـــــــــــــرب!
———————
عندما ينطفئ الانتظار
مـا زلـتُ مُرتفقًا بنـافذتـــــــــــــــي
مُتـــــــــــــــــــرقِّبًا خُطُواتكِ ال
متعثِّرًا بنُثـار أغنــــــــــــــــــــيةٍ
كتعثُّري فـي الـحـبِّ يـا لـــــــــــــيلَى
فإذا مَررْتِ بـهـا ولـم تجــــــــــــــدي
وجهًا يكـاد لشــــــــــــــــــوقه يَبْلَى
فلْتعـلـمـي أنَّ الـــــــــــــــمُنَى بَعُدت
عـنهـا، وأنّ سجـيـنَهـــــــــــــــا مَلاّ
ولْتعـلـمـي أنـي انـــــــــــــتظرتُ سُدَىً
حتى خنقْتُ غرامــــــــــــــــــيَ الطفلا
—————
مرثية الزمن الضائع
إذا مـا خبتْ ضجَّةُ السـامـريـــــــــــــنَ
ونـامتْ مع اللـيل تلك العـيـــــــــــونْ
أظلُّ مع الصـمْت والـذكريـــــــــــــــاتِ
أُسَائلهـا، أيـن مـنهـا أكــــــــــــون؟
مع الصـمت، حـيث تضـيع الـــــــــــحدودُ
أُبـدِّد بـالصـمت آلامــــــــــــــــــيَهْ
مع الصـمت، إلا نُبـــــــــــــاحَ الكلابِ
ودقّاتِ سـاعتـيَ الـوانـيــــــــــــــــهْ
وأرنـو إذا أطبقَ العَقْربـــــــــــــــانِ
يـقُصَّان مـن عـمـرنـا ثـانـيــــــــــــه
أخـال الـحَيـاة هـبـاءً تضـــــــــــــيعُ
وتـنهدُّ فـي الظلـمة الـداجـيـــــــــــه
ولـيست ســـــــــــــــــــــوى قصَّةٍ مُرَّةٍ
يكرّرهـا دهـرنـا ثـانـيــــــــــــــــه
هـنـاك بعـيــــــــــــــدًا وراء الظلامِ
كثـيرون مِثلـي أنـا يسهــــــــــــــرونْ
فهـذا فتًى حـائرٌ لا يـنـــــــــــــــامُ
وهـذا فتًى عـاشقٌ فـي جنـــــــــــــــون
يـنـاجـي عـلى الـبعـد طــــــــيفًا يراهُ
ويـندُبُ حُبًا طـوتْه الـمَنـــــــــــــــون
هـنـاك ألـوفٌ مـن الأشقـيـــــــــــــاءِ
هَوَتْ فـوقهـم ظُلُمـاتُ السنـيـــــــــــــنْ
قـد ارتسمتْ فـوق بعض الشفـــــــــــــاهِ
ظلالُ ابتسـامٍ، فلِمْ يَبْسمــــــــــــــون؟
لعـل لهـم مـوعـدًا فــــــــــــــــي غدٍ
فأغفَوْا بـدنـيـا غدٍ يحـلُمـــــــــــــون
هـنـا غرفةٌ فـي زوايـا الـحـيـــــــــاةِ
تـمـرّ عـلـيـهـا يـدٌ بـالـــــــــــــيَهْ
وفـي كل مُنعَرَجٍ عـنكبــــــــــــــــــوتٌ
يحـوك أسـاطـيرَه الـواهـــــــــــــــيَهْ
أسـاطـيرُ إن حـرّكتْهـا الريــــــــــــاحُ
تهـاوت إلى ظلـمة الهـاويــــــــــــــه
بقـايـا رؤىً مـن بنـات الخـيــــــــــالِ
وأصداءُ أقصـوصةٍ دامـيــــــــــــــــــه
ويـمضـي الزمـان يُعـيــــــــــــد الرؤى
وأرنـو إلى صـورةٍ ثـانـيـــــــــــــــه
فألـمح وجهك بـيـن الـوجــــــــــــــوهِ
وأغرق فـي الأعـيـن السـاجـيـــــــــــه
«هـنـا صـورةٌ» يـا لَدفْقِ الـحنـيــــــــنِ
كـمـا تـمـلأ الأكؤسَ الخـالـيــــــــــه
«أُحسُّ الـحـيـاة» ولكـنهــــــــــــــــا
أسـاطـيرُ مـثل الرؤى الـمـاضـيـــــــــه
أسـاطـيرُ إن لامستهـا الريــــــــــــاحُ
تهـاوت إلى ظلـمة الهـاويــــــــــــــه
وأرنـو إلى سـاعتـي مـن جـديـــــــــــدٍ
وفـي مقـلـتـي نظرةٌ سـاهـيـــــــــــــه
وأهـمس: قـد أطبقَ العقـربـــــــــــــانِ
يـقصّان مـن عـمـرِنـا ثـانـيــــــــــــه
——————
لماذا؟
لماذا تجيئين بعد فوات الأوانِ؟
تحيلين كل الهدوء الذي في كياني
عواصفَ تدفع بي للضياعِ
وتُبعدني عن زماني؟!
يحاصرني وجهُكِ الأنثويُّ
ويغزو حصوني
فيسقطها واحدًا واحدًا
ويلغي حضورُك كلَّ الجهاتِ
سوى جهةٍ أنتِ فيها
أتعلم سيدتي أنها حين تبدو
تطير العصافيرُ من شرفةِ البيتِ
معلنةً عن قدومكِ
كل الجهات تصير استوائيةً
ينقل الأقدمون خطاهم بقلبي
ويعبق في الجو عطرٌ
كطَلْع النخيلِ
ورائحةِ الأرض بعد المطرْ
يُحيّرني من طباعكِ
أنك حين تمرين بي
تغمضين – إلى أن أفوتَكِ – عينيكِ
ماذا تخبِّئ جنّيتي الساحرهْ؟
هو الحب لا يفهم الزمن المستحيلْ
وينكر طعمَ الخديعهْ
ولا يعرف الكبرياءْ
رسالة للنخيل.. رسالة للحجر
الأرضُ بنت الحنينْ
يُلهب في أعراقها الأسرُ
حسًا غَضوبًا حزينْ
من علَّم الطين طباعَ البشرْ
فأخرج الحِنَّاءَ من أعماقهِ
والثمرْ؟
الأرض بنت الحنينْ
موصولةٌ بالأهل، وصلَ الجنينْ
بأمّهِ فالمدى
وحبلها السريّ ماضٍ عريقْ
وحاضرٌ تخاف منه العِدا
وحلّ أرضَ الفاو ظلٌّ ثقيلْ
عامين محسوبين في الدهرِ
وغير معدودين في بطاقة العمرِ
فمدّت الفاو لشمس العراقْ
كفًا وراء المدارْ
لتبلغ السمتَ، فلما علتْ
تلملم الظلّ على نفسهِ
في لحظةٍ قصيرةٍ
وانتحرْ
ليس على ذي العزم من مستحيلْ
ولا على ذي الشوق مرَّ السهرْ
رسالةٌ للنخيلْ
رسالةٌ للحجرْ
—————————
المصادر:
– معجم البابطين لشعراء العربية – الشاعر كاظم نعمة التميمي
– كاظم نعمة التميمي – بوابة الأفق للمعلومات
– الشعراء الذين تخرجوا من كلية التربية ابن رشد
– جريدة الصباح – محمود عبد الوهاب
– الشعر الحر في العراق منذ نشأته حتى عام 1958 ـــ يوسف الصائغ