أذكر خلال تنقلي بين عاصمتين عربيتين ،أنني وجدتها شبه خالية من البشر, لأن شريحة كبيرة من المجتمع لا يمكن الاستهانة بها كان مجمع حواسها مركزاً على شاشة التلفاز, حيث يعرض المسلسل التركي بأحداثه الطويلة جداً.
النماذج كثيرة ومعروفة منذ دخول التلفاز إلى كل بيت، في السابق كان الجميع يتابع برامجاً معينة, بعدها جاءت الأعمال المنوعة التي تعرض في شهر رمضان بالتحديد, والآن نشهد “انفجار إعلامي” إن صح التعبير, حيث قنوات فضائية لا تعد ولا تحصى تقدم الغث والسمين، ودول أخرى بعيدة عنا تُقَدم نتاجها وثقافتها بلغتنا, وباتت تعرف ما الذي يريده المشاهد بالتحديد.
لقد نجحت الدراما التركية من اختراق كل منزل في العالم العربي، بل بات البعض يعرف عن تركيا أكثر مما يعرفه عن بلده مع شديد الأسف, لأن حب الاستطلاع تم تحفيزه ذاتياً, والأعمال الدرامية زرعت بداخله هذا الحب.
كانت معلوماتنا عن العهد العثماني متواضعة وبسيطة، لكن بعد التركيز الدرامي على هذه المرحلة الزمنية بات الجميع يتحدث عنها ومزاياها وسيئاتها, بعد أن كانت طي النسيان في بطون الكتب التاريخية .
أتمنى أن أجد أعمال درامية متميزة على قدر معاناتنا وتاريخنا وهويتنا، ولكن للأسف الشّديد, على الرغم من كثرة الأعمال الدراميّة المختلفة, إلا أن أغلبها ليس ذو فائدة تذكر, بل هنالك أعمال درامية لا يتجاوز عدد متابعيها بضعة آلاف فقط، وأنا على سبيل المثال طوال حياتي لم أتابع أعمال درامية محلية, إلا ثلاث مرات, كونها دون المستوى المطلوب .
—