مسرحية – الحواسم – تأليف : الأستاذ عمر مصلح أخراج : د.كريم خنجر تمثيل : الطالبة الفنانة ميلاد سري
– العنوان و دلالات المكان والزمان :
أنفرد هذا العمل بخلوه من تحديد مكان الحدث او التعريج على تسمية الفضاء بين طيات الحوار , لكن الرحم البار لا يلد العاق . أراد مصلح أن يهب المتلقي الأهتمام بالعنوان ففيه الاجابة على التساؤل عن المكان الفعلي الذي أضهره خنجر بصورته الأفتراضية على الخشبة , لو تجولنا قليلا بين حروف العنوان ( الحواسم ) لوجدناها مفردة عراقية صرف وتنحدر من أصل الحوارات الشعبية اليومية للشعب العراقي , ينتج عن هذا التحليل الدلالة المكانية أي أن الافتراض الحاصل على الخشبة هو في ( العراق ) أيضاً لنتجول جولة أخرى بين تلك الحروف السبعة ( ا-ل-ح-و-ا-س-م ) وكما أسلفنا أنها ذات الأصول العراقية الرصينة , لوجدنا أن تلك المفردة ولدت بعد عام 2003 بعد الغزو الامريكي للعراق والخراب الذي حدث وسرقة الدوائر الحكومية وسلب ونهب اغلب البنا التحتية للبلاد من قبل بعض ضعاف النفوس الذين لم يورثوا للأجيال القادمة سوى الحيرة والتساؤل , من أين نبدأ بالنهوض بهذا البلد ؟ , من هذا نستنتج أن العنوان في طياته أيضاً الدلالة الزمانية وهي ان الحدث الحاصل بعد عام 2003.
– البداية :
كانت الدقيقة والنصف الاولى هي الشرارة المباشرة لأيصال الضرف الذي يحتوي رسالة الى الجمهور والمفاجأة المرتقبة في الوسط والختام , استرسل المخرج الجميل د.كريم خنجر بالحدث حيث كان مهتم في توصيل العنوان وسبب وضع العنوان وهذا يأتي تعزيزاً وأنصافاً للنص , ومن خلال ما أفتتحت به المسرحية من سرقة ونهب كالتي حدثت عام 2003 ومن خلال النسوة المولولات النادبات لحظهن اللاطمات ,أوصل بأن هناك من قتل واستشهد جراء هذه العبثية , وللمطلع على أوضاع العراق هذه الدلالات وجدت على أرض الواقع انه ذاك الموت العشوائي بالكواتم والمفخخات والمهاترات في تلك الحقبة المرضية لعزرائيل فقط .- الوسط : الضحية :
خرجت تلك المرأة المتشحة بالسواد ذات الطابع الجنوبي , كانت قد فقدت الرجال من عائلتها في خضم هذه الاحداث وذلك بعناية من الكاتب المميز عمر مصلح وأيصالها بدلالاتها عندما عددت الذين فقدوا من عائلتها كلٌ بدلالته الجميلة وهي ترتقي ذاك السلم الافتراضي وأيضاً المفاجأة التي فجرها مصلح هي بأن تلك الحزينة أسكتت من يشاركنها الحزن والندب لتروي قضيتها الشخصية وهي أنها من أجل أن تصنع ( حساء ) لطفلها ساومها القصاب على شرفها فكان ثمن ذاك الحساء غالي جداً وكأنه اغلى شيء في الوجود لدى الشريفات من النساء وبذات الوقت هو أرخص الموجودات . وهناك أستراحة موضوعية كانت بدخول الطبول ذات المدلول الديني وهي بمثابة التهيئة للحوار الجميل والمؤثر الذي يخاطب ( الأنت ) أو ( الذات العليا ) وسافرت بنا هذه المناجات التي لا تخلو من الجرأة وكشف المستور والمخبأ تحت طيات الأطلال من حكايات ولدت من بطون الحرب حيث عرجت بقولها وحوارها على حصر ( الذات ) بمساحة ضيقة مخاطبةً يا.. صاحب ومالك المكان والزمان متى تُنهي هذه الاحداث المريرة , متى يوم القيامة ؟ , في المنتصف بحثت أيضا عن منفذ للخروج من الدوامة البشرية التي وضعت فيها حيث ألتف حولها مجموعة حاملين معهم أشياء لها فعل المقاريض وكأن الاستاذ عمر اراد أيصال الغيبة وتهميش المرأة الوحيدة , بتقريض جسدها قطعة قطعة ( أكل لحمها نياً ) هنا ثارت وخرجت بروح المرأة العصامية المحافظة وخرجت من تلك الحلقة التي تحمل عفونة كأنها رائحة القوادين وذاك الفضاء الذي يتسع ويتسع لعطور ورقصات العهر والذي بمسافة خطوة واحدة لربات البيوت . الدكتور كريم خنجر بعث الروح من خلال ( المشيمة ) التي لانعلم أن الموت الحاصل له بقعة أمل في صلبه , أرتقت ميلاد ذاك السلم لتكلم الشيء واللاشيء والذات واللاذات لتسلم الراية من واقعها الشؤم لغدها وغد ولدها المشرق .
النهاية :
كانت السينوغرافيا من أضاءة وموسيقى لها وقعها المميز في أيصال الحدث , مع أن الموسيقى لم تكن مواكبة لبعض الحوارات في بعض الأحيان .
– أنفجرت تلك المشيمة بعد مخاض الكلمات الحاصل عن رقصة أيمائية مميزة تنتمي الى الدراما دانص , كان الختام حافلاً بالحياة والحب وأستمرارية الانتماء الى الجمال .
• تهنئة من القلب الى الاستاذ عمر مصلح , والى الاب الدكتور كريم خنجر , والى الطالبة الفنانة ميلاد سري , والى المجاميع الراقصة والمجاميع الممثلة , والى التقنيين والفنيين المميزين , دمتم بهذا الألق ودمتم بوافر العطاء .
—