هل يحقق المربد طموحاتنا..؟
العراق كان وما يزال بلد المهرجانات، والأقول، وسوق القول هنا لا يسبقه أي سوق.. فقد تعودنا على سماع الكلام الذي لا يؤدي الى أية نتيجة.. هذا ما سمعته من صديق وهو يتحدث عن المربد القادم ويبين لي سخطه على دور المثقف العراقي ازاء الأحداث التي تجري في العراق متهماً ايانا بالتخاذل وطمر رؤوسنا بالتراب في وقت يجب ان يكون فيه المثقف اول المتصدين للزيف والكذب والنفاق السياسي.. فالسياسيون قد سحبوا البساط من تحت اقدام المثقفين ولم يعد المثقف قادراً على الأتيان بشيء ينفع فيه بلده، واي بلد هذا تتنازعه الطوائف والعشائر والأحزاب وما الى ذلك من تقسيمات شتت العائلة العراقية الكبيرة التي كان يخافها الأعداء!!
مربد هذا العام، وقبل ان يبدأ، سيكون امتداداً للمرابد السابقة، سواء تلك التي بدأت في عصر التغيير ام التي سبقته.. سيأتي الشعراء من كل فج عميق، يقرأون، ويلتقون، ومن ثم يغادرون البصرة دون أن تدخل جيب عراقي واحد العافية..وسيمر المربد كما مر غيره مرور الكرام، وسنكذب على انفسنا اذا قلنا اننا سنغير من الوضع، وسنوقف الإرهاب الأعمى، وسنجعل من وزارة الثقافة وزارة للمثقفين والكتاب حقاً.. وسنكذب على انفسنا اذا قلنا أن قصائدنا ستشبع جياع مدننا التواقة للأمن والخبز.. وسنكذب على انفسنا اذا قلنا ان قصيدة النثر ستعيد العافية للأطفال المصابين باللوكيميا، وسنكذب على انفسنا اذا قلنا ان القصيدة الكلاسيكية ستعيد عائلة هجرت قسراً وتركت أرضها.. وسنكذب على انفسنا اذا قلنا ان الجلسات النقدية ستعيد عراقيتنا وحبنا للبلد الذي اخترقه الغرباء ومزقه الأصدقاء.. وسنكذب على أنفسنا اذا قلنا ان المربد سيجمع شمل العراقيين، وسيجمع الأحزاب تحت راية عراقية واحدة.. وسنكذب على انفسنا اذا قلنا أن جلسات المربد ستوقف تدخلات دول الجوار ببلدنا.. وسنكذب على أنفسنا اذا قلنا ان الجلسات المسائية للمربد ستعيد الأزواج القابعين في السجون والمنافي الى احضان بيوتهم.. وسنكذب على أنفسنا اذا قلنا اننا سنخرج من المربد برضا تام على الحال العراقي.
نأمل أن يفعل الشعر ما لم يستطع فعله السياسيون، ولكن كيف سيفعل ذلك والمؤسسة الثقافية تسير باتجاه والمنظمات المهنية غير الحكومية تسير باتجاه آخر.. أن الحصانين الذين يجران عربة ثقافتنا سيمزقانها اذا لم نستطع فعل الشيء المطلوب وهو توحيد الفعل الثقافي ولا تهمنا اية لافتة يحملها هذا الفعل المرجو المهم أن يشمر الكتاب عن سواعدهم وان ينسوا ولو لفترة وجيزة ليلهم السرمدي وعشقم المأخوذ بالحسان وان يلتفتوا ان شعبا يدفع من دمائه ثمنا للحرية والديمقراطية الموعودة..ولا نريد ان تعتب على أحد ففي عراقنا الجديد العتب مرفوع – كما يقول المثل العراقي- والرزق على الله!